الحكاية الثانية«خوف»

246 21 6
                                    

كانت موطني، إلى أن هجرتني، فأصبحت بلا مأوى، تُهت في سبل الحياة ليس لي مكان لأذهب إليه، وبقي السؤال عالق بذهني، يررده قلبي كل يوم ولم يجد عقلي إجابته:
(أين يذهب المرء حين يفقد وطنه، ويكون يتيم الوطن؟)

***✿***✿***

عصرًا

نزلت من سيارة الأجرى أمام إحدى البنايات القديمة نسبيًا، ثم دلفت للعمارة رقم (٦) وصعدت الدرج حيث الطابق الثاني، دقت الباب المتهالك مرتين متتابعتين، لم تمر دقيقتين وفتح لها الباب مبتسمًا بوجهها، ثم سرعان ما سحبها في عناق طويل قائلًا:

"وحشتيني قوي يا حبيبتي"

موجة من التردد عصفت بعقلها وقلبها معًا، وسألت ذاتها بلحظة:(ما الذي أتى بي إلى هنا؟!)، وبنفس ذات التردد رفعت ذراعيها تحاوطه باشتياق استطاعت اخفاؤه أسفل عباءة الجمود واللا مبالاة، أما هو فواصل ترحيبه بها قائلًا:

"تعالي يا حبيبتي إدخلي، تعالي يا حبيبة أبوكي"

(حبيبة أبوكي!)
كررتها على عقلها عدة مرات، وهي تتسائل:(هل يحبني أبي حقًا؟)

لم يتوصل عقلها لإجابة، فدلفت معه للشقة كالمغيبة، مسلوبة الإرداة، جلسا على الأريكة، واستأذن هو منها ليصنع لهما الشاي، ثم بعد وقتٍ دخل ومعه كوبين من الشاي المغلي وبه بعض أوراق النعناع، جلس أمامها ثم شرع في الحديث:

"وحشتيني قوي يا شمس، خمس سنين مسمعش صوتك!"

قالها بعتاب طفيف، فبررت بتوتر:

"أنا كنت بتصل بيك كتير، ومكنتش بترد، ولما رحت أزورك الجيران قالو إنك سبت البيت، ومعرفتش أوصلك"

حاول تغيير الموضوع، فقال:

"بلاش نتكلم في اللي فات بقى، إشربي الشاي يلا"

بعد بعض الوقت من الحديث، العتاب، والصمت أيضًا، صدح صوت جرس هاتفها بالنغمة المخصصة للمكالمات، فاصابها التوتر حين وجدت أن المتصل «سيف»، ونقلت بصرها بينه وبين والدها الجالس أمامها يتفحصها باهتمام، فقال هو:

"ما تردي! يمكن حاجة مهمة"

"لا لا، مش مهم خالص، المهم إنت وحشتني قوي"

قالتها بحنين، مصبوغ بطعم العتاب، فابتسم بتأثر، ثم جلس بجانبها بعدما كان يجلس أمامها، على الاريكة الأخرى، احتضنها بذراعه وقال:

حكايات خلف الأسوار(مازال للحكايات بقية) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن