في رقبتك الفصل الثاني عشر

39 9 1
                                    

افاق زين من ذكرياته علي صوت ابنته التي تناديه : بابا..بابا..
زين : ها؟!
ملك : احكيلي اللي حصل يا بابا..
زين بتهرب : ولا حاجة يا حبيبتي بعد ما اتهمتهم خاصمتني وسابت البيت وصاحبي قاطعني..وبعدين عرفت اني كنت غلطان واكتشفت برائتهم ..صالحتهم..
ملك بصدمة: سامحوك؟؟
زين : اه
ملك : وااات..انا لو مكان ماما كان زماني طلبت الطلاق من ساعتها
زين : ما هي طلبته فعلا..بس انا رفضت اطلقها..
ملك : همم في حاجات مبهمة في الموضوع..وانت كالعادة بتحور يا بابي.
' زين لم يخبر ملك ما حدث كان فلاش باك في ذاكرته فقط..فقط اخبرها باتهامه لوالدتها وانه اعتذر منها وسامحته '.
مرت الأيام بسلام دون حدوث اي شئ..كان هشام وملك وأماني يقومون بزيارة نور يوميا..اخبرهم هشام بأن التحقيق اُقفل..شعرت ملك بغضب شديد ولكن ما باليد حيلة..عادت الجامعة للعمل مرة أخرى..استقرت الاوضاع تقريبا..
..وفي يوم خروج نور من المستشفى..
هشام : حمد لله على السلامة يا دكتورة..اتمني تبقي كويسة ومشوفكيش في مشاكل تاني..
نور بمزاح:يبقي مش هتشوفني تاني يا هشام بيه علي كدة
ملك : باباكي ومامتك برة يا نور..
نور : ليه؟
ملك : ليه؟ مش انتي هتروحي؟
نور : قوليلهم اني مش همشي معاهم يا ملك..
خرجت ملك من الغرفة وتبقي بها هشام وأماني ونور..
اقتحم والدي نور الغرفة بغضب ..
شريف : ايه اللي بتقوليه ده مش هتيجي معانا هتروحي فين ؟؟
نور : ..
شريف بغضب : ردي انا بتكلم..
وقفت نور بغضب ولكنها تألمت وكادت تسقط فأمسكتها أماني
أماني: اشش براحة يا نور مش عايزين الجرح يفتح تاني..
اومأت لها نور ثم قالت: مش جاية معاك يا بابا..ومام..اللي المفروض انها مامتي يعني..اللي مجتش شافتني غير مرتين بس بعد ٤ ايام ..مش عايزاني معاها اصلا عايزة تعيش حياتها مع جوزها زي ما بتقول..هروح اعمل ايه عندها..وانت مسافر اصلا مش في القاهرة..وبعدين انت مش فاضيلي وراك مراتك وولادك انا هاجي اعمل ايه وسطيكم!! انا مش هبقي عالة علي حد تاني..مش مجبر يا بابا تحس بالذنب..انا بقيت كبيرة عندي ٢٤ سنة وبشتغل اعرف اخلي بالي من نفسي كويس..تقدروا تمشوا..
اروى ' والدة نور ' بضيق: دي اخرة تعبي فيكي كل السنين دي ..تتكلمي معانا بالاسلوب ده..
نور : لو سمحتي يا ماما انتي بالذات متتكلميش..انتي اللي وصلتيني للمرحلة دي..فارقة معاكي انا اوي؟؟ طول عمرك بتفضلي جوزك والفلوس عليا..عملتيلي عقد نفسية خليتيني اطلعها علي الناس..' ابتسمت باستهزاء ' كنت بذلهم ان امهاتهم ميتة..وانا كنت بتمنى ان امي تموت اصلا..علي الاقل مكنتش هتبقي بالسوء ده في نظري..
توسعت عيون الجميع مما قالته نور..
ملك : نور!!!
نور : كنتي بتضربيني وتعذبيني وتهينيني..اهم حاجة عندك اني اطلع احلي واحدة في بنات صحباتك..مش مهم اني اعيش طفولتي زي الاطفال لا..
اروي بصدمة: كنت بعمل كده عشان مصلحتك !!
ضحكت نور بهيستيريا ثم قالت بغضب : مصلحتي؟؟؟ مصلحتي انك تتمني اني أموت..عمرك حضنتيني؟؟ اذا كنتي مخوفتيش عليا في الوقت اللي انا فيه ده والغريب خاف.. فهل انتي كده تسمي نفسك ام؟؟
كان والدها ينظر لها دون اي تعبير..حاولت ملك منعها من الحديث ولكن هشام امسكها وهمس لها ب ' سيبيها'
نور : متبصليش كده يا بابا..انت مش ملاك ولا حاجة..هو اه انت يمكن بتحبني حسب كلامك يعني..بس متنساش ان اصلا السبب في اللي وصلنا ليه ده خيانتك لماما..كنت بتضربها وتهينها قدامي؟!..خليتها تكرهني وتشوفك فيا وتعذبني وكأنها بتنتقم منك فيا انا؟.وكل ذنبي اني بنتكم..' بدأت تبكي ' سيبوني بقي اعيش حياتي شوية بعيد عن مشاكلكم كفاية اني خسرت اكتر حاجة بتتمناها البنت..بجد كفاية..
ولأول مرة تشعر أروي بالذنب تجاه ابنتها..ولكنها لم تقدم علي فعل اي شئ كالعادة..فخرجت دون ان تتحدث..تبعها شريف بصمت..
اروي بكره : انت السبب انت اللي خليتني اعمل كده في بنتي.. وتطلع انت الملاك..
شريف باستهزاء وهو يداعب شعرها : لا يا رورو..مش انا اللي اتعميت عن حب بنتي يا حبيبتي انا فضلت احب بنتي طول السنين..لولا ان ان هي رفضت تيجي تعيش معايا مكنتش سيبتهالك..
...
" تزوج شريف أروي عندما كان عمرها ١٦عام فقط..انجبت نور عندما كان عمرها ١٧عاما..اي ان عمرها الآن ٤١ عام ..في البداية لم تكن المشاكل كبيرة.. بدأت تزداد مع مرور الوقت..تغير شريف اصبح يعنف أروي ويضربها كثيرا أمام نور الصغيرة..حتي اصبح عمر نور تسعة اعوام ..خان والدها والدتها ..وتزوج..طلبت أروي الطلاق..تغيرت هي الأخرى بعد ان كانت تحب ابنتها وتعاملها افضل معاملة..اصبحت تعنفها تضربها تعذبها ايضا..ظلت نور مع والدتها عامين بهذا الوضع ثم اقامت مع والدها..كانت زوجة ابيها هي الاسوأ..لم تتحمل نور الوضع خاصة بعدما أنجبت زوجة ابيها واصبح والدها يهملها من اجلهم .. عادت لوالدتها..ولكنها كانت تزوجت بالفعل..علي عكس زوحة ابيها..كان زوج أمها شخص جيد ..غني وكان يعاملها كإبنته...لم تعد اروي تعامل نور بسوء ..ولكنها اصبحت تتجاهلها تماما..الا عندما تحتاجها في بعض الامور .. كانت تقوم بأمور التجميل لابنتها لتظهرها بأحسن صورة أمام صديقاتها وغيرهم..كانت نور تكره كل ذلك..حاولت الانتحار عدة مرات..ولكنها كانت تفشل بطريقة او بأخرى.."
.. 
أماني: اششش اهدي يا نور..كل حاجة هتبقي كويسة..
ربتت ملك علي ظهر نور وكانت تبتسم لها..اما هشام فقد غادر..
ابتعدت نور وقالت وهي تمسح دموعها : شكرا..خلاص انا بقيت كويسة..
ملك : هتعملي ايه؟
نور : هشوف شقة في اي حته او حتى اوضة..عايزة اجيب بس حاجتي من البيت بس مش طايقة اروح ...
أماني: نروح احنا لو عايزة؟
نور : لا لا مش عايزة اتعبكم..
أماني: لا يا ستي ولا تعب ولا حاجة..
ملك : طب تعالي اقعدي عندي يومين وبعدين روحي البيت هاتي حاجتك ونكون لقينا مكان حلو تقعدي فيه..
أماني: وليه متجيش عندي بقي؟؟
ملك : عشان انتي عندك اخ ولد كبير يا حلوة..
أماني: أسامة ؟؟
ملك : آمال مين يعني..
أماني: ده أسامة يا بنتي
نور : هو أسامة عنده كام سنة يعني
ملك : ١٨
نور : هو اصغر مني بس كبير..
ملك : اه ..المهم يعني ..هتيجي
نور : لا لا هتصرف انا شكرا يا ملك..عشان باباكي ميتضايقش..
ملك : اولا انا مش بسألك انا بقولك ..ثانيا..بابا ده اطيب حد..بالعكس هيتبسط هتحبيه خالص..جربي يا ستي لو اتضايقتي نبقي نتكلم..
فكرت نور قليلا ثم وافقت..اتصلت ملك بوالدها ولكنه كان في العمل
شريف : هوديكي انا..
نور : لا مش عايزة حاجة..
أروي: طيب تعالي معايا انا عربيتي معايا هوديكم..
نور : لا..
أروي: ليه؟
نور : قلت مش عايزة منكم حاجة..لو عايزة تخدميني في حاجة يا ماما..هاتيلي هدومي..مش عايزة اعتب البيت ده تاني
..اومأت لها أروي بحزن ثم ذهبت لمنزلها وحضرت جميع ادوات وملابس نور كما طلبت..
بعد ساعة ..اعطت أروي اغراض نور لها وغادرت بصمت وكذلك شريف..
ملك: اكلم اوبر؟
أماني: اه عشان مش هتقدر تركب تاكسي عايزين عربية مريحة..
نور : يا شباب والله متشغلوش بالكم انا هتصرف..
ملك : يا بنتي انتي هتيجي معايا يعني هنمشي مع بعض..
إياد: السلام عليكم..
فزعت ملك ثم نظرت لإياد وابتسمت 
ملك : وعليكم السلام ازاي حضرتك يا مستر إياد..بقالي كتير مشوفتش حضرتك..
إياد: الحمد لله.. حمد لله على السلامة يا دكتورة ..
نور بإحراج: الله يسلمك يا إياد بيه.. اسفة ملحقتش اشكرك كويس وحضرتك مجيتش تاني من يوم ما فوقت ..
إياد: انا عرفت انك هتخرجي انهاردة..
نور : شكرا لحضرتك بجد..اسفة لو كنت ازعجتك الفترة اللي فاتت ..
إياد: ولا يهمك..عن اذنكم..
ملك : ثانية!!
نظر لها إياد بتساؤل وامال رأسه قليلا ..
ملك في نفسها : ماله كيوت كده..احمم
ملك : اا..اامم..
إياد: لو عايزة تقولي حاجة قوليها يا دكتورة..مش ورايا اليوم كله..
ملك بهمس: برضو قليل الزوق مش بيتغير..
إياد بنفاذ صبر : سامعك علي فكرة..
خرجت ضحكة صغيرة من أماني ونور فقالت نور: اسفة اسفة..كملوا..
ملك : كنت بتساءل يعني..لو حضرتك فاضي ..توصل نور البيت..
إياد: بيت؟
ملك : اه بيتي ..هي هتفضل معايا شوية..
اومأ لها إياد ثم خرج من الغرفة..
نور : كان لازم يعني؟؟
ملك : معرفش أهي جت كده قومي يلا ..
أماني: شيلي الشنط وانا هسندها..
ملك : طيب.
..
اقترب اياد من ملك وهي تحاول ان تسحب خلفها حقيبتين كبيرتين
إياد: عنك ؟
ملك : لا لا متتعبش نفسك انا هشيلهم..
لم يتسمع لها إياد وسحب منها الحقيبتين..
ملك وهي تسير وراءه : طب هات واحدة طيب..
...
طيب يا نور اقابلك في البيت بقي..
إياد ببرود: هو انتم مش جايين معانا؟
ملك : ها؟! لا ..
إياد وهو يرفع حاجبه : وانا هوصلها البيت ازاي ؟
نور : اه صح انا معرفش بيتك..
شعرت ملك بالاحراج فقالت : هبعت لحضرتك اللوكيشن..
نظر لها إياد بملل
ملك: ايه؟
همست لها أماني: اركبي..
فتحت ملك الباب الخلفي.. وركبت كلا من أماني وملك..اما نور فكانت تجلس في الكرسي الأمامي بجانب إياد..
..كانت ملك تصف الطريق لاياد حتي وصلوا ..قام إياد بإيصال الحقائب حتي باب المنزل..
دخلت كلا من أماني ونور إلي المنزل..
ملك بابتسامة: شكرا لحضرتك..
أومأ إياد ولم يتحدث..وتحرك لكي يذهب..
ملك بضيق : هو انت اخرسس..
نظر لها إياد ثم ابتسم بإستهزاء وذهب..
ملك : عاااا مستفز اوووي ..بس ضحكته قمرر..
أماني من الداخل : ادخلي يا ملك واقفلي الباب وبطلي هبل..
..
مر اسبوع وتحسنت حالة نور الي حد كبير كما انها وجدت غرفة للسكن بمساعدة إياد..كان في ذات المبني مع أنس..
في يوم في الجامعة..
ملك : اووف الإمتحانات قربت خلاااص..قربنا نخلص السنة وهنبقي امتيازز
أماني بابتسامة:اه واخيرا الحمد لله بعد المرمطة دي كلها..
ملك:فاصل شهر علي الامتحانات
أماني:والامتحانات كام شهر بقي يا اختي..٤ شهور تقريبا
ملك:مش مهم يا ستي..بقولك ايه انا هطلع لمستر إياد سلام..
أماني: ليه هو طلبك ؟
ملك بتوتر : ها!
أماني: هو طلبك ؟!
ملك : ل.لا..بس قلت هو ..يعني بقاله كتير من ايام الحفلة مطلبنيش..فهشوفه يمكن عايز حاجة ومكسوف..وكمان مبقاش يجي الجامعة كتير اوي فهتطمن علي الشغل وبتاع
ضحكت أماني وقالت : انتي عايزة تشوفيه وخلاص صح..
ملك بتوتر: لا طبعا انتي هبلههة ..وهبقي عايزة اشوفه ليه يعني...ه..ههه..
....
إياد: اتفضل
فتحت ملك الباب بهدوء ثم دخلت واغلقته بهدوء..
نظر لها إياد بهدوء ثم قال : اتفضلي يا دكتورة.. اقعدي..
جلست ملك بإحراج..ولم تتحدث..
إياد: عايزة حاجة؟
ملك : كنت..جاية اسأل حضرتك يعني عن الشغل وكده..يعني لو عايز حاجة
ابتسم إياد: الشغل كويس يا دكتورة..اكيد لو عايزك في حاجة هقولك..
حمحمت ملك ثم قالت : اه ..فعلا..طيب استأذن انا..
وقفت لكي تغادر ولكن إياد قاطعها
إياد: اقعدي يا دكتورة اقعدي..
ملك: ها!؟ عايزني ؟
إياد بشرود وصوت دافئ وهو ينظر لها : اه عايزك..
شعرت ملك بأن الدماء في وجهها تغلي ..كانت نظرته وصوته وكل شئ يخصه ..يمدها بالدفئ..نوع غريب من الدفئ...تلك الكلمة ' عايزك ' جعلت نبضاتها ترتفع...كانت خائفة ان يصل صوتها لأذنيه..
ماذا يصيبها عندما يكون حولها؟
ملك : اتفضل..
وقف إياد وجلس قبالها..
إياد كان يشرح بعض الاشياء في العمل..وملك لم تكن تستمع لما يقوله ابدا..كانت شاردة بجماله..شعره الاسود الفحمي الناعم كالحرير المنسدل حتي اسفل رقبته ويبدو مبعثرا قليلا تتساءل كيف ململسه؟...فكه الحاد وبشرته البيضاء الشاحبة..عيونه الناعسة ذات لون سماء الصيف الصافية والحارة..حتي وجنتيه ..انهما ممتلئتان عن قرب وهذا غريب..وانفه المستقيم الحاد..وشفتيه المرسومتان بدقة..يبدو كلوحة فنية خالية من العيوب تماما..او كشخصية من رواية خيالية...وهذا.. لطيف نوعا ما....كانت تعلم انه وسيم ولكن لما هذه المرة يبدو مختلفا..يبدو اجمل بكثير عن قرب ..
فجاءة اخرج إياد ضحكة صغيرة من ثغره..فأفاقت ملك من شرودها وقالت : في ايه؟
إياد وهو يبتسم وينظر لها مع احمرار طفيف لا يكاد يظهر في وجنتيه : لما حد بيبقي مركز في ملامحي كده ..بضحك..وانتي بتعملي كده علي طول..
شعرت ملك بأنها ترغب ان تنشق الأرض وتبتلعها الآن..هل كان يعلم انها تراقبه ؟ لحظة!! بل لماذا تراقبه اصلا
ملك : ا..انا مش بركز ولا حاجة..
نظر إياد لها بابتسامة غريبة ثم أعاد نظره للأوراق واكمل شرح ما يقوله..
هل يحاول استفزازها مجددا؟!
...
ملك : هو حضرتك خريج ايه..
إياد: هندسة الكترونيات ..اشمعنى..
ملك : امم..لا كنت عايزة استفسر من حضرتك علي كذا حاجة في المجال ده..
إياد بهدوء : اتفضلي .
ملك : كنت عايزة اتعلم ازاي ادخل مثلا شبكات معينة او اني اقدر ابقي بريمو في استخدام المواقع والحاجات دي واجيب اي معلومات عايزاها..فاهمني؟
إياد بتعجب يحاول اخفاءه : اه فاهمك..اشمعني؟
ملك : لا عادي..عشان الموضوع ده هيساعدني في ابحاثي اكتر..حضرتك ممكن تساعدني؟ يعني تعلمني مثلا وكده
إياد: اه ..
ملك بسعادة: حضرتك فاضي امتي..
إياد: ممكن بعد الدوام ساعة
ملك : شكرا جدا يا مستر إياد..عن اذنك.
....
ابتسم إياد بعد ان خرجت ملك..ثم عبس مجددا وامسك هاتفه ونظر لصورة الخلفية خاصته ..ثم اتصل بأحدهم..
..
كان يصعد لأحد عربات المواصلات العامة يرتدي قناع الوجه..لانه يعاني من نزلة برد خفيفة هذه الأيام..ولقد اعتاد علي فعل هذا عندما يمرض..
جلس علي احد الكراسي المتحركة بجانب فتاة ويجلس بجانبها رجل ..لاحظ ان الفتاة لا تبدو مرتاحة كثيرا..' تجلس بينهما'
أنس: يا آنسة..لو حابة تقعدي مكاني اتفضلي
اومأت بالموافقة..ابتسم انس وكان هذا ظاهرا من عيونه..عندما وقفت لتجلس..لقد تعرف عليها..انها أماني..ولكنه لم يتحدث حتي لا يسبب اي احراج لكليهما..
جلست أماني بجانبه ومن الجهة الأخرى نافذة السيارة..فجاءة شعر أنس بشئ يسقط علي كتفه..
توسعت عيونه بصدمة للحظة..ثم ابتلع ريقه بتوتر..انها أماني
أنس: يا آنسة..لم يصله رد للحظة..هل فقدت الوعي؟
..ولكنها سرعان ما ابتعدت عنه واعتذرت منه..لم تكن تبدو بخير
أنس في نفسه : هي كويسة؟ ..ازاي تنام في المواصلات افرض كان جنبها حد مش تمام؟
بعد قليل طلبت من السائق ان ينزلها..كانت ستقع اثناء نزولها ولكنها استعادت توزانها بصعوبة..نزل أنس معها..يبدو قلقا نوعا ما..
كان يمشي وراءها دون ان تلحظه..والغريب انها كانت تسلك طريقه..اذا لماذا نزلت من السيارة مبكرا....
كانت تمشي وكأنها مجبرة على ذلك..اذا بالفعل هي مريضة ....
فجاءة جلست أماني علي احد الأرصفة بتعب..شعر انس بقلق اتجه نحوها لا إراديا..
أنس: انتي كويسة؟
أماني بتعب : هو انت ماشي ورايا..
أنس: مش ماشي وراكي..ده طريقي..بس انا لاحظت انك تعبانة فقلت اقف اتطمن ..
لم تصدقه أماني وكانت خائفة ولكنها ردت بهدوء: انا كويسة شكرا..تقدر تمشي..
شعر انس بتوترها فأنزل قناعه ثم نظر اليها وقال
أنس:  اسف يا دكتورة .. بس مينفعش اسيبك وانتي كده في الشارع لحدك وتعبانة ابويا معملنيش كده
نظرت أماني تجاهه بصدمة كيف عرف انها طبيبة..ولكنها شعرت ببعض الارتياح عندما التقت عيونها ذات لون العقيق الأسود بعيونه التي تحمل لون العسل..
أماني: بشمهندش أنس ؟
أنس بابتسامة : شوفتي..مش حد غريب بيلاحقك ولا حاجة..
أماني: بس صوت حضرتك متغير ..
أنس: اه عندي شوية برد..المهم ..في حد قريب من هنا يجي ياخدك..
أماني: سلامتك..انا كنت جاية لصاحبتي ...هي ساكنة قريب من هنا..
أنس: طيب كلميها تنزل تاخدك..
أماني: لا مش هينفع..هي تعبانة ..مش هتقدر تمشي..
أنس بتفهم : امم..طيب .. امشي انتي وانا هبقي وراكي عشان مبقاش قلقان وانتي متبقيش متضايقة..
أماني بتوتر : لا لا انا بس هقعد اريح شوية وامشي..حضرتك متعطلش نفسك..
أنس متجاهلا كلامها: انتي أكلتي ؟
هزت أماني رأسها بالنفي بحرج....
.نظر بجانبه وجد بقالة صغيرة..تحرك نحوها..
قم بشراء الكثير من الأشياء والماء..ثم نظر للمال في يده
أنس في نفسه : ..دي الفلوس اللي كنت هتغدى بيها انهاردة..يلا فداها...
اقترب منها وجلس بجانبها وقال : انا مش عارف انتي بتحبي ايه فجبت حاجات كتير..كلي حاجة دلوقتي واشربي والباقي خديه عند صاحبتك..
هزت أماني رأسها برفض تام وقالت: لا لا..مش هاخد حاجة شكرا..ثم وقفت لكي تمشي ولكنها جلست مجددا عندما اصابها الدوار..
ابتسم أنس وقال : مش حاططلك سم انا شاريهم قدامك..وياستي اعتبريني موزعهم عليكم في الكورس..
نظرت له أماني ولم تتحدث .ولكن ابتسامته كانت مطمئنة لسبب ما..هي لم تشعر بالأمان والطمأنينة مع اي رجل او بالقرب من اي رجل منذ ما حدث لها..سوا اخيها وزين فقط..ولكنها تشعر بالأمان هنا مع هذا الغريب..ماذا اصابها.. بالتأكيد هو مثلهم..كانت تريد التخلص منه ..مدت يدها وتناولت احد الاشياء  ثم شربت بعض الماء..شعرت انها افضل..كان أنس يتابعها بابتسامة كبيرة لا يعلم ما سببها ولكنه سعيد..
أماني: شكرا..هقوم بقي..
أنس: طيب خدي دول ؟
أماني: لا شكرا ..بجد مش هاخدهم ..
لم يكن يريد ان يزعجها فلم يضغط عليها.. بدأت تتحرك وهو ورائها..حتي وصلت الي تلك البناية..حيث يقنط كلا منه ونور مؤخرا..
أنس وهو يقترب ليقف بجانبها : انا ساكن هنا..
أماني بصدمة: بجد؟؟
أنس: اه..انتي صاحبة الدكتورة اللي لسه جاية اسمها نور تقريبا ؟
أماني: اه انا..
أنس: شوفتي معطلتينيش ولا حاجة
صعد كلاهما علي السلم لان أماني رفضت ان تدخل المصعد معه بمفردهما..وكم أعجب أنس بأخلاقها..تثبت دائما انها فتاة جيدة..هو الذي كان يعيش في وسط انفتاح كبير..اشتاق لهذه الأخلاق..
وصل أنس وأماني للطابق الثالث فقالت اماني بتعب : انا هنا خلاص..
أنس بابتسامة: تمام حمد لله على السلامة ..انا في الخامس ..
أماني وكانت تشعر بالذنب : طيب حضرتك مطلعتش في الاسانسير ليه ...
ابتسم أنس ولم يجيبها ثم صعد الي منزله..
..
نور بسعادة : نورتي يا أماني..امال ملك فين..
أماني: ملك تعبانة شوية معرفتش تيجي بتسلم عليكي اوي وبتوعدك هتزورك ان شاء الله.. بس انا جايبالك معايا حته صينينة مكرونة بالبشاميل هتاكلي صوابعك وراها..
نور بضحكة : طيب يلا كويس لاني جعانة ومكلتش بقالي يومين..
....
كانت تجلس وتنظر للطعام بيدها..
نور : في حاجة يا أماني مش بتاكلي ليه؟
أماني بتوتر : هو الباقي في الصينية يقضيكي بكرة ويفيض صح؟
نور : اه طبعا ده كتير اوي..لو عايزة تاخدي منها خدي عادي..
أماني: لا لا ..انا مش عايزة..بصراحة كنت عايزة ادي لحد قطعتين كده..واسيبلك الباقي..
نور : طبعا يا روحي خدي اللي انتي عايزاه انتي اللي جايباها..بس لو مش هتتضايقي..هدتيها لمين؟
احمرت أماني حجلا وقالت : هو..حد هنا في العمارة معرفة سطحية الي حد ما ..مش عارفة شقته بالظبط بس هو في الدور الخامس..ساعدني انهاردة وكنت عايزة اشكره..
نور بابتسامة خبيثة : ههممم..تقصدي أنس مش كده؟ اه فعلا هو شاب كويس ساعدني كذا مرة برضو...' نظرت لها أماني ' وحلو كمان..
أماني: و...وانا مالي ..هقوم اطلعهم..
..صعدت أماني وطرقت باب الشقة بعدما اخبرتها نور بالرقم فهو يسكن في شقة ١٧ ونور في شقة ١١ ..
طرقت الباب ثم اختبأت ..فتح أنس الباب بعد قليل ولكنه لم يجد احدا...كان سيدخل لولا ان لمح تلك العلبة الصغيرة علي الارض..امسكها بتساؤل ولكنه اشتم رائحة جميلة منها..كان جائع..لذا لم يفكر اخذها ودخل منزله واغلق الباب..او هذا ما بدا لأماني..لانه نظر من فتحة الباب ورأها وهي تنزل بهدوء..ابتسم ثم فتح العلبة...اخرج هاتفه واتصل بإياد..
إياد : همم..
أنس : كيفك يا برنس..
إياد بانشغال : الحمد لله وأنت..
أنس : انت فين ..
إياد: هكون فين يا أنس .. في الشركة..
أنس: امم
إياد: عايز حاجة ؟
أنس: اه هستناك تيجي تاكل معايا انهاردة..
إياد: اشمعني ؟ انت جايب اكل يعني ولا اجيب ؟ وبعدين انا هتأخر..
أنس: ولا جبت ولا انت هتجيب..جالي اكل من السما..حاجة انت بتحبها+ اتأخر براحتك انا مش جعان...بس هستناك
إياد : اكل ايه ده ؟
أنس: خمن
إياد: هقفل مش فاضيلك..
أنس: خلاص يا عم ..مكرونة بالبشاميل..
تنهد إياد : طيب يا أنس..هخلص اللي في ايدي واجيلك..
...
اغلق إياد حاسوبه ونظم مكتبه..امسك صورة يضعها علي المكتب نظر لها بهدوء ثم ابتسم بأنكسار وهو ينظر لبسمة والدته..ويد والده الحنونة..وفرحته التي لا ينساها في ذلك اليوم

في رقبتك ⛓️🧑🍼حيث تعيش القصص. اكتشف الآن