دائره الخطأ (قيد التعديل

ما بعد البدايه " البارت الثاني"✓

تجلت الشمس في السماء عند الغروب، وأخذت ألوانها الذهبية تتسلل عبر أفق القاهرة، رغم أجواء الصيف الحارة التي طغت على المدينة،تلك الأجواء لم تمنع سكانها من التفرق في بقاعها المختلفة، كل واحد منهم يسعى وراء حياته الخاصة.

في أحد المنازل الراقية، حيث الفخامة تنبثق من كل زاوية، وعلى الرغم من الرقي الظاهر في المجتمع والمكان، مع حديقة واسعة ومنزل ذو طابع راقٍ، إلا أن هناك شيئاً ما ناقصاً، نقصٌ في الحياة التي تتوق إليها الجدران.

ركضت "هاجر" على الدرج، بخطوات متسارعة تعكس ملامحها الهادئة التي استمدت منها الكثير. لم يكن عمرها العشرون كافياً لتظهر براءة الشباب، بل كانت ملامحها أكبر سناً مما يجب، بشرتها التي طغى عليها الانطفاء، عيناها الخضراوان وخصلاتها البنية الهادئة، كل ذلك كان يظهرها أكثر شوقاً لخالها الذي لم تلتقِ به منذ أكثر من أربعة عشر عاماً،  تحدثت بفرح ملؤه الشوق:

- خالو، إنتَ جيت؟

نظرت إلى جرح رأسه، الملتف حوله الضمادات، وأكملت بقلق:
- المفروض تفضل في المستشفى!

جذبها "عادل" إليه، يحتضنها برفق، يشعر بشوق عميق لتلك الصغيرة التي رأى فيها دائماً طفولته، ولكن، لماذا تبدو على غير عادتها؟ كأن الحياة قد سلبتها حيويتها، شحوب وجهها يضيف إلى المشهد الحزين، أجابها عادل بهدوء يحاول تهدئتها، رغم النيران المشتعلة في داخله:
-أنا كويس، متخافيش، مش محتاج مستشفى.

تحدثت "سوزي"، والدتها، بنبرة حازمة تتخللها بعض التوتر:
- خلاص يا هاجر، اطلعي أوضتك وسبيه يرتاح.

أماءت" هاجر "برأسها، لكن الغضب كان يلوح في عينيها، وقالت:
-هطلع، بس هتكلم معاك تاني.

أمسك "عادل" بكفها بحنان، حتى وهي تبتعد، قائلاً:
-أكيد يا حبيبتي.

بعد أن دخلت غرفتها، جلست على السرير بقلق، وهي تحاول الاتصال به للمرة المئة بعد المليون. لا إجابة، غير أنه غير متاح الآن.

ربما ليست فقط شركة الاتصالات التي تجهل مكانه، بل العالم بأسره يجهله، تحدثت مع نفسها بضجر:
-رد بقا يا محمد، أنتَ بتروح فين بجد كل ما أحتاجك!

يمكنك أن ترى عند كل بداية نهاية، ولكنك تتجاهل نهاية المطاف دائماً لتحظى بدرب جيد رغم أحزانك. فعند كل سؤال أجابته يمكنها أن تهلك قلبك، لتظل حائرة بين الانتظار والألم.