دائره الخطأ (قيد التعديل

"23" محاولة انتحار

مساء الخير أو صباح الخير
متنسوش الفوت و الكومنت اكيد رايكم بيسعدني جداً جداً ، قراءة ممتعه عزيزاتي الغاليات و اعزائي .
______________________________

«دائرة الخطا »
«السادس و العشرون»
«محاولة انتحار»

لا تنسوا الدعاء لاهلنا في غزة القضية لن تنتهي بمرور الوقت .

يأتيك الماضي أحيانًا ليذكرك بأن ذنبك لن يُغتفر أبدًا. أَتظنّ أن الحياة ستمنحك فرصة أخرى لتعيش سعيدًا؟ لحظة، هل تعلم أصلًا ما هي السعادة؟ أكاد أجزم أنك لم تعرفها يومًا. أنت تدرك أن الحياة لن تعطيك فرصة أخرى؛ لست وحدك في هذه الدنيا لتأخذ فرصتك. اعترف، عزيزي، أنك تمنيت أن يحدث هذا، لكنني أريد أن أطمئنك: تلك الفرصة لن تأتي مهما فعلت.

تجمّدت عيناها، ولم يتحرك بؤبؤاهما من هول الصدمة. أُحكم عليه بعدم النجاة إلى هذا الحد؟ صراع داخلي، وما أدراك ما هذا الصراع! صراع بين نفسه ونفسه، يحارب ذاته، وهو المتهم في كلا الحالين. لا سبيل للنجاة مهما كان، فالصراع الداخلي مهلك، وتلك الأحاديث التي تدور داخل النفوس بلا إجابة متعبة، وهو لم يقدر على تحملها.

أدرك أخيرًا أن ما يراه أمامه حقيقة، وكم تمنى لو كان داخل أحد كوابيسه الآن ليصحو منها من جديد. ارتجفت يده المستندة إلى الطاولة، وضغط بكل ما أوتي من قوة على الكوب الذي في يده حتى تهشّم. جميع من في الغرفة سمعوا صوت تحطّم الكوب، لكن لا أحد سمع تحطّم آخر جزء متبقٍ من قلبه، ولا أحد سمع صوت بكائه المكتوم، ولا أحد لاحظ ارتجاف يده.

اقترب منه "أحمد" بخوف، وهو يرى الدماء تتدفق من كفه كأنها كانت تنتظر هذا الانفجار. حاول إمساك يده ليضمّدها، لكنه لم يتلقَّ سوى دفعة قوية جعلته يرتد إلى الخلف.

لم تُهمّه الجروح في يده من الأساس؛ لم يكن يشعر بالألم، كان يشعر فقط أن كل شيء قد انتهى.

اقترب منه بنظرات ثابتة لم تختفِ منها ملامح الغضب والكراهية. كانت كل كلمة تخرج منه أشبه بطعنات الخناجر، فقال بفحيح:

- مش كنا قفلنا السيرة وقفلنا الدفاتر؟ إيه اللي جابك يا "عدنان"؟

التفت إليه الأخير ببرود قاتل، ظهر في ابتسامته الخفيفة وهو ينظر إلى اللوحة المعلّقة أعلى الحائط:

- تحفة اللوحة دي يا " حارس"، مين اللي جابها؟

ابتسم بسخرية وهو يضيّق عينيه مقتربًا من جسد الآخر:

- أمك، أمك هي اللي جابتها تعرفها؟

ظل صامتًا رغم كل تلك المعارك التي تدور بداخله. لا أحد يفهم معنى أن يواجه الصدمات بصمت تام؛ فهذا الصمت بركان داخلي يتألم ويحترق، ولكنه لا يستطيع أن ينطق، حتى لا يحرق الجميع معه.