دائره الخطأ (قيد التعديل

يوم بالف ليله " البارت الثالث"

مساء الخير أو صباح الخير على حسب وقت قرائتكم لا تنسوا الفوت و الكومنت تفاعلوا
لا تنسوا الدعاء اخواتكم في فلسطين دثروهم في الدعاء
«يوم بالف ليله »

________________________
في ليلة باردة من ليالي ديسمبر، كانت الغرفة مغلقة منذ أكثر من ثلاثين يومًا، واسعة لكن يملأها البرد الذي يخترق العظام، ورغم ذلك، شعر أنها أضيق من القبر، تكاد تطبق على أنفاسه، لم يذق طعم النوم منذ أربعة أيام، والهلاوس بدأت تسيطر على عقله المرهق، في الركن البعيد من الغرفة، كانت تظهر له صورة جثته المتعفنة، والصقور تنهش من لحمها، بينما في مكان آخر، كان يرى نفسه يغرق في بحور من الدماء وكما في كل مرة، يتكرر أمامه ذلك المشهد الذي غيّر مسار حياته إلى الأبد.

كان عائدًا من المدرسة، منهكًا بعد يوم طويل في محاولات فاشلة للتأقلم مع زملائه، وجده جالسًا في غرفته، وعلى وجهه علامات القلق. عقد حاجبيه وسأله بارتباك:

- رجعت بدري!؟ مش هتروح الحفلة مع المدرسة

؟أجابه الصغير بنبرة مقتضبة، وكأنه لا يطيق سماعه:
- لا، صحابي مش هناك.

ازدادت حيرة الآخر وارتباكه، فلم يكن يتوقع وجوده:
-أنا جاي لي ضيوف، روح عند هيثم صاحبك.

رد عليه الطفل وهو يلقي جسده على السرير، متثاقلًا من شدة الإرهاق:لا، أنا هنام، مش عاوز أخرج. لما عمتي ترجع، صحيني.

بعد لحظات، بدأ يسمع ضحكات مكتومة قادمة من الطابق السفلي، فتح عينيه بتثاقل، ثم تحرك ليأخذ زجاجة الماء التي بجانبه، لكنها كانت فارغة، قرر النزول للأسفل ليأخذ كوبًا من الماء، كان المنزل هادئًا على غير العادة، والضوء خافتًاالأرضية مغطاة ببعض الملابس المبعثرة، لكنه تجاهلها، أخذ كوب الماء وصعد مرة أخرى إلى غرفته، ولكن ما شاهده بعدها ظل محفورًا في ذاكرته إلى الأبد.

رأى الرجل الذي اعتاد أن يثق به وهو يحاول أن يقوم بفعل شنيع مع الطفلة الصغيرة، ابنة المساعدة الخاصة بالمنزل، كانت الطفلة تبكي بشدة، مستنجدة به بصوت متقطع:
-الحقني، أرجوك!

كانت شهقاتها تعلو بينما بدأت يد الرجل تضغط على عنقها الصغير لم يتمالك الطفل نفسه، هرع نحوها ليحاول تحريرها، لكن ضربة واحدة من الرجل أسقطته أرضًا، لتنتهي به الحال ساقطًا من الطابق الثاني.

طرقات خفيفة على الباب أعادته من كابوسه إلى واقع أشد قسوة، أفاق ليجد نفسه مقيد اليدين والقدمين ومعصوب العينين جسده كله كان ينبض بالألم، وكأن كل جزء فيه يناديه بالهروب، أصابته نوبة هلع، فبدأ يركل الأرض بقدميه، يحاول تحرير نفسه، وتحرك رأسه بشكل هستيري، محاولًا استيعاب ما يحدث.