لؤي:
كانت الساعة الواحدة ظُهراً،كنت أمسح الغبار بينما كان والدي يعمل في الحقل وإذ فجأة يدق الباب .
-"أتت عمتي"،قلتُ فرحاً..ذهبت وفتحت الباب رأيت عمتي وحنين معها ،ألقيا السلام ودخلتا.
-"كيف حالك يا لؤي؟كيف حال والدك؟"،قالت عمتي
-"الحمدلله كلنا بخير يا عمتي،كيف حال عمي وأولاده؟"
-"نحمد الله الكل بخير،لكنهم يتعبون كثيراً في هذه الأيام ،لأن الحصاد هذه السنة جيد جداً فالكل الآن يعمل بجد"
-"عمتي..هل يمكننا أن نتمشى قليلًا أنا ولؤي ؟"،قالت حنين...
-"أجل،ارجوكِ عمتي هل يمكنكِ اقناع ابي؟ ،سأنتهي من التنظيف بعد قليل ارجوكي" نظرنا أنا وحنين لها بعيون القطط تلك
-"هات،سأكمل أنا التنظيف ،يمكنكما الذهاب فقط لساعة واحدة..كي لا يغضب والدك ..مفهوم ؟"
-"لا عليكي عمتي سأضبط ساعتي،سنشتري بعض الأغراض ،نتمشى قليلاً ونعود" ردت حنين..ومن بعدها خرجنا بهدوء كي لا ينتبه والدي لنا ..
....................
-"إذن لؤي كيف الأحوال؟"
-"الحمدلله بخير..اشتقت لك كثيراً..كنت متلهفاً لعطلة الصيف فقط لكي ألقاكِ"
-"لدي لك مفاجأة..أبي أعطاني اليوم مبلغاً جيداً،يمكننا أن نشتري الكثير من التسالي وأيضاً نودلز بالخضار!"
"هذا رائع!..لكن ربما أبي لن يسمح لي بتناولها.."
-"لا عليك سنجد طريقة ما،الآن هيا بسرعة ليس لدينا وقت كثير".
الراوي:
كان والد لؤي لا يحب التقرب الذي بين لؤي وحنين بحجة أنهما أصبحا كبارا وأنه لا يجوز لهما أن يجلسا معاً أو حتى أن يتعانقا،رغم محاولات أعمامه لإقناعه أنهما كالأخوة ولا يجوزان لبعضهما إلا أنه لم يقتنع بالأمر. بعدما إنتهيا من الشراء ،كانا يتمشيان في الحي ويشربان حليب بالفراولة..
-"أنا حقاً لا أريد أن أحسدك يا حنين..لكن من الرائع أنك تذهبين للمدرسة.." قالها لؤي بحزن
-"ليس لديك فكرة عن جحيم المدرسة " ردت حنين بسخرية
-"على الأقل أنت تخرجين من المنزل..لديك أصدقاء..وأيضاً تتعلمين كي تلتحقي للجامعة..وتبنين مستقبلك..أما أنا فسأبقى في مكاني ..أنا فقط أتمنى لو أذهب للمدرسة وأقضي بعض الوقت هناك،أو أن يكون لي صديقٌ يمكنني أن أتمشى معه ونحن نأكل رقائق البطاطس ونضحك.." ردّ لؤي بحزن،لؤي لم يكون صداقة قوية منذ صغره وبعدما سحبه والده من المدرسة وهو في الصف الثامن انقطع كلياً عن الآخرين عدا أولاد عمه وعمته..الذين لا يراهم كثيراً عدا حنين..وكونه فتىً خجولاً يجعله يشعر بأن الأمر صعبٌ أكثر.
-"ماذا عني أنا ؟ هل نسيت أمري؟"
-"لا بالطبع!..ولكن ...أنا أريد صديقاً .."،حال الصمت لدقيقة وبانت علامات الحزن على وجه لؤي ،لاحظت حنين الأمر.
-" أنت محقٌ في ذلك،ان أردت سأحاول بكل جهدي أن أقنع والدي للتكلم مع والدك ليعيدك للمدرسة ثانيةً،لم يكن اخراجك منها من الأساس فكرة صائبة..لكن لا تلمني إن كرهتَ حياتك بعدها" ردت حنين ضاحكة
-"كلا لن ألومك،أي شيء سيكون أخف عليّ من المنزل"..عندما بلغ لؤي الرابعة عشر من عمره بدأ يتسائل أكثر عن سبب إخراج والده له من المدرسة ..و عندما سأله قال له بأن هناك أنواع من البشر السيئين الوقحين في المدارس وأنهم سوف يفسدونه كلياً،مما جعل لؤي يشعر بعدم ثقة والده به..وأخبره بأن بإمكانه العيش من المزرعة ،بالنسبة لتعليمه كانت حنين في نفس عمره فكانت دائماً تحاول تدريسه ،وكانت فتاة ذكية للغاية بالرغم لكرهها للمدرسة..بعد أن تمشا في الحي عادا للمنزل وكان والد لؤي لؤي يجلس على الأريكة مع نظرات غير مريحة.توتر لؤي وحنين،جرى لؤي لوالده وقبّل يده بينما كانت عمته جالسة مقابل والده.
-"أين كنتما ؟" قال مراد بعصبية
-"تمشينا قليلاً .."قال لؤي بتوتر
-"أجل..لم نتأخر حتى،عدت قبل أن ترن ساعتي.." قالت حنين بصوت واضح،غير متوترة..لم تكن تخاف من عمها لتلك الدرجة،لكنها كانت تخاف على لؤي من ردة فعله.
-"أخي،دع الأولاد يستمتعوا قليلاً..كما أنهما لم يغيبا طويلًا ولم يبتعدا عن الحي أبداً،حنين اذهبي واعطي لؤي بعض الدروس في الرياضيات..هيا"
-"حاضرة"،أمسكت حنين بيد لؤي وذهبا بسرعة للغرفة للدراسة بينما كان والد لؤي غاضباً من موقف أخته.
-"كيف تسمحين لهم أن يجلسا معاً لوحدهما؟!هما الآن في السادسة عشر لم يعودا طفلين!!"
"أخي،أولاً هما حرفيًا قربنا ..يمكننا سماع صوتهما من الغرفة، ثانيًا لماذا لا تريد أن تقتنع أنهما مثل الإخوة..لا أريد أن تلمح شيئاً سيئا أمامهما !" ردت علياء بنبرة حازمة.
-"أكره كيف يتصرفان كالأطفال! أنتم لا تشدون عليهم بتاتًا"
-"كيف تريد منا أن نتعامل معهم؟ أنا بالطبع لن أدافع عنهما إذا ارتكبا شيئا خاطئاً..لكن أنا أثق بهما جيداً.....أرجوك أخي"،وضعتْ علياء يدها على يد مراد
-"ابنك يعاني من الوحدة..حنين هي من تؤنس وحدته..لا تُبعدها عنه " قالت علياء مع إبتسامة دافئة محاولةً اقناع أخيها..أدار مراد وجههُ بعيداً لتجنب نظراتها..غير مقتنع بتاتًا بالأمر..لم يكن يرى أن التعليم والحصول على الأصدقاء مهمٌ للؤي لأنه لم يختبر الأمر ويدرك قيمته في حياته،وأنه عليه أنه يجب أن يجعل لؤي رجلاً لا يفكر بهذه الطريقة التافهة ...
أنت تقرأ
نافذة الأمل
Randomقصة تتناول حياة مراهقين ،تتكلم عن آلامهم،طموحاتهم،وأحلامهم. ونرى كيف يواجهون بعض الصعوبات التي يواجهونها الذين من عمرهم ..ونرى من يحاول التمسك بحبل الأمل منهم..في النهاية نرى من سيستطيع النجاة من بركة اليأس ومن سيبقى غريقاً فيها ...