كانَ لؤي جالساً على الأريكة وبقربهِ حنين،تناولَ الفطورَ بصعوبة ثم تناولَ دوائه،كانَ سارحاً وحزيناً،حاولتْ حنين أن ترسمَ البسمةَ على وجهه.
"أنظر لؤي،هذا كلّهُ لكَ أنت،أعدكَ بأن لا أكل شيئاً.."،أرتهُ كيساً مليئاً بالمأكولاتِ والحلويات،لكنهُ لم يهتمَّ كثيراً،نظرَ ببرود.
"شكرًا لكِ،لكن لا رغبةَ لي"
"ما رأيكَ بأن نتمشى قليلاً؟"
"أشعر بالتعب قليلاً،كما أني لا أريدُ لأحدٍ أن يراني هكذا.."،بدأ لؤي يرتجف،ضمَّ يديه ببعضهما.
"حسناً كما تريدُ أخي.."،بدأت تمسحُ على ظهرهِ لتهدأته،لم تعرف ماذا عليها أن تفعل،ماذا تقولُ لهْ؟والدهُ حاولَ قتله،لحقَ بهِ بسكينٍ حاد وتوعدَّ بقتله،كيفَ لها أن تواسيه؟
"أعذريني حنين،أريدُ أن أنام"،نهضَ من الأريكةِ متوجهًا لغرفته،لحقت بهِ حنين.
"ولكن،الساعةُ لا زالتْ العاشرة.."،إستدارَ لؤي لحنين،كانَ يرغبَ ببوحِ ما يشعرُ به،لكن لم يجد فائدةً لذلك.
"أرجوكي حنين،أريدُ البقاءَ لوحدي..سوفَ أنام لساعتين ربما.."،قالَ لؤي كلامهُ وردَّ بابَ غرفته،وقفت حنين مصدومةً لوهلة،ثمَّ إمتلات عيناها بالدموع،كانت هذهِ أول مرةٍ يتجنبها لؤي هكذا،توجهت لغرفةِ الجلوس،جلست على الأريكة وفاضت عيناها بالدموع،كانَ والدها في الخارج يطعمُ الدجاج وفستقة ويتولى بعضَ أمور المزرعة،دخلَ المنزل ورأى حنين جالسةً على الأريكةِ،مسحت حنين دموعها بسرعة.
"ما بكِ أنتِ؟"
"ل..لا شيء،لكن..لؤي ليسَ بخيرٍ أبداً.."،توجه عدنان لحنين وجلسَ بقربها.
"حنين،قلتُ لكِ مراراً أنّ لؤي لن يكونَ بخير،علينا أن نصبر قليلاً معه،لا تغضبي أو تحزني منه إذا غضبَ أو تجاهلكِ هذهِ الفترة.."
"الأمرُ ليسَ كذلك،لا أدري ماذا أفعل،ماذا نفعلُ لكي نسعده؟الذي حصلَ معهُ كانَ صعباً.."،تنهد عدنان وجلسَ يفكر هو الآخر،حنين كانت على حق،إنّهُ يبتعدُ عن الكل،جسدهُ ونفسيتهُ كلاهما سيئة،فكَّر عدنان بالطبيب النفسي،لكن ماذا سوفَ يقولُ للناس؟سوفَ يظنون بأن لؤي قد جن أو أصبحَ مريضاً،من أينَ بإمكانهِ العثورُ على رقمِ طبيبٍ نفسي؟كانَ هذا خياراً صعباً.
"إسمعيني،أنا برأيي الأفضلُ أن لا نتركهُ لوحده،برأيي لو يذهبُ لمزرعةِ جدهِ لفترة،سوفَ يرتاحُ هناك.."
"لحظةً أبي،ماذا عن المدرسة؟هل سألتَ عن الأمر؟لؤي يريدُ الذهاب للمدرسة.."
"سوفَ أذهبُ اليوم وأرى ماذا سوفَ يحدث،آملُ أن تتيسر الأمور،أين هو الآن؟"
"ذهبَ لغرفتهِ لينام.."
"ما خطبه؟إنّهُ ينامُ كثيراً...أدعو الله أن تتيسر الأمور ويفرحَ ذاكَ الصبي قليلاً،ربما كما قلتي..سوفَ يفرحُ بدخولهِ للمدرسة"لؤي:
إستيقظتُ والغرفةُ مظلمة.
"أمعقولٌ أن الشمسَ قد غربت؟"،نهضتُ من السرير وفتحتُ الستارة،رأيتُ أن المساء قد حل،إنصدمتُ من أني نمتُ طيلةِ ذلكَ الوقت.
"يا إلهي،كم الساعة؟لقد فاتتني الصلاة.."،خرجتُ لأذهبَ لغرفةِ الجلوس وأرى الساعة،لقد كانتْ التاسعةَ والنصف،لم يكن هناكَ أحدٌ في المنزل.
"يا الله،لقد فاتتني كل صلواتي اليوم،لم أشعر بشيءٍ أبداً..."،توجهتُ للحمامِ لأتوضأ،إنتهيتُ وجففتُ نفسي بالمنشفة،خرجتُ من الحمامِ وإذ يطرقُ بابُ المنزل،ذهبتُ لأرى من،ظننتُ أنهُ عمي.
"م..من؟"،لم يجبني أحد،لا أعرفُ لماذا،لكني فتحتُ الباب وإذ رأيتُ أبي أمامي.
"أ..أب..بي؟"،وجههُ كانَ شاحباً للغاية،عيناهُ تنظرانِ لي بحقدٍ وغضب،تراجعتُ للخلفِ خائفاً وإختبأتُ وراءَ الأريكة،سمعتُ صوتَ درجِ المطبخِ يفتح،توجه نحوي ولمحتُ تلكَ السكينة الكبيرةَ في يده.
"كلا،كلا!كلا!"،أمسكَ بي من قبةِ قميصي...فجأةً شعرتُ بشيءٍ يدخلُ رقبتي،ألمٌ لا يطاق،شعرتُ وكأن روحي تخرجُ من جسدي،سقطتُ على الأرض،بدأتُ أصرخُ بأعلى صوتي ولكن لا يخرجُ من حنجرتي شيء والدماء ملأت الأرضية.
.
.
.
"لؤي!لؤي!إستيقظ!"،نهضتُ فزعاً،بدأتُ أصرخُ مثل المجنون،كانت حنين تحاولُ تهدأتي.
"لؤي!لؤي!لا عليك!إهدئ!أرجوك!"،نظرتُ لها خائفاً،أهذا حلم؟أم أني مت؟،نظرتْ لي بعينيها ووضعت يديها على خدي.
"بسمِ الله عليك،لا عليكَ أخي..لا عليك.."،كنتُ أبكي وأرتجفُ من الخوف،إبتعدت عني وخرجت من الغرفة،عادت ومعها كوبٌ من الماء.
"سمِّ بالله وإشرب لؤي،لا بدَّ أنكَ رأيتَ كابوساً.."،شربتُ الماء وحاولتُ أن أتنفسَ بهدوء.
"أ..أينَ ه..هو؟"
"من؟أبي؟،أبي خرجَ قبلَ نصفِ ساعة.."
"ك..كلا،أين هو..ع..عمك..أ..ب.."
"عمي؟..تقصدُ أباك؟"،نهضتُ من السرير ونظرتُ حولي،نهضتُ حنين وتوجهت نحوي.
'لؤي،إهدأ أرجوك،عمي....في السجن،هو ليسَ هنا.."
"لقد..لقد كانَ هنا...كانَ يحملُ سكينًا.."،إقتربت وعانقتني بحذر،عانقتها بالمقابل،لقد كنتُ خائفاً،الألمُ والخوف،لم يكن بإمكانيَ الهربُ حتى في منامي.
"لا عليك لؤي،كلُّ شيءٍ إنتهى،كلنا هنا ولن نتركك،لا عليكْ هو ليسَ هنا..."
"ك..كم الساعة؟"،قلتُ بعدما كسرتُ العناق ونظرتُ للنافذة،توجهتُ وفتحتُ الستارة لأرى أننا لازلنا في الصباح.
"الساعةُ الحاديةَ عشر،سوف تأتي عمتي في الساعةَ الواحدة،أبي سوفَ يتأخر ليعود للمنزل"
"س..سوفَ أذهبُ لأغسلَ وجهي"،خرجتُ من الغرفةِ وتوجهتُ إلى الحمام،غسلتُ وجهي ونظرتُ للمرآة،حتى ولو إختفت الكدمات وفكيتُ الضماد،هل سوفَ تلتأمْ؟هل سوفَ أنسى؟...لا والله لن أنسى،لن يتغير،مهما حاولت..حتى في الحلمُ أرادَ قتلي.
خرجتُ من الحمامِ وتوجهتُ لغرفةِ الجلوس خائفاً،أردتُ أن أطمأن،لكني كنتُ خائفاً.
"أتريدُ شيئاً لؤي؟"،أدرتُ وجهي ورأيتُ حنين واقفةً قربي.
"ح..حنين؟..أيمكنكِ فتحُ الباب والتأكد؟أرجوكِ"
"حسناً،لا بأس،كما تريد.."،توجهت هي للباب وأنا إتجهتُ للرواق،فتحتِ الباب ولم يكن هناكَ أحد،إبتعدت عن الباب ونظرت لي مبتسمة،بقيتُ صامتاً لثوانٍ.
"ح..حسناً..لا بأس،ش..شكراً لكِ"،أغلقتِ الباب وتوجهت إلي.
"هل إرتحتَ الآن؟"،هزيتُ برأيي موافقاً.
"ما رأيكَ بأن أعدَّ لكَ كعكة؟،لكن بشرطِ أن تأكلَ منها"
"ح..حاضر"،إصطنعتُ الإبتسامة.
أنت تقرأ
نافذة الأمل
Randomقصة تتناول حياة مراهقين ،تتكلم عن آلامهم،طموحاتهم،وأحلامهم. ونرى كيف يواجهون بعض الصعوبات التي يواجهونها الذين من عمرهم ..ونرى من يحاول التمسك بحبل الأمل منهم..في النهاية نرى من سيستطيع النجاة من بركة اليأس ومن سيبقى غريقاً فيها ...