مراد:
إستيقظتُ فزعاً وأتصببُ من العرق،نظرتُ حولي ورأيتُ أن الصباح قد حل.
"يا إلهي،متى سوفَ أخرج؟"،قلتُ بصوتٍ مرتجف،نهضتُ من السرير متعباً إثرَ الضربِ الذي تلقيتهُ أمس،توجهت نحو القضبان وبدأتُ أنتظرُ قدومَ أي شرطي،بعدَ ربعِ ساعةٍ من الإنتظار أتى لعندي شرطيٌ وفتحَ باب الزنزانة.
"ه..هل سأخرج؟"،وضعَ الأصفاد على يدي.
"أجل،إنتهت فترتك،هيا تحرك"،أخرجني من الزنزانة،كنتُ أمشي بصعوبةٍ بسببِ التعبِ والجوع،لم أستطع أكلِ شيء،لم تكن لديَّ شهيةٌ لذلك،عدتُ لتلكِ الزنزانةِ مع الآخرين،لا أحد تكلمَ معي،ذهبتُ لسريري وجلستُ عليه.
"الحمدلله على سلامتك.."،أدرتُ رأسي شمالاً ورأيتُ رجلاً في الأربعينَ تقريبًا جالساً على السريرِ الآخر ينظرُ لي.
"ش..شكرًا.."
"أكانت بشعة..؟"
"م..من؟"
"الزنزانةُ الإنفرادية.."،متتُ قليلاً قبلَ أن أجاوب.
"جداً.."،قلتُ وأنزلتُ رأسيَ للأسفل.
"لقد جربتها كثيرًا..حتى إعتدتُ على الأمر...ما هي جريمتك؟"،نظرَ لي مبتسماً إبتسامةً بائسة،أهذا الحالُ الذي سقطتُ إليه؟أتكلمُ مع مجرمين في السجن؟..وكأني لستُ شخصًا قذراً مثلهم..وكأني لم أكن على وشكِ أن أسجنَ لتهمةِ قتل إبني.
"ش..شكوى إزعاج.."
"هذهِ فقط؟يا لها من مهزلة،ألهذهِ الدرجةِ أنتَ تحبُّ المال أم أنكَ فقير لدرجةِ أن لا تدفع المبلغ؟"،قالَ بسخرية.
"أنا هنا أتحاسب..لا أحدَ قبلَ أن يدفعَ المبلغَ لأخرج..أنا هنا لجرمٍ آخر.."
"لا بدّ أن الجلوسَ لوحدكَ أفقدكَ صوابك..لا أفهمُ شيئًا مما تقوله.."،بقيتُ صامتًا.
"عامودُ الكهرباءَ هذا حاولَ قتلَ إبنه!"،إلتفتتُ ورأيتُ رجلاً في العشرينَ من عمره،ذاكَ هو نفسهُ الذي سألني أول مرة،شعرتُ بالنار تغلي بداخلي،أردتَ النزول وضربه لكن شعرتُ بيدٍ أمسكت كتفي وشدتهُ بقوة،أنيتُ من الألم.
"لا تتحمس يا هذا..أتريدُ العودةَ ثانيةً لتلكَ الزنزانة؟"،جملتهُ الأخيرة أرجعتني للواقع..لم أرد العودةَ هناك أبداً،قد أجنُّ أكثر مما جننتُ وأنا هناك،عدتُ لأجلسَ على السرير.
"أما قالهُ صحيح..؟أأنتَ هنا لمحاولةِ قتل إبنك؟"،صمتُ لثوانٍ ثمَّ قررتُ البوح بما لدي،ما فائدةُ تخبأتهِ على كل حال؟
"ل..ليسَ تماماً..لقد..أسقطَ حقهُ لذا..أنا هنا لتهمةِ الإزعاجِ فقط،لكن..أنا..حاولتُ قتله..كانت لحظةَ غضب"
"لحظةُ غضبٍ قلتَ لي...وماذا فعلَ لتحاولَ قتله؟هل هو مشاغبٌ لتلكَ الدرجة؟"،أصبحت نبرتهُ حادة.
"لا والله...هو ليسَ كذلك...إنّهُ طيبٌ ومرضي.."،نظرتُ ليدي وتذكرتُ دمائهُ التي ملأتها ذاكَ اليوم،تذكرتُ صراخه،تذكرتُ السكينةَ التي كنتُ على وشكِ أن أدخلها في رقبته،لقد كانَ الأمرُ وشيكًا...لا أعرفُ كيفَ ألهمني الله أن أهدأ حينها رغمَ كلُّ الغضب و الحقدِ الذي إشتعلَ في داخلي حينها،شعرتُ بالقذارةَ وأنا أتذكرُ رغبتي في قتله،ألهذهِ الدرجةِ كنتُ سيئاً؟أمعقول؟
"أنتَ حقاً غريب..."
"لقد قلتُ لكَ أنها كانت لحظةُ غضب.."،قلتُ غاضباً،لم أعد أريدُ إكمالَ الحديث،إلتفتتُ بعيدًا وإستلقيتُ على السريرِ.
"إذاً أنتَ تستحقُّ العقاب على ما فعلته...فلتحاولِ النومَ إن إستطعت إذاً"،طعنت جملتهُ صدري وخرجت منه وكأنهُ يعلمُ أني لن أنامَ ولن يغمضَ لي جفن،حاولتُ النومَ مراراً وتكراراً لكن بلا فائدة.
أنت تقرأ
نافذة الأمل
Randomقصة تتناول حياة مراهقين ،تتكلم عن آلامهم،طموحاتهم،وأحلامهم. ونرى كيف يواجهون بعض الصعوبات التي يواجهونها الذين من عمرهم ..ونرى من يحاول التمسك بحبل الأمل منهم..في النهاية نرى من سيستطيع النجاة من بركة اليأس ومن سيبقى غريقاً فيها ...