العودة ٢

69 16 22
                                    

كانت الساعةُ السادسةُ صباحاً،كانت علياء نائمةً على الكرسي قرب سريرِ لؤي،تمّ نقله لغرفةٍ عادية بعدَ إستقرارِ حالته،إستيقظَ لؤي من نومه فزعاً وهو يتعرق.
"الحمدلله..كان حلمًا.."،قالَ لؤي وهو يتنفسُ بسرعة،نظرَ لجواره ورأى عمتهُ نائمةً على الكرسي.
"عمتي؟..عمتي"،إستيقظتْ علياء على صوته وإتجهت نحوه.
"ما الأمرُ عزيزي؟"،قالت مع إبتسامة والتعبُ واضحٌ من نبرةِ صوتها.
"يمكنني النهوض من السرير،فلتنامي هنا مكاني.."
"كلا،أنتَ لا زلتَ متعباً،عليكَ أن تستريح.."
"ولكنكِ تعبة ويبدو أن النومَ على الكرسي غيرُ مريح.."
"لا عليك،أنا بخير..على كلِّ حال هناكَ إحتمالٌ كبيرٌ أن نخرجَ اليوم..فمن الأفضل أن تبقى مستلقياً كي تتحسن.."،عادت لتجلسَ على الكرسي،بينما بقي لؤي على سريرهِ،لم يستطعِ النوم؛خوفًا من تكرارِ ذلكَ الكابوس.
"أتعرف؟من الجيد أنكَ أيقظتني،عليّ أن ألحقَ صلاةَ الفجر.."،نهضت من الكرسي لتذهبَ للمرحاض.
"أرجوكِ عمتي،بعدَ أن تنتهي ساعديني لأتوضأ.."
"حاضرة.."،كانتْ جبهةُ لؤي ملفوفة بالضماد وعينهُ اليسارُ عليها ضمادةٌ للعين،ذراعهُ اليمنى مكسورةٌ وملفوفةٌ بجبصينٍ و مربوطةً بكتفه ومعصمهُ الأيسر ملفوفٌ بالضماد،الكدمات التي كانت على وجهه مغططاتٌ بالضماد ولواصقِ الجروح،وبطنهُ وصدرهُ خيطُ بالغرز،كانَ جسدهُ مرهقاً بالكامل والألمُ يأتي ويذهب،بعد ما ساعدتهُ عمتهُ على النهوض والتوضأ،جلس لؤي على الكرسي وصلَّ بصعوبةٍ وهو متعب.
"هل تشعرُ بالجوع عزيزي؟"،سألتهُ عمتهُ وهي تساعدهُ للإستلقاء على السرير.
"كلّا،لا رغبةَ لي.."
"لكنكَ لم تأكل شيئاً منذُ البارحة.."
"لا رغبةَ لي عمتي..سأحاولُ العودةَ للنوم.."،أغلقُ لؤي عينيه وأدارَ وجههُ بعيداً،كانَ يحاولُ إخفاء حزنه عن الجميع،لكن دموعهُ غلبتهُ وهو يتذكرُ ما حدثَ في تلكَ الليلة،حاولَ تجاهلَ تلك الجملة،لكنها رسخت في عقله.
"أمك ماتت بسببك!"،أمهُ لم تجاوب عليهِ في المنام ولا أحدَ أخبرهُ بالأمر،تمنى ودعا أن تكونَ هذهِ كذبة..دعا ذلكَ من قلبه.
.................................
الساعةُ الثامنةُ والنصف،لا زالَ لؤي نائمًا.
"إنّهُ نائم..يبدو أفضل اليوم،حسناً لا مشكلة...لكن قل لحنين ألا تتحمسَ كثيراً،مثلَ ما أفهمني الطبيب يجبُ أن لا ينفعل..حسناً أخي مع السلامة"،أنهت علياء المكالمة وعادت لتجلس على الكرسي،بعدَ نصفِ ساعةٍ إستيقظَ لؤي عطشاً.
"عمتي،هل يمكنكِ أن تعطيني كأساً من الماء؟"
"حاضرة"أخرجت قارورةَ ماءٍ وساعدت لؤي بالجلوس على السرير.
"هيا رويداً رويداً"،أشربته الماء حتى إرتوى.
"إسمعني لؤي،قال لي عمك بأن الشرطةَ سوف تأتي اليوم..كي يسألوكَ عن ما جرى وإن كنتَ تريدُ أن تشتكي على والدك"،نظرَ لؤي بعيداً ثمّ نظرَ ليده،هو لن يشكو على والده ولكنهُ خائفٌ من العودةِ للمنزل.
"إسمعني..أنا لا أعرفُ ماذا أقولُ لك..لكن هذا قرارك"،بقيَ لؤي صامتاً،لم يعرف بماذا يجيب،بعدَ نصفِ ساعةٍ أتى كلٌ من حنين وعدنان،فتحَ باب الغرفة وإذ بحنين تركض وتضمّ لؤي بكل لطف مراعيةً جروحه والدموعُ في عينيها،بادلها لؤي العناق بيده اليسرى.
"ما شاء الله،وجهكَ يشع بالنور اليوم"،قال عدنان،قطعت حنين العناق وجلست قربَ لؤي على الكرسي،إبتسمَ لؤي لعمه إبتسامةً ضعيفة.
"عن أي وجهٍ يتكلمون؟أوجهٌ مليىءٌ بالكدمات وجهٌ مضيء؟!"،قالَ لؤي بينهُ وبين نفسه.

نافذة الأمل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن