"أرجوكَ دكتور،قل لي أن الفتى سوفَ يشفى"
"هل أنتَ والده؟"
"كلّا،أنا عمه"
"لن أكذبَ عليك،وضعهُ صعب وسوفَ يبقى تحت العناية المشددة..سنراقبهُ في هذين اليومين ونأملُ أن يستيقظ"،طعنت تلك الكلمات في قلب عدنان،ماذا يعني بكلامه بأن نأمل أن يستيقظ؟،جلس عدنان على الأرضيةِ وعيونه تدمعُ مما حدث.
"أرجوكَ ياربي،أرجوك أن لا تأخذه،أرجوكَ يا ربي أن تشفيه"،خرجَ الممرضون وهم ينقلون لؤي للعناية المشددة،لحقهُ عمه.
"لؤي،عزيزي،أرجوكَ إستيقظ..أرجوك"،رأى عدنان لؤي وهو يدخل للعناية،لم يستوعب ما الذي يحدث من حوله،كيف حدثَ كلُّ هذا؟
"أدعو الله أن لا يسامحكَ يا مراد على ما فعلتهُ بهذا الفتى اليتيم"،ضمّ عدنان يدهُ بغضب.أشرقت الشمسُ ولا زالَ عدنان ينتظر،إتصلت زوجتهُ وقال لها أنّهُ لن يعودَ حتى يطمئنّ على لؤي،إتصلَ بإخته وأخبرها أنّ لؤي بالمستشفى بينَ الحياةِ والموت،وصلت علياءُ هي وزوجها للمستشفى.
"ألا يمكننا رؤيته؟"
"كلا،لا يمكننا الدخول"
"لماذا..؟ماذا حدث بالضبط؟"
"أخبرني رجلٌ من الجيران أنّه كان هناكَ أصواتً صاخبة تأتي من منزلِ مراد،ذهبتُ ورأيتُ لؤي بهذهِ الحالة..أختي..لقد لمحتُ سكيناً في الغرفة"،شحبَ وجه علياء وكادَ أن يغمى عليها من الخوف.
"أجنَّ مراد أكثر مما هو مجنون؟!"،قالَ زوجُ علياء بغضب.
"الحقُّ علينا نحن..لماذا لم نأخذهُ منه؟كيفَ تركناه وراقبناه ينضربُ ويتعنفُّ هكذا طيلة عمره؟"
"إذكروا الله،لا تلوموا أنفسكم والله نحنُ فعلنا كل ما بوسعنا..إن شاء الله سوفُ يخرجُ من المستشفى وهو بخير"
"سوف يخرجُ من هنا،أليسَ كذلك محمد؟أرجوكَ قل لي بأنّهُ سوف يخرج"
"بإذنِ الله علياء،إدعوا لهُ الآن"،ضمّ زوجته وطبطبَ على كتفها،علياء وعدنان بقيا يدعوانِ وعلياء لم تجفّ دمعتها.مراد كان بالمخفر،كانَ يترجى من الضابطِ أن يأخذوهُ للمستشفى ليرى ما حلّ بلؤي.
"أرجوك!أترجاكَ فقط خذني لأرى إبني!"
"توقف عن التمثيل والصراخ!ألم تحاول قتله؟!ثلاثةُ رجالٍ شهدوا عليكِ ورأينا سكيناً في الغرفة!"
"أرجوك،أترجاك،قيضوني بالأصفاد،إفعل ما تريد،فقط..فقط دعني أطمئنُّ عليه!"،ترجى مرادٌ الضابطَ والدموعُ في عينيه،لكن لم يعرهُ إهتماماً وطلب من الشرطي الذي بالخارج أن يأخذهُ لغرفةِ التوقيف،مراد الآنَ متهمٌ بمحاولة قتلٍ وعنفٍ وكانت هناكَ شكاوي من الجيرانِ،لكن الشرطة كانت تنتظرُ ليروا ماذا سوف يقول لؤي وإن كانَ سوف يشتكي عليه أم لا وإن كانَ سوفَ ينجو مما حلّ به.مضت ساعاتٌ وساعات ولؤي ما زالَ مستلقياً على سريرِ المستشفى في العناية،عمهُ وعمتهُ جالسانِ وأعصابهما تلفت من الإنتظار،بقربهما رجلٌ عجوزٌ يتكئُ على عكازٍ معدني،كانَ يبكي بصمتٍ ويمسحُ دموعه،توجهَ لهُ عدنان.
"أبي،أذكرِ الله،بإذنِ الله سوف يستيقظ"
"لا يمكنني تحملُ رؤيتهِ هكذا،حفيدي البكر في عمر الورد بينَ الحياةِ والموت"،قالَ بحزن.
"فليغضبِ الله عليكَ يا مراد،أدعو الله أن ينتقمَ منكَ على ما فعلت،لم تحترم وصيةَ أمك ولا زوجتك بهذا الطفل"،قالَ والدُ مراد بقهرٍ وغضب،توجهَ للزجاجِ الذي كانَ يفصلُ بينهُ وبين حفيده.
"لؤي،أرجوكَ إستيقظ..هيا يا عزيزي،لا تُحزنْ جدك العجوز أكثرَ من هذا.."،دقاتُ قلبِ لؤي كانت لهمْ الأملَ الوحيد الآن.
.......................................
"اليومَ لم يأتي لا لصلاةِ الفجر أو الظهر،أينَ ذلكَ الفتى؟"،قالُ الشيخُ الذي كان جالساً في المسجد ينتظر لؤي بفارغِ الصبر،خرجَ بعد دقائقَ من المسجد وذهبَ لمنزلِ مراد،دق أكثر من مرة،لا جواب،توجه للمزرعة ولم يجد أحداً،رأى فستقة تجلسُ حزينة،لم تنبح عليه فهي ليست أول مرةٍ تراه.
"غريب،عندما كانوا يسافرون لمزرعة أبي مراد،كانوا يأخذونها معهم.."،قلقَ الشيخُ أكثر وعادَ للمسجدِ ثانية،أتى موعدُ صلاةِ العصر ولم يأتي لؤي،أقيمت الصلاة وبالُ الشيخ مشغولْ،بدأ يراقبُ المصلين على أملِ أن يرى أحداً من جيرانهم ووجدَ أحداً من الرجال الذين كانوا في ليلةِ أمس أمام منزلِ مراد،توجه الشيخُ له وهو مضطرب.
"السلامُ عليكم يا خليل،كيف الحال؟"
"وعليكم السلام شيخي،الحمدلله على كل حال،تبدو متعباً ما الأمر؟"،لاحظَ خليل توتر الشيخ.
"في الحقيقة،لؤي لم أره منذ الفجر،ذهبتُ لمنزلهم ولم أجد أحداً-"
"ألم تسمع بما حل البارحة؟"،شعرَ الشيخُ بوخزةٍ في صدره.
"ماذا حصل،خيراً إن شاء الله؟"
"البارحة..مراد جنَّ رسمياً وبدأ يضربُ لؤي بوحشيةٍ تامة،المنزلُ كانَ في حالةِ فوضى ولؤي كانَ في حالةٍ يرثى لها..أخذناهُ للمستشفى ولكن..سمعنا أنّ وضعهُ خطير..وربما لا ينجو لا قدّر الله"،شعرَ الشيخُ بالدوار وبدأ يتعرقُ بشدة.
"شيخي،شيخ عبد الحميد ما بك؟"
"إبني..حبيبي"،سقطَ الشيخُ على الأرض مغماً عليه وتجمعت الناس حوله.
أنت تقرأ
نافذة الأمل
Randomقصة تتناول حياة مراهقين ،تتكلم عن آلامهم،طموحاتهم،وأحلامهم. ونرى كيف يواجهون بعض الصعوبات التي يواجهونها الذين من عمرهم ..ونرى من يحاول التمسك بحبل الأمل منهم..في النهاية نرى من سيستطيع النجاة من بركة اليأس ومن سيبقى غريقاً فيها ...