لؤي:
كانَ يومَ الخميس،بقي للإمتحانٍ أيامٌ قليلة،كنتُ متوتراً بعضَ الشيء،خائفاً من الفشل،لن أكونَ حتى في نفسِ مدرسةِ عبد الرحمن.
"يجبُّ أن لا أفكرُ هكذا..يجبُ أن أكونَ متفائلاً...كي لا يذهبَ التعبُ سدى"،قلتُ وأنا أخذُ نفسي وأخرجه،محاولاً تجنبَّ الأفكارِ السلبية.
كانت الساعةِ السابعةَ صباحاً،كان قد إتصلَ بي عمي البارحة كي يتمَّ الكشف عني بشكلٍ عام.
"كم الأمرُ بشع،سوفَ أتذكرُ كل شيء من جديد...ألن أستطيعَ الهربَ من هذا الخوفِ ياربي؟"،قلتُ وأنا أشعرُ بالضيق،تذكرتُ كيفَ لم أرد رؤيته،شعرتُ بالخوف الشديد،لا زلتُ أرى بعضَ الكوابيس،لا زالَ يلحقُ بي وهو يحملُ السكينَ في يده،بعدَ ما تناولتُ الفطور،ذهبتُ للمرحاضِ لأستحم،حاولتُ جهدي بيدٍ واحدة،متجنباً الجروح،إرتديتُ ملابسي وإنتظرتُ قدومَ عمي في الخارج،بعد ربع ساعة أتى،ذهبتُ وركبتُ الشاحنة.
"أهلًا بلؤي،كيف حالكَ اليوم؟هل أنتَ مستعد؟"
"الحمدلله عمي،أنا جاهز.."
.
.
.
.
"يمكننا سحبُ القطبِ اليوم.."،إبتهجتُ لسماعِ هذا الخبر،فهي كانت مزعجة،بدأت الطبيبةُ بقص القطب من ظهري وصدري ومعدتي وجبهتي،لكن لا زلتُ أشعرُ بأن الأثرُ سيءٌ فيها،لكن شعري كانَ يخبئ الجرح،شعرتُ بالراحةِ أكثر،على الإقل لم يعد منظرُ جسدي بشعاً كما كان،بعد ما إنتهت،خرجنا أنا وعمي من المستوصف متوجهينَ للمستشفى،كنتُ سوف أصورُ صورةً شعاعيةً ليدي،كنا أنا وعمي منتظرينَ في الخارج،بعدَ نصفِ ساعةٍ دخلتُ للغرفة و تم تصويرُ يدي،بعدِ نصفِ ساعةٍ أخرى،ذهبنا لرؤيةِ الطبيب وأرانا الصورة،كانَ كلُّ شيءٍ بخير ولله الحمد،لكن عليَّ الإنتظار لفترة حتى تعودَ كما كانت،كانت الساعةُ قد أصبحت العاشرة والربع،كنا في الشاحنة وكانَ عمي يسوقُ بسرعة.
"سوفَ نتأخرُ عن الطبيبةِ.."
"أ..أتعني الطبيبةَ النفسية؟"،لقد نسيتُ الأمرَ لوهلة.
"أجل..مثلَ ما قلتُ لكَ آخر مرة،لا تخجل وتحدث بأريحية...كي تتحسنَ نفسيتك.."
"ح..حاضرٌ عمي..سوفَ أحاول.."،لم أكن أعرفُ كيفَ سوف أتحسن هكذا،لكن لم يكن لدي خيار،وصلنا للعيادة،نزلنا من الشاحنة وأنا متوتر،صعدنا السلالم ودق عمي الباب،كنت مختبئاً وراءه،كنتُ مرتبكاً من الأمر،دخلنا وكنا ننتظر،خرجت الطبيبة من الغرفة ووجها مبتسم.
"أهلًا وسهلاً بكم،تفضل لؤي"،قبلَ أن أدخل أمسكني عمي من يدي.
"عزيزي لؤي،لديَّ عملٌ أقومُ به الآن،لذا أنا مضطرٌ لتركك،على كلٍ سوفَ تقضي بعضَ الوقت مع الطبيبة،سوفَ أعودُ بعد إنتهاءِ الجلسة"
"و..ولكن عمي-"
"لا عليك لؤي،تشجع.."،نظرتُ للغرفة وتوجهت،جلستُ والطبيبةُ كانت أمامي وخرجَ عمي من العيادة.مراد:
بعدَ أسبوعٍ مرير،خرجتُ أخيرًا من الزنزانة الإنفرادية،لم أعد أتكلمُ ولا أعبثُ مع أحد،لم أعرف ما إن كانت قد وصلت رسالتي لأبي أم لا،كنتُ أريدُ الخروجَ من هنا لم أعد أستطيعُ التحمل أكثر،فجأةً دخل شرطيٌ للزنزانة ونادا بإسمي،نهضتُ متأملاً أن تكون رسالتي وصلت لأبي،أعطاني كيساً..فتحتهُ ورأيتُ بعضَ الثياب والحاجيات.
"أهذا فقط..؟من أحضره؟"،قلتُ مستاءاً.
"وما أدراني أنا؟!هيا أدخل"،دفعني بعيداً وأغلقَ الباب ثانيةً،شعرتُ بالإحباط،غيرتُ ملابسي وإستلقيتُ على السرير ثانيةً،وضعتُ يدي على عيني وحاولتُ النوم.
"اليومَ يومُ زيارة،يبدو أن لا أحدَ تذكرك"،قالَ عزام،الذي كانَ هو الرجل الذي يجلسُ بالسريرِ المقابل لي،غضبتُ كثيراً لكن لم أرد فعلَ شيء..أولاً كي لا أعودَ للإنفرادية وثانياً..هو لا يكذب.
"وكأنَّ أحداً زاركَ يا هذا.."
"أنا لا أنتظرُ شيئاً من البشر،ليسَ لدي أحدٌ لكي يزورني..."،قالَ غيرَ مبالٍ وإستدارَ للجهةِ الأخرى،بعدَ نصفِ ساعة فتحَ الباب ثانيةً،بدأ الشرطي ينادي بأسماءٍ للزيارة وسمعتُ إسمي،لم أصدق لوهلة..خرجنا جميعًا من الزنزانة،صحيحٌ أني لم أستطع النظرَ في وجه أحدٍ من عائلتي،لكن وحدتي سوفَ تقتلني،الزنزانةُ جعلتني أشعرُ وكأنَّ عشر سنين مضت من عمري،توجهنا للغرفة وفكوا الأصفاد من أيدينا دخلتُ ورأيتُ أخي هناك،أنزلتُ رأسي وتوجهتُ نحوه،جلستُ على الكرسي و رفعتُ سماعة الهاتف.
أنت تقرأ
نافذة الأمل
Randomقصة تتناول حياة مراهقين ،تتكلم عن آلامهم،طموحاتهم،وأحلامهم. ونرى كيف يواجهون بعض الصعوبات التي يواجهونها الذين من عمرهم ..ونرى من يحاول التمسك بحبل الأمل منهم..في النهاية نرى من سيستطيع النجاة من بركة اليأس ومن سيبقى غريقاً فيها ...