ضجة وهدوء

49 7 2
                                    

كانت الساعةُ الواحدةَ ظهراً،آدمَ كانَ منتظرا أمامَ ملعب كرة قدم،يشربُ مشروبهُ المفضل وينتظرُ قدومَ أحد.
"الآن يكونَ يتعطرُ ويتجهز وكأنهُ ذاهبٌ لعرسه!...الحقُّ عليَّ،جعلتُ قلبي يتحكمُ بي ثانيةً..."،وبينما هو يتحلطمُ بينهُ وبين نفسه،لمحَ شخصاً يرتدي معطفاً جلدياً أسود ونظارةً سوداء.
"..فتاً متألقٌ باللونِ الأسود وشعرهُ يبدو مرتباً رغم رحلةِ سفر..نعم إنهُ فؤاد..."،إلتقت عيناهما ببعض وتوجه فؤاد نحوه راكضاً،مد آدم يده للمصافحة ليتمَّ إستقباله بعناق حار من إبن عمه.
"أهلًا بإبن العم!.."،ردَّ آدم بحرارة وهو يبادرُ فؤاد العناق.
"آدم!إشتقتُ لك كثيراً!..لكن توقعتُ أن تكونَ قد إشتريتَ لي ورداً على الأقل.."
"وهل أنا أقابلُ مخترعَ الهاتف؟!"،قال آدم مازحاً.
"حسناً حسناً،دعنا ننهي العناق-أنتَ تألمني يا هذا!"،بدأ آدم يعصرُ فؤاد بيديه وإذ فجأةً يحمله بكل ما لديه من قوة.
"يا أحمق!"،سقطا كلاهما على الأرض.
"يا لكَ من أبله.."،قال فؤاد وهو ينهض من فوق آدم الذي كانَ يضحكَ مستلقياً مما حدث.
"لقد شوهتَ أناقتي.."،نهضَ فؤاد وبدأ يرتبُ نفسه وآدم نهض ونفضَ التراب من ثيابه.
"أرجوك لا تبدأ بخطابك عن جمالك وأناقتك..كما أني أعبرُ عن إشتياقي هكذا..وعن كيفَ جعلتني أنتظرُ نصفَ ساعةٍ لقدومك!"،توجه آدم لفؤاد الغاضب ووضع يدهُ على كتفه وبدأ يمشيانِ في طريقهما.
"إستحممتُ وعطرت نفسي،أم تريدني أن آتي إليك كما كنت؟.."
"لماذا لم "تتألق" في بداية رحلتك؟"
"لأنها رحلةُ سفر،لا أحد يتألق في رحلة السفر..كما أني تأخرتُ لسبب..على كلٍ قل لي،ما أخبار عبد الرحمن والجميع؟.."
"كلهم بخير بدونك..."،قال آدم مازحاً لكن إنتبه لعبوس فؤاد من هذه المزحة.
"ما بك؟أنا أمزح،يا لكَ من فتاً حساس...صحيح،جهز نفسك لدينا مذاكرة رياضيات الأسبوع القادم.."
"يا إلهي،لا أفهمُ لماذا أتيتُ لهنا؟...أنتَ لا تجلب سوى الأخبارِ البشعة كوجهك"
"بدل أن تشكرني من أني أنبهك لتستعد؟..صحيح!لقد ذكرتني دعنا نذهبْ لعبد الرحمن..وسأعزمكَ على صودا لأبينَ لكَ أني سوفَ أبقى أفضلَ منك"

كانَ آدم أمامَ المحاسب،يحاسبُ على إثنتينِ من الصودا،واحدةٌ بالبطيخ وأخرى بالفراولة،خرجا كلاهما وبدأ بالتوجه لعبد الرحمن.
"صحيح،لم تخبرني كيفَ أصبحت صحةُ عبد؟هل تطور شيءٌ ما أو حدثَ شيء في غيابي؟"
"لا..لم يحدث شيء..برأيي إسألهُ بنفسك،ربما يقولُ لك الحقيقة.."،عاد آدم ليشربَ من الصودا محاولاً إنهاء الحديث.
"آدم..أنتَ لا زلتَ تفكر للآن بأن-"
"فؤاد لا تبدأ بالمرشح نفسه!لن أقتنع بهذا الكلام أبداً،حسناً؟!..غيَّرِ الحديث أفضل من أن نتعارك.."،صرخَ آدم غاضباً وبدأ يمشي بسرعة،ألقى زجاجة الصودا الفارغة على الرصيف بغضب.
"يا رجل،إهدأ لم أقصد شيئاً،ما كانَ عليك رمي الزجاجة هكذا..قد ينجرحُ أحد..ما أخبار عمر؟.."،حاولَ فؤاد تغيير الحديث.
"مثلما هو،لا شيء جديد...لكن الآن لا نتكلمُ معهُ كثيراً.."

"ها هو رقمي،لقد سجلتهُ عندك.."،قال عبد وهو يمسكُ بهاتف لؤي الجديد،كانَ قديماً ولكن كانَ يفي بالغرض للإتصال وما شابه.
"شكراً لك،لقد أتعبتكَ معي..لكن لا أعرفُ كيفَ يستخدم..هذا أول هاتفٍ لي في حياتي.."،قال لؤي سعيداً وهو ينظرُ لهاتفه البسيط.
"لا عليكَ سوف تتعلمُ وتعتاد،هل نعودُ للدراسة؟"
"أجل-"،رنَّ جرس المنزل.
"سالم!أنظر من في الباب!"،ذهبَ أخُ عبد الأوسط الذي كانَ في الثانيةَ عشر.
"من؟"
"نحن نخطفُ الأطفال ونبيعهم~دعنا نخطفك ونستفيد منك بقرشين"،قال آدم.
"يا لكَ من ظريف...أدخلا لا أحد في المنزل سوا نحن"قال سالم وهو يفتحُ الباب لآدم وفؤاد وعاد لغرفته.
"من في الباب سالم؟"،سأل عبد أخاه الذي مر بجانب غرفته دون أن يجاوبه؛يرى بأنهُ سوفَ يعرفُ بعد ثوانٍ.
"أهلًا بالكل!...كيف الحال؟"،قال آدم وهو يقفُ أمام الباب مبتسمًا.
"أهلًا آدم،لم أتوقع قدومك لهنا في وقت العطلة.."
"أ..أهلاً بك آدم"،قال لؤي مبتسماً.
"تعلم من الأخِ هنا كيفية الإستقبال،على كلٍ لديَّ ضيفٌ أرادَ رؤيتك اليوم..."،أمسك آدم بذراع فؤاد ووجهه نحوه.
"يا رجل!إنتبه لسترتي!"،نهض عبد مبتسماً وتوجه نحو فؤاد.
"الحمدلله على سلامتك،توقعت حضورك هذا الأسبوع.."،عانق فؤاد عبد بحرارة وردَّ عبد الرحمن العناق،بقي لؤي صامتاً؛مرتبكاً من الموقف،لكن لم يكن لديه الجرأة الكافية لأن ينهض ويلقيَ التحية على فؤاد.
"كيف كانت رحلتك؟"
"متعبة...خصيصاً مع العائلة الكبيرة...هل قاطعناك عن درسك؟"،نظر فؤاد للؤي؛معتقداً من أنهُ تلميذٌ يعطيه عبد الدروس.
"كلا هذا صديقٌ جديد إنضمَّ لمجموعتنا"،نظرَ فؤاد نحوه وتوجه نحوه،إرتبكَ لؤي قليلاً ومد فؤاد يدهُ للمصافحة،ردها لؤي مع إبتسامة خفيفة.
"أهلًا بالعضو الجديد تشرفنا،بالمناسبة..كوني عدتُّ من السفر أرغبُ في أن أعزمكم جميعاً على حسابي ولأبين كرمي،ليس مثل بعض الناس"،نظر فؤاد لآدم.
"يا لكَ من جاحد،قد عزمتكَ تواً على صودا!"
"هو من المفترض أن نعزمكَ نحن وليس أنت"،قال عبد.
"لا عليك ليسَ بيننا،هيا إستراحة من الدراسة،دعونا نذهب.."،كان عبد ينتظرُ لؤي بينما كان يوضب أغراضه.
"نحنُ سوفَ ننتظر في الخارج.."،قال فؤاد وخرج هو وآدم من المنزل.
"ع..عبد الرحمن،ماذا عن الدروس؟..لا أعني أن لا تخرج مع أصدقائك..أنا..يمكنني العودة للمنزل-"
"لا عليك إعتبرها إستراحة ولا داعي للتوتر،إبنُ عمِّ آدم لطيفٌ للغاية.."،وضعَ لؤي حقيبتهُ على ظهره وتوجه هو وعبد للخارج ليلحقا بالرفاق.

نافذة الأمل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن