بدايةٌ جديدة

62 11 4
                                    

كانت الساعةُ الثالثةُ مساءاً،كانَ لؤي على سريره؛يراجعُ كل الملاحظاتِ والدروسِ قلقاً،اليومَ هو اليومُ الذي سوفَ يحدد مصيره،لم يكن يرغب أن يبدأ من حيثُ ما توقف،كانَ يرغبُ في أن يبقى مع عبد الرحمن،لم يرد كذلك أن تذهب كل محاولات الآخرينَ معهُ هباءاً،لذا كانَ يريدُ النجاحَ بهذا الإمتحان.
"يا إلهي،أنا متوترٌ جداً...ماذا لو لم أنجح؟.."،كانَ لؤي متوتراً للغاية ويريدُ أن يمر الوقتُ بسرعة،بقي يدرسُ ويراجعُ حتى أخرجه من دوامةِ الأوراق والمراجعةِ صوتُ أذانِ الفجر.
"لم أنتبه للوقتِ أبدًا،عليَّ الذهابُ للصلاة.."،ذهبَ لؤي وتوضأ وخرجَ من المنزل.
بعد ما أقيمت الصلاة،ذهب لؤي بحماسٍ للشيخ وحضنه من الخلف بيده.
"صباح الخيرِ شيخي"
"أهلًا لؤي،صباح النور"،إلتفتَ الشبخَ وحضنهُ بالمقابل.
"شيخي...هل يمكنكَ الذهابُ معي للمنزل؟أريدُ أن أعدَّ لكَ فنجاناً من القهوة.."،قالَ لؤي وهو يرغبُ في كسر شعورِ الوحدةِ في المنزل.
"طبعًا يا بني،هيا دعنا نخرج"

كانَ لؤي يعدُّ القهوة وهو يفكرُ في الإمتحان،كانَ عقلهُ مليئاً بالأفكار.
"أمتأكدٌ أنكَ لا تحتاجُ لمساعدة؟"
"لا لا شكراً شيخي،لقد إنتهيت"،سكبَ لؤي القهوة في الفنجان وذهبَ ليجلسَ قربَ الشيخ.
"ما بكَ يا بني؟...تبدو شارد الذهن"
"ف..في الحقيقةِ شيخي..اليومَ هو يوم الإمتحان وأنا خائفٌ جداً.."
"بإذنِ الله سوفَ تنجح،لقد درست وبذلتَ جهدك والله لن يضيعَ تعبك،الأهم أن لا تتوتر أو تقلق وأن تتوكل على الله"
"بإذن الله يا شيخي..أنا بصراحةٍ متوتر..الأمرُ سوفُ يغيرُ الكثيرَ من الأشياءِ بالنسبةِ إلي..ولكن كنتُ أفكر..وأريدُ سؤالك..لأطمئنَّ فقط"
"تفضل يا بني.."
"أنا..لا أعلمُ أبدًا..ما حالتي الآن.."
"حالتك؟.."،قال الشيخُ مستفسراً،أمسكَ لؤي بيدِ الشيخِ بإحكام.
"ف..في ذلك اليوم،س..سمعتُ الكثيرَ من الأشياء..ولم أسمع بعضها..لا أتذكرُ الكثير ولكن أتذكر..الشتائم والدعاوي.."،بدأت يد لؤي ترجف وهو ممسكٌ بيد الشيخ،وضعَ الشيخُ يدهُ فوقها لتهدأته.
"لا أعلمُ..إن كانَ أبي..قد غضبَ عليَّ على ما فعلته..وإن كان ذلكَ سوفَ يؤثر على توفيقي في الإمتحان..أو أني أصبحتُ عاقاً ل..لتركهِ هناك..ل..لكني حقاً خائف..لا يمكنني..أقسمُ أني.."،بدأ لؤي يرتجفُ وتتساقط من عينيه الدموع،الشيخ حضنه ووضعَ رأسهُ على صدره.
"إهدأ يا بني،بسم الله عليك..لا بأس.."،بدأ يمسحُ يده بيدِ لؤي ليهدأ وهو يسمي عليه.
"إسمعني جيداً،أنتَ لستَ عاقاً أبدًا يا بني،ووالدك..لنكونَ صريحين..كانَ قاسياً..وكانَ يظلمك..لكن أريدُ أن أسألك..هل ترى أنَّ ما فعلهُ والدكَ بك صحيح؟..هو ليسَ كذلكَ أبدًا..فمهما حدث وحتى إن دعا عليك،فدعائه غيرُ مقبولٍ بتاتاً..لأنهُ كان غاضباً وغير واعٍ بما يفعل،لذا لا يستجيبُ له،لذلكَ لا تخف من الأمر..حسناً عزيزي؟"بدأ الشيخُ يمسحُ دموع لؤي،أومأ لؤي برأسه.
"كما أنك لست عاقاً لكونكَ خائفاً،هذا طبيعيٌ يا بني،ما حدثَ معك ليسَ هيناً،كما أنهُ..الأفضل الآن أن تبقيا بعيدين عن بعضكما كي يهدأ والدكَ قليلاً..خوفكَ وسؤالكَ على الأمرِ أكبرُ دليلٍ على أنكَ تخافُ الله،لذا لا عليك وتعوذ من الشيطانِ،فهذهِ الأفكارُ مجرد وساوس.."،هدأ لؤي وبدأ يمسحَ دموعه من على خديه،نظرَ للأسفل وتنهد وهو يحاولُ تهدأتَ نفسه.
"لا تؤاخذني شيخي،لقد بردت قهوتك..سامحني فأنا دائماً ما أشغلكَ بمشاكلي..سوف أسخنها لك"،نهض لؤي ولكن أمسك الشيخ بيده وأشار برأسهِ مبتسماً بأن يجلس.
"كلا فليسامحكَ الله يا بني،أنا أحبُّ أن أسمع منك،إن شعرتَ بالضياع فيمكنكَ دائماً القدومُ و التحدثُ معي وكما أن القهوة تشربُ باردةً فلا عليك"،مد الشيخ وشربَ القهوة ونهض.
"هيا الآن،دعنا نعدُّ الفطورَ سويةً،متى موعدُ إمتحانك؟"
"في الواحدة ظهرًا.."
"ممتاز لدينا الكثيرُ من الوقت،هيا فلننهض"
"شيخي،ماذا عن الخالة؟"
"لا عليك،أختها سوفَ تزورها اليوم في الصباح،لن تكونَ لوحدها في المنزل..".

نافذة الأمل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن