الفصل الحادي عشر
(11)
"رسائل لن تصل لـ صاحبها "
يصف درويش ما بقلبي كاتبًا :
أنا لا أبكي كُـلُ ما في الامرِ..
أن غبار الحنين قد دخلتْ عيني .••••••
ما يميز الإنسان عن الحيوان منارة الضمير ، تلك المنارة التي تبقى مُشرقة عندما تغـرب عيون الشخص ويخلد لرحلة الموت الصغيرة ، حينها ينفرد بقلبه مُحارب أمام مُحارب كُل منهما يدافع عن قضيته ، والمُنتصر هو من يتسلح بذخائر الخير وسيف الحق .
أما عنه وعن تَجبُره فـ ضم كل جنود تلك الحرب لـ صفه ، حتى أصبحوا جميعًا يرضخون لـ قوانينه ، التي لا تتحدث إلا عن المصلحة والمكاسب ، وكل ما تحمله العواطف فهو خارج قواعده المُثلى ؛ أردف جُملته الأخيرة بهدوء قاتل لفضول العقل البشري وهو يُكررها مرة أخرى :
-زي ما سمعتي كده ، أنتِ طالق يا هدير .كان وقع الجُملة على مسامعها كـ وقع صدى الكلمات على أذني أمرأة لا تُجيد السمع ، توقف مجرى الدم بعروقها و تثلجث أوصالها وهي تضحك بعدم إستيعاب :
-طالق ! أنا سمعت صح ! أنت أكيد بتهزر .ثم مررت أصابعها على وجنتيه و بـ رجفة الصدمة تلعثمت الكلمات بحلقها :
-عاصي ! بص لي كده ، أنا هدير ، اتجوزنا أمبارح ، افتكر كدا كل اللي قلته واللي حصل ما بينا ! لا أنت أكيد بتهزر ، أنا مش غبية أنا واحدة ست و عارفة الفرق بين الرجل لما يكون بيحب ، ولما بيتسلى .أبعد كفوفها عن وجهه ثم مسح على شعرها كـ قاٰتل يحوم حول مسرح الجريمة ليخفي أثارها ؛ عاين عيونها المُتسعة من هول الصدمة و أكمل بنبرة كـ الصراد :
-ونسيتي لما يكون متقل حبتين في الشُرب ! عموما انسي كل اللي حصل دا عشان أنا كمان صحيت مش فاكر حاجة .دب الجنون برأسها ، عندما تأهب مفارقًا قُرباها ، قفزت من مكانها بملابس النوم الكاشفة وشعرها المبعثر وهي تقف أمامه مستندة علي صدره العارٍ ، توسلت :
-عاصي كفايه هزار بقي ! أنا هعمل نفسي مسمعتش حاجة وكل اللي قلته تأثير الشُرب ، وو تعالى تعالى نسافر أي بلد نغير جو ، أحنا لسه عرسان جُداد .زفر بـ ضيق محاولًا الخلاص منها ولكنها كانت ملتصقة بهِ كـ الجرادة ، دفعها من أمامه برفقٍ وبنبرة حادة أخبرها :
-هدير خلاص ! افهمي بقي أنا مش بحبك ، عيشي حياتك بعيد عني .
أنت تقرأ
" غوى بعصيانه قلبي "
Misterio / Suspensoولأنني امرأة مسرفة في مشاعرها ، أحببتك بقلبي كاملاً دون أن أدّخر منه شيئًا لأيام الحنين والغياب والاحتياج ، بتُ ملازمًا لقلبي كـ نبضه ، أحببتك في زمنٍ كذّبوا الحُب فيه، في وطنٍ يُعارض كُل شُعور، بين أُناسٍ يجهلون العاطفة، أَحببتك على أرضٍ جافّة، تحت...