ولأنني امرأة مسرفة في مشاعرها ، أحببتك بقلبي كاملاً دون أن أدّخر منه شيئًا لأيام الحنين والغياب والاحتياج ، بتُ ملازمًا لقلبي كـ نبضه ، أحببتك في زمنٍ كذّبوا الحُب فيه، في وطنٍ يُعارض كُل شُعور، بين أُناسٍ يجهلون العاطفة، أَحببتك على أرضٍ جافّة، تحت...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
اقتباس
تترقب بأعينهـا الحاقدة والناقمـة " تميم " الجالس على طرف المسبح يقرأ كتابًا في مجال الأدب الذي يفضله ، صفحة وراء الأخرى تطوي بين سطورها أذهانه وتسارع ضربات قلبه تارة وأخرى تهدأ ، فارقت "عبلة" الطاولة التي كانت تجلس بجوارها واقتربت منه حتى وقفت خلفه عاقدة ذراعيها أمام صدرها وقالت بخبث :
كان لصوتها أثر الصاعقة التي تتصدع لها الآذان ، قفل الكتاب بكلتا يديه محدثًا صوتًا مسموعًا وقال بجزع :
-أهو بنتعلم منك يا عبلة هانم !
زفرت باختناق ثم هتفت بسخرية : -لا أزاي ! دا أنت أستاذ ورئيس قسم !
ثم مالت إلى أذانه هاتفه بنبرة كفحيح الأفعى : -قبل ما دماغك توديك كده ولا كده ، أعرف حجم خصمك الأول ، وعبلة المحلاوي لحمها مر أوي !!
ألتوى ثغره ببسمة ساخرة وتلاقت عيونهم الثائرة في ساحة الحرب الصامتة الدائرة بينهم و رد بـ مضض : -الله يكون في عون الكلاب اللي هتاكلها !
انتصبت قامتها بعد ما بد شبح الخوف يطوف بمقلتيها وقالت بتوجس : -ولا تقدر تعمل حاجة !! أنت فاكر نفسك مين ! اللي كان عايز يعمل كان عمل من زمان ، لكن أنت فضلت العجز .
-الهدنة مش نهاية الحرب ، دي فترة من الاستعداد والتجهيز عشان نرجع أقوى !! فبلاش تستعجلي وتحطي نتيجة وهمية من دماغك ، هتتفاجئ بعدين !
-أحنا ممكن نوفر ده كله ونتفق ، لأن المفاجئات بتجنني وبتخليني أفقد السيطرة وممكن أنت اللي تزعل بعدين !
عض على كبريائه وحزنه ؛ وتفـوه بضجر كظيم : -لابد من ماتش اعتزال لأي لاعب محترف ! واللي عمله في شبابه مش هيتكرر ، مهما حاول وسعى ! وأنت دلوقتي مكانك على الدِكة يا مراة أبويا
ثم رفع أنظاره إليها : -قتلتي أمي ، وحاولتي تقتليني أنا كمان .. أيه أنتِ ما بتعرفيش غير القتـٰل !
رفعت حاجبها بإختناق لفشلها السحيق وقالت بتوعد : -المرة دي هخليك تستناه وتتمناه يا تميـم .
ثم رفعت أنظارها نحو الشرفة التي تُراقبهم منهـا شمس بعيونها الفاحصة والقلقة ، اهتز الكوب الذي تحمله بين راحتي كفها عندمـا صوبت أسهم النظرات إليها ، فأيقنت أن الحديث انحرف إليها وباتت محور كلامهم ، شق سيف الانتقام ثغرها وقالت عبلة بنبرة مهددة :
-المرة دي هاخد كل اللي حوليك ، هخليك عايش لوحدك لحد ما تتجنن ، هتبقى الحياة بالنسبة لك قبر ، هيوحشك صوت البني آدمين ...
رفع حاجبه مستمتعًا لتلك المعركة الشيقة وسألها : -يا أما ؟!
صمتت لدقيقة أخذت فيها نفسـًا طويلًا وقالت : -أو تاخذ قرشين يكفوك أنت والسنيورة بتاعتك وسفرك برة البلد على حسابي ، وتختفي من حياتنا يا تميم ! يا أما هخفيك أنا من على وش الأرض !
عصر مسند المقعد المُتحرك بقبضتـه الحديدية وهو يدفن غضبه بداخله كي لا يحقق مُناها ومقصدها في خروجه عن السيطرة واندفاعه بوجهها ، جز على فكيه بمرارة حتى ختمت حديثها بسؤالها الحارق :
-يا ترى العروسة بتاعتك عارفة بكذبك ! يعني مخدوعة فيك زي كل الناس كده ؟!
-ينفع تشليهـا من دماغك خالص ، النار اللي بينا مش هسمحلها تحرق شخص ملهوش ذنب ..
قهقهت بصوتها الرقيع في ضحكة فاتنة وقالت بنبرة لا يسمعها غيره : -ومش حرام تضحك على البنت كده !! عموما ما يرضنيش أنها تكون مخدوعة فيك أكتر من كدا .
تلقى تهديدها بسخرية : -أي هتروحي تقوليلها !!
-لالا .. أنا هثبت لها وهثبت لعاصي أخوك اللي واقف فوق بيتفرج علينا !
لم تمنحه الفرصة كي يفكر في مدى دهائها للانتقام وما ستفعله بتلك السرعة ، ألقت الهاتف من يدها ثم جثت على ركبتها متحججة به وبشاشته المكسورة كي تتمكن من تنفيذ مخططها الشرير ، وفجأة طالت أصابعها مركز التحكم بالمقعد المتحرك حتى فقد تميم اتزانه و انكب لوجهه بـ المـاء على غفلة .. تبسمت بمكر قبل ما تصيح مستغيثة ومؤدية دورها على مسرح جريمتها : -وريني بقا ، هتستسلم للموت ولا هتفضح نفسك وتطلع على رجليك !!