🦋 الخاتمــة 🦋 ج ٢
سُئل أحد الحكمـاء ذات مرة :
-متى يبــدأُ الحُب ؟!
فأجاب بتلك اللمعة التي لا تُفارق الأعين عنـد ذكر مصطلح الحُب الذي لم يُخلق قلبٍ إلا ولُسع بناره :
-يبـدأ الحُب يا ولدي عندمـا ينتهي الحماس .. فـ لهفة البدايـات ليسـت حُب ، فالإنسـان لا يُحب بإسبوعٍ أو شهـرٍ ، لا يمكنك أن تقول إنك تُحب البحر وأنتَ تقف على الشاطئ ، لهذا يجب أن تخوض في أعماقه ، وتضـربك أمواجـه ، تشـرب من مياهه المالحـة ، تجرح أقدامك بصخره .. فتلمس عيوبه ، وترى ظُلماته وقسوته ، وتعرف كيف يكون غضبـه ، وبعدها فقط إما أن تُحبه كله .. أو تكرهه كُله .
#لقائلها ..
•••••••
وصل عاصي وحيـاة للمينـاء الذي تُرص فيه العديد من المراكب الفاخرة التي تنتمي لملكيـة عاصي دويدار جميعهم ينزينهم الأضواء ومعالم الاحتفال بقدومـها إلا مركبة واحدة كانت الأجمل والأكثر تميزا من بينهم " يخت الحيــاة " ، ذلك المرسى الذي ستبدأ عنده حياتهـم الجديدة بكُل معالم الفرح والسعادة كما ابتدت من قبـل ، فكان مرسى لبدايتهما ونهايتهما .. وقفت شاهقة وهي تتأمل هذا الفصل الساحر من الجمال ، والمفرقعات والألعاب النارية الملونة التي تزين السماء .. تركت كُل شيء ولجأت لحضنه كي تعبر عن سيل المشاعر العظيمة التي سرت بقلبها ، عانقته بكل لهفة وحماس وأعلنت انبهارها :
-أيه الجمال ده ، يجنن يا عاصي .. يجنن .
لأول مرة يراها بهذا الحماس الطفولي الجميل الذي غمر قلبه بأسمى معاني الحب .. فحاورها قائلًا وهو يتأهب لحملها بين يديه :
-أنا مستعد أدفع عمري كُله مقابل الضحكة الحلوة دي بس ..
تغنجت بين راحتي يده وهي تعانقه بضحكة أحدثت أكبر الفتـن بقلبه وتمتمت بهيام وهي تشبث بهِ أكثر :
-وأنا عمري ما هعرف أضحك من قلبي كده غير معاك ..
بعض الخطوات التي قطعها كي يقترب من مرسى المركبة ، رفعها قليلًا بذراعيه وكأنه يُقيم وزنها من جديد ، حيث قال ممازحًا بحاجبيه المنعقدة :
-دول أكتر من عشرة كيلو زيادة ؟!
أطلقت ضحكة عالية مدفـونة بحضنه وهي تضربه برفق :
-ده الفستان مش أنا .. وبعدين شيل وأنت ساكت ، الحاجات دي بتتنظر .
بحرصٍ شديد قطع المسافة الفاصلة بين الميناء والمركبة بخطوته الواسـعة حتى رست أقدامـه على سطح المركبة وقال مُداعبًا بنبرة متخابثة:
-لا وعلى أيه !! كله ليـا وبتاعي فـ الأخر ..
تغنجت بخفة وقالت بثغرها الذي لم تُفارقـه الابتسامة:
-نزلني !!
لبى طلبها بدون جدال ثم تهامس قائلًا :
-نتعشى !!
أومأت بالموافقة وهى تتمسك بكفه مُتبعـة خُطاه للطابق العلوي من المركبة .. رجل أنيق كالصخرة وكانت تُزينه غيمـة شتاء لا تُمطر إلا فوقها .. بخطوات خفيفة صعدت السُلم وهي تمارس طقوس مختلفة تمامًا وكأنها بالفعـل أول ليـلة لهمـا معًا بالعمر .. وقفت أمام الطاولة المرشوشة بالورد الأحمـر والشموع وصوت الكَمان الذي يطرب قلبهـا وقالت مشدوهة :
أنت تقرأ
" غوى بعصيانه قلبي "
Mystery / Thrillerولأنني امرأة مسرفة في مشاعرها ، أحببتك بقلبي كاملاً دون أن أدّخر منه شيئًا لأيام الحنين والغياب والاحتياج ، بتُ ملازمًا لقلبي كـ نبضه ، أحببتك في زمنٍ كذّبوا الحُب فيه، في وطنٍ يُعارض كُل شُعور، بين أُناسٍ يجهلون العاطفة، أَحببتك على أرضٍ جافّة، تحت...
