.27.

89 20 1
                                    


يقول فرناندو بيسو:
"اذا تمكن القلب من التفكير فسوف يتوقف عن النبض"

نجا كيوبيد من العالم وترك لنا أسهمه معلقه بأجنحة السماء، ذلك الشقي لم يعتق قلوب الناس حتى بعد ذهابه ..

تجري فتاة حافية القدمين، ملطخ فستانها السماوي الجميل بالوحل وعيناها مغشي عليها بمشاعر مرهقة، لم تربط الأسهم جيدًا في السماء ..كان كلما طرق احدهم الأرض واشعل ضجيجًا رماه كيوبيد بسهم ليصمته، دون تحديد نوع السهم ..

قلبها ملهف صدرها يعلو ويهبط عيناها تلمعان بلهيب غريب وتحاوط رقبتها تلك التميمة، تجري وكأنها تحلق في الأفق، انه سهم العشق!

كيف تحول سهم الكره فجأة الى عشق؟

تجري بين الأشجار بأقصى سرعتها وقد طرأت آخر ذكرى على بالها:

مكتب آرسولا الذي يضيق على اعناقهن كالقضبان الحديدية، تقف مارثا امامها مباشرة، كأن افاعي سامة تطوق رقبتها، رفعت اناملها واخذت تتحسس عنقها، انها تختنق وكلمات آرسولا كما لو انها تسحب الهواء منها ..

-لم يبقى سوى تحديد يوم مناسب للزفاف وهذا يعود الى اتفاق العائلتين.

ثم تقف انظارها على عائلة مارثا الجالسة، والدها ووالدتها.

-اريد الأشارة الى ان الماركيز رويال على عجلة من امره لمغادرة البلاد وانه متشوق لأخذ مارثا معه بأسرع ما يمكن.

هل يشتري عنزة؟ ويهوى طبخها للعشاء قبل حلول المساء، ام انها وشاح اسود يدفي عنقه في الشتاء ..

لم تعد تحتمل هذا الهراء!

نظرات والديها الفخورة تدعوها للأشمئزاز، كأنها راهنت على اليانصيب وربحته، كما لو انها حررت وطن محتل، كما لو انها انقذت شعبًا ..كما لو انها ..

سوف تصبح زوجة فحسب!

لماذا تدعس الاقدام مشاعر المرأة المقدمة على الزواج؟ لماذا يصفع رأيها بالكفوف وتنام على رأسها ألسن الأفاعي؟

وهل تُسأل عن الموافقة؟ نعم هذا حقها ..لكن قبل دقيقة من اعلان الزواج عندما يفتح القس فاهه وينطق الرجل بالعهود ثم ترمى امام الأمر الواقع وما لها سوى كلمة "اقبل!" لكي لا يلحق العار بها وبعائلتها ..

يحدق بها الماركيز بنظرات شرهة، تنظر اليه كما لو انه يريد احتضانها ودفنها في عنقه الى الأبد، تدعوها نظراته للجنون، تدعوها نظراتهم للتقيئ!

-عزيزتي مارثا ما رأيكِ لو ..

نطق الماركيز واقترب خطوات منها لتفرغ ما في جوفها على سترته الأنيقة لا اراديًا!

فامفيرتو: لؤلؤة على الطريق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن