.36.

89 19 6
                                    


لشاربي الدخان ..

على علبة السجائر كُتب بوضوح تحذير صحي بأن التدخين سبب رئيسي للسرطان وامراض الرئه وامراض القلب والشرايين لكن ..اليس الحُب أولى بهذا التحذير؟؟

الا يمكن للإنسان ان يدمنه بعد عدة جرعات، الا يسحبه كالدخان وينفثه سعادة ..

الا يدرك المرء بأن الدخان مُدمره؟
الا يدرك تصلب الحلو الذي تجرعه كالورم في جوفه؟

الا يتسلل عشقه من الشريان السباتي الى القلب لينهكه ..

الا يصنع حربًا داخلية؟

مع ذلك ..نسبة استهلاك الفرد للسجائر بالغة على الرغم من أنف التحذير وعلى الرغم من امتلاكهم عيون لتقرأه ..

كالحب تمامًا!

يدرك المرء خطورته لكنه يقفز ..

في النهاية لا يخمد اللظى سوى الموت ..فالسجائر سرقت تحذير الحُب دون أن تدرك.

وهو منهمك في تدخين هذه السجائر، ليس الحب بالمعنى الحرفي، بل جالس على كرسيه في غرفته والستائر تتطاير امام ابواب الشرفة المفتوحة، بجانبه على المنضدة منفضة ..

وبيده السيجارة الثلاثون ..

صدى صوت الراديو على المنضدة يضج بالغرفة بأغنية من قبل دوريس داي .."احلم حلمًا صغيرٍ عني"

تتردد الكلمات في ذهنه قبل اذنه:
قل ليلة سعيدة وقبلني
فقط عانقني بقوة واخبرني بأنك ستشتاق لي
بينما أنا وحيد وشاحب بقدر ما يمكن ..احلم بي ولو قليلًا.

عيناه تنظر نحو الشرفة مباشرة حتى اطلت هي عليه منها، بثياب رجل كعادتها، في النهاية لم يستطع منعها من فعل ذلك ولربما تفعلها عنادًا به ..

ابعدت روبي الستائر عن طريقها وتقدمت لتجده يناظرها بمشاعر باردة اقشعر جلدها على اثرها، طالعته لوهلة ثم انتقلت انظارها الى السيجارة بيده ثم الى المنفضة ثم الى زجاجة الويسكي الاميركي الفارغة ..

عقدت حاجبيها وخلعت قبعتها لترميها جانبًا بعدها تقدمت لتطفئ الراديو بينما نفث ليون الدخان من جوفه ..

-تأخرتي.

لم تجبه وسارت لتبتعد ليسحبها من مرفقها فتسقط على حجره، تمردت يداه لتسحب المشبك من شعرها فينسدل كالشلال خلفها، رمشت بعينيها بدهشة سقوطها ..

-احب رائحتك.

همس بعدما دفن انفه في عنقها لتصفعه خصيلات شعرها برقة، ود لو يخبرها عن تشرده دونها كما لو انها منزله ..

فامفيرتو: لؤلؤة على الطريق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن