الفصل الواحد والعشرين
اجازة
لم تزد على ساعات عملها وإنما خرجت وابتعدت بسيارتها وقادت بلا هدى وهي لا ترى سواه أمامها ولكن فجأة يخترق عزيز أفكارها وهي تسمع كلماته وكلمات جين من أنه يملك القدرة على الإضرار بليث فشعرت أن عليها أن تنفذ ما فكرت به، الرحيل، نعم لابد أن ترحل من حياته كي يستعيد استقراره، ربما يحبها كما قال ولكنه لا يستطيع التخلي عن أي شيء من أجلها وهي لا يمكنها أن تطلب منه أن يفعل
أغمضت عيونها والألم لا يفارقها، لا يمكنها البقاء، سترحل لأي مدينة أخرى، أحد الأطباء عرض عليها العمل معه بولاية نيو جيرسي فلم لا تهاتفه وتتفق معه؟ ولو لم يكن لها مكان فستبحث عن سواه لأنها لن تبقى هنا
دخلت البيت وألقت البالطو بمكانه وقبل أن تتحرك دق الباب فارتدت لتفتح لتراه أمامها ناظرا لها فتراجعت لتفسح له فدخل وهو يشعر بتبدل بملامحها
خلع البالطو وعلقه وهي تتبعه وهو يفك الجاكيت وقالت "هل تناولت أي طعام؟"
ألقى نفسه على الأريكة بتعب واضح وقال "منذ إفطارنا الأخير؟ لا، لم أفعل"
لم تقوى على النظر له وقالت "سأعد بعض الطعام سريعا"
لم يعترض وهو يقول "بريهان تحدثت معي"
كانت تسمعه فقالت "وماذا؟"
تابع هاتفه وقال "طلبت تحسين علاقتنا، تريدني أن أنسى ما كان منها معي"
لم تنظر له وقالت "عليك أن تفعل، الحادث كان نقطة تحول بحياتها"
لم يترك الهاتف وقال "نعم"
أكملت عملها وقالت "ووالدتك؟"
رفع عيونه عن الهاتف وقال "لا مجال للحديث عهد، ما بيننا بريهان لا تعرفه"
هزت رأسها وقالت "معك حق، ماذا ستفعل معهم بعد خروج بريهان؟"
نهض وخلع جاكته وتحرك تجاهها وجلس أمامها وقال "لا شيء، تركت لهم الاختيار بالبقاء أو الرحيل"
نظرت له وقالت "وأنت ماذا تريد؟"
التفتت لتضع الخضار ولكنه أمسك يدها وقال "ماذا بكِ؟"
لم تنظر له وهي تقول "لا شيء، مجهدة تعلم أني لم أنال راحة بالأيام السابقة والنوم يهجرني"
نهض ووقف أمامها ورفع وجهها له وقال "عيونك غامضة اليوم عهد ماذا تخفين عني؟"
تألمت أكثر ولم يمكنها أن تخبره بما تفكر فقالت "لا شيء ليث، ماذا لدي لأخفيه؟ أنت تعرف كل شيء عني"
رفع يده لوجنتها وقال "أنا أريد أن أدخل داخل عقلك لأرى أفكارك وأسكن داخل قلبك لأعرف أين تذهب دقاته"
قالت بصدق "لك ليث كل دقات قلبي تدق لك، قلبي لا يرى سواك"
ابتسم ثم قبلها برقة وتركها فعادت للطعام وعاد هو للحديث عن العمل وهي تبذل أقصى جهدها كي لا يرى ما يخفيه عقلها
نهض من على المائدة بعد أن انتهى ليجيب الهاتف وقال "الطعام رائع عهد"
تابعته وهو يجيب الهاتف والتفتت لتغسل الأطباق وأعدت الشاي وما أن خرجت حتى رأته وقد تمدد على الأريكة وسكن جسده وقد ذهب بالنوم فشعرت بقلبها يزداد دقا واقتربت منه وانخفضت بجواره وهي ترى وجهه الوسيم هادئا بلا أي ملامح سوى الجاذبية، كادت ترفع يدها لوجهه ولكنها خشت إيقاظه فنهضت وأحضرت غطاء وجذبته عليه وتركته دون إزعاج
نامت هي الأخرى، ربما وجوده منحها بعض الراحة وتوقف عقلها عن العمل على الأقل الآن فنامت حتى رن هاتفها باسم جين، لم ترد ولكنها استيقظت وأبعدت شعرها لتستعيد نفسها ثم نهضت وارتدت ملابسها وخرجت لتراه ما زال نائما ولكن هاتفه كان يرن فتحركت له ورأت اسم مي فأغلقت الصوت وتركته وتحركت للمطبخ أعدت قهوة وتناولتها وهي تعد وجبة سريعة عندما عاد هاتفه ليرن فرأته يعتدل ويبعد الغطاء عنه فتحركت تجاهه
نظر لها وهو يبعد خصلات شعره بأصابعه للخلف وقال "أنا نمت كل ذلك الوقت"
تحركت تجاهه ومنحته قدح القهوة وقالت "نعم إنها السابعة"
نظر لها وهو لا يصدق أنه نام كل ذلك الوقت، تناول القهوة عندما عاد هاتفه يرن فنهض له ورأى اسم مي فالتفت لها فأخفضت عيونها فلم يجيب وقال "لم أنم بهذا الشكل من قبل"
تناول القهوة وهو يتحرك تجاهها وقال "تبدين أفضل، بل أجمل، هل نمت؟"
هزت رأسها بابتسامة رقيقة وقالت "نعم"
تأمل وجهها وقال "كثيرا ما تخيلت وجهك بشعرك الذهبي منذ رأيت خصلاته ولكني أعلم أنك ستكونين أكثر جمالا مما يمكنني تخيلك"
أخفضت وجهها وقالت "ألا تشعر بالجوع؟"
تناول القهوة وقال "لا، أريد الاغتسال والذهاب، سأمر على جون وأرحل لدي عمل كثير تأجل"
تحرك فقالت "الآن؟"
نظر لها وهو يتحرك "لا وقت محدد للعمل حبيبتي"
تركها وذهب وهي تتبعه من النافذة، السعادة هي الشيء الذي كان عليها أن تشعر به الآن، فهو معها، لها وحدها، يتناول معها طعامها، يشاركها أسراره، ينام ببيتها ولكنها لا تشعر بالسعادة لأن كل ذلك خطأ، هو ليس بزوجها ليفعل، ربما هم بدولة أجنبية ولكنها ما زالت مصرية ومسلمة وما يحدث يتعارض مع تقاليدهم، ربما لو كان يمكنه الزواج من اثنين لكان الأمر سهل..
كان عليها لقاء دولت وبريهان بذلك اليوم ولم تتركها بريهان تلك المرة وهي تقول "هل من السهل أن يتبدل المرء بسهولة عهد؟"
نظراتها الذابلة لم تجيب ولكنها قالت "لا شيء سهل إلا ما جعله الله سهلا بريهان لذا نستعين به"
ابتسمت بريهان وقالت "كنت أسخر من إيمانك ولكن الآن أفهم أنك الصواب وأنا من علي أن أسخر منها، كيف تغيرتِ عهد؟ كيف حققتِ كل ذلك؟"
أخفضت وجهها وهي تذكر أسبابها ثم قالت "أخيك كان له فضل كبير بنجاحي بريهان وهو من جعلني أدفع الخوف بعيدا وطبعا هو من منحني أول الطريق بوجودي هنا"
قالت بريهان "ماما تقول أنكِ تحبينه"
سمعت دولت تستنكر كلماتها "بريهان؟"
احمر وجه عهد ولم تلتفت لدولت بينما قالت بريهان "آسفة عهد، منحت نفسي الحق بالتدخل بحياتك ولكن حقا أنا أتمناك بدلا من تلك الفتاة التي لم تفكر حتى بزيارتنا منذ وصلنا بينما أنتِ تبذلين جهدك لتتواجدي معنا"
ظلت صامتة بينما قالت دولت "عهد ألا أمل بعلاقتكم؟"
التفتت لدولت وقد تبدلت ملامحها وقالت بجدية "أي أمل حضرتك؟ مي ابنة الرجل الذي يعتبر شريك ليث وخطوبتهم لها فترة طويلة ولا يمكن التراجع بها، هل نتوقف عن ذلك أنا لا أريد الخوض بذلك الحديث"
كانت العصبية واضحة بكلماتها فاقتربت منها دولت بكرسيها وقالت "آسفة يا ابنتي لم أقصد أن أجرحك فقط أنا حقا أتمناكِ لليث"
حاولت ألا تبكي وهي تقول "ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، اسمحوا لي"
كانت تريد الفرار منهم والتحرر من تلك الحالة التي تصيبها بالألم والحزن، لابد أن ترحل، لا معنى لوجودها هنا وهي تستمع لأمنيات الآخرين وهي لا تسطيع إلا البكاء على الأحلام المندثرة..
نظر لها دكتور ماديسون بدهشة وقال "أجازة؟ شهر؟ لا، أنا لا أصدق، لماذا عهد؟"
حاولت إخفاء نظراتها وهي تقول "أنا حقا متعبة دكتور ولا أستطيع تجاوز حزني على جينيس، هذه أول مرة أطلب بها أجازة فمن فضلك لا ترفض"
نهض وتحرك تجاهها وقال "هل هذا له علاقة بما حدث بالمطعم مع مستر جبالي وأنت وخطيبته؟"
تراجعت وعيونها تحدق به وهتفت "ماذا؟ ماذا تقول؟ أي مطعم؟"
ثبت الرجل مكانه وقال "أنا كنت هناك عهد بالصدفة أتناول العشاء مع زوجتي ورأيتك بالداخل معه وعند خروجنا كان ثلاثتكم أمامنا"
ابتعدت من أمامه وهي تبحث عن مقعد ربما لا تحملها أقدامها أكثر من ذلك، سمعت الرجل يقول "العلاقات هنا أمر عادي عهد وعلاقة سيد جبالي بخطيبته غريبة أمام الجميع في حين علاقتكم ظهرت أمامي تلك الليلة، من حسن الحظ أن الصحافة والميديا لا تلاحقه"
لم تنظر له وقالت "ليس هناك شيء هام دكتور، أنا فقط كنت معه لأنه سبب بوجودي هنا و"
يده سقطت برقة على كتفها وقال "أنا لا أحاسبك عهد فهو ليس حقي ولا حق أي أحد ومن الصواب أن لا تسير علاقتكم للأمام لأني أعرفك جيدا وأنت لا يمكنك مجاراة هؤلاء القوم"
تحرك حتى وقف أمامها فلم تنظر له فالدموع منعت الرؤيا عنها وهي تعلم أنه على حق وهو يكمل "حسنا عهد أنا أوافق على الأجازة ربما تسافرين لأي مكان وتبتعدين عن هنا ووقتها تنتهي الأزمة"
رفعت عيونها لها وهي تمسح دموعها وقالت "سأفعل دكتور، سأفعل"
ما أن عادت البيت كانت قد حجزت تذاكر لقضاء أجازة باليونان، رحلة سياحية وربما لا تعود هنا وتعود لمصر لا تعلم
ارتاحت قليلا بدون نوم وتركت الطعام دون شهية وعادت لغرفتها فأعدت حقائبها وتركتهم بغرفتها وكانت الثامنة مساء عندما كانت تعد القهوة ودق الباب، دق قلبها وهي تشعر أنه هو، دق الباب مرة أخرى فتحركت للباب وفتحته لتراه بالفعل أمامها
ظلت صامتة وهو يتحرك للداخل ويقول "ماذا هناك عهد؟ لماذا لا تجيبي على الهاتف؟"
أغلقت الباب وهو يدخل ويخلع معطفه فتبعته وأخذته لتضعه مكانه وما زال ينظر لها وعندما التفتت وجدته خلفها ينظر لعيونها مباشرة وهو يقول "هل تخبريني ماذا بك؟"
ظلت تنظر له ولا تعرف ماذا حدث لها فابتعدت من أمامه ولكنه أمسك ذراعها ليوقفها وقال بجدية "إذن الأمر صحيح؟"
نظرت له وقالت بصعوبة "أي أمر؟"
ظل يتجول بعيونها وهو يقول "الاجازة؟ جين أخبرت دولت أنك طلبت أجازة"
أخفضت وجهها ولم ترد فقربها منه وقال "هل بك شيء؟ أنتِ مريضة عهد؟ لماذا لا تجيبي؟"
ابتعدت فترك ذراعها وقالت "نعم، أنا متعبة أريد أن أرتاح، لم أتجاوز وفاة جيس"
تحركت للمطبخ ربما تستجمع نفسها وتوقف ارتجافة جسدها وقالت "هل تفضل قهوة أما شاي؟"
خلع جاكته وألقاه والتفت يفك ربطة عنقه عندما رأى تذكرة سفر وبرنامج رحلة يطلان من حقيبة يدها فتحرك تجاههم وأخرجهم وهي تخرج وتقول "القهوة ساخنة و"
قطعت كلماتها عندما رأته يلتفت لها والأوراق بيده وعيونه مظلمة مثل عقله الذي يحاول أن يجد مبرر لما تفعل، أشار لها بالأوراق وقال "ما هذا؟"
كان عليها أن تجيب، تحركت ووضعت قدح القهوة على المائدة وقالت "رحلة لليونان"
ظل ثابتا لحظة قبل أن يقول "رحلة؟ وحدك؟"
نظرت له وقالت بدهشة "ماذا تعني؟"
تحرك تجاهها والغضب يتسلل لعقله وهو يقول "أسألك هل ستذهبين وحدك؟"
وقف أمامها فرفعت وجهها له وقالت "نعم ليث وحدي أنت تعلم أني لا أعرف أحد"
صمت قليلا ثم قال "لماذا؟"
ابتعدت من أمامه وقالت "أخبرتك أني متعبة و"
قبضته أعادتها أمامه والغضب يتلألأ بعيونه وصوته وهو يقول "وماذا عنا؟ أنا وأنتِ؟ وما بيننا؟ أنتِ بالتأكيد لا تنهين كل شيء"
نفضت ذراعه بقوة وقالت بنفس الغضب الذي ينبض بعروقه "لا ليث، بالتأكيد لا"
هتفت بنفس الغضب "إذن لماذا؟"
أجابت بنفس القوى "من أجل ما بيننا ليث، من أجلي وأجلك لابد أن أرحل، حاولت ليث، صدقني حاولت أن أتقبل كل ذلك ولكني لم أستطع، كل ما يحدث حولنا يدفعني للرحيل، أنت تدرك أن كل ما نفعله خطأ علاقتنا خطأ، أنا أنتظرك هنا وأنا أخشى أن يراك أحد فينتشر أمرنا وكأننا نرتكب جريمة فأدمر حياتك وأنت البليونير الشهير، بأي صفة أنا بحياتك ليث؟ أنت تدفعني لأكون كما قالت عني مي، عشيقتك، وهذا ما لن أقبله لذا لابد أن أرحل لأني أعلم أن ليس هناك حل بديل، لابد أن أرحل"
وانتهت كلماتها والدموع تغرق عيونها ولقد تعبت حقا من تلك الأفكار التي تمزقها والشعور بالذنب مما تفعله والخوف مما سيحدث، تعبت من كل شيء حتى من حبها له تعبت، من ضعفها حتى أنها تعبت من الدموع التي لازمتها ولم تعد تحيا بدونها
ظل صامتا يسمعها وهي تصفعه بكلماتها بقوة مدركا صحة كل كلمة نطقت بها عدا أنها يمكن أن تكون عشيقة، هي الحبيبة، المرأة التي ملكت كيانه كله وأن ترحل فهذا لن يكون، لن تمزقه مرة أخرى، لن يسمح بذلك إلا إذا..
لم يمكنه أن يجيد التفكير وذهنه تشتت بكثرة الكلمات والأفكار فقال "ترحلي؟ هل أنتِ جادة عهد؟ تريدين الرحيل وإلقاء كل شيء خلفك"
التفتت له وقالت بألم وغضب "وكأنك لم تسمعني ليث"
اقترب منها وهو يحاول منع الغضب من أن يطفو على السطح وقال "أسمعك عهد، لا أنتِ عشيقة ولا أنا أتخفى من أحد عندما آتي بيتك لأني لست ذلك الجبان فقط أريد أن أكون معك بكل وقت عهد، هل هذا يعني لك شيء لأني بدأت أشك بأنكِ تبادليني الرغبة"
التفتت له وقالت دون تفكير "هل هذا ما فهمته من كلماتي ليث؟ أني لم أعد أحبك وأريدك؟ لا ليث، أنت تعلم جيدا ماذا أريد لكنك أيضا تعرف أني لست أمريكية كي أعيش مع رجل بدون زواج بل وتعرف تمسكي بتقاليدي وديني رغم أني خالفتهم مرارا من أجلك ولكن لأكثر من ذلك فلن يمكنني أن أستمر ليث ولا أنت يمكنك التخلي عن مي وكلمتك لعزيز لذا الرحيل هو الحل، لابد أن أفعل ليث وأنت تعلم ذلك، لن أنتظر لليوم الذي أرى مي بالفستان الأبيض وأنت بجوارها وقتها سأموت ليث، لأني لن أتحمل رؤيتك مع امرأة أخرى سواي لن أتحمل"
وظلت تحدق به والدموع تسيل كالجدول دون توقف وهو جامدا يستوعب كلماتها وتراجع الغضب داخله وهو يدرك أنها على حق وحتى لو كانا تجادلا بالأمر من قبل إلا أن الحلول لم تتخذ وهي كما هي لم تتبدل أحوالها، لم يجد شيء يفعله سوى أن تحرك تجاهها وجذبها لأحضانه بقوة فلم تقاومه ودفنت رأسها بصدره والدموع تحرقها والألم ينهش قلبها بل كل كيانها ولا شيء يمكن أن يوقفه لقد كتمت كل تلك الحقائق داخلها كي لا يظن أنها تضغط عليه ولكنها الحقيقة الثقيلة التي أصبحت تطوقها حتى أذهبت أنفاسها وكادت تقتلها لذا كان لابد أن تنطق بها مهما كان الثمن
هدأت بصعوبة وأدركت أنه لم يفر من كلماتها بل ضمها لصدره وأحاطها بذراعيه مما منحها الراحة والسكينة، توقف سيل البكاء وأبعدت وجهها عن صدره وقد تبلل قميصه من دموعها ولكنه لم يهتم ولم يبعد ذراعيه عنها وهو يدرك الألم الذي بعيونها فقال
"هل أنت بخير؟"
لم ترفع وجهها له وهي تهز رأسها بالإيجاب فقال "لم أدرك أن كل ذلك يسكن داخلك بسببي عهد"
رفعت عيونها له وقالت "لست السبب ليث لست وحدك بالعلاقة"
يداه الدافئة أحاطت وجنتيها وهو يمسح الدموع بإبهامه وسألها "نعم لست وحدي، فقط أخبريني أنكِ تحبيني وأنكِ تريدين أن تعيشي العمر معي"
لم تفكر لحظة وهي تقول "أحبك ليث، أنت تحيا بكل جزء من كياني، تسكن قلبي، تهيمن على عقلي، أنا لا أرى سواك ليث لكن"
قبلته أوقفتها يداه جذبتها له بقوة فلم تقاومه واستجابت له ويداها ترتفع لعنقه وهو لا يفلتها حتى عندما تألمت شفتاها لم تعترض ولكنه ذاق طعم الدم فأبعدها قليلا وكلاهم يلهث بأنفاس متقطعة ولم يمهلها حتى تفتح عيونها وهو يهمس
"لنتزوج"
فتحت عيونها لتلتقي بعيونه الناعسة والحيرة والمفاجأة تلجم لسانها فعاد يقول "لن ترحلي ولن نحيا هكذا عهد، ستكونين زوجتي لي ملكي أنا كما حلمت وتمنيت"
كانت تحاول أن تستوعب كلماته وتوقف قلبها المريض بدقاته المجنونة محاولة أن تجذب أي رد لفمها حتى قالت أخيرا "ماذا!؟ وعزيز!؟ ومي؟ لا ليث لن تفعل بنفسك ذلك"
ابتعد قليلا ورفض إقحام عزيز ومي بتلك اللحظة وقال "أنا أفعل ما أردت دائما عهد، ليس من السهل أن تكوني بين أحضاني دون أن آخذك لي، لا يمكنك تخيل كم يكلفني ذلك من سيطرة على نفسي كي أحافظ على براءتك، هل تتزوجيني عهد؟"
احمر وجهها من كلماته مما جعلها لا تريد أن تفكر أو أن تمنح عقلها فرصة ليعترض وهي تهز رأسها وتهمس "نعم ليث، أنا أريد أن أكون زوجتك لما تبقى من حياتي"
ابتسم وهو يرفع يداه لوجنتيها وقال "إذن لنذهب لليونان سترحلين مع رحلتك هذه وأنا سأنهي بعض الأعمال وأتبعك بالمساء ونتزوج هناك، وحدنا أنا وأنتِ فقط عهد هل توافقين؟"
هي أصلا ليس لديها أحد هو كل من تملك ولا تفكر بسواه لذا قالت "أوافق على كل ما تقول ليث لقد اعتدت أنك دائما على صواب بكل ما يخصني، لم يهت"م بي أحد سواك وأنا أضع حياتي بين يديك"
جذب وجهها له وقبلها برقة ثم أبعدها وقال "وحياتك هي أغلى ما أملك عهد
يتبع..
أنت تقرأ
رواية وجهان لامرأة واحدة بقلمي داليا السيد
Romanceسكنت داخل ردائها الأبيض تحتمي خلفه من مواجهة العالم من حولها، اختارت أن تكون الممرضة الصامتة ، الضعيفة ترفض خروج المرأة القوية التي هي عليها متجاهلة وجودها بل لا تعترف بها، لكن يوم سقطت عيونها عليه تمزق الرداء الأبيض بقوته الهائلة وإيمانه بها، دفعها...