الفصل السابع والعشرين
انتقام
توقفت السيارة أمام قصر رائع يضاهي قصر زوجها وفتح لها الرجل الباب فنزلت وأشار لها فتحركت وهو بجوارها للداخل ولم تكن رأسها فارغة لتشاهد ما حولها ولكن عيونها ارتكزت على عزيز الذي كان يجلس ولم ينهض وإن لاحظت ملامح التعب على وجهه كممرضة تعرف أعراض المرض، تجاهلت ما رأت وهي تتقدم تجاهه بينما اختفى الرجل الذي كان معها وعزيز يقول
"أهلا عهد، كنت أعلم أنك لن تثيري أي قلق، تفضلي واجلسي"
جلست وقالت "ولماذا أثير القلق بنظرك سيد عزيز؟ هي مجرد دعوة عادية وليس خطف أليس كذلك؟"
ظل ينظر بعيونها حتى قال "أعرف أنكِ امرأة جميلة وأضف إليها أنكِ ذكية، عهد أنا دعوتك اليوم لأن الأمر لابد أن ينتهي عندك أنتِ، ليث وأنا دخلنا بصراع كبير والخسائر أكبر وقد ظننت أن ليث سيستسلم ويبعدك من حياته لأتوقف ولكنه لم يفعل لذا الأمر بيدك لإيقافه"
لم تكن على دراية بأن هناك حرب دائرة بين الرجلين ولكنها عرفت الآن وهي تعلم أنها السبب، كانت تعلم أنه سينتهي عندها بشكل أو بآخر ومع ذلك حاولت ألا تفكر بما سيطلبه وهي تنتظر كلماته التالية فقال
"لابد من إنهاء علاقتكم هذه"
عندما صمت قالت "تقصد زواجنا سيد عزيز"
تعصب وقال "لا يمكنه أن يفعل ما فعل دون أن يندم وكما ترك ابنتي عليك أن تتركيه ووقتها سيعود لابنتي غصبا عنه لابد أن يعود لها هل تسمعيني؟"
أخفضت عيونها لأصابعها وقالت "لا سيد عزيز لا أحد منا سيندم على زواجنا لأن كلا منا يحب الآخر، لن يمكنك فرض ابنتك على ليث ولا هي ستتزوج رجل لا يحبها"
ضرب بيده على ذراع المقعد بقوة غضبه ثم نهض واقفا فجمدت هي مكانها ولم تتحرك وهو يقول من وسط غضبه "كان سيتزوجها قبل أن تدخلي حياته، كان خطيبها، أنت السبب تسللت لحياته رغما عنه وسرقته من ابنتي فعليك إيجاد حل لفعلتك هذه"
رفعت وجهها له ورأت غضبه الواضح، نفضت خوفها فلا محل له الآن، كانت تنتظر المواجهة وها قد أتت، قالت بهدوء "ولماذا أفعل؟"
اقترب منها فتراجعت بالمقعد ونظراته النارية تثبتها أكثر بمكانها وهو يقول "لأنك لن توافقي على أن يعرف العالم أنه ابن غير شرعي لامرأة خانت زوجها وعندما اكتشف الحقيقة ألقاه بالشارع، لن توافقي على فضيحته وإثارة الصحافة والميديا عليه وتدمير حياته ومستقبله أليس كذلك؟"
تراجعت والذهول يجتاحها مما نطق به وارتج كيانها كله من كلماته وصرخ عقلها معترضا على ما سمع ونبض كل عرق من عروقها يعلن دفاعاته عن الرجل الذي أحبت وهتفت من صميم قلبها "لا، لن تفعل"
اقترب أكثر وهو يقول بنبرة مخيفة "امنعيني"
ارتجفت وشعرت ببرودة تجتاح كل جسدها والرعب يكاد يدمرها، لا لن يلقى زوجها ووالد طفلها هذا المصير لن يكون ولو دفعت هي الثمن وهي تعلم الثمن، رفعت رأسها أمامه دون تراجع أمام نظراته الغاضبة وقالت
"ماذا تريد؟"
ابتسم ابتسامة خبيثة ولم يبعد عيونه القريبة منها وهي تصده دون خوف ظاهر وهو يقول "تخرجين من حياته، سأمنحك المال الذي أخبرتك به من قبل كي يصدق أنك تركتيه من أجل المال ووقتها سيندم على زواجه من امرأة تبحث عن المال ووقتها تختفي من حياته للأبد ولا أريد أن أسمع اسمك مرة أخرى، لولا أني لا أحب الدم لتخلصت منك منذ البداية دون أن يعرف أحد من وراء موتك وربما حادث خفيف يصيب ليث نفسه هو الآخر ليتعلم الدرس ولكن كما أخبرتك أنا لا أحب هذا الاسلوب وإن تمنيت أن أذيقه بعض الألم ليندم على ما فعل"
وضعت يدها على بطنها وهي تذكر طفلها، لن تجعله يضر طفلها ولا زوجها بأي شكل لن يفضح والد طفلهم، حاربت دموعها كي لا تهاجم عيونها وتمسكت بقوتها لآخر وقت وهي تنظر للرجل، عندما لم تتحدث تراجع وقال
"ما قولك؟"
أغمضت عيونها لوهلة قصيرة رأت بها كل ما عاشته مع الرجل الذي أحبته، لمساته، قبلاته، ابتسامته، حبه وحنانه، كل شيء، السعادة والحزن، الضحك والبكاء، هي عرفت معه كل شيء تعلمت منه ما لم تتعلمه بكل عمرها لقد وعدته ألا تتركه أبدا إلا بالموت أو من أجله لذا عليها أن توفي بوعدها
فتحت عيونها وقالت "سأبتعد"
تنفس بقوة وهو يحدق بوجهها ثم استدار مبتعدا وقال "خمسة مليون سأضعهم بحسابك اليوم كي يصدق الأمر وأنت تنهين كل شيء معه بالطريقة التي تحلو لك ثم تختفين من حياته بل من البلد كلها، اختاري أي بلد وستوصلك طائرتي الخاصة إليها، اليوم هو المهلة الوحيدة لك وبالصباح لو وجدتك موجودة بالبيت فسأدمر كل شيء هل تسمعيني؟ كل شيء"
قالت وقد انتصرت الدموع "سأفعل كل ما تريد ولكن يمكنك الاحتفاظ بنقودك لست بحاجة لها، أنا سأرحل من أجل الرجل الذي أحببته لأحميه من أنانيتك وسطوتك، أنا سأرحل ولكن سأظل العمر كله أحبه وأنا أعلم أنه يحبني وعليك أن تدرك ذلك"
صرخ بها "لا، سينساك بمجرد رحيلك لأنه سيدرك أنكِ أردت أمواله، لن تردعني كلماتك أو تخدعني ليس هناك من يرفض الملايين وعليك بالموافقة على شروطي سأضع الأموال باسمك حتى يصدق سبب رحيلك وعليك إقناعه بذلك"
قالت وهي تعلم أن كلماتها لا معنى لها وبلا فائدة "ليث كان يعتبرك الأب الذي لم يحظى به وكان يظن أنك تبادله المشاعر ولكنك تدمر كل جميل كان بينكم ولو ظننت أن خروجي من حياته سيعده لابنتك فأنت لم تعرف ليث جيدا"
كاد يرد لولا رنين هاتفه الذي أوقفه فأجاب بنفس الغضب ولكن سرعان ما تبدلت ملامحه وشحب وجهه وهو يهتف "ابنتي؟ ماذا تقول؟"
ثم وضع يده على صدره وذهبت أنفاسه وسقط الهاتف من يده فأدركت أن قلبه أصيب فنهضت وأسرعت كممرضة إليه ونست ما كان منه معها وساعدته على الجلوس وهو يشهق للنفس فهتفت "أين دوائك؟"
أشار لغرفة أمامية فأسرعت لها وفتحتها لتجده مكتب فلم تعرف أين تبحث ولكنها أسرعت للمكتب وفتحت الأدراج بكل سرعة تملكها حتى عثرت على الدواء فانتقت ما يناسبه وعادت له بسرعة ومنحته واحدة تحت اللسان وأعدت حقنة تعرفها جيدا اطمأنت عندما وجدتها وبسرعة حقنته بها ثم أسرعت للباب تبحث عن الرجل الذي كان يقف بجوار سائق السيارة وبالطبع أسرع تجاهها عندما رآها بتلك الحالة فأخبرته بطلب طبيب بأسرع وقت ولم يصدقها وهو يدفعها للداخل عندما وجد عزيز منهارا على المقعد ويده على قلبه وهي تصرخ به
"الطبيب بسرعة هو يعاني من نوبة قلبية"
ارتد الرجل لسيده فهز عزيز رأسه فاستسلم الرجل وتركها مبتعدا ليطلب الطبيب
تابعت الخدم وهم ينقلون الرجل لغرفته وظلت بمكانها حتى عاد الرجل وقال "الطبيب بالطريق مدام ماذا حدث؟"
قالت "تلقى مكالمة انهار بعدها"
لحظات ورأت الطبيب يدخل فتلقته وشرحت له حالته التي كانت تعرفها وما أصابه اليوم، استوعب الطبيب كلماتها ثم تحرك مع الرجل للأعلى بينما تحركت هي وخرجت من القصر وركبت سيارتها ورحلت وهي ترى أمامها صورة ليث عندما يدرك أن المرأة التي أحبها خائنة ولم ترد إلا المال
سقطت الدموع غزيرة وأوقفت السيارة وانهارت رأسها على عجلة القيادة وهي تبكي بقوة ولا تتخيل أنها ستعيش من غير الرجل الذي أحبته وعشقته من قبل أن يشعر بها أو يراها أصلا ولكنها لن تتركه يضيع أو تسمح لعزيز أو سواه بأن يدمره لن يحدث سيظل زوجها بالمقدمة لنهاية العمر
هدأت وعادت للبيت، صعدت لغرفتها ولم تستطع مقاومة القيء ثم خرجت وتمددت على الفراش حتى هدأت ونهضت وهي تعرف ماذا ستفعل..
****
اتصل بها كثيرا ولكن هاتفها كان مغلق فاتصل بالبيت فأجاب الخدم أنها بغرفتها فظن أنها نائمة فلم يشأ إقلاقها، قرب الفجر انتهى من عمله وقرر الرحيل، حاول الاتصال بها مرة أخرى ولكن ما زال الهاتف مغلق، تملكه القلق حتى عاد البيت فاستقبله الخادم وأخذ معطفه فقال
"أين المدام؟"
انحنى الخادم وقالت "منذ الغداء بغرفتها سيدي"
تحرك إلى الأعلى والقلق أخذ منه مأخذه، فتح غرفتهم ولكنه لم يجدها والفراش لم يعلن عن تمدد أحد عليه، تحرك للحمام فلم يجدها فعاد للغرفة دون جدوى وقد تملكه القلق وقبل أن يخرج من الغرفة ليبحث بأي مكان بالبيت وجد نفسه يرتد لغرفة الملابس وهناك لم يجد ملابسها فلم يفهم شيء، تحرك بغضب ملتفتا للخلف عندما سقطت عيونه على مائدة الزينة ورأى عليها ظرف أبيض، شعر بجسده يتخدر لحظة وهو لا يفهم ماذا يحدث
استعاد نفسه وتحرك للظرف ومد يده له ليجد اسمه عليه، فتحه ليجد خطها، للحظة تجمدت أصابعه على الورقة وشعر بأنه فقد الرؤيا، لماذا تكتب له خطاب؟ لماذا اختفت ملابسها؟ لا يمكن أن تكون رحلت، لأين؟ بل لماذا؟ ليس بعد كل ما أصبح بينهم، الرابط الذي يربطهم أقوى من كل الحب الذي يكفي العالم، بينهم الكثير من الحزن والألم تشاركوه سويا، بينهم السعادة والحب، بينهم طفل، لا يمكنها أن تفعل ذلك
اهتز جسده فتحرك للمقعد وسقط به قبل أن يقرأ "ليث، لا أعرف ماذا أكتب ولكن لابد أن أكتب كي لا تبحث عني فأنت لا تستحق امرأة مثلي لا تبحث سوى عن المال، لقد ظننت بزواجي منك أنني سأحصل على أموال كثيرة ولكنك لم تمنحني سوى أشياء لا معنى لها ولا تمثل شيء بالنسبة لملايينك، عزيز كان أكثر سخاء منك وقد وفى بوعده ومنحني الملايين الخمسة التي عرضها علي وأنا وافقت وأظن أن بذلك انتهت حياتنا سويا، بطلاق أو بدونه أنا سأعيش لأني لا أسعى للزواج بل المال وقد حصلت عليه ولم أعد بحاجة لشيء، لا تبحث عني لأنك لن تجدني وأنا لا أريد العودة لك، عهد"
ضم الورقة بيده بقوة حتى أصبحت كالكورة وهو يضغط عليها ونظراته تعلن عن الغضب وعيونه تتجول بالمكان حتى عاد بعيونه لمائدة الزينة فنهض للدرج وفتحه ليجد علب الذهب التي أهداها لها كلها موجودة فوق بعضها أخرجها وفتحها ليجد كل ما أهداه لها من مجوهراته موجودة بالعلب فقط خاتم الزواج والدبلة هما ما اختفيا
لم يفكر وقد أدرك ما كان فأسرع بكل الغضب الذي اجتاحه واندفع لسيارته وقاد بجنون وسط ظلام وسكون الليل وهو لا يفهم ماذا حدث وما الذي جعلها تفعل ذلك لذا عليه أن يفعل وشخص واحد لديه التفسير
أوقف السيارة بقوة أمام قصر عزيز ونزل بغضب إلى الباب عندما رأى الرجل الذي كان مع عهد بالصباح فأسرع له وقال
"أهلا سيد ليث، آسف تفضل"
تحرك للداخل وتبعه الرجل فالتفت له وهتف بقوة وغضب "أين عزيز مايك؟"
واجهه مايك "أصيب بنوبة قلبية بالصباح ولولا زوجتك لمات بالحال"
تحرك تجاهه وأمسكه من ملابسه بقوة وجذبه له وهو يقول بغضب "زوجتي كانت هنا؟"
أمسك الرجل يد ليث ولكنه لم يقاومه وهو يقول "نعم، مستر عزيز طلب مني إحضارها وقد فعلت وأثناء حديثهم وصله اتصال عن الآنسة مي فأصيب قلبه بنوبة على الفور وتولت المدام منحه الدواء اللازم وطلبت مني إحضار الطبيب وانتظرت حتى وصل وشرحت له حالته وما أن صعدت مع الطبيب وعدت حتى كانت قد اختفت ولم أجدها"
لانت قبضته وعيون الرجل تنطق بالصدق وهتف "وبماذا أرادها عزيز؟"
قال الرجل بجدية واضحة "تعلم أن تلك الأمور ليست من شأني مستر ليث"
ظل ينظر بعيون مايك حتى تركه وقال "أين عزيز؟"
أجاب مايك "بغرفته وقد منحه الأطباء مهدئات وهو نائم، الطبيب قال أن الصدمة هي السبب، الآنسة مي كانت بمشفى.. منذ وقت واتصلت المشفى لتخبره بأن قلبها قد توقف ولكن مستر عزيز لم يكمل المحادثة وأصيب بالنوبة القلبية وعندما تابعت أنا الأمر عرفت أن الأطباء أنقذتها وأنعشت القلب ولكنها ما زالت بالغيبوبة"
ظل صامتا وهو لا يدرك ماذا يحدث، فك ربطة عنقه وأزرار قميصه ليتنفس الهواء الذي توقف من حوله وتلاشى برحيلها، التفت لمايك وقال "أريد رؤية عزيز الآن مايك"
ظل مايك ثابتا للحظة ثم بالنهاية انحنى وتحرك للأعلى وبعدها بقليل وقف مايك بالأعلى وقال "تفضل مستر ليث"
****
تركت سيارتها ولم تركبها بل خرجت بحقيبتها من القصر وقد انتظرتها سيارة أجرة فصعدت بها للمكان الذي اختارته للبقاء به فترة حتى يتوقف ليث عن البحث عنها، نظرت للبيت الذي لم تبقى به سوى وقت قصير ولكنه كان أسعد أيام حياتها وحسدها الجميع عليه وها هي ترحل وتتركه للأبد
أغمضت عيونها والدموع تحرقها، لقد انتهت السعادة التي كانت تعيشها، كانت تعلم أنها لن تدوم ليست هي تلك الفتاة صاحبة الحظ الجيد بل هكذا كانت حياتها وهكذا ستكون، وضعت يدها على بطنها وأغمضت عيونها وهي تهتف من داخلها "أنا آسفة حبيبي لأني لن أستطيع أن أمنحك الأب ولكن غصبا عني، لابد ألا يصيبه أي مكروه، لن يمكنني أن أكون سببا بأي مكروه يصيبه ولن أسمح لأحد بأن يفعل به، سامحني ليث، أنا أعلم أني فعلت مثل دولت وتركتك ولكن صدقني من أجلك، أنا لم ولن أحب سواك"
فتحت عيونها وهي تحدق بخاتمه وأكملت "سامحني أرجوك ستظل بقلبي لآخر العمر"
****
نظر لعزيز الذي كان راقدا بالفراش وأجهزة كتلك الموجودة بالمشفى تحيطه وتتصل بجسده وفتاة ترتدي الأبيض ذكرته بزوجته فعاد الألم لقلبه وسأل الفتاة "هل هو مستيقظ؟"
أزاح عزيز الماسك من على فمه وأنفه عندما سمع صوته وحرك وجهه له وهو يقول "نعم ليث تعالى، اتركينا قليلا من فضلك"
تحرك ليث تجاهه وخرجت الفتاة مغلقة الباب خلفها بينما وقف ليث أمامه وقال "ماذا حدث عزيز؟"
قال بحزن "مي"
هز رأسه وقال "نعم عرفت وعرفت أنها عادت للحياة"
أبعد عزيز وجهه وقال "وقتها لم أسمع الباقي وظننت أنها ماتت"
لم يرد فعاد له عزيز وقال "زوجتك أنقذت حياتي ليث"
اسود وجه ليث واحمرت عيونه وهتف "وأنت دمرت حياتي عزيز، لقد رحلت"
تراجع عزيز واتسعت عيونه وتساءل "هل فعلت؟ لقد ظننت أنها"
حاول التماسك أمام الرجل المريض وقال "بل رحلت عزيز، رحلت، تركت خطاب تخبرني به أنك منحتها خمسة ملايين دولا كي تتركني وهي فعلت ولكن هل تعرف شيء أنا لا أصدق أنها رحلت بسبب المال فقد تركت مجوهرات تقدر أيضا بملايين وهي من أخبرني أنها لن تفترق عني سوى من أجلي أو بالموت فبماذا أخبرتها عزيز جعلها ترحل وتتخلى عن زواجنا؟"
أخفض عزيز وجهه وقال "هددتها بأن أفضحك ليث، أن أخبر العالم عن أنك ابن غير شرعي"
سقط دلو من الثلج على رأسه جعله يرتد وكأن صاعقة أصابته وهو يهتف "ماذا؟ أنت ماذا قلت عزيز؟"
لم يرفع عزيز عيونه وهو يقول بحزن "كان الغضب يعميني ليث ورغبتي بالانتقام توقف عقلي عن العمل"
ولكن ليث لم ينتظره ليكمل وهو يهتف "أنت عزيز؟ أنت من كنت أعتبره الأب الذي لم أناله؟ أنت الرجل الذي عشت حياتي أحمل دينه بعنقي؟ كيف فعلت ذلك بي؟ كيف؟"
أغمض عيونه وهتف "السر وقع بيد رجالي بالصدفة ولكني لم أكن لأفعل بك ذلك ليث، هو كان مجرد تهديد لها كي ترحل، لم أكن لأفعل بك ذلك ليث"
أشاح بيده بألم ينبض داخل كل جسده وتمنى لو قبض على عنقه وأخذ حياته مقابل حياته التي انتهت برحيلها ولكنه لم يستطع، لا فائدة من قتله، هي لن تعود الموت أهون عليها من أن يفعل به عزيز ذلك هو يعلم ذلك جيدا لأنه يعرف المرأة التي تزوجها وأحبها وعاش معها، يعرف أنها رحلت من أجله
ابتعد وقد هزمه ما سمعه وهو يقول "ولكنك فعلت عزيز بل أنت فعلت الأسوء، أنت دمرت حياتي وسعادتي وخنت ثقتي بل خنت كل ما كان بيننا، انا لم أهتم بكل ما فعلته بالعمل والخسائر التي لحقت بي، لم أفكر بأن أرد أو أن أضرك بأي طريقة وظننت أن ما بيننا سيقف بيني وبينك وينسيك الانتقام ولم أتخيل أن تفعل بي ذلك، كيف عزيز؟ كيف فعلت ذلك بي؟"
لاحظ دمعة بعيون عزيز الذي قال بحزن "لم أصدق أنها بهذا النبل وتلك الأخلاق، لم أدرك أن امرأة أنا أطالبها بتدمير حياتها وسعادتها لم تهتم بما سأفعله بها وإنما أسرعت لتنقذ حياتي دون تفكير وكان الأولى بها أن تتخلص مني وتتركني أموت ووقتها لن أمثل أي ضرر عليها ولكنها لم تفعل، بل أنقذتني ونفذت ما أردت ورحلت لتنقذك مني، لقد جعلتني أدرك كم أنا خسيس وجبان وخائن لكل شيء أصيل، أنا آسف ليث، حقا آسف ونادم"
وبماذا يفيد الأسف، هكذا انفجر بغضب وألم قائلا "وماذا سيقدم لي أسفك وندمك عزيز، لقد رحلت هي وفقدتها أنا عزيز فقدت المرأة التي تعني لي الحياة"
أغمض عيونه بألم لحظة وهو يتصور الحياة بدونها فلم يقوى على التفكير بذلك ثم فتح عيونه وأكمل "وأنت فقدت رجلا كان يعتبرك كالأب"
وتحرك ليذهب فناداه الرجل فتوقف ويده على مقبض الباب فهتف عزيز "سأبحث عنها ليث وأعيدها لك فأنا نادم، صدقني نادم ليث"
ولكنه لم يرد وهو يفتح الباب ويخرج مندفعا لسيارته واتصل بماك وقد أيقظه من النوم وطالبه بتجميع رجال للبحث عن امرأته والتي لا يعلم كيف سيعيدها له وهو لم يصدق لحظة أنها تركته من أجل المال فهي ليست تلك المرأة فهو عرفها جيدا أكثر حتى من نفسها وأحبها كما لم يحب أحد بحياته ولن يحب سواها
يتبع..
أنت تقرأ
رواية وجهان لامرأة واحدة بقلمي داليا السيد
Romanceسكنت داخل ردائها الأبيض تحتمي خلفه من مواجهة العالم من حولها، اختارت أن تكون الممرضة الصامتة ، الضعيفة ترفض خروج المرأة القوية التي هي عليها متجاهلة وجودها بل لا تعترف بها، لكن يوم سقطت عيونها عليه تمزق الرداء الأبيض بقوته الهائلة وإيمانه بها، دفعها...