الفصل الثاني والعشرين
زواج
الفندق كان رائع ويطل على البحر وشعرت فجأة أنها بمصر ربما لأنها رأت العديد من المصريين، لم تحاول أن تذهب لأي مكان كما وعدته وبنهاية اليوم كانت دقات على بابها فأسرعت لتفتح فرأته أمامه فتحرك للداخل ليتلقاها بين أحضانه
أبعدها قليلا وهتفت "كيف كان يمكنك تركي عهد وأنا منذ الأمس كدت أصاب بالجنون لأنكِ لستِ معي؟"
ضمها له بحنان فقالت "ولكني لم أفعل ليث لأني لم أتخيل الحياة بدونك"
أبعدها وابتسم وقال " لقد انتهت الإجراءات الخاصة بالزواج حبيبتي وتبقى أن نذهب بالصباح للسفارة لعقد القران وبعدها سنرحل لمكان آخر لشهر العسل"
حاولت أن تعيش تلك السعادة وتنسى أمريكا وما بها ولا تريد تذكر إلا أنها معه هو فقط وأنها ستكون زوجته وهو زوجها ولن يشاركها به أحد حتى ولو كان زواج بالسر بعيدا عن كل العالم يكفيها أنها ستكون له ولا يهم بعد ذلك ماذا سيحدث
بالصباح استيقظت على دقات الباب فأسرعت لتفتح ولكنها وجدت خدمة الغرف الذي كان يمسك كيس ملابس كبير وقال بإنجليزية "مستر ليث أرسل هذا لكِ"
ابتسمت وأخذته منه وأغلقت الباب وتحركت للفراش ووضعته وهي تفتح الكيس الكبير لتراه فستان يكاد يكون أبيض من تلك الخيوط الذهبية التي تملؤه وتمنحه منظر رائع يتماوج مع لون عيونها الذهبية، كان جميل بل رائع حقا، وضعت يداها الاثنان على فمها وهي لا تصدق، هل سترتديه حقا؟ فستان زفاف؟ لا؟ لا يمكن أن يكون
رنين هاتفها أفزعها فأسرعت لتجيبه وهي تسمع صوته "هل سأري العروسة كما أتمنى؟"
هتفت "لا ليث، لا يمكنك أن تفعل، الصحافة و"
قاطعها "لا أحد يهمني عهد، فقط أنتِ كل من أريد، هيا كي لا نتأخر حبيبتي"
أسرعت لترتدي الفستان وطرحة الرأس البيضاء ووضعت بعض مساحيق التجميل بدلت مظهرها لامرأة أخرى لا تعرفها والسعادة تنطق من عيونها، دقات الباب أيقظت دقات قلبها وهي تلتفت لتتحرك للباب وتتنفس بعمق قبل أن تفتح لتنظر له وقد بدى بأجمل صورة له كعادته وهو يتقن اختيار ملابسه من نفس الماركة العالمية التي يهواها فبدا رائعا وجذابا ويأخذ العقل من جاذبيته وهو يتأملها بعيونه الفاتنة ولا تصدق أن هذا الرجل الذي يملك تلك الجاذبية وهذا الجسد الرائع سيكون زوجها هي، لها وحدها
ابتسم وهو يقول "يا الله! أنت حقا فاتنة يا امرأة، كيف تخفين كل ذلك عني؟ أحبك"
ضحكت بوجه متورد وقالت "فقط!؟ ظننتك تعشقني"
ضحك هو الآخر وقال "طماعة، هل لديكِ شك؟"
هزت رأسها ومنحته أجمل ابتسامة وهي تقول "أبدا"
تحرك تجاهها وأمسك يدها ورفعها لفمه وقبلها فزادت دقات قلبها وعيونها لا تفارق عيونه وقال "لا يمكنني الانتظار حتى تصبحي لي عهد لقد حلمت بذلك كثيرا"
دقات قلبها أصبحت مؤلمة ولكن ألم جميل أحبته فقالت "أجدني محظوظة لأن أكون زوجتك ليث، أنت حلم كل فتاة، الأمير الذي تحكي عنه القصص أنت من جعلني سندريلا"
ضغط على يدها وقال "ولكنك لست بحاجة كي تفلتي حذائك سندريلا فأنا لن أتركك أبدا"
ضحكت وقالت "نعم ولا هي منتصف الليل حتى يرحل كل شيء، ما زلت بفستان الزفاف وأمامي أكثر الرجال وسامة وجاذبية"
ترك يدها وأشار لرأسه وابتسم وقال "حتى مع تلك الخصلات البيضاء؟"
رفعت يدها لها ولمستها برقة وقالت "حتى معها فهي تزيدك وسامة حبيبي أنا أعشقها ليث"
ابتسم بسعادة ولاحظت العلبة التي كانت بيده ففتحها لترى عقد رائع فقال "هو كان افتتاح المعرض الذي لم تحضريه عهد منذ عامان كنت أنوي إهداؤه لكِ وقتها ولكنك لم تأتي وتلك الإسورة هي ما صممته بالأيام الماضية لتليق به وبيدك"
تراجعت وهتفت "لا، أنت تمزح؟ أنا أرتدي ما تهاتف العالم عليه؟ أنا؟"
لم ينتظر أن تكمل وهو يرفع العقد لعنقها ليتهاوى على صدر فستانها الأبيض برقة باعثا به جمالا فوق جماله، تحرك لينظر له بعين خبير وقال "كما تخيلته عهد، لقد رسمته من أجلك أنتِ"
ثم وضع الإسورة بيدها وابتسم وقال "وجودك يعيد لي حتى أصابعي"
ورفع يدها لفمه مرة أخرى وقبلها فهتفت "وأنا أحبك ليث، لم ولن أحب سواك"
ابتسم واكتفى بكلماتها بلسم لقلبه وهو يضع يدها بذراعه وبالأسفل كانت النظرات تحيطهم بابتسامة وتهامس لرؤية عروسين يتحركان بسعادة لخارج الفندق والسيارة الليموزين تنتظرهم ثم ترحل بهم بهدوء
قبل جبينها بمجرد أن أنهى المأذون عقد القران بالسفارة وأعلنهم زوجين على سنة الله ورسوله، كانت أجمل مفاجأة لها عندما رأت جون ينتظرهم على باب السفارة وظل معهم حتى انتهى عقد القران وقد سكن الحزن خلف ابتسامة وجهها لها وهو يمنحها بوكيه الورد الأبيض ويقول
"لا يمكن أن يفعلها بدوني، تبدين فاتنة عهد، مبروك"
كانت سعيدة حقا بوجوده وهي تقول "أنا سعيدة جدا بوجودك جون أنت كل عائلتي من بعد ليث"
خرجا من السفارة وأحاطها بذراعه حتى فتح لها السائق باب السيارة وجون معهما وهو يقول "الغداء هو أقل ما يمكنني تقديمه لكما قبل الرحيل، على مركب بالبحر وبالمساء ترحلون لشهر العسل"
جلس زوجها بجوارها ويده تحتضن يدها بحنان وجون يجلس أمامهم ويمنحهم نظرات تنم عن الحنان والسعادة بينما قالت هي "شكرا جون لوجودك"
ابتسم جون وقال "أخبرته أني لن أرحل قبل أن أرى أولاده ولن يكونوا إلا أولادك عهد، الحب الذي بقلوبكم جدير بأن يخرج ويحيا وتستمتعان به وتمتعان به أولادكم"
لم تذهب ابتسامتها وهي تنظر لزوجها بسعادة بادلها النظرة ثم عاد لجون وقال "ستكون عم فاسد وستفسدهم"
ضحك جون وقال "أنا لست عم، أنا جد، أنت وهي أولادي وأولادكم أحفادي فقط أسرعوا فلم يتبقى بالعمر كثير"
ما أن تركا جون على أعتاب المطار حتى عادا الفندق لم يتركها وهو يتحرك معها للداخل، التفتت له وهو يغلق الباب ونظر لها بابتسامة رائعة ثم جذبها له بقبلة طويلة حتى أبعدها وقال بأنفاس متقطعة
"اللعنة كان علي تأجيل السفر للغد من الصعب ترك أحضانك عهد ولكن للأسف علينا أن نستبدل ملابسنا بسرعة لنلحق بالطائرة"
قالت بوجه متورد من كلماته "ألن تخبرني إلى أين؟"
داعب أنفها بأصابعه وقال "المالديف زوجتي الجميلة، لي صديق هناك تولى الأمر نيابة عني، هيا كي لا نتأخر، هناك لن نفترق أبدا"
ثم خطف قبلة أخرى من شفتيها وتحرك لغرفته وهي تتبعه بعيون تشع ببريق السعادة التي تنبض داخل عروقها وتدق مع دقات قلبها
جلست بجواره ويدها بيده وقد وضع دبلة ذهبية بإصبعها ولم يعلق، الرحلة استغرقت عشر ساعات تقريبا ناما ونهضا وتناولا الطعام حتى وصلا بالمساء المطار واستقبلتهم سيارة أخرى فاخرة قادت بهم خلال مالية العاصمة ومنه لمكان الطائرة الهليكوبتر التي كانت تجربتها الأولى
لم تبدو الجزر بالليل كما هي بالنهار ولكن الشواطئ بدت رائعة بالكائنات المضيئة التي تزينها
استقبلهم رجلان على المهبط الخشبي للطائرة ورحبا بهم باحترام وما أن وصلا للرمال حتى ابتعدت الطائرة التي كانت رياحها تدفعهم بقوة وصوتها المرتفع يصم الآذان
رجل بملابس صيفية أخذ زوجها بأحضانه وهو يقول بالعربية "ليث الجبالي، لا أصدق"
ضمه ليث له وقال "عمر سرحان وأخيرا"
ابتعد الرجلان وعمر يقول "نعم وأخيرا لبيت دعوتي"
جذبها له وقال "نعم، عهد زوجتي، عمر سرحان صديق حميم"
ابتسم الرجل وقال "كدت أصاب بفقدان للوعي عندما عرفت بزواجك، بالعام الماضي كنت تهاجم الزواج رغم خطوبتكم فماذا غير خطتكم؟"
ذهبت ابتسامتها وهي تعلم أنه ظنها مي ولكن ليث قال "الكل يتبدل من حولك يا صديقي، وعهد ليست مي، نحن متعبان هل ستتركنا كثيرا هكذا؟ يا له من واجب ضيافة"
حاولت أن تبتسم بينما ضحك عمر بقوة وتغاضي عن تبدل المرأة وهو يشير للرجال من حولهم وهو يجيب "ستعرف واجب الضيافة حقا يا رجل وستندم على كلماتك هذه"
أعطى أوامره وتقدم بجوارهم وقال "الشاليه أعد مخصوص لشهر العسل وقد أعددته لي عند زواجي ولم أفتحه من وقتها ولكن عندما هاتفتني لم أتردد، هو بمكان بعيد قليلا عن الزحام ولكنه بشاطئ خاص وقريب من العام وهناك خدمة فندقية سبع نجوم"
كانوا قد وصلوا بالفعل وكان على حق من أنه بعيد عن الزحام ولكنه رائع والبحر والسماء بالقمر المضيء والنجوم المتناثرة حوله تثير الراحة والسعادة، وضع الرجال الحقائب وقد كان الكوخ رائع من الداخل وأعدت مائدة بأنواع الطعام على أضواء الشموع وهتف عمر
"هذا هدية ترحيب بسيطة بوصولكم وزواجكم، ألف مبروك"
احتضنه ليث ليشكره وحياها عمر بابتسامة جميلة بادلته إياها ثم خرج وتبعه الرجال عندما أغلق ليث الباب والتفت لها وقال "هل أعجبك؟"
التفتت حولها وقالت "رائع ليث، البحر والسماء"
شعرت بيداه تخترق خصرها وأنفاسه على وجنتها وهو يهمس "والقمر والنجوم وأنتِ أجمل من خلق ربي"
جذبها أمامه ليقبلها بشوق بادلته إياه وارتفعت لتصل له ويداها على صدره تلمسه لتتأكد أنه أصبح لها هي وحدها ولن يشاركها به أحد
ابتعد لتلتقط أنفاسها وهمس "كنت أحلم بذلك اليوم عهد"
وضعت رأسها على صدره وأغمضت عيونها وقالت "وأنا لم أتوقف عن التمني به ليث، كنت قبل النوم أدعو أن تكون لي"
هتف "أنا لك حبيبتي ولن أكون لسواك"
ورفع وجهها له ثم رفع يداه لطرحتها وفكها وهي تخفض وجهها حتى أبعدها وفك شعرها ليتساقط كالسيل حتى منتصف ظهرها فمرر يده به وهو يقول "لم أمنحه حق قدره عهد إنه فاتن"
جذب خصلات منه لأنفه وأغمض عيونه وهو يتنسم رائحته وقال "اللافندر، هو أليس كذلك؟"
هزت رأسها وقلبها يكاد يخرق صدرها للخارج ليخبر ذلك الرجل كم يعشقه ويعشق لمساته، يده عادت لعنقها وجذب وجهها له ليعود لقبلتها وهو لا يكتفي منها ثم ترك شفتيها لوجنتها بقبلات رقيقة ثم انحدر لعنقها فضاعت مع قبلاته وارتجف جسدها وارتفعت حرارته وتملكها خوف غريب وخجل جعلها تتراجع عندما شعرت بأصابعه تفك أزرار بلوزتها وتخترق جسدها
ابتعدت واستدارت من الخجل فابتسم وقال متفهما الخجل الذي اجتاحها بليلتهم الأولى "هل تبدلين ملابسك ونتناول العشاء أولا؟"
هزت رأسها وتنفست براحة لتفهمه ما تمر بها فتحرك ليساعدها على تخطي الخجل والقلق اللذان أحاطا بها وقال وهو يستكشف الغرف "هذه أفضل، تواجه البحر"
تحرك وجذب الحقائب وتبعته للداخل ولم تنظر له وهو يخرج بعض الملابس لنفسه ثم عاد لها حتى توقف أمامها وقال "هناك حقيبة زرقاء تخصك"
رفعت وجهها له فقال مبتسما "لم تجهزي للزفاف ففعلت بدلا منك"
تحرك للباب ثم توقف وقال "العقيق يناسب عيونك وأنا أحب الذهبي"
وخرج والخجل يتملكها والخوف يؤلمها، هل تلك هي ليلة الزفاف التي كانت تتجنب مشاركة الفتيات الحديث عنها؟ نعم هي ولكنها معه هو الرجل الذي أحبته وأرادته ولن تكون لسواه..
أخذت حمام سريع ثم خرجت بروب الحمام وتحركت للحقيبة الزرقاء التي كانت مذهلة بكل ما بها وبالفعل انتقت الذهبي القصير وعليه الروب وتركت شعرها يستر ما ظهر منها والخجل يقتلها من أن يراها هكذا، عطرها كان يمنحها بعض الأمان ولون الشفاه البني جعلها أرق من النسمة
دقات الباب جعلتها تقفز بفزع وصوته يقول "عهد أنا جائع"
تنفست بصعوبة وهي تتحرك ببطء وفتحت الباب فوجدته وقد استبدل ملابسه ببنطلون منامة وروب حرير قصير وتبلل شعره وهو يسرق بعض من الطعام عندما التفت لها وقد خرجت
ظل متجمدا مكانه للحظة وعيونه تمر عليها وقد بدا لون بشرتها البيضاء رائعا مع بريق عيونها الذهبية، جسدها بدا أفضل من أي عارضة أزياء بلا خطأ واحد وارتفع على ساقين بيضاء مثيرة من تحت روبها القصير الذي أحكمته برباط حريري تمنى لو سحبه ليبعد الروب وينال حبيبته التي تمناها
عندما وصلت إلى المائدة لم يمكنها أن ترفع عيونها له والأحمر يفترش وجنتيها وقالت بهمس "آسفة على التأخير"
صوتها انتزعه من أفكاره وجلست على أول مقعد فاستوعب نفسه واستعاد تركيزه وهو يرفع يده لشعره المبلل وقال "لا تفعلي"
جلس بجوارها ولكن لم يفيد ذلك بشيء فعطرها انطلق له جعله ينصهر من الرغبة بها فتحة روبها انزلقت وهي تجذب الخبز ونظراته تسمرت على صدرها الفاتن، لم يفكر لحظة بأنها تملك هذا الجسد الرائع تحت ملابسها المحتشمة
أوقف نفسه عن كل الشياطين التي تتلاعب به، لن يجبرها على شيء، ستكون له ولكن برغبتها دون خوف ولا ندم، أبعد وجهه عنها وبدأ بتناول الطعام ثم فضل فتح حديث بدلا من الصمت القاتل
"هل تفضلين عصير؟"
لم تنظر له وقالت "لا"
أدرك أن توترها يزداد فقال ليوقف نفسه ويهدئ منها "هل تخافين مني عهد؟"
قلبها لم يساندها ولم ترفع عيونها له وهي تقول "أبدا"
أمسك يدها التي لا تمتد للطعام وهمس "انظري لي عهد، انظري لي"
رفعت عيونها الحالمة له وارتفع معه صدرها من أنفاسها المتتالية وكأنها تتسابق بجنون، التقى بها وبعيونه الذهبية حنان تدركه تماما وبصوته أمان لم تعرفه إلا معه وهو يقول "أنا أحبك عهد ولن أفكر يوما بأن أكون سببا بأي ألم يصيبك، أنا عشت ثمانية وثلاثين عاما دون زواج، لا أنكر أني عرفت نساء ولكن ليس كالآخرين كان من أجل العمل، تعلمين كيف كنت أفكر بالزواج ولكن معك كل شيء تبدل لأني أحببتك وأردتك معي وتلك الأمور يمكنها الانتظار حتى تكون زوجتي مستعدة طالما نحن سويا"
ظلت تنظر له حتى قالت "أخشى ألا أسعدك ليث"
قبل يدها وقال "دعي الحكم لي وأنا سأكون متحيزا لمن اختارها قلبي"
ابتسمت براحة وقالت "وأنا أحبك جدا ليث، أحبك حد الموت"
رفع يده لوجهها وداعب خصلات شعرها الحريرية وقال "الموت ليس ضيف لدينا اليوم حبيبتي فلا داعي لذكره فقط السعادة عهد، السعادة هي شريكنا الثالث"
ثم عادا للطعام تناولته وقد أعاد لها بعض الراحة، نهضت لتبعد الأطباق ولكنه قال "لا، دعي كل شيء، هناك من يفعل كل ذلك أنا فقط أحتاج لعصير"
قالت "سأحضر الأكواب والعصير"
تحركت لترى المطبخ ثم جهزت كل شيء وعادت له وهو يقف أمام النافذة يمسك بالستارة وما زال الظلام يحيط كل شيء ولكن زبد الموج الأبيض يضيء مع كل موجة تنتهي على رمال الشاطئ
رفعت الكوب له وقالت "العصير، أنت تحبه"
التفت لها وترك الستارة، تناول الكوب وقال "جون من جعلني أعتاد عليه وقت أن كنت أتدرب معه وبالتأكيد بنيويورك كان من الصعب مقاومة النبيذ والويسكي ولكني فعلت وهو استبدلهم بالعصير طبعا"
تناوله وعندما رفع يده بالكوب انفرجت أطراف روبه فبدا لها جزء من صدره وقد لاحظت عضلات واضحة أمامها بالطبع ألم يخبرها أن جون كان يقوم بتدريبه، مظهر صدره جعلها تزداد خجلا وتوردا، هل حقا يمكنها أن تلمس تلك العضلات، تمرر أصابعها عليها وتشعر بمدى صلابتها وقوتها؟ فجأة شعرت بالحرارة بجسدها فالتفتت لتذهب هاربة من أفكارها الفاضحة ولكنه أمسكها ليعيدها لجواره رافضا بعدها وقربها منه فرفعت وجهها له وقد سقط ضوء الشموع على وجهه فبدا جذابا أكثر من أي وقت وتنسمت عطره المسكي فزاد من حرارتها وارتجف جسدها مرة أخرى وهي تراقب خصلاته الفضية المبللة وهي تلمع تحت ضوء القمر لتزيده وسامه وتبعث بها رغبة بأن ترفع أصابعها وتمررهم بخصلاته بإعجاب
سمعته يقول "إلى أين عهد؟"
رائحة عطره زادت حولها وأخذتها لعالم آخر وعيونه تخترق عيونها وتتجول على وجهها وهي لم تبعد عيونها عنه، كانت تنطق بالعشق وهو التقط نظرتها فزادته رغبة بها
وضع الكوب بعيدا وعاد لها وقال "القمر مكتمل الليلة ويبدو رائعا"
لم ترى أي شيء وهو يجذبها له أكثر وعيونه تتجول على ملامحها الرقيقة، عيونها الذهبية تذيبه، رفع يده ومررها على وجنتها لتشتعل نيران بجسدها من لمساته الرقيقة وكأنه يعرف أين يضعها، عيونها حكت عما يحدث لها فأخفضتها وقالت بضعف حاولت أن تخفيه
"لم أحب الليل، كنت أخشى الظلام ولا أحب النوم به وحدي"
اخترقت يده شعرها الانسيابي مستمتعا بملمسه الحريري سعيدا أنه له ملكه كصاحبته الفاتنة، تنفس بعمق محاولا السيطرة على رغبته الرجولية بامرأته الخجولة وقال "لذا تعملين ليلا"
لمسته تضعفها أكثر، أرادت لو تخبره أن يتوقف ولكنها لم تريده أن يتوقف وهو لم يفعل وهي تهز رأسها دون قدرة على الرد وهو يترك النافذة ليحيطها بيديه، يده تلتف حول خصرها اللين من تحت قميصها الخفيف ويده الأخرى تحتضن وجهها ولم يعد بإمكانه التوقف وتلك النظرات تقتله
جذبها له فشهقت وهي ترفع يداها على صدره العاري وقد انفلت روبه، لمسة يداها الناعمة لصدره أشعلت نيرانه لحد الجنون ودس يده بخصلاتها الغزيرة وهمس
"لن تخافي بعد اليوم عهد لأن ليلك سيكون معي بين أحضاني لأني لن أتنازل عن وجودك معي لحظة واحدة ليس بعد الآن فأنا لن أتحمل أن يمضي الليل وأنتِ لست بين أحضاني ولي"
ولم يفكر وهو يهبط بنظراته على شفتيها وجذب وجهها له وانحنى ليسقط بفمه على شفتيها البنية وقد أذابه عطرها ولمستها البريئة وأفقده التحكم بنفسه ولم يمكنه أن يتوقف فقد توقف كثيرا فيما مضى ولكن اليوم وهي زوجته، حقه، لن يمكنه أن يتوقف فكم اشتاق لها وكم تمنى أن يتملكها ليضع بصمته عليها وتصبح زوجته وهو الليلة سيفعل لأنه لا يملك أي قدرة على الانتظار
تعمقت قبلته وانفرجت شفتاها له ولم تتراجع ويداها تتحرك على صدره تستكشفه كما تمنت وكلاهم نسى خجلها وخوفها من ليلتهم الأولى وهو يهجر فمها ويتحرك بقبلاته على عنقها ويداه تفك رباط الروب ليبعده عنها متهاويا على الأرض دون أن يبعدها وهي لا تمانع وقد فقدت أي رغبة بالبعد عنه بل تمنته أكثر وأرادت لمساته وقبلاته التي انسابت على وجنتها ثم انحرفت على عنقها ويده تلتمس طريقها على جسدها حتى طبع قبلة على العرق النابض بعنقها فتأوهت برقة زادت من رغبته وهو يهمس
"جميلة، فاتنة، كلك جميلة عهد، أحبك"
لم تعد تسمعه ويداه تعتصر جسدها وقبلاته تتحرك على بشرتها الناعمة ولم يتراجع لأنها لم توقفه فقد فقدت أي إحساس سوى إحساس واحد، إحساس بالسعادة لأنها معه بين ذراعيه وأنه ترك العالم كله وخطفها لعالم خاص بهما وحدهما، اختارها هي وأرادها وها هو بين ذراعيها وهي سعيدة بين يداه وتذوب من قبلاته وتنصهر من حرارة أنفاسه ولا تقوى على إبعاده، هو الرجل الوحيد الذي هزم الخوف داخلها وبث بقلبها الأمان لذا ودعت الخوف على أعتاب نيويورك وتجملت بالحب لذلك الرجل الذي تمنته بالحلم والواقع ولن ترفض تحقيق الحلم الآن
لم يتوقف وهو يدرك أن رغبتها به تعادل رغبته بها فهي لا ترفضه ولم تبعده بل كانت يداها تلمس صدره برقة جعلته يرتجف ويسعد بها ثم رفعتهم لتحيطه بهما فلمس نعومتها واخترقت أصابعها مؤخرة رأسه وشعره وأدرك أن جسدها استجاب له وودعت الخوف والخجل واستسلمت له بنفس العشق والحب
عندما تأوهت برقة مرة أخرى أبعدها ليرفعها بين ذراعيه ولم تعترض وهي تحيط عنقه بذراعيها وتخفي وجهها الخجول بصدره حتى أحرقته أنفاسها الدافئة وتحرك للغرفة
وضعها برقة بالفراش وعيونه لا ترى سواها وللحظة شعر بالبرد لبعدها فعاد لها ولقبلتها ورفعت يداها لتعبث بمؤخرة عنقه وتمتد لشعره الغزير الناعم مرة أخرى ولم تشعر كيف تخلص من قميصها ولا متى أبعد روبه لتلمس عضلاته المرسومة وتستمتع بقوتها وتملكتها السعادة وهو يمنحها كلمات رقيقة جعلتها لا تدرك حتى أين هي ولكنها أدركت عندما قبضت أصابعها على عضلات صدره العاري بتوتر وألم ليعيدها للواقع فتوقف قليلا وسمعته يهمس
"اهدئي حبيبتي، عندما تريدين أخبريني"
وعاد يقبلها برقة ويسمعها كلماته الجميلة والرقيقة حتى هدأت وعاد لينالها ويتملكها برقة آلمتها ولكن برغبة وسعادة لأن الحب الذي بينهم جعلها أجمل لحظة لهما هما الاثنان استمتعا بها دون أي شيء يعكر صفو سعادتهم لحظة توحد بها جسدهما معا وروحهما وحلقت فوقهم مشاعر العشق والهوى وهمس بجوار أذنها
"أنا أعشقك عهد"
يتبع..
أنت تقرأ
رواية وجهان لامرأة واحدة بقلمي داليا السيد
Romanceسكنت داخل ردائها الأبيض تحتمي خلفه من مواجهة العالم من حولها، اختارت أن تكون الممرضة الصامتة ، الضعيفة ترفض خروج المرأة القوية التي هي عليها متجاهلة وجودها بل لا تعترف بها، لكن يوم سقطت عيونها عليه تمزق الرداء الأبيض بقوته الهائلة وإيمانه بها، دفعها...