الفصل التاسع عشر

337 17 14
                                    

الفصل التاسع عشر
إما أنا وإما هي
تراجعت عهد من نظرات مي القوية ولكن ذراع ليث لم تفلتها وهو يواجه مي التي تحركت تجاههم وقالت بغضب ظهر بوضوح بعيونها "وأنا التي كنت أتساءل عن انشغالك عني ليث، هل عدت لتلك الفتاة مرة أخرى؟"
تراجع وهو يحاول عدم لفت الأنظار لهم وقال "ماذا تفعلين هنا؟"
لم تبعد عيونها عنه وقالت "أسألك نفس السؤال ليث؟"
ترك عهد واقترب من مي وقال "حياتي لا دخل لك بها أخبرتك ذلك مرارا"
قالت بنفس الغضب "بل لي ليث، عندما تكون خطيبي وستكون زوجي يكون لي الحق بكل شيء بحياتك"
ولكنه لم يتراجع وهو يحاول إيقاف الغضب وهو يرد "لا الخطوبة ولا الزواج ستمنحك أي شيء طالما لن أمنحه أنا لكِ"
تراجعت وهي تقول "أنت تخونني ليث"
أبعد وجهه وهو يعلم أنها حقيقة، هو يخرج مع امرأة أخرى امرأة أرادها وأراد أن يكون معها، ولكنه رفض التفكير بمي ووجودها بحياته وكان يدرك أن عهد هي الأخرى تتجنب ذكرها كلاهم كان يتجنب تلك المنطقة الغريقة خوفا من السقوط بأعماقها دون مجال للإنقاذ والخروج منها بسلام
عندما هبط الصمت التفتت مي لها فتراجعت هي ونظرات مي الغاضبة تكاد تحرقها وهي تقول
"بالطبع لن تتركي فرصة كهذه تضيع منك مرة أخرى؟ عدت لتلتفي حوله وحول أمواله أليس كذلك؟"
لم تأخذ عهد الصمت طريق تلك المرة وإنما قالت "لا، ليس كذلك لأني لست بحاجة لأمواله، لدي ما يكفيني يا آنسة، لم أعد فتاة ضائعة أو تائهة تحتاج ليده أو لأمواله، أنا لي مكانتي ومركزي الآن واسألي عني قبل أن تتحدثي معي"
التفت هو لها بينما صرخت بها مي "أسال عن حشرة مثلك؟ أنتِ تظنين نفسك شخص هام لأهتم بها أنت لا شيء هل تسمعيني؟ لا شيء"
وقبل أن يرد قالت هي "وطالما أنا لا شيء لماذا تنزعجين مني هكذا؟"
شحب وجه مي وتبعثرت منها الكلمات "أيتها ال"
ولكن عهد أوقفتها "ليس من حقك التلفظ بأي كلمات بحقي وإلا سأقاضيك بها"
رفع ليث حاجبه بدهشة من كلماتها والثقة التي تتحدث بها بينما تراجعت مي قائلة "تملكين الوقاحة لتفعليها وأنت تقيمين علاقة مع رجل خاطب كم يمنحك مقابل أخذك للفراش؟"
يدها التي سقطت على وجنة مي كانت الرد على كلماتها وهي تقول بقوة "كلمة أخرى وستدفعين ثمنها غاليا، أنا لا أصحب أحد للفراش أنا هنا بمكان عام وسط جمع غفير من الناس وليس لدي ما أخفيه"
جن جنون مي وتحركت للهجوم على عهد ولكنه توقع ذلك فتدخل قابضا على ذراعي مي وهو يقول بغضب "إلى هنا وتوقفي مي ولا تثيري الأمور أكثر من ذلك"
نظرت له مي والدموع بعيونها "حقا!؟ أنت تدافع عنها هي ليث؟ ماذا بينكم؟ طالما تريدها لماذا أنا بحياتك إذن؟ عليك أن تقرر ليث إما أنا وإما هي"
ثم نفضت يداه وتحركت لسيارتها وظل كلاهم يتابعها وهي تضغط البنزين بقوة راحلة من المكان فنظرت هي له واندهشت لأنه لم يذهب خلفها وإنما التفت لها وقال "دعينا نذهب"
كانت الريح قد بدأت تقوى من حولهم فشعرت بيده على ذراعها ودفعها للسيارة فلم ترفض وإنما تحركت معه في صمت حتى ركب السيارة وقاد دون كلمات حتى وصلا بيتها فأوقف السيارة وقد هطلت الأمطار غزيرة واندمجت مع الرعد القوي وهو الصوت الوحيد الذي تصاعد حولهم حتى التفتت ونظرت له وقالت
"أنا آسفة"
أعادته كلماتها إلى الواقع فالتفت لها وقال "على ماذا؟"
قالت بألم "أفسدت حياتك، أخبرتك"
لم ينظر لها وهو يقاطعها وقال "ليس لك دخل بالأمر عهد، انزلي لابد أن أذهب قبل أن تزداد الأمطار"
وبالفعل كانت الأمطار قد ابتلعت الأجواء من حولهم وللحظة ظنت أنه سيعود لمي ليصحح ما بينهم وقتلتها الغيرة ولكنها تماسكت وقالت "كيف ستقود وسط الأمطار؟"
التفت لها وقال "ليست المرة الأولى عهد، هيا انزلي"
كادت تتحرك ولكنها لم تشأ أن تمنح مي أي انتصار حتى لو عاد لها فالتفتت له وقالت "رغم كل ما حدث، شكرا على تلك الليلة الرائعة، بالنسبة لي لن تفسد بوجود مي مرة أخرى، أحببت كل لحظة أمضيناها سويا ليث"
والتفتت ونزلت تجري تحت المطر حتى الباب، فتحته ودخلت فقاد السيارة وأغلقت هي الباب تستمع لصوت المطر الشديد بالخارج ولكنها لم تتحرك بل استندت على الباب وهي تبعد مي عن ذهنها وتغلق عيونها وتراه وهو ينظر لها بنظراته الجديدة، نظرات عشقتها وأحبتها عشقت عندما ضمها إليه وألقي عليها كلمات جعلتها تحلق بالفضاء
قطع خيالها دق على الباب ففزعت والتفتت لتفتح لتراه أمامها والمطر ينهمر عليه واتسعت عيونها لرؤيته ولم يتردد وهو يخطو خطوة واحدة إليها ويجذبها له بقبلة مفاجأة استجابت لها دون تفكير ورفعت ذراعيها لعنقه والمياه تبلل يداها وهي تتذوق قبلته الرائعة ويداه تحيط خصرها بقوة وقلبه يدق بعنف شعرت به وهي ترتفع على أطراف قدماها رغم الكعب العالي وهو لا يفلتها ولا هي تبتعد عنه وكلاهم يجد نفسه بين أحضان الآخر ويجد الحياة بين أنفاسه ويستعيد سعادته من بين دقات القلوب المتبادلة حتى انقطعت أنفاسها وارتجف جسدها بين ذراعيه فترك شفتيها دون أن يبعد وجهه عنها وقد احمر وجهها وتعالت أنفاسها المتسارعة وهو يهمس
“أنا مجنون بك عهد، لا أستطيع البعد عنك"
رفعت رموشها لتنظر له وهمست "وأنا أحيا بأنفاسك ليث"
جذبها لأحضانه بقوة فلم تتركه وإنما استكانت على صدره وذاقت طعم الراحة والأمان اللذين اشتاقت لهما منذ عرفته
أبعدها فرفعت وجهها له وقالت "لا تذهب بالمطر، انتظر حتى يهدأ"
هز رأسه فتحركت ليدخل وأخذت منه الجاكيت ووضعته ليجف وتحركت وأحضرت له منشفة جفف بها وجهه وشعره وقالت "سأعد شاي"
لم يعترض وهو يعود ليخرج الهاتف الذي كان يرن، اسم عزيز تلألأ أمامه فأغلق الصوت ولم يرد، لن تفسد تلك الليلة كما قالت هي فهي الذكريات التي تمنحه القدرة على الحياة..
عاد للأريكة وسقط عليها وهو يقول "متى موعد دوامك؟"
كانت تتحرك تجاهه بأقداح الشاي ومنحته واحدا وقالت "العاشرة مساء الغد"
تناول بعض الشاي وقال "هذه اجازة؟"
جلست على المقعد المواجه له وهي تعلم أنه لن يتحدث عن مي ولا هي أرادت أن تفعل، لقد منحته مي فرصة ليختار بينهما وحتى الآن هو لها هي فلتستمتع بذلك الآن فلحظات السعادة لا تأتي كل يوم ولكن النقط لن توضع وحدها على الحروف
قالت بهدوء "نعم أحصل عليها عندما أتعدى ساعات العمل الأصلية"
وضعت عيونها بالكوب وقالت رغما عن أفكارها "ماذا ستفعل مع مي؟"
وضع القدح على المائدة وقال "لا شيء"
رفعت وجهها له بدون فهم فقابل نظراتها وأكمل "هي تعلم أن لا أحد يجبرني على شيء"
تركت الشاي ونهضت للنافذة تتأمل المطر وهي تستوعب كلماته ولا تفهم مصيرها بحياته، مهما تجنب كلاهم الحديث لابد أن يفعلا بوقت ما وها هي تفعل رغما عنها شعرت به بجوارها فنظرت له وهو يضع يداه بجيوبه فقالت
"ولكنها على حق ليث، أنت تخونها، لا مجال لنا سويا بحياتك"
نظر لها وهو أيضا يعلم أنها على حق فقال "عزيز يقيدني عهد، أعطيته وعد بعدم تركها ورغم أنه يعرف أفكاري عن الزواج إلا أنه ألح علي بأن ألتزم تجاهها على الأقل نبدأ بالخطوبة وقد فعلت ومنحته وعدي بالاهتمام بها"
أبعدت وجهها للنافذة وقالت "وما الذي جعله يقيدك بوعد كهذا؟"
ابتعد للداخل فالتفتت تتابعه وهو يقول "المرض"
ظلت صامتة فالتفت لها وقال "مي مصابة بمرض بالمخ يصعب علاج، هي لا تعرف شيء فقط تصيبها نوبات فقدان للوعي وتدخل بغيبوبة لا ندري متى تفيق منها وهذا هو سبب عدم وجودها مع عزيز عندما كان بالمشفى مؤخرا كانت هي بغيبوبة بلندن وبالطبع أنا لم أخبره من أجل قلبه، وقت اكتشف عزيز أمرها كنت معه ولأنه يعلم أني مدين له بالكثير طالبني بالسداد"
جلست وقد فقدت القدرة على الوقوف، الآن أدركت لماذا تخلى عنها مرة ورفض ترك مي، رفعت وجهها له وقالت "وهي وافقت على ارتباطكم؟"
ابتعد وقال "نعم، منذ الصغر وهي مرتبطة بي كثيرا، أخبرتك أنه هو من ساعدني على نشر تصميماتي وقتها كانت هي بالعاشرة تقريبا وكنت أمضي وقت كبير ببيتهم فلم أدرك أنها تعلقت بي ظننت أننا أصدقاء وربما كنت أرى بها بريهان ولكن مع الوقت اعترفت لي بمشاعرها ولكني أبعدتها ودخلت هي بعلاقات أخرى فشلت بها بالطبع بسببي حتى كان من سقوطها بالمرض عندما اكتشفنا مرضها فأخذ عزيز مني وعد بألا أتركها وطالبني بالارتباط منها بخطوبة وربما ظن أني قد أتراجع عن أفكاري مع الوقت وأتزوجها ووقتها كنت غاضب من نفسي لأني قابلتك لأول مرة وضعفت أمامك عندما كدت أقبلك بمكتبي بالفيلا بمصر فعاقبت نفسي كما أخبرني جون ووافقت على الخطوبة وظننت أنه الحل لإبعادك عن حياتي"
كانت تحدق به وهو يخبرها كل شيء وأدركت أن علاقتهم لا مستقبل لها فأخفضت وجهها وقالت "عليك بألا تتركها وفاء بوعدك"
ثبت نظره عليها ورأسها منخفض قبل أن يقول "ولكن لا يمكنني الزواج منها عهد"
لم تنظر له والدموع تغزو عيونها فوجدته يتحرك تجاهها ثم انحنى أمامها ولم تنظر له وهو يقول "لن يمكنني أن أعيش بدون وجودك بحياتي عهد كم مرة علي إخبارك بذلك لتصدقيني؟"
رفعت عيونها الباكية له وقلبها ينبض بالألم وقالت "وكيف يمكنني أن أخبرك أني لا أعيش إلا عندما أراك؟ كيف يمكنني أن أمنع نفسي من أن، لا ليث كل ذلك خطأ، خطأ"
وتوقفت والبكاء يسيطر عليها فدفنت وجهها بين راحتيها فأدرك الألم الذي تشعر به كما هو الآخر فأحاط وجهها بيديه وقال "حتى لو لن يمكننا أن نتوقف عهد، كلانا حاول وفشلنا"
أبعد يداها عن وجهها ورأى عيونها تنظر له بحزن ويأس فقال "ليس من حقي أن أطلب منك أن تظلي بحياتي دون أمل بالزواج ولكني أيضا لن أتحمل وجود رجل آخر بحياتك يمكنني قتله عهد، لا يمكنك تخيل ما أشعر به وقت أراك مع رجل آخر، يصيبني الجنون، لا يمكنني تحمل ذلك"
قالت بصدق "أنا لا يمكنني أن أرى رجلا آخر سواك ليث أنت الرجل الوحيد الذي ملك حياتي كلها ولا يمكنني تخيل حياتي بدونك، لا يمكنني"
انحنى أكثر وجذبها إليه وانهارت بالبكاء بين أحضانه وهو يقبض عليها بقوة ويغمض عيونه وهو لا يعرف ماذا يمكنه أن يفعل
هدأت قليلا فأبعدها واعتدل ليحضر بعض العصير وهي تسند رأسها ليدها دون هدى
عندما هدأت جلس على الأريكة وقال "لابد أن أخبر عزيز بالحقيقة عهد"
رفعت رأسها له وقالت بأمل "نعم"
ثم عادت وقالت "وقلبه الضعيف؟ ومرض مي"
رفع يداه الاثنان لشعره وقال "نعم الأمر ليس بسهل"
نهضت وابتعدت للنافذة وقد هدأ المطر فنهض هو الآخر وقال "لابد أن أذهب لقد تأخر الوقت"
التفتت له وهو يدرك ملامحها الحزينة الأمر لم ينتهي، أبعد وجهه وقال "دموعك تقتلني عهد"
دموعها أيضا لا تتوقف فعاد وقال "لكن لا يمكننا التوقف عهد لن أسمح لأي أحد أن يخرجك من حياتي حتى ولو كنت أنتِ؟ هل تسمعيني؟"
زادت دموعها ولم ترد للحظة ثم قالت فجأة وهي لا تريد تلك الحيرة التي بعيونه "لا ليث، لابد أن تتركني، أنت رجل شرف وكلمتك أهم لابد أن نفترق ليث أنا لن أتحمل ذلك لن أكمل معك"
تراجع من كلماتها، رفع رأسه وهو يراها تدفن رأسها بين يدها فأدرك كلماتها فقال "أنت بالتأكيد تمزحين عهد، لن نفترق بعد كل ذلك"
كان الألم قويا وهي تقول "اسمك وسمعتك"
قال بغضب "لا دخل لك بهم فقط إجابة واحدة أريد أن أسمعها، هل ترفضين ما بيننا؟"
الدموع كانت تفيض هنا وهناك على وجهها واختارت الصمت ولم ترد فهز رأسه وقال "حسنا لقد فهمت"
والتفت ليذهب ولكنها لم تستطع تحمل بعده لا لن يتركها هي لا ترفض ما بينهم بل لا تريد سواه ولن تتنازل عنه مهما كان الثمن وبنفس اللحظة ارتد لها الخوف الذي كانت تحيا به، الخوف من حياتها بدونه الخوف من تحطم قلبها ببعده، الخوف من العالم بدون الرجل الذي لم تحب سواه لذا هتفت
"ليث"
التفت ليراها تندفع له ولأحضانه بكل قوة حبها له فأحاطها بقوة وهي تدفن رأسها بصدره والبكاء يأخذها ولكنها هتفت "لا تتركني ليث، لا معنى لحياتي بدونك، لا يمكنني أن أعيش بدونك"
أغمض عيونه بقوة كما أغلق عليها بذراعيه وهو يعلم أن لا شيء بالعالم سيبعدها عنه بعد الآن وعليها أن تنسى كل الألم الذي كان هو وما زال سببه عليها أن تجد البلسم والشفاء لجروحه السابقة لها والدواء الوحيد هو كلمة واحدة همس بها بجوار أذنيها
"أحبك عهد"
سكنت بين ذراعيه للحظة ثم ببطء ابتعدت لترفع وجهها الملوث بالدموع وخصلات شعرها الهاربة من طرحتها تتناثر على وجهها وعيونها التي تحدق به تكاد لا تراه من الدموع وهي تستجمع نفسها لتتأكد مما سمعته وهمست
“ماذا؟ أنت ماذا؟"
رفع راحتيه وأحاط بهم وجهها ولم يترك عيونها وقلبه يضرب بقوة داخل صدره وهو لا يتراجع عما قال وإنما هتف بحنان "أنا أحبك عهد، أحبك ولم أشعر بالحب أو أنطق بتلك الكلمة لامرأة أخرى سواكِ بحياتي السابقة كلها ولن أحب غيرك بحياتي القادمة"
لم تعرف هل تضحك أم تبكي أم تصرخ وتعلن سعادتها للعالم وهي تهتف من قلبها "لا، أنا لا أصدق، لا ليث أنت حقا تحبني؟ تحبني أنا؟"
ظل يتجول بعيونها ثم قال "منذ لمست شفاهي شفاهك بذلك اليوم بمكتبي بمصر عرفت أني أحبك، وقتها أدركت أن قلبي سقط بهواكِ هربت من الأمر وعدت إلى هنا وقاومت الاعتراف كثيرا ولكن لم أعد أستطيع الإنكار أكثر من ذلك، فررت من حبك كثيرا ولكني بالنهاية عدت لك لأني أحبك عهد أحبك أنتِ ولا أتمنى سوى قلبك"
ضمها له مرة أخرى وهمس "بكل يوم كنت أتساءل هل قلبك يريدني كما أريدك عهد؟"
أبدها وعاد لعيونها الباكية فهزت رأسها بسعادة وصدق وقالت "هو لم يريد سواك ليث، قلبي كان ملكك على الدوام، أنا أحبك ليث، لطالما أحببتك ولم أحب سواك، معك الأمان والراحة اللذين لم أعرفهم من قبلك أحببتك حتى قبل أن أعرف من أنت، خطفت قلبي من أول لحظة رأيتك بها وحلمت بقلبك كل ليلة"
أعادها لصدره بقوة وهو يشعر براحة لم يشعر بها إلا معها هي فقط، بكل مرة لا يندم على مشاعره تجاهها وقد قاده قلبه ولم يمكنه إيقافه وها هو يفوز ويسعد بحبها الذي حلم به بكل ليلة ومع كل نهار
لم يبعدها عن عيونه وظل ما تبقى من  الليل الممطر معها وهي تجلس بجواره على الأريكة يحتضن يداها ويحتوى عيونها دون تفكير بتركها ترحل من أمامه للحظة واحدة
ما أن أشرق النهار حتى ابتعدت على مضض من أحضانه وقالت "سأعد الإفطار"
مرر يده على وجنتها وهز رأسه وقال "حسنا ولكن لابد أن أذهب قبل أن يستيقظ الجميع"
هزت رأسها بتفهم مؤلم ولكنها لم تتحدث ونهضت وهي تقول "الحمام بآخر الممر"
نهض واغتسل ثم خرج وهو يجفف شعره بالمنشفة وهاتفه يرن فاندهش من الوقت وهو يتحرك لجاكته وأخرج الهاتف ليرى اسم عزيز مرة أخرى فأغلق الصوت ولم يجيب وهي تناديه
تناولا الإفطار ثم الشاي ونهض وهو ينظم ملابسه وهي تقف وتتابعه ثم تحرك لجاكته وارتداه ونظر إليها وهي تضم ذراعيها لصدرها وعيونها تستقر على عيونه فتحرك تجاهها حتى وقف أمامها ولمس وجنتها بيده وقال
"لا أريد رؤية تلك النظرة بعيونك عهد، أنا لا أخدعك ولا أغشك، أنا أحبك وموضوع مي سيكون له حل فقط أنتهي من كل ما يدور حولي ولابد أن تتأكدي  أن لا شيء بيني ويبنها سوى خطوبة لا معنى لها هل تثقي بي؟"
قلبها يفعل رغم الألم الذي يسكنه لذا هزت رأسها بالموافقة فرفع يدها وانتزع خاتمه من إصبعها ثم جذب يدها اليسرى ووضعه بها وهو يقول "اسمي على الخاتم عهد، منذ أول يوم وهو عليه وتمنيت ألا تتخلي عنه"
دق قلبها وهي تحدق به غير مصدقة كلماته، أبعد يدها ونزع دبلته التي يرتديها ورفعها أمامها وقال "واسمك هنا عهد"
تحولت عيونها للدبلة بذهول فرفعت يدها لها وأمسكتها لترى اسمها وتاريخ بجوارها فقال "تاريخ أول يوم رأيتك فيه لقد بدلتها"
مد يده لها فنظرت له بدموع جديدة ثم تناولت الدبلة وضعتها بإصبعه فقال "هذا يعني أني لن أكون لسواك عهد"
سقطت دموعها وهي تقول "وأنا لك ليث، سأنتظرك لآخر يوم بعمري"
جذبها له مرة أخرى فسكنت بين أحضانه حتى ابتعد للخارج دون أن ينظر لها مرة أخرى لأنه لو فعل فلن يرحل من هنا أبدا لأن برحيله يفقد قلبه ويحيا بلا روح بعيدا عنها
يتبع..

رواية وجهان لامرأة واحدة   بقلمي داليا السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن