الفصل التاسع
مرت تلك الأیام بھناءھا وعطائھا حتى جاءت السنة العاشرة للھجرة!
حیث خطب رسول ﷲ صلى ﷲ علیھ وآلھ بالناس بعد حجة الوداع قائلا( من كنت مولاه فھذا علي مولاه، اللھم وال من والاه وعاد من عاداه واخذل من خذلھ)
بعد ھذا التصریح الخطیر بدأت معاناة الزھراء مع الأعداء..
أعداء زوجھا علي الذي اختاره أباھا - بأمر من ﷲ - خلیفة لھ و وصیًا على أمور المسلمین.
وبدخول السنة الحادیة عشرة من الھجرة بانت علامات الرحیل واضحةعلى مُحیّا رسول ﷲ مما جعل قلب الزھراء منقبضًا مھمومًا حزینا..
في عالم الرؤیا وبعد حجة الوداع بالتحدید رأت فاطمة أنھا كانت تقرأ القرآن وفجأة وقع من یدھا واختفى!
استیقظت مرعوبة وقصت الرؤیا على أبیھا الرسول فقال :
( أنا ذلك القرآن یا نور عیني؛ وسرعان ما أرحل)
لم تتمالك الزھراء نفسھا من البكاء وھي تتخیل ظلمة الأیام ووحشة اللیالي دون وجود أبیھا الرسول!!
اشتد المرض بالنبي أكثر فأكثر والزھراء بجانبھ یشتد وجدھا على أبیھا،صار یغمى علیھ من ثقل المرض وأصر بعض الأصحاب أن یكونوا بجانبھ في لحظاتھ الأخیرة..
كان یوم خمیس عندما أفاق الرسول من اغماءتھ فوجد أبا بكر وعمر وابن عباس وآخرین، فاستغل فرصة وجودھم لیقول : ( ائتوني بدواة وبیاض، أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعدي أبدا).
حینھا تنازع الرجال فیما بینھم وأطلق عمر مقولتھ الشھیرة : إن الرجل لیھجر، حسبنا كتاب ﷲ!!
ھنا طردھم رسول ﷲ خارج غرفتھ وھو یقول: قوموا عني ولا ینبغي عندي التنازع.
فخرج ابن عباس وھو یضرب كفًا بكف ویقول: الرزیة الرزیة ما حال بین رسول ﷲ وكتابھ!
ومنذ ذلك الیوم وتلك الحادثة صارت تسمى برزیة الخمیس!
أعطى رسول ﷲ النتیجة الحتمیة إن لم یكتب وصیتھ، وھي الضلال المبین! أما إنھ لو كتبھا فلن یضلوا من بعده ابدا.. لكنھم لم یدعوه لیكتبھا...
كانت الزھراء ترى كل ذلك بقلبٍ حزین وعینٍ دامعة، وكأنھا ترتقب ایامًا صعبة الأحداث.
تمنت في سرھا أن ینتشر خبر رزیة الخمیس لیعرف الجمیع حقیقة المؤامرة التي حیكت ضد زوجھا علي وحقھ في خلافة والدھا الرسول..
وشاءت إرادة ﷲ أن تتحقق تلك الأمنیة وھا ھي رزیة الخمیس إلى یومنا ھذا موثقة في كتب المخالفین قبل كتب غیرھم!!