الجزء الثاني
الفصل الثالث عشرونقل الشیخ الطوسي - وھو تلمیذ الشیخ المفید - أنّھ لا خلاف بین الشیعة أنّ عمر ضرب الزھراء على بطنھا حتى اسقطت المحسن، فلو كان شیخھ المفید مخالفاً لم یصح منھ دعوى الإجماع!
قال الشیخ الطوسي : ومما أنكر علیھ : ضربھم لفاطمة علیھا السلام ، وقد روي : أنھم ضربوھا بالسیاط، والمشھور الذي لا خلاف فیھ بین الشیعة : أن عمر ضرب على بطنھا حتى أسقطت ،فسمي السقط محسنا، والروایة بذلك مشھورة عندھم، وما أرادوا من احراق البیت علیھا - حین التجأ إلیھا قوم ، وامتنعوا من بیعتھ - ولیس لأحد أن ینكر الروایة بذلك ،لأنّا قد بینا الروایة الواردة من جھة العامة من طریق البلاذري وغیره، وروایة الشیعة مستفیضة بھ، لا یختلفون فيذلك .
(تلخیص الشافي للشیخ الطوسي : ٣ / ١٥٦) .
فھنا ینقل الشیخ الطوسي أمران مشھوران عند الشیعة مجمع علیھ بینھم:
الأول : ضرب عمر بن الخطاب فاطمة حتى اسقطت المحسن.
الثاني : إرادتھم حرق دار فاطمة وعلي علیھما السلام.
نكرر السؤال: فلو كان شیخھ المفید مخالفًا فكیف یصحّ منھ أن یدعي الإجماع؟!
بل نقول أكثر من ھذا : إنّ الشیخ المفید وھو أبو عبد ﷲ محمد بن محمد بن النعمان ،یقیم مجالس العزاء على الزھراء، ویبكي علیھا وعلى ولدھا المحسن السقط ،كما نسب إلیھ ذلك أحد كبار المعتزلة وھو القاضي عبد الجبار الھمذاني وھو من المعاصرین للشیخ المفید ، قال في كتابھ تثبیت دلائل النبوة:
وفي ھذا الزمان منھم ... " ویعدد مجموعة من الرجال المعروفین إلى أن یصل الى الشیخ المفید فیذكره بالاسم بقولھ : وأبي عبد ﷲّ محمد بن النعمان فھؤلاء بمصر و بالرملة وبصور ، وبعكا وبعسقلان وبدمشق وببغداد وبجبل البسماق . وكل ھؤلاء بھذه النواحي یدّعون التشیع ومحبة رسول ﷲّ صلىّ ﷲّ علیھ وسلم وأھل بیتھ، فیبكون على فاطمة وعلى ابنھا المحسن الذي زعموا أن عمر قتلھ، ویذكرون لھم تبدیل القرآن والفرائض، ویذكرون ما قد تقدم ذكره من أن خلافھم لھ و قتالھم إنما ھو لعداوتھ صلىّ ﷲّ علیھ وسلم وللشك في نبوتھ ،ویقیمون المنشدین والمناحات في ذلك . (تثبیت دلائل النبوة، ج ٢،القاضي عبد الجبار الھمذاني، ص ٢٨٨ - 289) .
ولم ینقل أحد من الشیعة فیما مضى أنّ الشیخ المفید أنكر مفردة من مفردات مظلومیة الزھراء علیھا السلام، ولا نسب ذلك لھ أحد من علماء أبناء العامة، ولو كان لبانَ الأمر وظھر ،فالشیخ المفید لیس مجھولاً، ومؤلفاتھ منتشرة.
نعم لم نجد في مؤلفات الشیخ المفید التي وصلتنا ذكرًا لمسألة كسرالضلع، ولكن عدم الوجدان لا یدل على عدم الوجود ،فلعلھ نقلھا في بعض كتبھ التي لم تصلنا، ھذا أولاً .
وثانیًا: عدم الذكر لا یدل على عدم الاعتقاد ،فلعلھ یعتقد بھا، ولكن لحساسیة القضیة لم یذكر روایتھا، لما للشیخ المفید من مكانة كبیرة في المجتمع الإسلامي .
ثالثًا : قلنا سابقًا أنھ قد أشار تلویحًا إلى روایة كسر الضلع التي رواھا الصدوق عن عبد ﷲ بن عباس عن النبي صلى ﷲ علیھ وآلھ، فراجع عند نقلنا زیارة الزھراء عن كتاب المقنعة .
