الجزء الثاني
الفصل الخامسوقبل أن تذھب الزھراء لمسجد والدھا اتجھ زوجھا علي بن أبي طالب لیحاججھم في حقھا فلیس من الھین علیھ أن تقف زوجتھ الشابة الجلیلة وسط حشود الرجال وأمام ھذا وذاك لیسمعوا صوتھا المقدس وینصتوا لأنینھا وزفراتھا المتوجعة! نعم لم یصمت علیًّا عن كل ھذا الظلم فلقد سلبوا منھ الخلافة وھا ھم یسلبون من زوجتھ ارضًا ھي في الحقیقة جنة الفقراء والمساكین والأیتام..
جاء في الاحتجاج للطبرسي وكشف الغمة وشرح النھج لأبي الحدید:
أن علیًا جاء إلى أبي بكر وھو في المسجد فقال: ((یا أبا بكر لمَِ منعت فاطمة میراثھا من رسول َّ ﷲ وقد ملكتھ في حیاة رسول َّ ﷲ (صلى َّ ﷲعلیھ و آلھ)؟
فقال أبو بكر: ھذا فيء المسلمین ،فإن أقامت شھودًا أنّ رسول َّ ﷲ جعلھ لھا، و إلّا فلا حق لھا فیھ، فقال أمیر المؤمنین (علیھالسلام): ((یا أبا بكر أتحكم فینا بخلاف حكم َّ ﷲ في المسلمین؟))
قال: لا، قال علیھ السلام: ((فإن كان في ید المسلمین شيء یملكونھ، ثم ادّعیت أنا فیھ، من تسأل البینة؟)) قال: إیّاك أسأل البینة، قال علیھالسلام: ((فما بال فاطمة سألتھا البینة على ما في یدھا وقد ملكتھ في حیاة رسول َّ ﷲ (صلى َّ ﷲ علیھ و آلھ) وبعده، ولم تسأل المسلمین بینة على ما ادّعوا شھودًا كما سألتني على ما ادعیت علیھم؟))
سكت أبو بكر فقال عمر: یا علي، دعنا من كلامك ،فإنا لا نقوى على حجتك ،فإن أتیت بشھود عدول، و إلا فھو فيء المسلمین لا حق لك ولا لفاطمة فیھ.
فقال علي علیھ السلام:((یا أبا بكر تقرأ كتاب َّ ﷲ؟))
قال: نعم ،قال علیھ السلام:((أخبرني عن قولھ عز وجل: (إنما یرید َّ ﷲ لیذھب عنكم الرجس أھل البیت ویطھركم تطھیرًا) فیمن نزلت؟ فینا أو فيغیرنا؟)) قال: بل فیكم ،قال علیھ السلام:((فلو أن شھودًا شھدوا على فاطمة بنت رسول َّ ﷲ (صلى َّ ﷲ علیھ و آلھ) بفاحشة ما كنت تصنع بھا؟)) ، قال: كنت اقُیم علیھا الحد كما اقُیم على نساء العالمین!
قال علي علیھ السلام:((كنت إذن عند َّ ﷲ من الكافرین)) ، قال: ولمَِ؟ قال علیھ السلام: ((لأنّك رددت شھادة َّ ﷲ بالطھارة وقبلت شھادة الناس علیھا، كما رددت حكم َّ ﷲ وحكم رسولھ أن جعل لھا فدكًا وزعمت أنّھا فيء للمسلمین، وقد قال رسول َّ ﷲ صلى َّ ﷲ علیھ و آلھ: البیّنة على من إدعى والیمین على من أنكر)) فدمدم الناس، وأنكر بعضھم بعضًا، وقالوا: صدق و َّﷲ عليّ.