الفصل العاشر

7 1 0
                                    

الفصل العاشر

أرسل علي في طلب فاطمة لتحضر عند الرسول للمرة الأخیرة لتودعھ فلقد حان الفراق!
جاءت الحوریة الإنسیة ومعھا الحسن والحسین تجر أذیال الأسى والحزن، فانكبت على والدھا تبكي، فأومأ إلیھا بالدنو منھ لیھمس إلیھا أمرا..
وما أن انتھى من سره الذي أبداه لھا حتى استبشرت وتھلل وجھھا فرحًا..
سألتھا بعض نساء النبي ممن كن حاضرات ذلك الموقف عن سبب تحول بكاءھا إلى ضحك فقالت :
قال لي أبي : إنكِ أول أھل بیتي لحوقًا بي، ونِعم السلف أنا لكِ، أماترضین أن تكوني سیدة نساء أھل الجنة؟
ساءت حالة رسول ﷲ فنادت فاطمة على علي الذي كان یبكي خارج الحجرة، قال لھ النبي وھو یجود بنفسھ:
ما یبكیك یا علي؟ لیس ھذا أوان بكاء! فقد حان الفراق بیني وبینك،فاستودعك ﷲ یا أخي، فقد اختار لي ربي ما عنده وإنما بكائي وغمي وحزني علیك وعلى ھذه أن تضیع بعدي..
ضم فاطمة إلى صدره الشریف وقَّبل رأسھا وقال: ( فداكِ أبوكِ یا فاطمة، أما وﷲ لینتقمن ﷲ ربي، ولیغضبن لغضبك..).
یروي لنا علي علیھ السلام ما دار في تلك اللحظات العصیبة فیقول:
فوﷲ لقد حسبت قطعة مني ذھبت لبكائھ حتى ھملت عیناه مثل المطر،حتى بلَّت دموعھ لحیتھ وملاءة كانت علیھ، وھو یلتزم فاطمة لا یفارقھا ورأسھ على صدري، والحسن والحسین یقبلانھ ویبكیان بأعلى اصواتھما، فلو قلت إن جبرئیل في البیت لصدقت لأني كنت أسمع نغمة بكاء لا أعرفھا، وكنت أعلم أنھا أصوات الملائكة لا شك فیھا، لأن جبرئیل لم یكن في مثل تلك اللیلة یفارق النبي! ولقد رأیت بكاءً من فاطمة أحسب أن السماوات والأرضین بكت لھا!!
ثم قال رسول ﷲ لفاطمة :
( یا بُنیّة ، ﷲ خلیفتي علیكم وھو خیر خلیفة، والذي بعثني بالحق لقد بكى لبكائك عرش ﷲ وما حولھ من الملائكة والسماوات والأرضون ومابینھما، یا فاطمة والذي بعثني بالحق لقد حرمت الجنة على الخلائق حتى أدخلھا، وإنكِ لأول خلق ﷲ یدخلھا بعدي). 
ختامھ مسك…
ھي بنت من؟ ھي زوج من؟ ھي أم من؟ ** من ذا یدانــــي فـــي الفخــار أباھــــــا

ھي ومضةٌ مـن نور عین المصطفى ** ھــادي الشــعوب إذا تـروم ھداھــــا

ولــزوج فاطمة بســـورة ھـل أتـــى ** تـــاج یفوق الشـمس عند ضحاھـــــا

فـــي روضِ فاطمة نما غصنانِ لـــم ** ینجبھمـــا فــــــي النیرات سواھــــــا

حســن الـــذي صان الجماعة بعدمــا ** أمســـى تفرقھــــا یحــــل عراھـــــا

وحســین في الأبرار والأحرار مـا ** أزكـــى شمائلـــھ ومـــــا أنداھـــــــا

ھــــي أســوة للأمھــــات وقـــــدوةٌ ** یترســم القمـــر المنیـــر خطــاھــــــا

نـــور تھاب النــــور قدس جلالــــھ ** ومنــى الكواكـــب أن تنــال ضیاھــا

جعلت من الصبر الجمیل غذاءھـــا ** و رأت رضى الزوج الكریم رضاھـــا

فمُھــــا یرتــــل آي ربـــك بینمـــــا ** یــدھا تدیر علـــى الشـعیر رحاھــــا

بلــتّ وســـادتھا لآلـــئ دمعھـــــــا ** مــن طـول خشـــیتھا ومـن تقواھـــا

جبریل نحــو العرش یرفع دمعھــا ** كالطـلّ یروي فـــي الجنـان رباھـــــا

 
...ختام الجزء الأول...

فراشة الحب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن