الجزء الثاني
الفصل السابع عشر
لقاء الزھراء بنساء المھاجرین والأنصارجاء في احتجاج الطبرسي مرسلاً عن سوید بن غفلة، وفي معاني الأخبار وشرح النھج لابن أبي الحدید بالإسناد عن عبد ﷲ بن الحسن عن أمھ فاطمة بنت الحسین (علیھا السلام)، وفي أمالي الشیخ بسنده عن ابن عباس، وفي كشف الغمة عن صاحب كتاب السقیفة أبي بكر أحمد بن عبد العزیز الجوھري عن رجالھ عن عبد ﷲ بن الحسن عن أمھ فاطمة بنت الحسین أنھا لما مرضت فاطمة الزھراء (علیھاالسلام) المرضة التي توفیت فیھا واشتدت علتھا اجتمعت إلیھا نساء المھاجرین والأنصار لیعدنھا فسلمن علیھا وقلن لھا كیف أصبحت من علتك من لیلتك یا بنت رسول ﷲ (صلى ﷲ علیھ وآلھ) فحمدت ﷲ تعالى وصلت على أبیھا ثم قالت:
أصبحت وﷲ عائفة لدنیاكن قالیة لرجالكن لفظتھم بعد أن عجمتھمو شنأتھم بعد أن سبرتھم فقبحًا لفلول الحد واللعب بعد الجد وقرع الصفاة وصدع القناة وخطل الآراء وزلل الأھواء ولبئس ما قدمت لھم أنفسھم أن سخط ﷲ علیھم وفي العذاب ھم خالدون.
لا جرم وﷲ لقد قلدتھم ربقتھا وحملتھم أوقتھا وشننت علیھم غارتھا فجدعًا وعقرًا وبعدًا للقوم الظالمین ویحھم أنى زعزعوھا عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة والدلالة ومھبط الروح الأمین والطیبین بأمورالدنیا والدین ألا ذلك ھو الخسران المبین.
وما الذي نقموا من أبي الحسن نقموا منھ وﷲ نكیر سیفھ وقلة مبالاتھ بحتفھ وشدة وطأتھ ونكال وقعتھ وتنمره في ذات ﷲ عز وجل وتالو مالوا عن المحجة اللائحة وزالوا عن قبول الحجة الواضحة لردھم إلیھا وحملھم علیھا وتا الله لو تكافوا عن زمام نبذه إلیھ رسول ﷲ(صلى ﷲ علیھ وآلھ) لاعتلقھ ولسار بھم سجحُا لا یكلم خشاشھ ولایكل سائره ولا یمل راكبھ ولا وردھم منھلًا نمیرًا صافیًا رویًّا فضفاضًا تطفح ضفتاه ولا یترنق جانباه ولا صدرھم بطانًا ونصح لھمسرًّا وإعلانًا ولم یكن یتحلى من الغنى بطائل ولا یحظى من الدنیا بنائل غیر ري الناھل وشبعة الكافل ولبان لھم الزاھد من الراغب والصادق من الكاذب.
{وَلَوْ أنَ أھَْلَ الْقرَُى آمَنُوا وَاتقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَیْھِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السمَاءِ وَالْأرَْضِ وَلَكِنْ كَذبُوا فَأخََذْنَاھُمْ بِمَا كَانُوا یَكْسِبُونَ} {وَالَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْ ھَؤُلَاءِ سَیُصِیبُھُمْ سَیئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا ھُمْ بِمُعْجِزِینَ}
ألا ھلم فاستمع وما عشت أراك الدھر عجبًا وإن تعجب فعجب قولھم لیت شعري إلى أي لجأ لجأوا وإلى أي سناد استندوا وعلى أي عماد اعتمدوا وبأي عروة تمسكوا وعلى أي ذریة قدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشیر وبئس للظالمین بدلًا استبدلوا وﷲ الذنابي بالقوادم والعجز بالكاھل فرغمًا لمعاطس قوم یحسبون أنھم یحسنون
صنعًا (ألََا إنِھُمْ ھُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا یَشْعُرُونَ)
ویحھم (أفََمَنْ یَھْدِي إلَِى الْحَِّق أحََق أنَْ یُتبَعَ أمَنْ لَا یَھِدي إلِا أنَْ یُھْدَى فَمَا لَكُمْ كَیْفَ تَحْكُمُونَ)
أما لعمري لقد لقحت فنظرة ریثما تنتج ثم احتلبوا ملء العقب دمًا عبیطًا وذعافًا واطمئنوا للفتنة جأشًا وأبشروا بسیف صارم وسطوة معتد غاشم وبھرج دائم شامل واستبداد من الظالمین یدع فیأكم زھیدًا وجمعكم حصیدًا فیا حسرة لكم وإني بكم وقد عمیت علیكم أن لزمكموھا وأنتم لھا كارھون.
قال سوید بن غفلة : فأعادت النساء قولھا على رجالھن فجاء إلیھا قوم من المھاجرین والأنصار معتذرین وقالوا یا سیدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا ھذا الأمر من قبل أن یبرم العھد ویحكم العقد لما عدلنا عنھ إلى غیره!
فقالت (علیھا السلام) إلیكم عني فلا عذر بعد تعذیركم ولا أمر بعد تقصیركم.