الجزء الثاني
الفصل الثانيأبت الذكریات إلا أن تحط رحالھا طویلًا عند سیدة النساء..
فتذكرت ایضًا یوم طرق بابھا والدھا الرسول لیخبرھا أن علیھا أن ترافقھ ھي وزوجھا وأولادھا لمباھلة نصارى نجران..
كان ذلك في العشرة الأخیرة من شھر ذي الحجة عندما طلب نصارى نجران من أبیھا الرسول أن یثبت صحة دعوتھ وبأنھ نبي الدین الجدید فعلاً وبأن دین النصارى والیھود لم یعد لھما حق في الوجود بعد مجيء الإسلام..
عندھا نزلت الآیة الكریمة ( فَمَنْ حَاجكَ فِیھِ مِنْ بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقلُْ تَعَالَوْا نَدعُ أبَْنَاءَنَا وَأبَْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأنَْفسَُنَاوَأنَْفسَُكُمْ ثَُّم نَبتَھِلْ فَنَجعَلْ لَعنَتَ َّ ﷲِ عَلَى الْكَاذِبِینَ )
إنھا دعوة لحلول غضب ﷲ ونزول لعنتھ على الطرف الكاذب!
كانت فرحتھا في وقتھا لا توصف وھي ترى أن أباھا اختارھا ھي وحدھا لا غیرھا لتُمثل كلمة (نساءنا) واختار زوجھا لا غیره لیمثل كلمة ( أنفسنا ) واختار أولادھا لا غیرھم لیمثلوا كلمة ( أبناءنا) ..
إنھ بذلك أراد أن یخبر الجمیع بأن ھؤلاء ( وحدھم) أھل بیتي!
ولشدة صدقھ ویقینھ بربھ ودینھ فقد خرج بأھل بیتھ جمیعًا في مباھلة خصمھ ووقفة حلول اللعنة على الطرف الكاذب!
كانت وجوھھم تشع نورًا وھم یسیرون خلف رسول ﷲ، وما أن رآھم الخصم حتى نادى صوت الضمیر فیھم : ویلكم أیضحي محمد بھؤلاء من أجل إحقاق دعوتھ الباطلة؟ لا وﷲ لا أراه إلا صادقًا!
روى الطبرسي:
فلمّا طالت المناظرة والحّوا في عصیانھم وخصومتھم، أنزل ﷲّ تعالى:
( فَمَنْ حَاَّجكَ فِیھِ مِنْ بَعدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقلُْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبَْنَاءَنَا وَأبَْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأنَْفسَُنَا وَأنَْفسَُكُمْ ثَُّم نَبْتَھِلْ فَنَجْعَلْ لَعنَتَ َّ ﷲِ عَلَى الْكَاذِبِین )
فقالوا للنبي (صلىّ ﷲّ علیھ و آلھ) نباھلك غدًا وقال أبو حارثة لأصحابھ: انظروا محمدا في غد ،فإن غدا بولده وأھلھ فاحذروا مباھلتھ، وإن غدا بأصحابھ فباھلوه فإنّھ على غیر شيء ،فذھب رسول ﷲّ (صلىّ ﷲّ علیھ وآلھ) صباحًا الى بیت عليّ (علیھ السّلام) فأخذ بید الحسن والحسین وخرج من المدینة وبین یدیھ عليّ (علیھ السّلام) وفاطمة (علیھا السّلام) تتبعھ فلمّا رأى ذلك رؤساء نجران قال أبو حارثة: من ھؤلاء الذین معھ؟ قالوا: ھذا ابن عمّھ زوج ابنتھ یتقدمھ، وھذان ابنا ابنتھ وھذه بنتھ أعزّ الناس علیھ وأقربھم إلى قلبھ.
وتقدم رسول ﷲّ (صلىّ ﷲّ علیھ و آلھ) فجثا على ركبتیھ ..
قال أبو حارثة: جثا وﷲّ كما جثا الأنبیاء للمباھلة، فكع ولم یقدم على المباھلة، فقال لھ السید: أین تذھب؟ قال: لا.. إنّي لأرى رجلاً جریئًا على المباھلة، وأنا أخاف أن یكون صادقًا فلا یحول وﷲّ علینا الحول وفي الدنیا نصراني یطعم الماء، وفي روایة أخرى انّھ قال: انّي لأرى وجوھًا لو سألوا ﷲّ أن یزیل جبلاً من مكانھ لأزالھ، فلا تبتھلوا فتھلكوا ولا یبقى على وجھ الأرض نصراني إلى یوم القیامة!
![](https://img.wattpad.com/cover/351837841-288-k159399.jpg)