..الجُزء السادس والاربعون..

1.4K 30 0
                                    

-

..(46)..
.
.

إنّها الخدعة ذاتها مجدّداً
‏بيدٍ تشير إلى
شيء ما بعيدٍ هناك
‏ثمّ فور أن نلتفت
‏تصفعنا
‏بيدك الأخرى،
‏وتهربُ ضاحكاً
‏أيها ‏الأمل ! .

" سكينة حبيب الله"
.
.
___

واكملت بهمس : وتين زواجكم باطل والله أعلم.
مسكت بطنها وتين برعشة : لكن انا الأن راضية.
عبير نظرت لها بأستغراب : وش دخل الأن ؟.
زفرت أنفاسها وبهدوء : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( دخلت عليها فتاة فقالت :إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته ،وأنا كارهة قالت: اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء النبي عليه الصلاة والسلام فأخبرته، فأرسل إلى أبيها فدعاه، فجعل الأمر إليها )، أي خيرها بين فسخ العقد أو إمضائه؛ لأن العقد في الوقت هذا كان باطل ، لأنه ماتم برضاها ، (فقالت: قد أجزت ما صنع أبي ولكني أردت أن تعلم النساء أنه ليس إلى الآباء من أمور بناتهم شيء) ،
وايضًا قيل أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها ).
عبير بملامح مصدومة : ماكنت ادري بالحديث ذا.
وبتردد أضافت : وليش الحين رضيتي وانتي كنتِ رافضة ؟ .
وتين أنزلت نظرها : لأن ابوي وافق ع احمد وهو أكيد يعرف مصلحتي.
عبير بغضب وقفت : شوفي لو مارضيتي كان باطل ، ومفروض احمد يعرف هذا الشيء.
وقفت وتين ومسكت كفيها وبهمس : من اول مادريت وانا راضية بأحمد
وبنبرة مخنوقة : حتى احمد ماتوقع كان بيقول لي ، يمكن الزواج كان له هدف ثاني .
تجمدت عبير عيناها : يعني يبيك تكونين معلقة ؟ .
رفعت كتفيها : مدري.
تحركت بخطوات واسعة : خلاص دام الكل يدري لازم يقول لنا وش هدف الزواج ذا.
توقفت على وقوف وتين أمامها فاتحه ذراعيها برفض : عبير.
تراجعت للخلف بعدم فهم : وتين ترى مافهمتك ، مره تقولين رافضه ، ثم راضيه..
حركت أصابعها النحيلة مُعيدة خصلات شعرها القصيرة خلف أذنها عندما تمردت على ملامحها ، قاطعتها بخجل صاحبة توتر : أنا حامل.
أسدلت عبير جفنيها مراراً بعدم تصّديق.
وتين أكملت بعجلة : ماحد يدري ، حتى احمد .
عبير وعضلات وجهها تتصلب : ليه احمد مايدري ؟ .
بلعت ريقها بصعوبة والكلمات تخنقها : مالقيت الوقت المُناسب.
عبير وملامح الفرح رسمت مُحياها على ثغرها : هو تحت هذا الوقت ، والله يفرح اعرف اخوي انا.
خرجت عبير راكضة والسعادة تشع من عيناها ، مسكت قلبها ولحقتها .. نعم قد حان وقت أن يعرف ، لكن كيف سأيكون شعوره ؟ ، .. وهل سأيفرح ؟.
نزلت بخطوات بطيئة على وقوف عبير اخر درجات السُلم ونظرت لها بتردد : انتي اللي قولي له ، بيكون منك له طعم ثاني .
هزت رأسها ونزلت ، وقعت عيناها في جسده المُتمدد على الأريكة ورأسة في حجر والدته وتُدلكة بهدوء.
ام احمد بأبتسامة خافته : مابغيتوا تنزلون ؟!.
رفع ذراعه من عيناه والتحمت عيناها في نظراته الحادة وبغضب انتصب في جلسته : نازلة بذا الشكل ؟.
وأشار ناحية الباب : لو دخل عبدالرحمن وشافك ؟
ام احمد قاطعته : لاتحط حرتك فيها.
وقف متجاوزاً الطاولة وبنظرات مُشتعله اقترب : امشي.
عبير غطت ثغرها بتوتر مُلتزمة الصمت.
وتحرك صاعدًا بخطوات ثقيلة.
وتين همست بضيق : لاتقولين لأحد، وقلت لك الوقت المُناسب ماجاء.
عبير اقتربت لأذنها : والله هذا الوقت وشوفي كيف بيتغير.
انتفضت من صوته العالٍ : وتين.
استندت عبير على الـدرابزين بضيق ونظرت لوالدتها : وش في احمد ؟ .
تنهدت ام احمد : والله ماقال لي.
عبير جلست على الأريكة المُنفردة وبهدوء : ليش احمد تزوج وتين ؟ .
ام احمد نظرت لها : ابوها وصاه عليها.
أضاقت عيناها : بس ؟ .
نظرت شاشة التلفاز العريضة وضغطت على زر الصوت : خليني اسمع.
تكتفت بعدم رضا.. يجب أن تعرف.
في الأعلى أخرجت له بجامة وأنزلتها على مقدمة السرير وجلست جوارها .
خرج من الحمام ورمى المُنشفه بعيدًا ارتداء سروال البجامة بشكل سريع.
وتين بضيق : الحين انا.
قاطعها : وتين لا أسمع صوتك ، دام النفس للحين طيبة.
بغضب نظرت له : وليش ماتسمع صوتي.
اقترب بعينان مُشتعله : لاني قلت لا تروحين مع الزفت فيصل ..
وقفت وتلاحمت عيناهم وبحده : الحين مالوم عمي . .
قاطعها مُقترباً اكثر وببطئ مُزمجر : خليه بكره ينفعك.
وتركها متجهًا لمكانه على السرير وبسُخرية : الشرطة طالبتك ، وعمك ان شاءالله وراك.
استدارت له وبخوف : وش يبون فيني ؟ .
اندس بفراشة بدون صوت.
جالت عيناها بتوتر في الغرفة ثم تحركت خارجه ، طرقت الباب على عبير وفتحته ناطقًا بعجله : ممكن جوالك؟
عبير اعتدله بجلستها وبأستغراب : اي اكيد.
ضغطت على الأرقام بشكل سريع ، نطقت وصوت عمها يصل لها بعد وقت قصير : فيصل.
فيصل بتثأوب : من ؟.
وتين بضيق : انا وتين.
جلس بسُرعه وبنبرة حادة : وليش مكلمتني الحين ؟ ،ماخترتيه؟..
قاطعته بأستفهام : فيصل منيف الفايز من ؟ .
حك جبينه مُصطنع عدم سماعها : وتين محتاج فلوس.
وتين همست على نظرات عبير بشك : والفلوس اللي اعطيتك اخر مره؟ .
فيصل بتردد : قليلة.
وتين بعدم تصديق : ١٠٠ الف قليل ؟ .
فيصل بطولت بال : ابوك كاتب كل شي بأسمك ماترك لي شيء كاني مانب اخوه.
وتين مسحت وجهها بكفها الأيسر وبهمس خائف : احمد يقول الشرطة طالبيني وطالبينك ..
شهقت برعب على سحب الهاتف من كفها وصوت احمد صارخًا : والله ان تجيبك الشرطة ي******.
اقفل فيصل الخط برعُب في وجهه ، برزت عروق جبينه مُقتربًا لها : تكلمينه ؟.
واتسعت عيناه غير مّصدق : يعني تساعدينه في أشغاله الوصخه صدق؟.
عبير وقفت بينهم وبخوف من ملامح أحمد : اذكر الله.
وتين تراجعت للخلف ونبضات قلبها تتسارع : لا فهمت غلط.
ابعد عبير بالقوة ، وسحب ذراعها ناطقًا : تكلمينه وتعلمينه ، وتقولين فهمت غلط ؟ .
تحرك خارجاً بها بأنفعال : كنت رافض كل ذا ، لكن ابوك.
قاطعته بنبرة متوجعه وخائفة : فكني.
دفعها في الغرفه واغلق الباب عليها هاتفًا بصُراخ على اقتراب والدته وخروج لُجين من غرفتها : تجلس هنا لين تجي الشرطة.
عبير ببكاء : وش شرطتة ؟.
ام احمد بخوف : احمد وش فيك على البنت؟ .
حرك يده بِمعنى أصمتوا، ونزل بخطوات غاضبة.
لحقته والدته بنداء .
لُجين بخوف : وش فيه ؟ .
طرقت عبير الباب : وتين انتي بخير؟ .
واكملت بخوف : ردي.
أعتدلت وتين قبل أن تتعثر ارضًا مسحت على جسدها بهدوء بعد أن شعرت بألم في ظهرها، واتجهت بخطوات صامته للحمام على صوت عبير العالٍ، خرجت بعد وقت قصير اقتربت لسجادة وبدت تُصلي.
عبير بنبرة قلقة : لُجين خليك هنا ، وناديها يارب ترد عليك.
ونزلت بخطوات واسعة.
عادت بعد وقت وبين كفيها مطرقة ضخمة.
لُجين بملامح مذهولة : وش بتسوين ! .
عبير ضربت مقبض الباب الحديدي بقوّة : تبينا نخليها لين يشرف اخوك ؟ .
وأكملت ضرب المقبض على تعابير لُجين المُترقبة.
التوت شفتيها بتعب : لازم نكسر الباب.
اخذت لُجين المطرقة و بدت تضرب الخشب أعلى المقبض : شايفه بابنا زي باب الأمريكان ، اكسري الخشب بس.
وأضافت بأنفاس مُتسارعة : حتى خشبنا قوي مو مثلهم.
ترجعت وعيناها تقع على عبدالرحمن المُتقدم لها بتساؤل : وش فيه ، وليش احمد طالع كذا ؟.
عبير أشارت للباب بعجله : مدري وش بين احمد ووتين ثم قفل عليها لازم نطلعها..
قاطعها : وليش يحبسها ؟ .
اعطته المطرقة لجين : وحنا وش يدرينا ، اخلص افتح الباب ؟ .
فتح يدية : بعدوا .
وعاد كم خطوة للخلف ، تحرك بسرعه وركل الباب بقدمة ، وكرر الحركة حتى أنفتح الباب على مصرعه مُحدثًا صريرًا عالٍ وهو يضرب الجدار.
لف بسُرعه مُبتعدًا جهة غرفته : اذا تحتاجون شيء بلغوني.
دخلت عبير وأقتربت لوتين الجالسة بهدوء على السجادة : وتين انتي بخير ؟ .
هزت رأسها بأيجاب صامت.
عبير مسكت كفيها وبهمس : تحسين بألم ؟ .
هزت رأسها برفض.
جالت بعيناها في ملامحها : خلينا نروح للمستشفى.
وقفت بهدوء : لا بس ابي انسدح.
دخلت لُجين بصمت .
رفعت الغطاء عبير ،أستلقت وتين مُخفية إلم ظهرها.
همست عبير بقلق : عشان البيبي.
وتين بهدوء: مافيني شيء.
في الفندق تحرك بخطوات واسعة وبدا يجمع ماتسقط عينيه عليه، حمل الحقيبة الصغيرة السوداء والأوراق الكثيرة ، تعثر بالوسادة الحمراء وصرخ وهو يقذفها عنه بعيدًا ، تصلب جسده على طرقات الباب الهاديه.
نظر لنافذة الزجاجية العريضة ، فتح الستائر وخرج منها بسُرعة ، أنزل نظرة للأرض البعيدة حرك رأسة باحثًا عن طريق للهرب ، توقفت عيناه على الشُرفة القريبة بدا يقيس المسافة ، قفز بجهد ، ضحك من حظة وأكمل قفزة لُشرف مواصلًا رحلة الهرب ناطقًا بعد أن وصله صوت الطرف الاخر : الشرطة كشفتني.
وقف صارخاً : كيف كشفتك؟.
بتوتر وأنفاسه ترتفع : الكلب احمد ماغيره.
ضرب المكتب صارخاً بحدة : لا اشوفك.
قاطعه بتلعثم مرعوب : كيف ماتشوفني؟.
أتكى على عكازه مُستديرًا لنافذة العريضة الزجاجية المُطلة على مباني العاصمة المُضيئة في هذا الوقت من الليل : اكيد بتكون مراقب.
صرخ بأستنجاد : طيب ساعدني ، مابي السجن.
قاطعه بتأفف : وان شاءالله استفيد منك.
فيصل توقف في طريق ضيق وبأنفاس مُضطربة : انا لك عبد.
حرك حاجبيه هاتفًا : طيب الجوال ذا تخلص منه ، وراح ينتظروك رجالي في حي ****
.
.
____
بقت عيناه عالقة في ملامح عمه.
ابو ماجد قاطع الصمت : حالته تتحسن.
سعود بلل شفتيه : قالوا لي تحركت أصابعه.
ابو ماجد هز رأسه : ايه الحمدلله.
سعود نظر لوالده الواقف يمينة : منيف الفايز مختفي.
ابو ماجد بلامح جامدة : وانت وش تبي فيه؟ .
سعود بهدوء وهو يدرس تعابير وجه والده : مطلوب أمنيًا.
ابو ماجد بقلق لم يستطع أخفاه : ليه ؟ .
سعود ببطئ : لقينا ببيته مليون ريال وشخص مثل حالته والقرية اللي عايش فيها غريبه.
وأضاف بحيره : والأغرب انها مزوره المليون ذي.
ابو ماجد انزل نظره بتفكير : ليكون يبي يدفعها لي على انها المبلغ اللي اطلبه !.
جمع سعود ذراعية خلف ظهره وبتساؤل : ليش طلعته براءة وانت متاكد انه صاحب المخدرات اللي لقيناها في سيارة سواقنا ؟.
ابو ماجد رفع راسه ببطء : عشان بنته.
سعود صر على اسنانه والكلمات تخرج دفعه واحده : اقطع يدي اذا ماكنت الحين رافض بنته بحياة ماجد.
اصطنع الهدوء : البنت ماهيب من مستوانا.
قاطعه سعود : ليش الحين صارت مو منا مستوانا.
وبخفوت مُنفعل : ليكون نسيت حرم انس ؟ .
حدق في جسد أخاه النائم : اريان تختلف عن ابرار.
اغمض عيناه مراراً غير مّصدق ماسمع : فيه شي مانعرفه ؟.
تحرك والده بغضب : ماتشوف عمك تعبان ، تجي هنا.
قاطعة سعود بكلمات كهربت جسده : وش علاقتنا بعائلة الراشد.
ارتعشت كفيه ، جمعها بملامح تلونت وبتلعثم : من الراشد.
سعود بنبرة هادية : هذا السؤال لك منهم الراشد؟.
ابو ماجد استدار له وبنبرة متوتره : وش سامع انت ؟ .
ارتعشت شفاته وهو يحكم أغلاقها ، وأيقن داخلة ان الأسوأ ينتظره.
اعاد ابو ماجد مانطق بملامح باهته : وش سامع؟ .
سعود ببطء : قتل.
زفر أنفاسه براحة هامسًا : بس ؟ .
سعود حرك عيناه في ملامح والده : ايه.
وأضاف : من قتل زوجة زياد الراشد.
ابو ماجد بهدوء : سمعنا أنه زياد الراشد .
سعود بتساؤل مُشيرًا لوالده ثم عمه : وليش مايكون واحد من اللي في الغرفه القاتل؟ .
حدق والده فيه بصدمة مماهتف ، وبنبرة غاضبة : انت وش تقول ؟ .
وتراجع للخلف بملامح اجهمت : هذا وانت مُحقق.
سعود مسح ثغره شاعرًا بسوء مانطق : يبه لاتفهم.
خرج والده من طوره بعدم تصديق : انت جاي هنا عشان تقول حنا قاتلين منال الجابر؟ .
سعود ضغط على عاطفته وبكلمات حاده : منال الجابر؟ .
واكمل بأستفهام : ماقلت أسمها ؟ ، وش عرفك فيها.
قاطعه والده بغضب : ومن مايعرف قصتهم ؟
وأشار لنفسه : حتى عرضت نفسي اكون محامي لزياد لكن هو رفض.
سعود توقف عقلة هاتفًا بأستغراب : ودامك واثق انه هو اللي قتل زوجته ليش تبي تكون محامي.
ابو ماجد تصلبت عضلات وجهه وزم شفتيه مُتحفظًا على بعض الحديث : مانب واثق كان عندي أمل مايكون القاتل.
سعود بهدوء : ملف قتل منال الجابر راح ينفتح.
ابو ماجد بتوتر : وليه؟ .
سعود رفع حاجبيه ونظر للأسفل ناطقًا برسالة غير مُباشرة : يمكن فعلًا مايكون القاتل زياد الراشد.
وبهدوء عدل الحزام المُحيط ببطنه : وانس هم اللي خطفوه.
نشف الدم في وجه ابو ماجد بترقُب : منهم؟ .
سعود بلل شفتيه : الراشد ماغيرهم.
ابو ماجد بملامح صفراء : الراشد مابقى منهم الا ولد.
سعود بهدوء وحديث والده الواضح بمعرفته العميقه فيهم لم يفته : الولد هذا هو وراء خطف انس.
ابو ماجد سحب الكُرسي وجلس وساقيه لاتحمله : وليش يخطفون انس؟ .
سعود سحب نفسًا قوي : يقولون حنا قاتلين منال.
ابو ماجد ارتجف جسده وحلقه يجف من هول ماسمع : الراشد يقولون حنا قاتلين منال ؟ .
سعود هز راسة بالأيجاب.
ببطء كرر : الراشد بس يقولون حنا قاتلين منال ، مافيه شيء غيره ؟ .
وأضاف بعدم تصديق : بس يقولون حنا قاتلينها؟ .
سعود بهدوء : يبة لازم تروح معي للبيت .
وقف ناطقًا براحة بعد ان جوار سعود بالسير : اذا بس يقولون حنا قاتلين منال فـاوالله ماقتلناها.
.
.
___
تجاوز الجميع وأتجه بخطوات ثقيله للمطبخ : ابي كريم حروق وشاش.
صعد واغلق الباب خلفه أنزل الملف على السرير ، دخل الحمام خرج بعد وقت قصير لبس قميص أبيض عاري وشورت قصير ، وجلس أرضًا مُتصفحًا الأوراق بتفكير ..( اريان مقتوله عند اهلها من عشرين سنه ، لكن اريان بالحقيقه عايشه ، الغريب انهم لقوا بنت بذيك الليله) .
قطع شرودة طرقات الباب دس الأوراق خلفه ، هاتفًا بهدوء رخيم : أدخل.
دخلت شادن تحمل ماطلب وبضيق : ع الأقل سلم علي.
رفع خصلات شعره المُبلل من جبينه وبنبرة قاسية : شادن ترى والله واصلة معي .
واكمل بحده : انا ماطلبت من الخادمة تجيب ذي؟ .
ضمت شفتيها : ليش ماتبي تشوفني طيب ، ليكون..
قاطعها مُتنهدًا : لاني مابيك تشوفين شيء.
اقتربت بخوف : وش..
قطعت كلمتها شاهقه برُعب على صوت زُجاج النافذة العالٍ وهو يتكسر والشيء الذي دخل معها كـ سرعة البرق.
وقف بهلع وحادثة مكتبة تعود له.
أشارت شادن برجفه للمُجسم الخشبي : شوفه شوفه هذا اللي دخل .
سحبها خلفه هاتفًا بتوجس : خليك وراي.
شادن برجفه : خلنا نقول لشرطة ت..
قاطعها مُتقدمًا بأستغراب : وش فيه ذا.
دفع المُجسم بقدمة حتى يتاكد منه ، وأنحنى بتساؤل ، جذب عيناه الغطاء على المجُسم الخرطومي أنزل جفنيه : شكلها رسالة.
شادن ولأزالت أقدامها ترجف : وش رسالته !.
فتح الغطاء وسحب الورقة الصغيرة الملفوفه داخلها الساعه وحدة في حي **** سيارة صفراء تركبها وتنزل في حي **** وراح تلقى قدامك شخصين راح يفتشونك وان شاءالله مايكون معك أسلحه ولا وراك شرطة).
وأنتبه للخط الصغير في الأسفل : ( اذا جاء ابوك الجميع معفي عنهم ، اذا جاء سعد العايد راح اعفي عن ماجد ولده ، اذا جيت انت راح اعفي عن زوجتك ، والكلام بالمثل لماجد) .
شادن مسكت صدرها مُهديه من خفقان قلبها العنيف : وش مكتوب.
تحرك للخزانة باحثًا عن ثياب : روحي لغرفتك.
شادن بخوف : وين بتروح ؟ .
ارتداء قميص ازرق بأكمام قصيرة وسحب بنطال اسود وبغضب : شادن لغرفتك.
شادن بحنق : الا وين اريان ! .
دخل الحمام وصوته يصل لها : بتجي الليله.
وقعت عيناها على الأوراق ولفت نظرها صورة الطفلة الصغيرة بعينان رماديّة.
قطع صوته تأملها : عرفتيها ؟ .
توقف نبض قلبها مُستقيمة بوقفتها وبتلعثم : اعرفها؟ .
جمع الأوراق وادخلها في درج الخزانه وبهدوء : ايه.
تراجعت للخلف وملامحها تشحب من عضده الاسود : يدك وش فيها ؟.
بدون أهتمام أغلق ازرار البالطو الرمادي على جسده : اللي في الصورة اريان ، ومو زي مانفكر ان مالها اهل ، لها اهل.
بلعت ريقها مُتذكره جملته التي رماها ليلة عودته ولم تهتم لها وقتها : اهلها الراشد؟ .
هز رأسة بالأيجاب ،ومسك عضديها وقبل جبينها هامسًا : بالنهايه مالنا دخل .
امتلت عيناها بالدموع : وش قصدك.
تركها نازلًا بصمت.
يجلس أمام والدته بضيق : والله شفتها مافيها الا العافيه.
ام ماجد وقفت بغضب : ها تخليل لو انه صاير لها شيء.
مسح وجهه ماجد : مانبي نتخيل.
أشارت للباب : واختك طلعت تلحق وراء اهل ابرار ذي اللي مالقينا..
قاطعها : اهل ابرار ؟ .
ضربت فخذيها بأمتعاض : أيه.
بتوتر أخفاه : واهلها وش يبون.
لفت عليه : يبون بنتهم وش يعني يبون ، الا وينها ماشوفها معك.
أصطنع الهدوء متجاوزًا سؤالها : وين اهلها ، ليه ماجاوا هنا ؟ .
بقهر : راحت تجيبهم نوره.
هز رأسه : زين تسوي.
غطت وجهها على تنحنح انس النازل.
رسم أنس أبتسامة صغيرة : أخبارك ي خالتي ؟ .
أعطته ظهرها بنبرة غاضبه : تراني أبي ولدي ي انس.
قاطعها ماجد : يمه وش ذا الكلام.
بغضب : وانا صادقة ، مدري وش يسوي من ورانا ثم يبتليك معه.
وأضافت بقهر مُحركة يدها اليُمنى بتهديد : لو صار لبنت اخوي شيء كان والله..
قاطعها ماجد بغضب : يمه.
تركتهما مُبتعدة بكره مُتمتم بشيئًا لم يصل لهم.
ماجد مرر أصابع على عُنقه بأحراج : امي..
قاطعه أنس وهو يمد له الورقة : حتى غرفتي عرفوا مكانها.
فتح الورقة ، فهم مقصدة وبملامح جامدة رفع راسة له : خطر.
أنس بلل شفتيه : عشان البنات.
ماجد أغمض عيناه : يمكن يكذبون ؟ .
انس ببطء : عشان كذا راح اروح لحالي.
حرك ماجد راسه برفض : شكلك مستهين بحياتك.
وبهدوء أكمل : دام سعود عرف كل شيء راح يساعدنا.
انس جلس بضيق : هم يعيشون خلف أسماء وهمية ، مُستحيل بيعرفونهم الشرطة ، لكذا عايشين بثقه.
ماجد جلس جوارة ووضع راحته على فخذ انس : وتتوقع بنطلع بالسلامه لو رحنا.
انس بنبرة مبحوحة : اهم شيء البنات.
قاطعه ماجد بضيق : شكلك بايع عمرك.
انس بلل شفتيه : ماتوقع الباقي لي اكثر من اللي راح.
وأكمل بهدوء طويل : ولا خفت من الموت من اول ، اخاف الحين.
تحركت رؤسهم بتلقائية على صرير الباب ودخول نوره التي نزعت حذاءها بسبب تبللها من مياة الأمطار ، شهقت بدهشه وعيناها تقع على أنس وماجد.
وقف أنس هاربًا : بروح اشوف امي.
صعد درجات السُلم بخطوات ثقيلة شاعرًا بأن هذا الغياب سيطول ، وقف أمام غرفة والدته وبتردد طويل طرق الباب.
سمع صوت والدته المُتعب : شادن خليني أنام.
فتح الباب وبهدوء رخيم أظهر بحته المٌميزة : انا أنس.
ابعدت الغطاء بقوة ، أنزلت قدميها على الأرضية الباردة وبملامح باكية : أنس.
تقدم لها ، وأرتمت بحضنه بنحيب.
رفعت عيناها وتلمست وجهه بحنان : الحمدلله انك بخير.
أنزل رأسه حتى لأ يضعف أمامها وبهدوء : يمكن رفعت صوتي عليك.
قاطعته بغصه : مازعلت منك ولا بزعل.
بعد صمت هتف : يمه فيه شيء تبين تقولينه لي وانا ماعرفه ؟.
مسحت على بالطوة الرمادي من أمام وبتردد : تذكر الليلة اللي جبنا اريان فيها.
حدق فيها طويلًا : تدرين اني مانسيتها.
ابتسمت وهي تتذكر الماضي : وقتها تعلقت فيها ، لو تدري..
قاطعها : ليه اخذتوا اريان من اهلها ؟ .
تراجعت خطوة للخلف وبصدق : امها اعطتنا.
رفع حاجبه بعدم تصديق : وقالت عطوها الصايل بعد.
هزت راسها بُسرعه : اي قالت.
حرك رأسة بأسى : والله مدري وش مسوي بحياتي حتى ربي يعاقبني كذا.
والدته بدمعه انسابت على وجنتها : انس ماتصدق امك ؟ .
ضغط على أسنانه ببطء : اذا تبيني اصدق ذا صدقتة .
برعُب من ان يتركها من جديد ونبرة السُخرية بصوته واضحة لها : انس والله ماكذب.
قاطعها مُبتعد بضيق نفسي : تمسين على خير يالغالية.
خرج مُغلقًا الباب خلفه وسكينًا من الأشفاق انغرزت في ظهره على والدته .. لا يستطع تحمل أن ينظر لوجهها ، لكن هذا قدره وهذه عائلته.
بعد وقت دفع النقود لسائق ، نظر لماجد وهو ينزل من الباب الأخر : غريبه الشرطة خلونا نطلع.
ماجد ادخل يديه في جيبة : واضح سعود ماحرص عليهم.
بحثوا عن السيارة المعنية ، أشار ماجد : شكلها ذيك.
انس اقترب له وبهدوء : ماجد.
قاطعه ماجد : اذا جلست ماراح يطلعون ابرار.
مسح انس جبينه وبغضب : الله **** احسهم مربطين يدي.
واكمل بقهر : المصيبه اذا تعرف منهم ، ومجبور تخضع ولا تسوي شيء.
حرك ماجد رأسة بضيق .
أغلقوا أبواب السيارة وقادوا لوجهتهم .
نطق انس قاطعًا الصمت : فيه موضوع ماحد يعرفه عني حتى ابوي وامي.
ماجد نظر له بقلق : وش مُناسبة الكلام؟ .
انس أنعطف بالسيارة في مكان ضيق حتى يختصر المسافة : انت تدري يمكن مانطلع سالمين ..
واضاف : أنس تعوذ من ابليس.
انس وعينه تقع على مؤشر الأضاءة الأحمر في المقعد الخلفي من المراءة العلوية وشاعرًا بتحرك السيارة الذاتي : السيارة فخ.
لف عُنقة ماجد للخلف وبهلع استدار بجسده وهو يرى قنبلة والمؤقت يعمل : كيف صدقناهم ****.
انس حاول تحريك المقود وصرخ والباب لا يفتح : الباب مايفتح لازم نطلع في مكان فاضي قبل تنفجر .
ماجد بدا يضرب زجاج النافذة بكُل قوتة صارخًا : نموت بس مهوب كذا.
انس هتف بصوت خاشع : (كُل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون) .
ماجد تنهد بعجز والأية تُريح قلبة : قزاز السيارة ضد الكسر.
أنس والكلمات تخرج من بين أسنانه : كم باقي ؟ .
ماجد نظر للخلف : ٣ دقائق.
أنس فك المقود بعجز : السيارة ذاتية القيادة ماتستجيب لي.
ماجد لف عليه بأستغراب ، وفتح ثغره بصدمة وهو يفهم حديثه بعد أن رفع يديه من المقود : من متى وفي السعودية سيارات ذاتيه ؟.
واكمل ماسكًا المقود بشدة : اضغط اكيد فيه شيء غلط.
انس ضغط ع المكابح : والله تتحرك بنفسها.
وأكمل وعيناه لتجاوز السيارة السريع لسيارات ودخولها من بينهم بمهارة : زياد الراشد ومنال الجابر لهم بنت.
عاد ماجد لمقعده ونظر لنصف وجه انس الواضح له من أعمدة الأنارات في قارعة الطريق وعيناه تلمع من الأضاءات المُنعكسه فيها : غير اللي ماتت ؟ .
انس أنحنى براسة للمقود : ماماتت.
وبتردد : حتى الراشد يحسبونها ميته.
ماجد تاكد من ربطة حزام الأمان ونظره أمامًا : وكيف كذا ؟.
انس بتفكير عميق : يمكن اهلنا مالهم دخل فعلًا بموت منال الجابر.
ماجد أغمض عيناه : تدري ماينفع الكلام ذا الحين ؟ .
انس نظر له : حسيت اني ظلمت اهلي.
وضرب صدرة : هذولا اهلي ، كيف اصدق غريب؟.
قاطعه ماجد : ماينفع الندم.
انس بنبرة مكتومة : بس كل شيء عكسهم ، لما اقول اهلي صح يطلع شيء يهدم ذا الأحساس.
ارتفع صوت العد التنازُلي للقُنبلة قاطعًا حديثهم.
نطق ماجد بصوت عالٍ الشهاده .
أبتسم أنس وشريط الذكريات الجميلة يمر من أمامه : ماجد تذكر بقالة حسن اللي كانت في اخر الشارع..
قاطعه ماجد بضحكة قصيرة : وتحدتيني اسرق منها.
انس وعضلات وجهه ترفض الضحك : اعترف كنت أغار منك.
ماجد سرق نظرة سريعة له : من يومك وانا عارفك.
أنس بحديث مُبطن : حتى لما شفتها فرحت ، واخيرًا بتصير في بيتنا بنت مثل نوره ، بس حرموني اهلي منها ليلتها.
التزم ماجد الصمت بأنصات.
أكمل بقهر يغلي داخلة : أنتظرتها سنوات وأملي اني بشوفها ، ولما شفتها ماعرفتها.
عض شفته بحُرقة : ولما عرفتها كان كل شيء ضدي ، حتى اني ماراح اقدر اقول انك لك اهل مو زي ماتفكرين.
ماجد بتساؤل اخير : منهي؟ .
نطق ببطء والأسم يخرج من بين شفتيه بصعوبة : أر.
بتر حديثه على توقف رنين القُنبلة المُفاجئ ، أنقلب لون السيارة من الداخل للون الأحمر بشكل غريب مُحدثًا بعدها دوي عالٍ وتبعه تصاعد بُخار أبيض ، سعل ماجد والرؤية تنعدم من الداخل، توقفت السيارة بقوة أرتطم صدر أنس المقود بشدة ، وتبعه أرتطام رأسة.
ماجد بتلعثم من الصوت الذي صدر من جهة انس : انس.
انس وستار جفنيه ينسدل ببُطء هاتفًا : هذي مو قنبلة شيءٍ ثاني.
غطى أنفه ماجد بسُعال حاد : بنموت أختناق.
بقلق مُستغرب من صمت أنس : انت معي.
انس حاول فتح عيناه وشعور الخمول بجسده بدا يسري : معك.
ماجد مد يده ببطء : امسك يدي.
أضاف صارخاً بهلع وذراعه تتنمل : يدي ماحس فيها.
وبتلعثم ولسانه يثقل : لااا وش يصير.

رواية جفَاف ورْدة بيضاء في رُكن الذَكريات.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن