..الجُزء الرابع والخمسون..

1.6K 34 7
                                    

-

..( البارت الرابع والخمسون)..
.
.
___

قد يعشق المرءُ من لامالَ في يده
ويكره القلبُ من في كفّه الذهب
ما قـيمة الناس إلا في مبادئهم
لا المال يبقى ولا الألقاب والرتب

-عبدالرحمن العشماوي-
.
.
___
اقترب احد رجاله وبهدوء بعد ان تاكد من خلو المنطقة من رجال الشرطة : مافيه احد المكان نظيف.
اخرج منيف قدمه من السيارة الفارهه حتى ثبتها على الرصيف المليئ بمياة الامطار وتبعها بالاخرى ثم بجسده واشار لهم بالبقاء للمراقبة : خلوكم وراقبوا الوضع.
تحرك بهدوء وصعد المصعد المؤدي الى الطابق المعني، امال ثغره بوعيد داخلي لماجد وهو يتذكر مشادتهما الكلاميه في هذه الشقة ثم خطفه بعدها من قبل رجال زياد، ضغط زر جرس الشقة، اتاه صوت مها الخجول : من.
قال بابتسامة : انا ابو ابرار ي ابوك.
شهقت مها بفرح وفتحت نصف الباب هاتفه بابتسامة عريضة غير مُصدقه : واخيراً مابغينا نشوفك ي عمي.
ابتسم وهو يرى عيناها المُبتسمه من تحت النقاب: ماقالوا لي انك معهم.
اغلقت الباب خلف زوج عمتها وباستغراب: من اللي قال لك؟.
منيف بتورط حرك عيناه في الشقة : وين عمتك ؟
اشارت لاحد الغرف: نايمة
هز راسه وجلس على الاريكة العريضة : ليش ماعودتوا الديرة!
مها بللت شفتيها بتوتر: انت عارف ليش حنا هنا.
حرك راسه بهدوء مُصطنع الضيق : ظالميني والله ينصر المظلوم لو بعد حين.
وصل له صوت عمته ام زوجته من خلفه : ماهيب في ذي ي منيف ماهيب في ذي المره ذي اكيده.
حك جبينه بتوتر ثم وقف وهو يقترب حتى يُقبل اعلى مفرق رأسها، رفعت عصاها مُهدده بعدم اقترابه : من ذي الساعة ماعادني عمتك ولا انت رجل بنتي الا رجالن غريب.
منيف بغضب من هذه العمة : وانتي مايقولون شيء الا تصدقينهم فيني والله انك تبينها من الله.
خرجت زوجته بسرعة وصوت زوجها يتهيئ الى مسامعها وبدهشه من عودته: منيف.
نظر لها منيف بملامح غاضبة : ليكون كلامك مثل امك ي بدرية؟
ام ابرار بضيق من اسلوبه قالت: وينك كل ذي الفترة لو الكلام كذب كان طلعت وبريت اسمك مثل الرجاجيل.
واشارت الى عينيها : شفت كل وساخك بعيني وفي بيتنا وتبيني اكذبه.
واضافت بضيق: مركبيني معهم لين هنا ويحققون معي كاني انا اللي داستها.
منيف بكذب: يمكن احد يبي يبالني فيها اخر عمري.
واشار لام هزاع: قد شفتي مني الشينه؟
ام هزاع نظرت له بجمود ثم رفعت العصا ناحيته : دام عندك ذي الفلوس ليه ماعطيتها الرجال وانت بايع بنتك اللي ماندري وينها ذلحين هي حيه ولا ميته.
تافف وعاد يجلس بعدم اهتمام : البنت حيه وكلكم اليوم الساعة ١٢ الليل تحضرون في المطار بتسافرون.
ام ابرار تقدمت بعدم فهم : وين بنروح؟
منيف بهدوء جاد: للخارج يعني وين.
مسكت صدرها بدرية بعدم اقتناع : ماراح اطلع من هنا الا لديرتنا وش ابي بالخارج في ذا العمر.
ام هزاع برفض قاطع: ماسافر ابوي ولا امي عشان اسافر لها.
واشارت الى مها: دقي دقي على ولد سعد الشرطي خليه يجي يقبضه كود يرجع له بعض من عقله.
وقف بعينان غاضبة: تبين تسجنيني؟
بدرية بغضب: لاترفع صوتك على امي.
تحرك ناحيتها بعدم اهتمام وسحبها من ذراعها: انتي بتروحين معي دامك زوجتي والباقي مالي فيهم صلاح.
سحبت جسدها منه بغضب: قلت ماراح اطلع من ديرتي انت صاحي؟
منيف بغضب: بتعصين كلامي ؟
ام ابرار حركت راسها وتحركت خلف والدتها حتى تُساعدها: ماعاد لك كلام علي دام ذي سواياك.
منيف اتسعت عينيه بتهديد صارخ: هذا وانا ابي مصلحتك ومصلحت بنتك ولا كان خليتكم تموتون وراي ثم والله ماتمشين يابدرية..
قاطعته ام هزاع مُشيره له بعصاها ثم الى الباب: والله ماتطلع لاخلي فراشك ذليل في السجن ي قليل الخاتمة، تهدد بنتي وقدامي!
حرك راسه مُجاره لهما وضغط على شفته السُفلية كاتمًا غضبة: بس هذا اللي تبونه؟
وتحرك ناحية الباب راميًا ما ارعبهم: لاتدورين بنتك عندي وانسيها ، ترى ماعاد لكم بنت اسمها ابرار.
وخرج صافعًا الباب خلفه.
صرخت ام هزاع : ي مها دقي دقي على الشرطة يحسب انه بيهددني والله اللي ماجابته امه اللي يرفع صوته قدامي.
ام ابرار بدت تبكي بنحيب وخوف من فكرة عدم رؤية ابرار: سويها اعرفه والله اني اعرفه.
ام هزاع نظرت لها بغيض وداخلها يغلي: لو تعرفينه ماجلستي معه كل ذي السنين.
اقتربت مها بتوتر ومدت الهاتف الى جدتها بعد ان ضغطت على اسم سعود المُخزن في هاتف جدتها: دقيت.
ام هزاع بكلمات غاضبة وصوت سعود يصل لها: جانا جانا قليل الخاتمة ويهددنا ويقول بنتنا معه.. ايه ماغيره منيف... يقول يبي يسافر ذليل.. هاه لاتتاخر وانا امك الشقة ذي مالي فيها مجلاس اخاف يعود علينا.
اغلقت الهاتف ونظرت بغضب الى بدرية ونحيبها العالي: وانت وش يبكيتس الشرطة وبتجيبه.
ام ابرار مسحت دموعها بطرف لفتها السوداء: وانتي تبين تفضحينا على اخر عمرنا يايمه كان ماكلمتني الشرطة، وكلها يومين ويعود.
ام هزاع بغيض وقهر يتضاعف داخلها: والله مايبرد حرتي من فعوله الاوله والتالية الا سجنه.
وضربت بعصها الارضية مُنهيه الجدال الذي طال في نظرها: يحسب انه بيهددني ب ابرار لا والله ويعقب ويخسي ولد ال فايز.. ضفيته يوم جانا وزوجتس اياه وقد ذي علومه معي؟؟
ونظرت الى مها الواقفه بغضب: دقي على علي خليه يرجعني لديرتي
تنهدت ام ابرار بعد ان مسحت عينيها من اثر الدموع واقتربت حتى تجلس جوار والدتها الغاضبة: وحنا وش نبي بالعرب ندق عليهم خليني اكلم راجس..
حركت راسها بالرفض : والله ماعاد اركب معه وذيك علومه.
اغمضت مها عينيها بتوتر من الاجواء المشحونه ثم ضغطت على رقم علي ومدت الهاتف الى جدتها..
ام هزاع وصوت علي يصل لها: السلام عليكم... بخير.. والله اللي ماعاد سنعتني وانا امك.. خليتني ومايخليني الله..
واضافت بحزم : تعال رجعني لبيتي مهوب انت اللي جايبني بذي الديرة اللي لا رفيق ولا صديق... لا حول ولا قوة الا بالله عساه مهو خطير.. ايه الحمدلله.. هاه تعال اخذني دامه طيب مالي جلستن هنا.. تعرف بيت ماجد .. هاه بعطيك البنت تعلمك بمحلنا..
ومدت الهاتف على مها: عطيه محلنا يقول مايدلنا.
التقطت مها الهاتف من جدتها ووضعته على اذنها مجبرًا اخاك لابطل وبخجل اكتساء ملامحها وتصرفاتها الخرقاء معه تعود الى ذهنها قالت بتلعثم : حتى انا ماعرف وينا وفيه.
ابتعد عن والده واخوته الذكور ووقف امام النافذة الزجاجية العريضة المُطلة على ساحة المستشفى الواسعة: طيب اولًا السلام عليكم.
بللت مها شفتيها بتوتر ونظرات جدتها عليها: وعليكم السلام.
ابتسم علي وهو يشعر بتوترها من انفاسها المرتفعة: طلعتي جاهلة وانا قلت ورا محسن اخت ذيبة مثله.
عضت وجنتها من الداخل تكتم الكلمات داخلها من جملته الغريبة التي لم تفهم مغزاها : خلصت؟
اشار على تركي ان ياتيه بعد ان مر من امامه يحمل كوب القهوة الذي طلبه اي يبتاعه له: تركي هنا.
وقال لها قبل ان يُغلق الخط: ارسلي لوكيشن المكان واتساب على رقمي هذا اذا عندك واتساب واذا ماعندك حمليه.
واغلق.
اتسعت عينيها بعد ان فهمت مايقصد هل يعتقد انها جاهلة لا تعرف في امور التكنولوجيا؟.. نعم صحيح تقر في داخلها انها نست امر ارسال الموقع وحتى قبل ثواني لم تفكر في هذ الامر الغريب اضافة رقمه في هاتفها !!لكن من هو حتى ينعتها بالجاهلة ويسخر منها هذا ماقالها عقلها ، بدت تكتب رقمه في هاتفها ب اصابع غاضبة حانقه.
ام ابرار نظرت الى والدتها وبضعف سيطر على صوتها : وانتي وش تبين تروحين في بيت العرب؟ تبين تفضحينا على اخر عمرنا وهذا بيت بنتي.
ام هزاع بهدوء حازم : روحي جهزي شنطتي ي مها.
مها بضيق تحركت تاركه خلفها عمتها وجدتها يتجادلون بعد ان ارسلت له الموقع على رقمه كما طلب..
ام هزاع بعد ان غادرت مها همست بغضب: واذا عود ثم ذبحنا رجلتس ذا مهوب صاحي لا من اول ولا تالي وسكت له عشانتس وعشان البنيه اللي مالها غيره لا اخو ولا ابوو ولا حتى رجلن صاحي، ولا هو بيت بنتس شوفي وش يقول قبيل يقول بياخذها واكيد انه قد طلقها منه.
مها اقتربت وهي تضع حقيبة جدتها امامها: طيب انتي كلمتي سعود نروح مع سعود ليش نروح مع هذا.
قاطعتها برفض مُشمئز: العايد مالي فيهم رغبة.
وضربت ساقها بعصاها: وهذا له اسم.
عادت مها للخلف بالم من ضربت جدتها.
واضافت باستغراب من وقوفهما : وين شناطكم لاتفضحونا برجال وتتاخرون عليه.
بدرية برفض: بطلع مع راجس.
ام هزاع بعناد يختص فيه كبار السن امثالها: العرب قد جيتهم واجاويد الولد يقول ولد عمه توه مسوي حادث وتوه استقرت حالته واذا وضعه باقي مستقر بيودينا لديره، وش له تعنين راجس دام طريقنا واحد؟ وانا حالفه ماركب معه.
تنهدت مها بضيق وتحركت تاخذ حاجياتها.. فهي من تعرف جدتها عندما تقرر على الجميع ان يُنفذ لا مجال لرفض.. حتى مُعلم محسن لقد اصبح يشمله الامر معهم وعليه التنفيذ لمطالبها.
تحركت بدرية ( ام ابرار) غاضبة من تصرفات والدتها المُحرجة كيف تفضل الغريب على ابن ابنتها : وحنا وش بنسوي في بيت العرب.
لفت ام هزاع جسدها للجهه الاخرى مُغلقة الجدال.
.
.
___
شهقت هند بفزع ثم اعتدلت جالسة ونبضات قلبها تتسارع رعبًا لقد راته يخنقها امام عائلتها وهم يبتسمون له.
رفعت راسها على وقوف اسيل فوقها بقلق : وش فيك؟
مسحت العرق من جبينها بتعب: حلم بس.
ابتسمت اسيل وعادت تجلس على سريرها: هذا مشكلة نومة العصر تكثر فيها الكوابيس
ونظرت لها باستغراب: الا وش حلمك اللي حتى وجهك مهوب طبيعي انقلب اسود.
هند وقفت تعدل شعرها من اثر النوم وجمعته بربطه: يقولون الاحلام الشينة ماتنقال ثم تتحقق.
اسيل جعدت ملامحها بضيق: اجل لاتقولين مو ناقصين.
ابتسمت هند ثم غادرت بهدوء عادت بعد دقائق وقد غسلت وجهها ، وبتساؤل من نظافة المنزل وريحة القهوة والبخور التي تنتشر في المكان : احد بيجينا؟
اسيل بابتسامة: شفتي ذيك الجدة اللي جاتنا اول بترجع عندنا.
هند التقطت هاتفها: لا عاد وهي ماسوت سالفة بس عشان تروح عند بنتها مدري بنت بنتها.
اسيل بخبث : شكلها تخطط على علي وقولي اسيل ماقالت.
نظرت لها هند: وكيف عرفتي؟
اسيل القت جسدها على السرير خلفها: علي ودني علي جبني.
ابتسمت هند واختفت ابتسامتها ونظرها يقع على الرسالة التي وردتها منذ ساعتين..( هذا خامس رقم اكلمك فيه لو فكرتي تحظريني تمني امك ماجابتك وصدقيني افضحك عند اهلك ترى لعبتي الفوتوشوب وطقته)..
ونظرت لرسائل الاخرى اسفلها ..
( - وطلع اسمك هند
- شوفي حتى اسمك عرفته.
- كل شيء يخصك بعرفه لو كان تحت الارض).
وختمها بملصقات خبيثه.. نعم الان اصبحت متاكدة انه مجنون رسمي.. وتلك الفكرة في راسها ستفعلها حتى يرتاح العالم منه.
اخفت هاتفها خلفها بذعر على دخول روان الصارخ : جاو جاو.
قفزت اسيل واقفه وتحركت الى خزنتها: وش اللبس ماتوقعت بيجون بذي السرعة.
دست هند هاتفها في جيب بجامتها الشتوية الصفراء واصطنعت الابتسامة: ماعتقد نحتاج نكشخ ماهيب الجدة بس.
روان وقفت امام المراءة وسرحت شعرها ووضعت بعض الُحمرة الزهرية على شفتيها: جات معها مها وبنتها.
ابتسمت اسيل على ذكرى مها: ي حليلها مهاوي.
وبدت تنزع اسيل بجامتها الشتوية وترتدي ماخرجته من خزنتها..
سحبت هند وسادتها الصغيرة وقذفتها ناحيتها : مافيه حمام تغيرين فيه؟؟؟
.
.
___
صعد فيصل فوق العمارة حتى استقر في مكانه وبدا بتركيب مُعدات سلاح القنص ونظر من المنظار الصغير اعلى السلاح واستقرت عينيه على مسعود واسعد الجالسان يتحدثون وبدا البحث عن السيد الكبير فهو الاهم.
الماضي قبل يومين...
اشار الى انس بالدخول الى المنزل القديم..
دخل انس واريان تتعبه خائفه.
بسام بضجر من تصرف فيصل فهذا انس صديق اخاه هادي وكم مدحه حتى انه احبه قبل ان يراه: وانت متى تفكه؟
ابتسم فيصل واخرج مفتاح صغير من جيبه والقاه ناحيه بسام : اول دخله بالغرفة اللي في زاوية ثم فك البنت اللي معه وجيبه معك لحاله يبي لنا نتفاهم معه.
ابتسم بسام وهو يلتقط المفتاح ويتحرك امام انس بكل احترام : من هنا ي ابو عايد.
لحق به انس ودخلا الحُجرة المتهالكه.
بسام باعتذار حقيقي مُحرج : هذا ماهو قدرك.
قاطعه انس مادًا كفه : عطني المفتاح.
مده له ب ابتسامة عريضة: ابشر.
فك رسغه ورسغ اريان من الاصفاد وبهدوء همس لها: بروح اعرف وش وراهم.
مسكت ذراعه بعينان مرعوبة: بتخليني هنا لحالي.
واشارت للمكان المليئ بالتراب وقطع اثاث مُستعمله قد عتا عليها الزمن: انت شايف.
ابعد يدها وبهدوء: ماراح اطول.
قاطعته بشك: احلف.
رفع حاجبة بتسلية: ماوعدك يمكن اموت.
تجمدت عيناها وبهمس: واذا مت وش بيصير فيني.
ابتسم من تفكيرها : عارف مايهمك الا مصلحتك.
وابتعد تاركها خلفه بدون ردة فعل.
وقفت مكانها بصدمة من فعلته ثم انغلق الباب الحديدي خلفه لتبقى وحدها في هذه الُحجرة بدت تسرد كل ماتحفظ من ادعية تحفظها وداخلها يتوعده عندما يعود.
نظر الى فيصل الجالس على طرف طاولة خشبية و يُشير له على مقعد خشبي، بدا المكان نظيف اكثر من تلك الحجرة: اجلس ي انس.
نظر انس الى المقعد ثم الى فيصل: شكل موضوعنا طويل.
ابتسم فيصل : تبيه طويل طولناه تبي قصير قصرناه.
جلس انس بإلم من رأسه وبهدوء صريح: عندي صداع مزمن دوروا لي حبوب مسكنه اذا باقي تبوني حي.
ضرب بسام صدره خارجًا بفزعه: افا والله مايصدع راسك وانت عندي.
امال ثغره انس بابتسامة صغيرة من هذا الفتى حقًا هو مُختلف وبدا يشعر بالراحه في وجوده : ماتقصر قول وفعل.
قال فيصل بفضول مُستفهم: وش المعرفه بينكم؟.
نظر له انس شاكًا: هو يعرف ان اخوه راجح قاتل اخوه هادي؟
توتر فيصل : وش تعرف انت؟
انس وضع ساق على ساق وتكتف: اعرف انك مجرم مثلهم .
فيصل نظر الى الطاولة تحته وبدا يُحرك السلاح عليها بضيق:
قول طيش شباب بس مهوب مجرم مره وحده.
نظر له انس بملامح ساخره: حلو طيش شباب، الا وينه خويك المجرم قاتل اخوه.
توقف فيصل عن عبثه بالسلاح ونظر الى انس بملامح ارتسم عليها الحزن: يطلبك الحل.
واشار الى الباب الذي خرج منه بسام: تراه مايدري ان اخوه مقتول.
اغمض انس عيناه وصُداعه يزيد: لا حول ولا قوة الا بالله وليش تخبي عنه؟
قال فيصل متجاوزاً سؤاله ونظره على ملامحه المُتعبة: تعبان؟
فتح انس عيناه المُحمرة: انت وش رايك وش تشوف؟
ابتسم فيصل باستغراب صادق: كل شيء فهمته الا كيف طلعت حي من بيت زياد.
وبهدوء ضائق: خدمناهم سنين لكن كان جزانا الموت؟
انس لا يفهم من كل هذا الا اسم زياد: منهم؟
فيصل بهدوء جاد : زياد فوقه ناس اكبر منه وهو صغير بالنسبة لهم.
واكمل حتى يفهم: شفت الاثنين اللي جيت معهم فوقهم اكبر بعد..
انس نظر له بعدم اهتمام: ومنهو كبيرهم وليش فجاة بتخونهم؟
ابتسم فيصل : اختار واحد عشان اجاوب عليه.
انس بصدق : مايهموني مايهمني الا وش اسوي هنا وش تبي فيني؟
فيصل اختفت الابتسامة منه وبتساؤل: تبي تنتقم من زياد؟
انس : الشرطة بتنتقم اذا بلغت.
قاطعه فيصل : قلت لك ماتقدر عليهم شرطة هم هرم بعضهم محد يعرفه.
واضاف: مافيه الا مجلس النواب نقدر نعرف الاسماء منه والاسماء الحقيقية.
انس رفع حاجبة بفضول: وش مجلس النواب.
فيصل اقترب وهو يمد بعض الاوراق الى انس الجالس بتعب حتى يراها: هي منظمة كبيرة لسوق السوداء راح يجتمعون فيها يبيعون الامور غير القانونية لكن المشتري واحد ثم بيرجع يبيعها بسعر اعلى.
انس رفع حاجبة : زياد؟
ابتسم فيصل: لا لا قلت لك زياد صغير عندهم، السيد الكبير.
والقى ماصعق انس واقفًا بصدمة : منيف ال فايز هو السيد ولا يعرفه حتى زياد.
انس نظر للمقعد الذي سقط خلفه من اثر وقوفه المفاجئ وبتلعثم شاك: منيف ال فايز ماغيره؟
ابتسم فيصل وعاد لجلوسه على طرف الطاولة: ايه ماغيره ابو زوجة ولد عمك بس تدري وش المصيبة؟؟؟؟ ان هويته الحقيقية ماهيب منيف.
بلع انس ريقه بصعوبة وعاد يرفع المقعد ويجلس عليه وجسده يبرد من هول الخبر فكيف اذا علم فيه ماجد : كيف ماهيب هويته الحقيقية؟
فيصل وهو يحاول اعادة تلك الذكرى الى ذهنه وماسمعه فيها قبل سنوات: منيف شخص ثاني وهو شخص لكن قتل منيف واخذ هويته، يعني هو في الحقيقة مهوب منيف.
انس مسك راسه وبامل صغير: يعني زوجة ماجد ماهيب بنته؟.
فيصل بدا يرتاح الى انس فهو مساعدة الوحيد الان وامله بنجاة: لا بنته لكن اذا تكلمنا عن الماضي هو قتل له شخص اسمه منيف واخذ حياته ورجع لديرة منيف الحقيقي وتزوج منهم وخلف.
التزم انس الصمت وعقله لا يستوعب شيئًا، رفع راسه على دخول بسام يحمل كيس صغير من الصيدلية في كفه الايمن وكيس ابتاعه من احد المطاعم في كفه الايسر وبا ابتسامة: اكيد ماتغديت ي ابو عايد، ولا هو حقك ودي لو انها قعود.
ابتسم انس بابتسامة صغيرة وهو يلتقط كيس الصيدلية ويُخرج قصديرة الدواء وينزع منها ثلاث كبسولات ثم ابتلعها بدون ماء، واغمض عيناه وهو ينحني للخلف: خل مفعول الحبوب يبدا ويروح الالم وابشر من ياكل معك.
ابتسم بسام وجلس في الارضية ومد السفرة البلاستيك وبدا يوزع المشروبات من ماء ولبن ومشروب غازي ووضع صحن يمينًا
وهمس بعد ان جلس انس يمينه: هذي لمريوشة العين
واكمل بتردد متوتر: يارب انها اختك.
فهم انس مايرمي له وبضيق لكن اخفاه بابتسامة: راحت عليك متزوجة.
حرك بسام شفتيه بعدم رضا، ونظر الى فيصل الواقف: ماراح تاكل ي ابو زايد؟
نظر انس بتلقائيه ناحيته ثم انزل نظره.
توتر فيصل بشك هل علِم من هو؟،وتقدم ثم جلس جوار انس يمينًا.
ابتسم انس وهو يلتقط بعض الارز في اصابعه ثم يدسه بين شفتيه ويمضغه بهدوء: يعني اثق فيكم؟
بسام بضيق: افا افا ي ابو عايد هو للحين مافيه ثقه.
نظر له انس: انت وش عندك؟
بسام ضرب صدره: والله لاخذ حق اخوي لو تحت الارض.
انس بهدوء حازم: توك صغير على الامور ذي شكلك تبي تخرب مستقبلك؟ومن بيحمي امك بعدك؟.
بسام التقط مشروبه الغازي وشربه بعدم اهتمام: لها الله.
نظر انس الى فيصل: انت وش قايل له عشان يفزع معك وينتقم!
شرق فيصل ب اكله..
اكمل انس اكله بعدم اهتمام من سُعال فيصل المتكرر واختناقه، فتح له بسام علبة الماء ومدها بضيق: اكل شوي شوي.
نظر فيصل الى انس بعينان امتلئت بالدموع من اختناقه: ابيه ينتقم لاخوه.
همس انس بحده: اي اخو تقصد.
بلل فيصل شفتيه بتورط ووقف مُعتذرًا.
انس بهدوء رفع نظر له: بكره لازم اروح اشوف ابوي بمستشفى ******.
بسام وقف: وليش مهوب ذلحين؟
ابتسم انس: لا تعبان اليوم ابي انام.
فيصل انحنى يلتقط علبة الماء : وع اي اساس تثق اني بخليك تروح.
انس وقف حاملًا الصحن المخصص لاريان: هذي بداية الثقة المشتركة اروح اشوف ابوي.
هز راسه فيصل بابتسامة.
... الان..
جلس بملل والسيد الكبير لا يظهر..
نظر الى الساعة والوقت ينفذ امامه باقي ساعة واحدة على الاجتماع واعاد النظر الى اسعد ومسعود..
وبدا يُحرك فوهة السلاح ناحيتهما سيقتلهما ثم يبحث عن السيد..
اغلق عينه اليُسرى وثبت اليُمنى في المنظار ابتسم بخبث وهو يثبت الفوهه على قلب اسعد، وضغط الزناد بسبابته حتى تنطلق الرصاصة في الهواء..
لكن هيهات واسعد ومسعود يقفون مصعوقين من صوت الرصاصة التي دوت واستقرت في النافذة الزجاجة المضادة لرصاص وصنعت خدش كبير في ظهر زجاج النافذة الكبيرة.
تغيرت ملامح مسعود لرعب وعينه تستقر في الرصاصة العالقة في النافذة الزجاجية
تحرك اسعد صارخًا للحُراس بالاتجاه الى تلك العمارة والاتصال على الحراس فيها.
اقترب مسعود الى النافذة الزجاجية ونظر الى الناحية الاخرى بشك في الفاعل.
دخل اسعد بملامح مرعوبة وانفاسه مضطربة: تشك في احد؟
مسعود ونظره يرتكز الى سطح العمارة البعيدة: ماغيره قناصنا يقدر يقنص من ذي المسافة.
نظر له اسعد بشك: فيصل؟
مسعود حمل سلاحه من الطاولة وتحرك الى خارج المكان بتساؤل غاضب: دامه هنا من بيدخل مكانه في المجلس؟
تبعه اسعد بغير تصديق لما قال : يمكن غيره.
هناك عند فيصل..
تجمدت اطرافه والرصاصة تستقر في منتصف النافذة الزجاجية كيف فاته هذا الامر، عصابة مثلهم لن يفوتهم الحذر واحاطة انفسهم من الخطر .. وتحركت يديه بسرعة فاكًا معدات سلاحه لكن سوء حظة لم يُساعده والمعدات تسقط وتنتثر في المكان، اغمض عيناه وتنفس بعمق حتى يفكر بشكل صحيح، ثم حمل حقيبته تارك معدات القنص خلفه الوقت لا يُسعفه.
فتح باب السطح ونزل بخطوات واسعة وهو يقفز عتبات السلالم، استقرت اقدامه في الطابق الاول عدل قبعته حتى يُغطي جبينه وعيناه، وتحرك ناحية باب الخروج، تجمدت قدميه على وقوف الحارسين امام الباب.
عاد خطوة للخلف بصدمة عندما تعرفوا عليه، ثم سار صاعدًا من جديد العتبات الى السطح، لحق به احد الحارسين صارخًا: اذا تبي حياتك وقف مكانك ولا اطلقت.
اغمض فيصل عيناه ورفع ذراعيه ب استسلام.
اقترب الحارس حتى مسك ذراعيه ولفهما خلف ظهره ودفعه ينزل امامه..
زفر فيصل انفاسه وعينه تقع على مسعود الواقف بملامح شماته.
مسعود بسخرية: شكلك ماتدري حتى العمارة ذي لنا!
نظر له فيصل بكُره : فيه اشياء واجد ماقلتوها لي العتب عليكم.
ابتسم مسعود وصعد سيارته: جيبوه وراي.
بعد دقائق جثا على ركبتيه ومسعود يغرز فوهة السلاح في عنقه: تبي تقتلنا؟ اعترف من وراك؟
فيصل نظر له : توقع.
مسعود ضربه بالسلاح في جبينه وبغضب: يعني تبينا نلعب.
اغمض فيصل عينيه بإلم وهو يشعر بحرارة الدماء على جبينه التي انبثقت من ضربته.
اسعد بهدوء اقترب: من مرسلك ي فيصل؟.
نظر له فيصل ملتزمًا الصمت.
صوب مسعود السلاح ناحية فخذ فيصل وبتهديد: انت مستعجل على موتك؟
فيصل نظر له بتامل طويل: وموتي اللي كان بيكون في المجلس وش تسميه؟
مسعود بغضب: وانا ماقلت بطلعك.
فيصل بضيق: ماصدقك.
صرخ مسعود: من وراك؟
فيصل بنبرة صادقة: ماوراي احد بس ابي اغدر فيكم قبل تغدرون فيني.
برزت عروق جبين مسعود بغضب مُتذكرًا الاهم : يعني كذبت علي وانت تقول بتدخل المجلس؟
وصرخ با انفعال: الله *******
ابتسم فيصل باستمتاع لانفعاله.
ارتفع ضغط مسعود من ابتسامته المستفزة وحرك السلاح حتى يُطلق.
اقترب اسعد بغضب: مهوب وقتك خله الحين يحضر المجلس.
مسعود نظر له مُشيرًا الى فيصل الجاثي امامهما: وانت على بالك لو بيدخل ذلحين بيفيدنا الا بيفضحنا.
اسعد تحرك الى الطاولة المكتبية العريضة وضغط رز الجهاز الصغير اعلاها: اذا مابعد وصل زياد بنخليه يفزع لنا بواحد من حراسه.
رفع نظره فيصل على الشاشة الكبيرة التي انارت وبدت تشتغل تجمدت حادقتيه في القاعة الكبيرة والطاولة المُستديرة وتوافد النواب.. هُناك كاميرة للمراقبة تُراقب الوضع.
اشار اسعد بصدمة على كُرسي مسعود وهناك من يجلس عليه: فيه احد جالس في كرسيك.
اقترب مسعود بشك ثم نظر الى فيصل بحدة : من ذا؟ من انت مدخل ؟!
فيصل وعيناه لازالت في الشاشة الكبيرة وعلى انس بالتحديد: ماقلت تبي واحد من عيال ال عايد يدخل؟
وحرك راسه ناحية الشاشة: هذا هو انس العايد دخل.
اقترب مسعود بغضب: كيف تدخله ؟ وعلى اي اساس يدخل مكانك.
فيصل بابتسامة: هذي خطتك وطبقتها وكله عشان انفذ بجلدي من الموت.
وبكذب اجاده: تراه مايعرف شيء بس لعبت عليه بكلمتين وكم قرش وصدقني.
ضغط مسعود على الزناد لتستقر الرصاصة في فخذ فيصل الايمن صرخ بقوة من الالم الذي حط في فخذه.
مسعود بوعيد غاضب : الرصاصة الثانية ترى في راسك اذا ماتكلمت وش بينك وبينه وكيف طلع من بيت زياد؟
واضاف : تحسب انك بتغسل مخي بالكلمتين اللي قتلها؟
فيصل صرخ بوجع والالم لا يُحتمل في فخذه:والله ماوراي احد انت ماتفهم.
ابتسم مسعود بخبث وانحنى: دام ماوراك احد ليش تبي تلعب بذيلك ورانا ومدخل ولد عايد مكانك.
وبتفكير : الا انت كيف اقنعته يدخل معك؟
ثم اضاف بشك: سالفة الفلوس مادخلت مخي لان ولد عايد مايحتاج.
فيصل حرك راسه ب انفاسه متعبة والجرح يشتد وجع: وعدته انتقم له من زياد.
ابتسم مسعود بمكر: يلا اللي ساعدك انه هو وزياد كلهم بيموتون في المجلس.
واضاف بحدة: وليش تبي تقتلنا؟
فيصل ضغط على جرح الرصاصه في فخذه وبنبرة مرتجفة خائف من الموت : الشيطان الشيطان وسوس لي لاني ابي الحياة.
ابتسم مسعود وجلس على الاريكة بتسلية: ابي عذر مقنع، هذا بعد مادخل مخي.
فيصل بشفتين ازرقت وجسمه بدا يبرد بكاء بقلة حيلة : شفتكم يوم قتلتوا راجح وانت قلت ان كل من في الاجتماع بيموت خفت انا مابي الموت.
زم مسعود شفتيه بعدم مُبالاة.
اسعد نظر له بضيق: وانت تحسب انك بتعيش حتى لو قتلتنا؟
نظر اليه فيصل بملامح شاحبة.
قال مسعود ونظرة لانس في الشاشة: ادع مايصير اي غلط في الاجتماع.
اسعد نظر الى ساعته في رسغه وباستغراب: السيد تاخر.
مسعود بعدم اهتمام اعاد نظره من جديد الى الشاشة وجلوس النواب على المقاعد.
...
في الخارج اعاد تركيزه الى التسجيل الصوتي الذي وصله اليوم من المستشفى وخصوصًا من حُجرة عايد الطبية.
اعاد فتح التسجيل للمره العاشرة بغير تصديق مما يسمع.. هل ابنت زياد لازالت حيه؟؟
وهي زوجة انس العايد الان؟؟ لقد بحث عنها لسنوات لكن اعتقد في النهاية انها ماتت.
فتح باب السيارة وخرج بخطى مُثقلة وتفكيره يذهب ويعود الى قتلها قبل ان يكتشف زياد الامر.
دخل باب مكتبة وعيناه تبحث عنهما قال بعد ان وقعت عينه عليهما : طلعت حيه.
اسعد انزل هاتفه وهو من كان يتصل عليه بقلق وبعدم فهم: منهي؟
منيف القى الجهاز الصغير المخصص لتسجيل الصوتي حتى استقر تحت اقدام اسعد: بنت زياد ماغيرها.
تغيرت ملامح اسعد الى الذهول: كيف ووين؟
مسعود بثقه رفع سلاحه : وين مكانها وابشر؟
منيف حرك راسه حتى يستوعب الامر: عايد هو اخفاها كل ذي الفترة.
واستدار على الفرد الاخر الجالس على ساقيه عندما شعر بوجوده ونظر الى الدماء حوله: هذا وش يسوي هنا؟ ليش مهوب في المجلس؟
مسعود نظر الى فيصل وبسخرية: ودينا مكانه بديل.
ثم وقف واقترب مُضيفًا: هي في بيت عايد؟اروح اجيب راسها لك؟
منيف سحب ياقة ثوبه الشتوي بغيض: لو هي في بيت عايد كان لقيتها من سنين.
مسعود لف راسه على اسعد الصامت: لو انك عرفت تلقاها من ذيك الليلة كان ماضاعت منا.
دفع مسعود وقال بغضب : بنته اللي مفروض تموت ماهيب بنتي، لكن والله ماتعيش وراسي يشم الهواء.
واشار الى اسعد بامر: روح جيبها لي.
وتنفس بارتياح مُتذكرًا حديث عايد ان والدها لا يعلم بوجودها: بننهي خطتنا ذيك الليلة اليوم.
واشار للباب : لاشوفك داخل ذا الباب الا هي معك.
اسعد بهدوء : وين القاها طيب؟.
منيف تحرك الى مقعده: زوجة انس العايد هي بنته.
وصل لهم صوت فيصل المتوجع من الالم وهذا طوق الامان الوحيد الان له: واذا قلت لكم مكانها لي الامان؟
نظر له منيف بضحكة قصيرة: ومتى عرفتها عشان تعرف مكانها.
فيصل بانفاس مضطربة وقد شحب جلده وبدا يشعر بالدوار بسبب خسارته كثيرًا من الدماء: انا لما خطفت انس ال عايد هي كانت معه خارجه من بيت زياد.
رافع منيف حاجبيه باستنكار لما قال ثم حرك راسه ناحية مسعود بعد فهم: هذا وش يخبز؟
مسعود سحب ترمس القهوة وبدا يسكب في الفنجان ثم مده الى منيف: قلتها تخبيز يحسب اني بخليه حي بعد اللي سواه
واشار لنافذة الزجاجية وتحديدًا الرصاصة العالقة: كان ناوي علينا.
منيف نظر الى مكان اشارته ثم قال ونظره يعود لشاشة الكبيرة: وهو ليه مخليه حي للحين من خانك مره يخونك مليون.
ابتسم مسعود بتسلية ونظر الى انين فيصل المتالم : خله يشوف معنا المجلس ونهايته هذا اذا لحق مامات.
تحرك اسعد خارجًا حتى يفعل ما امره سيده وهو البحث عن ابنت زياد.
انزل منيف فنجان القهوة على مكتبة، رفع حاجبة بشك ثم وقف مصعوقًا وقد تعرف عليه من خلف الشاشة: هذا مهوب زياد؟
مسعود نظر الى زياد الذي اقتحم المجلس بكل ثقه بدون قناع وجه يُغطي ملامحه ويمينه يسير ماجد بخطى ثقيله ، قال بنبرة متوتره: هو اللي كلمنا وقال بيدخل.
منيف سحب الفنجان ورماه ناحيته حتى ارتطم بكتفه ثم سقط مُتحولًا أشلاءً : كيف يدخل با امر من؟ انا ويني المجلس مهوب كلن من هب ودب يدخله.
مسعود بتوتر: مازن بغى يذبح جابر وانحاش ولا لقيناه وجابر بين الحياة والموت وهو دق الصدر قال بيدخل بدل ولد اخوه.
صرخ منيف ب انفعال : وتبوني اصدق سوالفكم ذي؟
مسعود وجسده يرتجف خوفًا من غضبه: كلمنا المستشفى وطلع الكلام صدق.
وبتلعثم اضاف بصدق: مافيه احد يدخل مكانه والمجلس قده بيبدا.
اشار منيف بحقد الى ماجد: وهذا وش يسوي معه ليش جايبه ؟
مسعود ابتلع ريقه:  قال بيجيب واحد بدل مازن لكن كذب علينا ماتوقعنا يجيب ماجد.
سحب منيف شماغه بانفعال والوضع يُصبح امامه كارثة والقاه ناحية مسعود ثم فتح ازرة ثوبه بغير تصديق : الاجتماع ذا لي سنين اخطط له هنا وتجون تخربونه بيوم وليلة!
مسعود وغضبه يُرعبه: كله توقيعات بياخذها ويحطها في الصندوق ثم يموت.
ضرب منيف بقبضته سطح المكتب وعروق جبينه تبرز من شدة غضبة.
نظر للباب على دخول اسعد السريع بملامح باهته وقال بانفاس متقطعة: بنتك ي سيدي معهم في المجلس.
منيف سحب المقعد خلفه وجلس بتثاقل شاعرًا بالدوار من هول الخبر.
مسعود وقف بشك: منهي بنته؟
اسعد رفع الهاتف على صورة ابرار الجالسة في احد غرف المجلس ورسالة زياد تحتها:( قولوا لمنيف يبي بنته يقابلني بعد المجلس).
منيف صرخ وهو يقذف كل ماعلى المكتب: قلبي كان حاس مادخل الا بيخرب علي الاجتماع.
واقترب لاسعد بعينان غاضبة: دور لي بنته لو من تحت الارض.
استدار على صوت مسعود الذي كان يُخاطب فيصل صارخًا: بنجيب لك افضل دكتور ونعالجك وترجع يمينًا بس قول وين مكانها.
فيصل امال شفتيه الزرقاء بسخرية: ايه الحين رجعت تصدقني؟
مسعود بهدوء ربت على كتفه حتى يستدرجه للحديث: بنتأكد ماراح نخسر شيء، بنهاية ماراح يخسر الا انت لو طلع صدق ماهيب بنته  لكن بتموت في مكانك.
فيصل نظر الى فخذه واصابع المرتجفة التي تُغطي الجرح وبنبرة ضعيفة مهزوزة متألمه: عالجوني اول ولكم من يجيبها
صرخ منيف للحارس خلف الباب: جيبوا  للـ*** دكتور.
.
.
____
في المجلس قبل دخول زياد بدقائق طويلة...
وقف انس امام حُراس التفتيش الذين اخذوا هاتفه وتاكدوا من خلوه من اي سلاح او اجهزة اخرى.
ثم اشاروا له بدخول بوابة القصر بعد تاكدهم من بيانات دخوله ... لقد كان المكان خارج الرياض بمسافة قليله لايوجد حوله اي مباني فقط صحراء قاحلة كان قصر فاخر تم بناه حديثًا والسبب معروف.. نظر الى السيارات الفارهه التي بدت تكتظ امام البوابة ونزول النواب منها باقنعه تغطي ملامحهم حتى لايعرفون.
اتجه ناحيه دورة المياة، نزع قناعه ثم استدار نظره في المكان الواسع.. رفع راسه على دخول احد النواب واغلق الباب خلفه بحركة سريعة: السلام عليكم.
انس حمل قناعه بتوتر وبدا يرتديه خوفًا ان ينكشف واغلاق الباب من الشخص الاخر اربكته اكثر: وعليكم السلام.
وقف اسامة امام المغسلة ونزع هو الاخر قناعه وبابتسامة عريضة نظر الى انس: انت المشهور انس؟.
رفع حاجبه انس بتوتر من معرفته باسمه، ثم نظر الى ابتسامته العريضة في انعكاس المراة الكبيرة امامه: لا.
اسامة مد كفه مُصافحًا بود: معك اسامة شاهين، وعارف انك انس ال عايد مايحتاج تلف وتدور وتكذب.
نظر انس على كفه الممدوده ثم رفع نظره الى ملامحه السمراء: قلت لا ماتفهم.
ابتسم اسامة وانحنى الى اسفل المغسلة وبدا يفك الاطار المربع واخرج سلاحين صغيرين جدًا وبهمس تحذير مده الى انس: اذا تبي تطلع من الاجتماع سليم احمي زياد.
ابتسم انس بسخرية: ليش قالوا حارس عنده؟
وهمس بخبث: ماتخاف اعلم عليك ان معك سلاح؟.
اسامة انزل السلاح على منضدة المغسلة: لو تطلب الامر نصير حراس عشانه يستاهل، وايوب وحارث بلغوني عنك وابشرك خلوني اشوف صورتك مليون مره عشان اعرفك.
انس نظر الى السلاح ثم الى اسامة وبشك: من انت تحسبني بصدق كلامك؟
اسامة ادخل السلاح في جيب جاكيته ثم التقط قناعه وبهمس بعد ان اصبح جواره: معك العميل السري او تقدر تقول الرقيب اسامة شاهين من مكافحة المخدرات، وهذي احد المهام اللي نشتغل عليها من سنوات.
ثم فتح قفل الباب وغادر بعد ان غطى وجهه بقناعه.
سحب انس السلاح الصغير وادخله في باطن جاكيته من الداخل ثم لحقه حتى دخلا قاعة الاجتماع الكبيرة التي تتوسطها طاولة اجتماع خشبية مستديرة وكبيرة جدًا ويُحيط فيها خمسة عشر مقعد جلد اسود.
بدا يبحث عن مقعده حتى وجد مكانه المقصود ب اسم مسعود كما اخبره فيصل.
جلس وعيناه لازالت معلقه باسامة الجالس امامه بكل ثقة وينظر في من حوله من خلال فتحات القناع.
بعد دقائق قليلة توسط المكان بهيبته وثقته زياد ال راشد.
ارتفعت اصوات النواب باستغراب ودهشة من دخوله بدون قناع وجراءته وبعضهم هتف بمعرفته وكيف لازال حي.. زياد ال راشد قاتل زوجته وطفلته ورجل المخدرات الاول سابقًا.
ابتسم زياد على نظرات الدهشة منهم واشار لهم بالسلام.
وقف انس مصعوقًا وعينه تلمح ماجد الذي كان يمشي خلف زياد.
اقترب زياد منه ثم جلس في مكانه المخصص فهو قائد المجلس اليوم.
ضغط انس على اسنانه هامسًا بحدة: وش يسوي ماجد في المجلس؟
رفع زياد نظره بشك من الصوت ثم ابتسم وهو يتعرف على عينان انس من خلف القناع: الا انت اللي وش تسوي هنا؟ سمعت انك مخطوف.
واضاف بسخرية: ماتلقى مثل بيتي لكن هربك ايوب الله يسامحه.
تجاوز حديثه المُستفز ثم تحرك ناحية ماجد، سحبه بعيدًا عن الجالسين وقال بغضب: انت وش جايبك هنا؟
ماجد رفع حاجبيه بدهشه: انس ؟ وش جابك.
انس بغضب: مهوب وقت السوالف انت وش جايبك؟.
ماجد بضيق همس: جاي مجبور قال اجلس جنبي ووقع كم ورقه معه ثم..
قاطعه انس بنبرة غاضبة: وانت بتجي توقع اي ورقة وانت ماتدري وش فيها؟
ماجد بتافف من غضب انس: يعني على كيفي؟ جابني وجاب زوجتي معي غصب وقال اذا ابي اشوفها مره ثانية ادخل معه واوقع ثم بيخلينا نروح.
واضاف بأزدراء: وانت قلت بتنقذنا وتجيب الشرطة لكن اللي اشوفه مختلف وانت قبلي هنا.
زفر انس انفاسه وهو يعود الى مقعده جوار زياد:  انت ادع ربك تطلع من هنا حي.
لحقه ماجد : تعرف شيء ماعرفه.
انس اشار الى مقعد ماجد في الجهة الاخرى من مقعد زياد: وقع وقع عشان تطلع بدري.
..الماضي قبل يوم ونصف من الاجتماع..
اتكى انس على مقدمة السيارة بتفكير طويل وهو ينتظر قدوم ايوب.
استدار على اقتراب السيارة البيضاء ثم ترجل ايوب منها بابتسامة عريضة.
اقترب ايوب ومد كفه: السلام عليكم.
واضاف بفرح حقيقي: سعيد وانا اشوفك طليق حر وبخير.
ادخل انس يديه في جيوب جاكيته الاسود: وعليكم السلام.
واضاف بسخرية: سعيد عشاني ولا عشان بنتكم خلنا صريحين؟.
واستدار بعيناه يبحث عن احد خلفه: ليكون معك احد او وراك زياد.
ابتسم ايوب واعاد كفه الى جيب جاكيته وبهدوء: كلها،  زياد مشغول ببعض الامور مهوب حولنا.
ونظر الى انس بتامل: كيف قوى قلبك تقتل لك بريئ.
انس بصدق اعتدل واقفًا : ماقتلته انا تعرضت للخطف وقتها.
ايوب رفع حاجبة بشك: خطف وانت قدامي.
ابتسم انس بتسلية: تقدر تقول الخاطف كان مجروح ويبي احد يفزع معه.
ايوب رفع حاجبة بشك: خطف وانت قدامي.
ابتسم انس:تقدر تقول الخاطف كان مجروح ويبي احد يفزع معه.
تقدم ايوب حتى اصبح جوار انس وبهدوء وعيناه على الشمس التي بدت تختفي خلف الجبال:وانت كالعادة بتفزع.
ابتسم انس مُلتزمًا الصمت.
حرك حادقتيه السوداء ناحية جملة ايوب الغريبة المخلوطة بحزن: مستعد تسمع كل القصة؟
نظر له انس: اذا مافيها كذب مستعد.
ابتسم ايوب وبهدوء: انا واثق فيك ي انس وزادت الثقة بعد حماية ابوك لبنت زياد.
واضاف بتنهيدة متعبة: بقول كل شيء عندي.
وبدا يسرد بداية القصة من توظيف زياد جاسوس حتى نهاية موت زوجته وعيش ابنته بعيد عنه.
انس ابعد عينيه للامام واخفى ضيقه على حال زياد: وليش ماقال لها.
ايوب تنهد بتعب: كان عنده زوجة اولى وتخلت عنه قالت ماتقدر تتحمل تكون زوجة جاسوس وخاف يتكرر الوضع معه لكذا خبى حقيقته اللي صارت عكسه وقال كلها سنة سنتين وتنتهي لكن بالنهاية ماتت مقتوله قبل تعرف حقيقته.
انس لف نصف وجهه ناحيته وبهدوء: بس هذا مايشفع للي سواه فينا وشكه ان ابوي قاتلها.
ايوب : انا معك لكن ماينلام تخيل انك محله.
قال انس بغضب: وهو ماخلانا محله قتل مدير اعمالي هادي الرائد وهددني وهدد اختي..
قال ايوب بضيق: بس الحقيقة هو ماقتل هادي.
قاطعه انس: اعرف انه اخوه راجح اللي قتله لكن هذي من خطط زياد.
ابتسم ايوب وحرك راسه بالرفض: هذي خطط اسعد ومسعود وهو بس كان يمشي معهم عشان مايشكون فيه.
واضاف ايوب: مالومكم ي ال عايد اللي عشتوه مهوب قليل حنا بنعوضكم باللي تبون، لكن الامور الحين صعبة علينا اذا زانت انا بنفسي خليتك تقابل زياد وهو يعتذر منكم كلكم واحد واحد.
انس امال شفتيه بسخرية: حتى اعتذاره ماراح يبرد قلبي.
وقال بابتسامة ماكره وتلك الفكرة تُعجبه: الا شيء واحد.
نظر له ايوب بشك: وشهو؟
انس تحرك ناحية باب سيارته: مايشوف بنته ولا يعرف انها حيه.
صرخ ايوب حتى يسمعه: اطلب غيرها.
صعد انس سيارته وفتح النافذة هاتفًا: يوم الاحد اشوف ماجد وزوجته في بيتنا، اذا تبي تعرف وش ورا خاطفي من علوم لاني عرفت انه يمين اسعد ومسعود.
وتحرك تاركًا ايوب خلفه ينظر الى اختفاء اشعة الشمس خلف تلك الجبال الشاهقة.
الحاضر المجلس الان..
ابتسم زياد وعيناه تقع في عينان اسامة ثم ذهبت خلف الصندوق الاسود الذي بدوا يضعونه في مكانه الصحيح اعلى تلك الطاولة المربعة الحديدية..
اشتغلت الانارات في المكان ب اعداد مهوله مُشيره الى ابتداء المجلس، ثم اقترب احد الحراس بظرف اسود هامسًا: رمز الصندوق.
وقف زياد وتحرك ناحية الصندوق وادخل الرمز.. انفتح الصندوق الاسود بعد دقيقتان من ادخال الرمز وبدا بعد رقم تنازلي لعشر دقائق.
اقترب الحارس هامسًا: عندهم عشر دقائق عشان يوقعون على المبيعات والتعاون في مابينهم بعدها ترجع تحط الملفات في الصندوق قبل يقفل.
ابتسم وعينيه تقع على محتويات الصندوق وكما توقع اسماء عملاء السيد الكبير الخمسة عشر شخص فمنهم رجال اعمال مشهورين في الدولة وموظفين حكوميين وبعض الشخصيات الساسية وقليل من المشاهير، وتحتها امورهم التجارية غير القانونية من تجارة بيع اسلحة غير مرخص بها، الى تجارة اعضاء بشرية غير قانونية.. وخطف اطفال ومخدرات... الخ... فقط خروجه من هذا المجلس بهذه الاوراق ينهي امر هذه المنظمة السوداء وينجح مخططهم الطويل.
حمل الملفات السوداء وبدا يضع كل ملف امام صاحبه.
وابتسم بعد ان وضع ملف ابرهيم ال فرحان امام اسامة: جاي تبيع وش.
اسامة وعيناه تبتسم من رؤيته: ابيع قلب ابراهيم ال فرحان بتشتريه؟.
ضحك زياد  ثم تحرك ناحية انس ووضع ملف مسعود امامه وباستغراب ساخرة: ماقالوا لي انك خويهم.
سحب انس الملف وبسخرية مُماثله: ولا قالوا لي انك القائد.
جلس زياد مكانه وبدا يتحدث في مكبر الصوت امامه بوقاحة: ماتوقع هذا مكان سلام عشان ابدا بالسلام.
ارتفعت انظار الجميع باستغراب من وقاحة ما هتف به.
ابتسم زياد وقال بضحكة مصطنعه: افا افا محد يمزح معكم.
واشار براسه: السلام عليكم، ويلا نبدا.
ونظر لهم مُضيفًا: عندكم عشر دقائق اللي يبي يبيع شيء يبيع واللي يبي يشتري يشتري.
واشار الى نفسه: انا بكون المستثمر لكم كلكم والداعم الاول لمبيعاتكم.
بدت اصوات النواب بالارتفاع والتجادل والتبادل الغير قانوني وزياد ينظر لهم باستمتاع ويُحرك اصبعة على الطاولة بشكل دائري.
قال انس بهمس وعينه على اصبعه وهدوءه: وش خطتك.
نظر له زياد بعدم فهم: وش خطتي؟.
قال انس بهدوء هامسًا: علمني ايوب بكل شيء.
ابتسم زياد وقال بابتسامة خبيثه: لو على كيفي كنسلت كل خطتي عشان تموت ي ولد عايد.
نظر له انس بابتسامة: هذا وانا ابي احميك.
نظر له زياد بطرف عينه هاتفًا بحده: لو مايبقى في العالم الا انت عشان تفزع لي لا اشوفك حولي.
ابتسم انس بتسلية: قد كلمتك ي عمي؟.
رفع زياد حاجبيه بدهشة من كلمة عمي ثم تغيرت ملامحه للاشمئزاز من وقاحته كيف يخُاطبه بعمي؟: شكلك تبي قطع لسان؟ وانت تحسب الدخول هنا زي الخروج من الحمام؟
وضغط على اسنانه بوعيد: دخولك هنا يعني تعاونك معهم.
ابتسم انس واعاد نظره للاوراق امامه بتمعن ومع كل حرف ينصدم من هذه الاعمال.
بدا زياد ينقر على الطاولة ب اصبعه السبابه وداخله ينتظر عودة الحارس له من جديد.. ابتسم على اقتراب الحارس وكما توقع همس وهو يمد الهاتف: السيد اسعد يبيك.
وضع الهاتف على اذنه وصوت اسعد يصل له بنبرة غاضبة: وش قصدك بالرسالة.
زياد اعاد ظهره للمقعد خلفه وبابتسامة وعينه تستقر في الكاميرا البعيدة فوق الساعة الكبيرة: قصدي واضح فيها ابي منيف.
اسعد بتوتر وعينه على منيف الجالس امامه: قلت لك منيف مهوب عندنا.
زياد زم شفتيه بحزن مصطنع: يعني نقول فص ملح وذاب؟
واكمل هامسًا: خساره مكتوب لبنته تموت معي هنا.
منيف ب انزعاج حرك يديه لاسعد حتى يُكمل حديثه بما خطط معه ان يقوله: ومن قال انك بتموت؟
زياد ابتسم كاشفًا مخططهم: انا بذبح نفسي هنا خلاص ماعاد لي رغبه في الحياة.
اسعد تجاوز حديثه الساخر ناطقًا بشراسة: الاجتماع لرجاجيل ليش جايب حرمة بينهم..
قاطعه زياد ونظره الى ماجد الحانق ومتكتفًا رافضًا التوقيع: جايه مع زوجها.
وهمس من جديد بجديه: اعرف ان منيف بجنبك
وضغط على الاحرف: قول له يبي بنته يجي ياخذها مني بعد الاجتماع ولا ماتت.
ابتسم وصوت منيف المتهجم ياتيه كما توقع فحبه لابنته يفوق الكثير وهو يعي هذا: واذا جيتك تحسبك بتبقى حي؟
زياد رمى القلم وعينه لازالت على الكاميرا : مايهمني الموت، بس شيء واحد ابيك تعرفه ماراح اوقع ولا راح يتم المجلس ذا زي ماتبون دامكم لعبتوا علي وانت اولهم.
ثار منيف غاضبًا: على بالك مانقدر نسوي مجلس ومجلسين وثلاثه؟؟
زياد بابتسامة متحديه رفع حاجبه: الله يقويك، واذا عندك كلمة لبنتك راح انتظرك.
منيف بوعيد : جايك جايك يال**** وبتعرف كيف اكلم بنتي.
ثم اقفل الهاتف وصرخ مُناديًا: جهزوا السيارات والحراس لاحد يجلس.
اسعد بقلق من ملامح سيده المكفهرة: انا بروح اتم الامر انت اجلس الوضع خطير عليك.
منيف ابتسم بتحدي غاضب: لا ابي اشوف وجهه وهو يعرف ان بنته حيه، هذا اذا بقى حي، ثم اذبحها قدامه وهو يلحقها.
واشار له بامر حازم: اتصل على الحراس هناك خلهم يذبحون كل النواب الا زياد ويوقفون القنبلة لين اطلع بنتي.
..
عند اريان اغلقت اذنيها باصابع مرتجفة من صوت الرصاص المرتفع خارجًا وصُراخ احدهم : اقولك وين زوجته؟
بسام والدم يخرج من ثغره ثم سعل مُحركاً راسه رافضًا الاجابة: لو تذبحني ماتكلمت.
مسعود اطلق في جبينه وانحنى هامسًا بعد ان فارق الحياة:خلها تنفعك بنت زياد.
واشار بيديه بشكل دائرة في الهواء للرجال خلفه: دوروها فيصل قال هي هنا معه.
وانتشر الرجال في المكان.
ارتفع صوت احدهم بعد ان فتح الباب ووجدها تقف برعب مرتجف خلفه: لقيناها.
تقدم مسعود حتى وقف امامها ونظر لعيناها تحديدًا وامال ثغرة بخبث: واخيرًا ي بنت زياد.
وحرك راسه طاردًا الفكرة الوقحة ثم قال مُشيرًا لها بالسلاح: جيت اكمل اللي ماكملته قبل عشرين سنة.
اريان انتفض جسدها من نظراته وقالت بخوف: من انت وش تبي؟؟..
اشار لها بالسكوت غامزًا: مابي اسمع صوتك.
واقترب هامسًا وعيناه تستقر في عيناها: يمكن نحتاجه بعدين.
ارتعشت اطرافها من نظرته الوقحة وهي تفهم مقصده.
وحرك راسه لرجال خلفه: جيبوها وراي.
صرخت ب انفعال والرجال يطوقون ذراعيها بقوة: ي **** الله لايوفقكم، فكوني..والله لاينتقم منكم انس.
صرخ احد الرجال بانزعاج من صراخها جوار اذنه: انتي بتسكتي ولا يجيك كف يعدل وجهك؟
ارتفعت انفاسها ببكاء مرعوب وهي لاتعلم اين تذهب: الله ينصرني.
وسقطت عيناها على بسام الملقى في بركة دماءه ميتًا،
تصلبت ساقيها على منظره المؤلم كيف يموت؟؟..من هم هذا ماقاله عقلها وهم يسحبونها بعنف من ذراعيها حتى تسير معهم..
ركب مسعود سيارته واتصل على منيف وقال بابتسامة علت مُحياه: لقيناها الـ***** ي عليها عيون..
قاطعه منيف غاضبًا: وانا وش علي من عيونها بنتي يبي يذبحها ال*****زياد وانت تقول عيون ماعيون.
عض مسعود لسانه بفشلة ثم قال : طيب جاينك.
منيف بعد ان صعد هو الاخر السيارة: لاتجيني الا روح لمكان المجلس جايك هناك.
حرك مسعود راسه متوعدًا داخله زياد لا يبرح الا ان يُخرب خططه:ابشر.
..
سحب زياد الاوراق من امام انس وماجد ووضعها امامه ونظر الى الساعة في السقف والتي بدت تُشير عقاربها الى الساعة السادسة مساءًا وستة دقائق: كل واحد يقول امنيته.
واردف بابتسامة: يمكن احققها.
نظر له ماجد بكره: ليه مصباح علا الدين وانا مدري؟
ارتفع صوت انس المبحوح بضحكة طويلة.
نظر له زياد واخفى ابتسامته قائلًا بصدق: اذا قدرت عليها ابشر فيها.
ماجد اقترب له ثم همس ضاغطًا كل حرف على حده: موتك.
ابتسم زياد وكما توقع الاجابة: ابشرك بعد اربع دقائق كلنا بنودع، ماعندك غيرها.
رفع ماجد حاجبه بعدم فهم.
قال انس ساحبًا الاوراق من امامه: امنيتي اطلع فيها قبل اموت معك، اذا تسمح لي.
سحبها زياد وانزلها امامه وبحده: الاوراق بتطلع معي ولا بتموت معي.
اقترب احد الحراس حتى وقف امام زياد ثم اخرج سلاحه وصوبه ناحيته: في امر بذبحك.
ابتسم زياد بامتنان لمن وقف خلف الحارس واخرج سلاحه واطلق رصاصة اخترقت قفا راس الواقف وخرجت من جبينه.
وقف الجميع بذهول وذعر ممايجري.
اسامة حرك عيناه في انس مُشيرًا بحماية زياد.
اخرج انس السلاح ثم توقف امام زياد بدفاع.
ابتسم زياد من ردة فعل انس وهو يقف امامه حتى يحميه وهمس بعجله: اطلق في الكاميرا اللي فوق الساعة.
فعل انس ماقال واطلق في الكاميرا الصغيرة فوق الساعة الكبيرة المعلقة في منتصف الحائط.
صرخ زياد في ماجد الجالس بجمود بعينان مذعورة مما يحدث امامه: جيب لي السلاح.
اشاح ماجد وجهه عنه وقال بحقد: لو خذيته صوبت راسك.
ابتسم زياد وتحرك مجتازًا الطاولة الخشبية ثم انحنى وسحب السلاح من الميت امامه وبدا يُطلق مع اسامة على الحُراس.
القى زياد السلاح وذخيرته تنتهي مع انتهاء عدد الحراس وموتهم جميعًا.
لكن تصلب جسده وحرارة فوهة السلاح تُعانق عنقه من خلف وصوت انس: جيب الاوراق.
زياد بغضب من فعلته: ماتقول قالك ايوب..
انس قاطعه: قلت لك جيب الاوراق واترك ايوب وغيره.
اعطاه زياد الملف المليئ بالاوراق، دفعه انس حتى يقف يسارًا مع النواب الواقفين واشار للجميع بالسلاح: لاحد يتحرك.
ثم اشار الى ماجد بالتقدم: الوضع شكله اعجبك امش.
ابتسم ماجد ولحقه بخطى سريعة وقال بعد عبور الممر : بروح اجيب ابرار.
انس توقف امام الممر للحراسة: يلا سريع.
زياد اشار بعيناه الى اسامة : روح جيب الاوراق منه لو تطلب تقتله اقتله.
لحقه اسامة وتوقفت اقدامه صارخًا برعب بعد ان وقعت عيناه في القنبلة فوق الباب الضخم: لااااتفتح الباب.
كانت يد انس اسرع من صوت اسامة وهو يمسك مقبض الباب حتى يفتحه لكن رفع حاجبه بتساؤل من الباب المؤصد وسحبه من جديد بقوة ، ارتفع نظره باستغراب الى الصوت اعلى الباب عاد خطوة للخلف وهو يفهم انه ضغط زر تشغيل القنبلة بمحاولة فتح الباب.
صرخ عائدًا للخلف : قنبلة.
ماجد توقف وفتح ذراعية امام ابرار حتى يحميها: وين
انس اشار فوق الباب.
اسامة تقدم بهدوء ثابت: ارجعوا داخل معنا نصف ساعة عشان تنفجر بحاول اوقفها.
صرخ ماجد فيه : تحاول؟ مانبي تحاول قفلها.
نظر له اسامة بسخرية غاضبة: خويك اللي شغلها بدل ماتحط حرتك فيني حطها فيه.
نزع انس القناع من وجهه بغضب ورماه في وجه اسامة: ليش ماعلمتني ان فيه قنبلة..
قاطعه اسامة وهو يتجه الى القنبلة: ولو كنت ادري صدقني ماراح اعلمك بعد خيانتك قبيل في عمي زياد.
ارتفعت اصوات النواب القادمون من الممر يركضون برعب: فيه قنبلة.
توقف اسامة امام الباب: حتى هنا فيه قنبلة لاحد يقرب.
تقدم زياد ونظر الى انس ثم تجاوزه واتجه الى اسامة: القاعة اشتغلت فيها قنبلة..
اسامة وعينه تدور في ماحوله لاستكشاف القنابل المزروعه في المكان: كل القصر فيه قنابل ماهيب وحده ولا ثنتين الا موزعينها اكيد.
قبضة ابرار على جاكيت ماجد برعب وهمست: يعني بنموت.
ابتسم هامسًا حتى يخفف عنها خوفها: نهاية سعيدة لنا.
استدار انس على صوت تحدث زياد في الهاتف: القصر كله قنابل باقي قدامنا ٢٥ دقيقة...لا لا تفكر تدخل بتخربون كل خططنا وتروح تضحيتنا خسارة...هو بيجي امسكوه... ايه متاكد بيجي بنته معنا.
تقدم انس بغضب: اذا انت تبي تموت مت لحالك ليش تتكلم على لسانا كلمهم خلهم يجون يفتحون لنا.
ارتفعت اصوات الجميع بالتاييد.
ابتسم زياد ودس الهاتف في جيبه ثم قال بملامح مشمئزة: والله حتى الموت قليل في حقكم
ونظر الى انس بغضب: كل اللي هنا داخلين عشان يدمرون الوطن.
وحرك راسه مضيفًا بصدق: انت داخل ليه؟
نظر له انس بصمت طويل ثم قال بضيق: قالوا لك اكثر من عشرين سنة وراهم، وانا قلت الامور سهله..
قاطعه زياد بابتسامة: اجل الامور سهله.
وتركه ثم تحرك الى اسامة ووقف امامه : هاه بشر.
اسامة انزل نظره الى زياد: هذي هي القنبلة الاساسية بس يبي لها شغل فيها اكثر من عشرين سلك مدري وش هو اللي يطفيها، لو مسكت غيره يمكن تنفجر.
زياد تنهد تنهيدة طويلة ثم نظر الى ابرار الواقفة وامامها ماجد يُهديها بكلمات لاتصل لهم: عشان الابرياء ي اسامة حاول.
نظر اسامة الى ماينظر ثم قال بهمس: هذي بنته؟
هز راسه زياد واستدار مبعد عيناه عنها بشفقه على حالها.
بعد عشرين دقيقة عمل مسح اسامة جبينه واشار الى انس ان يتقدم ويمسك السلك الاخر.
تقدم انس ومسكه بطاعة.
همس له اسامة وعيناه على الاسلاك امامة: ليش رفعت السلاح في وجه عمي.
رفع انس حاجبه: عمك؟.
اسامة ويديه تتحرك في ما امامه: ابوي كان خويه في القطاع.
انس باستغراب حقيقي: ووين ابوك؟
اسامة ابتسم براحه والسلك الاخر ينفك بسهولة: مات مقتول.
انس بضيق على حاله: الله يرحمه كيف مات مقتول ومن قتله؟
اسامة نظر له ثم نظر الى الفتاة الواقفة بعيدًا: ابوي لقوه ميت بدون قلب
واشار بعيناه الى ابرار: ابو ذيك البنت او الاثنين اللي معه واحد منهم سارق قلب ابوي.
ارتجف قلب انس بإلم وهو يفهم الامر.. تمت سرقة قلب والده بتجارة الاعضاء وزراعته في احد المجرمين الثلاثة..
وصل له صوت اسامة هامسًا بحزن: عمي زياد كان راح يقلب عليهم الطاولة لكن انخطفت بنته ذيك الليلة..
قطع حديثه صارخًا بفرحه: وقفتها.
ارتفع صوت الجميع بتفاوت شاكر، ثم خرجوا يتسابقون بسعادة بعد الموت المحتوم عليهم.
توقف الجميع على صوت اطلاق النار خارجًا..
قال اسامة وهو يتقدم امام زياد لحمايته من الخطر المجهول: لاتطلع.
تقدم انس هو الاخر ووقف امام زياد بسخرية: ابوي لا اوصيك فيه ي زياد.
وصل لهم صوت منيف المرتفع: اذا تبي حياتك ي زياد طلع بنتي.
تحركت ابرار باندفاع جهة صوت والدها وتبعها ماجد.
علت الدهشة عيناهما على وقوف انس امامهما: وين وين؟
ماجد بغضب دفعه بقوة من ذراعه المصابة: من شفتك هنا وانا شاك فيك.
انس ضغط على شفته السلفية يكتم المه وهمس بجواره: ابوها هو المجرم وزياد وهذا اللي معه طلعوا عملاء سريين ويبون يمسكونهم.
اتسعت عينان ماجد في ملامح انس وبهمس غاضب: كذبه غيرها ي ولد عمي..
انس حرك راسه باسى من الجدال العقيم مع ماجد.
استداروا على ارتفاع رنين الهاتف في جيب زياد الواقف يتناقش مع اسامة بجديه، واسامه الرافض خروجه حرصًا على سلامته.
اخرج هاتف الحارس الذي التقطه منه قبل مغادرته صالة الاجتماع نظر الى رقم ايوب وفتح الخط ووصل له صوت ايوب المرعوب بانفاسه مضطربة وهو ينظر لهم من بعيد : بنتك بنتك يا زياد معه.
زياد بعدم فهم رفع حاجبة والامور حوله تختلط عليه و لاتجعله يركز والاصوات الصاخبة خارجًا ويتبعها صوت طلقات الرصاص المرتفعة : انت وش تقول بنته اللي معي.
حارث سحب الهاتف من ايوب وبهدوء متوتر وعيناه على اريان الواقفة بين حارسين ووقوف منيف خلفها: زياد مهوب وقت نشرح لك شيء، لكن اللي لازم تعرفه ان الله قادر على كل شيء وبنتك اريان طلعت حيه وهي ذلحين برا مع منيف وجاي يهددك فيها اكيد.
سقط الهاتف من كف زياد المرتجف ، وعقله لا يُصدق المستحيل.. ونعم بالله هو الواحد الاحد القادر على احياء الموتى.. لكن لم يحن موعد القيامة حتى يخرج الموتى من قبورهم.. لكن قلبه ابى الا ان يرا بعينه هُرا حارث ذو التوقيت الخاطئ .
خرج بخطى واسعة ولحقه اسامه ساحبًا ابرار بعنف قوي من خلف ماجد..
نزل زياد عتبات السلالم الخارجية ووقف امام بوابة القصر الحديدية وستقر نظره في الفتاة الواقفة في منتصف السيارات ويحُيط فيها الكثير من الرجال..
استدارت رقبته بتلقائية على الاسم الذي نطقه انس بذهول مصعوق بعد ان وقف جواره مُتعرفًا على الفتاة البعيدة عنهم والقريبة من منيف ويُحيط بذراعيها رجُلين: ارياااان.
.
.
...( نهاية البارت الرابع والخمسون)...

رواية جفَاف ورْدة بيضاء في رُكن الذَكريات.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن