-
..( البارت الخامس والخمسون)..
.
.'أَذاقَني زَمَني بَلوى شَرِقتُ بِها
لَو ذاقَها لَبَكى ما عاشَ وَاِنتَحَبا
وَإِن عَمَرتُ جَعَلتُ الحَربَ والِدَةً
وَالسَمهَرِيَّ أَخاً وَالمَشرَفِيَّ أَبا''المتنبي'
.
.
__خرج بخطى واسعة ولحقه اسامه ساحبًا ابرار بعنف قوي من خلف ماجد..
نزل زياد عتبات السلالم الخارجية ووقف امام بوابة القصر الحديدية وستقر نظره في الفتاة الواقفة في منتصف السيارات ويحُيط فيها الكثير من الرجال..
استدارت رقبته بتلقائية على الاسم الذي نطقه انس بذهول مصعوق بعد ان وقف جواره مُتعرفًا على الفتاة البعيدة عنهم والقريبة من منيف ويُحيط بذراعيها رجُلين: ارياااان.
تجمدت جميع حواس زياد والعالم حوله يتلاشى من الاسم الذي خرج من شفتين انس (اريان)..
لكن خرج من صدمته المؤقته على صرخت اسامة خلفه بتحذير مرعوب: عمي انتبه.
وقف انس فجاة امامه حاجبًا الرصاصة التي انطلقت من الجهه المقابلة واستقرت في صدر انس ودفعته خطوة للخلف ثم انحنى يمسك صدره، تقدم اسامة بقلق ساحبًا ابرار معه ونظر الى انس: صابتك؟
انس حرك راسه بالرفض وهو لازال ينحني بالم.
دفع اسامة ابرار امامه حتى وقفت امامهم لتحميهم من والدها ،رفع السلاح على جانب جبينها الايمن صارخًا بتهديد حقيقي: يموت واحد من اللي وراي ورب ادم ماتبقى حيه ثانية والعلم لك ي ابوها.
ماجد تصلبت قدميه وعيناه في منيف الذي اطلق على انس ثم نظر الى ظهر ابرار وعاد للخلف داخلاً القصر من جديد.
صرخ منيف بانفعال متقدمًا مجتازًا رجاله وسحب اريان ناحيته هي الاخرى ووضع السلاح جانب جبينها وبسخرية : شكلكم ماتعرفون من ذي؟
ونظر الى زياد الواقف خلفهم وقال مضيفًا بعينان تلمع مكرًا :ماعرفت من ذي ي زياد؟
زياد اغلق عيناه واشرعها وعقله للان لا يستوعب شيئًا ثم تقدم خطوة ومسك ظهر انس المنحي على ركبتيه ويمسك صدره متوجعًا وقال بقلق صادق: وين مكانها الرصاصة؟
ثم نظر الى صدره يبحث عن الرصاصة، رفع انس راسه له وبألم اغلق عينه اليسرى فارتطام الرصاصة في صدره واستقرارها في السترة المضادة لرصاص لم يكن عاديًا فقد شعر ان صدره يتحطم، ارتسمت خطوط الالم في جبينه وقال بنبره خافته مبحوحه: لابس حامي من الرصاص.
زياد زفر انفاسه براحه وضغط على اسنانه حتى يُخرج غضبه فيه: انا ماقلت لو مابقى الا انت لا تساعدني.
قاطعه انس بتعب ساخر: مالومك جميلنا عليك كبير.
ورفع راسه بقلق واشار بعيناه للواقفة بعيدًا : دام الحقيقة طلعت اليوم ترانا قدرنا نحميها عشرين سنة وهذا جميلنا الاول اما ذلحين دورك تحمي بنتك.
ودفع يده عنه وتقدم حتى اصبح جانب اسامة وقال بغضب عالي وقد اخرج السلاح من باطن جاكيته وصوبه ناحيتهم: انت اللي شكلك ماتعرف انها حرم انس ال عايد.
صرخت اريان بُبكاء مُستنجد: انس ساعدني.
منيف ابتسم وغرز السلاح في جبينها حتى تسكت : نعرف انها زوجتك، بس زياد كان يعرف انها بنته؟
وصرخ حتى يسمعه زياد: زياد دام الليلة ذي نهايتك ودي اعرفك على بنتك اللي فاقدها من سنين، اليوم انا جاي الم شملكم دامني السبب.
رفعت اريان عيناها تلقائي وهي تبحث عن المعني بزياد.
التزم الجميع الصمت وقال اسامة بتلعثم متفاجئ مُخاطبًا انس: هذي بنت عمي زياد؟
عض انس شفته السفلى: ايه
ارتعش جسد ابرار من منظر والدها والسلاح في كفه.
استدار انس الى زياد خلفه الواقف بجمود وعيناه مرتكزه في اريان ملامحه لا تعكس مايفكر فيه ثم قال زياد بنبرة عاتبه بعد ان تلاقت عيناه في عينان انس : وليش ماكملتوا جميلكم لنهاية يالـ عايد اذا هي بنتي صدق.
وتحرك حتى مسك ابرار من ذراعها الاخر واشار الى اسامة حتى يعطيه السلاح،مد اسامة السلاح ب انصياع.
سحبها معه متقدمًا بها وقال بهدوء عكس العواصف داخله: بنتي ماتت قبل عشرين سنة في بيتي.
وابتسم بسخرية: جايبين لي بنت مدري منهي وتقولون بنتك؟ وتبوني اصدق؟
تعانقت عينان اريان في عينان زياد ابعد نظره عنها عندما تعرف عليها انها زوجة انس التي كانت قبل ايام تمكث في منزله هل هي حقًا ابنته كما يقول الجميع؟.. اغمض عيناه متذكرًا ملامحها .. انزل نظره بتوتر ثم رفعه على صوت منيف : انا وثقتك فيك لين اليوم ي زياد، لكن تخريبك لاجتماعي هذا شيء ماسمح له.
ابتسم زياد بعدم اهتمام: لو واثق فيني مالعبت علي وخشيت عني انك السيد.
ونظر الى الواقفين خلفه: ولا وش رايكم ي اسعد ومسعود.
تقدم اسعد: اوامر السيد فوق الكل، واللي سويته يا زياد خطا ماينغفر له ،انت عارف اهمية الاجتماع لنا كلنا وخربته علينا.
قال مسعود بعينان تشتعل: ي انا ي انت ي زياد الليلة.
استدار زياد للخلف على صوت الحركة خلفه ونظر الى ماجد الذي يحمل الكثير من الاسلحة وبدا يوزعها على الواقفين ثم مد واحدًا الى اسامة، ابتسم زياد فجميل ال عايد كبير عليه حقًا.
وقال ماجد هامسًا بتحذير : زوجتي لا يصير لها شيء راح تلحقها.
اختفت ابتسامة منيف وعيناه على ماجد يقف امام ابرار: ي***** انا الـ*** يوم زوجتك اياها.
ماجد بعدم اهتمام ربت على ذراعها ونظر لها حتى يطمئن عليها وهمس : ابوك طلع مجرم واللي وراك هذولا شرطة ماراح يسوون لك شيء، وانا بجنبك راح احميك.
وصل له صوتها المرتجف الخافت بعينان ممتلئه: اريان ساعدها وماعليك مني.
نظر الى عيناها المنكسرة والمليئة بالدموع قد علم انها النهاية.. ثم استدار الى صوت منيف العالي ومد السلاح مصوبًا ناحيته كما يفعل اسامة وانس.
منيف رفع صوته مهددًا: جيب بنتي ي زياد ولا ذبحت بنتك.
زياد بهدوء مصطنع امال راسه: وانت تحسب انك لأجبتها تركت بنتك؟؟
وضحك باستفزاز: بنتك بتموت..
قاطعه منيف وهو يهز ذراع اريان المرعوبة وتبكي بصمت: تدري منهي البنت ذيك الليلة؟
وحرك راسه بحزن من الماضي: بنتي انا اللي حاطها بيدي عند بابك ي زياد.
وابتسم بوقاحة ساخرة: كيف ماعرفت بنتك!؟ وازيدك من الشعر بيت انا اللي ذابح زوجتك.
شهقت ابرار بصدمة وانزلت نظرها على قبضة زياد القوية على ذراعها.
اكمل منيف ببتسامة وذكرى الماضي تعود له: الحظ كان معي دايم، وحتى اليوم هو معي.
قال زياد باستغراب مُخفي صدمته من الحقيقة المؤلمة: وكيف قوى قلبك تخلي بنتك عند بابي؟
الماضي قبل عشرون عامًا..
نظر الى طفلته والاجهزة تُحيط في قلبها من كل جهه وقال بغضب : كيف ننتظر كم شهر زياده؟
ابراهيم ال فرحان بهدوء: البنت حالتها خطيرة جدًا وقلبها مايقدر يتحمل وهي لسى صغيرة..
قاطعه منيف : مايهمني شيء واعرف انك تقدر تسويها ودايم عملياتك تنجح بتوقف على بنتي؟
وخرج منيف بخطوات سريعة وعاد يحمل حقيبة سوداء وفتحها امامه.
ابراهيم ال فرحان اتسعت مقلتيه على الاوراق النقدية الكثيرة وبخبث : ابشر متى حاب الموعد؟
منيف نظر الى طفلته وبهدوء: اقرب فرصة.
هز ابراهيم ال فرحان راسه وقال بهدوء: كم عمر البنت الثانية اللي بتاخذ قلبها؟
منيف سحب الورقة يمينه ومدها الى ابراهيم: هذي كل معلوماتها.
نظر ابراهيم بتدقيق ثم قال: البنت صغيرة لسى ماكملت ٥ ايام ماراح..
قاطعه منيف بغضب: وانا وش يهمني في عمر الثانية اهم شيء بنتي.
زفر ابراهيم انفاسه وهمّ بالمغادرة وقال بصدق: انا ماقدر على ذي العملية فشلها اكثر من نجاحها.
تحرك منيف واصبح امامه وبرجاء اخير: طيب جرب وانا متاكد من نجاحها ويكفي انت الدكتور.
ابراهيم بهدوء نظر له : واذا ماتت بنتك في العملية؟
منيف اخفى خوفه: ماراح تموت انا واثق فيك.
ارتاح ابراهيم من ثقة منيف واقترب حتى وقف امام السرير الصغير ونظر الى مُؤاشرات اعضائها الحيوية: خلاص بعد ثلاث ايام راح نسويها.
ابتسم منيف وربت على ظهره بامتنان.
بعد يومين.. دخلت الممرضة عليه في مكتبة مذعورة : الطفلة ليست بخير.
ركض حتى وقف فوقها ونظر الى تنفسها وجسدها الذي بدا يرتعش تحت الاجهزة وكانها تُنازع صرخ على حارسه: دق على مسعود خله يجيب البنت.
وصرخ من جديد : ودقوا على ابرهيم يجي.
الممرضة وهي تمسح ثغر الطفلة من اللعاب : انها تموت.
سحبها منيف وحملها خارجًا بها وقال بامر غاضب: خلو الدكتور يلحقني عند بيت زياد ال راشد.
بعد دقائق اغلق الخط من مسعود الذي اعطاه وصف بيت زياد واخبره ان الخادمة هناك تُخبره بعدم تواجد طفلة زياد في المنزل الليلة.. اي ان ذهابه الى هُناك لا فائدة ترجى منها.
وقف امام قصر زياد ،ونظر الى طفلته المستلقية على المقعد جواره، استغرب سكون حركتها مد اصبعه امام انفها حتى يتحسس انفاسها، رفة عينيه بصدمة وهو لا يشعر بتنفسها حملها ونزل بها بخطوات متعثره كاد يسقط على وجهه واستقام راكضًا.. دخل مع بوابة قصر زياد المفتوحة وتجاوز سيارة زياد الواقفة في منتصف فناء منزله وتجمدت ساقيه على صوت غضب زياد وصُراخه على زوجته تقدم ناحيه النافذة الكبيرة المفتوحه بشك وخرج صوتهما من خلالها وقد فهم من كل هذا ان المنزل لا يوجد فيه طفله حتى تنقذ طفلته الليلة بزراعة قلب صغير مكانها قلبها المُتعب ،مسح على ملامح صغيرته مرارًا وتكرارًا وقبل جبينها بوداع اخير،وانزلها امام باب قصر زياد ثم عاد الى سيارته واخرج سلاحه من خلف المقعد الخلفي وسار عائدًا امام النافذة من جديد واستقر نظره في زوجة زياد حرك رقبته يمينًا ويسارًا وابتسم وعينان منال تعانق عيناه ضغط على زناد السلاح حتى استقرت الرصاصة في قلبها وغادر بخطوات واسعة، توقف امام البوابة على اقتراب مسعود القلق: وين بنتك؟
القى السلاح ناحيته ببرود: ماتت والـ*** زوجة زياد هربت بنتها، واطلقت عليها من ذا المسدس، دبر السالفة زي عادتك.
وقال منيف بهدوء امر وهو يصعد سيارته : دور بنت زياد واقتلها.
وقبل ابتعاده اضاف: السلاح مهوب مصرح ماراح يدرون من القاتل.
ارتفعت حاجبين مسعود بدهشة واتصل على الخادمة التي تعمل لحسابه داخل منزل زياد وامر بخروجها للخارج حتى يعرف ماذا حدث.
اخبرته الخادمة بُبكاء مرعوب ان زياد قتل زوجته بسلاح يحمله في كفه الايمن.
مسح على شعرها حتى يُهديها وقال ببتسامة ماكره بعد ان تاكد من تنظيف السلاح جيدًا: السلاح هذا حطيه بدل السلاح اللي مع زياد ، ويلا سريع راح انتظرك هنا.
نظرت الى السلاح في كفه وهزت راسها برجفه رافضه ما امرها به.
اقترب غامزًا بخبث ماسحًا على شفتيها باصبعه:سريع لان عندي مفاجاة لك.
ابتسمت الخادمة وعادت لداخل،ثم خرجت بعد دقائق قليلة وصعدت جانبه ومدت عليه سلاح زياد: حطيته مكان سلاحه.
قبل ثغرها بحُب: حبيبتي الشطورة.
وحرك السيارة على اصوات سيارات الشرطة والاسعاف خلفه.
ابتسم بعد دقائق طويلة مسعود وهو يقف امام احد منازله في وسط العاصمة واشار لها بالخروج معه.
خرجت معه وعانق اصابعها بين اصابعه وسحبها خلفه، ابتسمت وعيناها تجول في المكان الواسع.
اشار لها ببتسامة: هذا بيتك زي ماوعدتك.
وانحى على احد ركبتيه بعرض تمثيلي: هل تقبلين الزواج بي سيدتي.
ابتسمت الخادمة وهزت راسها ثمّ تقدمت وعانقته بحُب.
ابعد خصلتها المتمرده خلف اذنها وهمس باستفهام: وين راحت بنت زياد؟
الخادمة بهيام عاشق وذراعين مسعود تطوق خصرها: لقد راقبتها كما وعدتك
واخرجت ذاكرة صغيرة من جيب بنطالها الزهري ومدتها امام عينيه: لقد قابلة السيد منال هذا الشخص ليلة امس واعطته الطفلة.
ابتسم مسعود وسحب الذاكرة ثم اخرج السلاح من خلف بنطاله واطلق من بين حاجبيها وبابتسامة ساخرة مُتقززه: وخلصنا منك يالنشبه.
رفع هاتفه ، كتب رسالة الى اسعد: السيد ماتت بنته وقتل زوجة زياد،انا حليت موضوع السيد، راح ارسل لك ذاكرة حاول تعرف الشخص اللي فيها وتجيب بنت زياد منه.
الحاضر...
حرك زياد لسانه على اسنانه العلوية بتوعد داخلي: لكن انا حاولت اعطيك اللي تبي هذا وانا ماكنت ادري انها بنتك.
منيف تقدم خطوة وسحب اريان معه: والله انك ماقصرت وعطيتني القلب لكن **** مرتك هي اللي خربت علينا ذيك الليلة.
بلل زياد شفتيه كاتمًا غضبه من شتمه لزوجته: وليه قلتوا عايد العايد هو اللي قلتها؟
نظر انس الى منيف مُرتقبًا ماذا سيقول.
منيف نظر الى مسعود واعاد نظره الى زياد: لو زوجتك ذيك الليلة ماراحت تفزع بعايد وتخرب خطتنا كان بنتي حيه وتم الامر، انا جيتك وشفتها بعيني وهي ترفض تعلمك مكان البنت.
زياد بهدوء نظر الى اريان ثم قال بسخرية: شكل مافيه احد يحب بنته الا انت.
منيف غرس السلاح بقوة في جانب جبين اريان وعينه على ابرار: هذولا بنات منيف مهوب اي بنات..
قطع صوته نبرة ابرار المرتجفة وهي تُبعد عيناها عنه: يبه سلم نفسك.
نظر لها ماجد بضيق، التقت انظاره فيها ثم ابعدتها بتوتر هارب.
انتفض منيف من جملتها وقال بغضب: اسلم نفسي لمن؟
واضاف بانفعال: و انتِ تدرين اني كشفت نفسي عشانتس، لي سنين محد يعرفني..
قالت بغضب باكي: كان ماجيت وخلتني اموت ولا اعرف حقيقتك.
تقدم مسعود هامسًا بنفاذ صبر: بنتك مامنها فايدة بتنكبنا وبس خلنا نقتلها معهم كلهم وننهي الليلة على خير.
صرخت اريان على صوت الرصاصة جوار اذنها وتلمست راسها تتحسس مكان الرصاصة، اتسعت مقلتيها على سقوط مسعود وقد اخترقت قلبة.
انتفض جميع من كان امامه، ماذا قال في اذنه حتى يسقط ميتًا.
عاد اسعد للخلف برعب كيف يقتل مسعود اليد اليُمنى له واكثر من كان يحرص على سلامته وحمايته.
زياد بتوتر من فعلته وقتل مسعود ، نظر سريعًا لمن حوله وخلفه وقال لاسامه بامر: انتم ادخلوا لسلامتكم واطلعوا مع الباب الثاني وانا بروح له معي بنته.
قاطعه اسامة برفض حازم: روحتك معه يعني موتك وموتنا، ماراح يخلي احد حي اذا اخذ بنته وانت عارف هذا الشيء.
زفر زياد انفاسه ونظره يعود الى اريان المذعورة وتغمض عيناها..
ضغط انس على اسنانه وقال بماصدم الجميع: الموت لرجال فخلونا نقتله يانموت سوا ولا يموت لحاله.
تقدم زياد ساحبًا ابرار معه رافضًا مخططه: اذا احد بيموت فهو انا، انتم ارجعوا داخل.
قال ماجد وهو يتقدم ساحبًا ابرار من زياد ويصوب له السلاح : لاتدخلون زوجتي بسوالفكم.
ابتسم منيف على مايجري هُناك وهمس الى اسعد خلفه: اذا امرت فقلتوهم كلهم الا ماجد وبنتي.
تنهد زياد بضيق ثم تقدم وحده حتى اصبح في منتصف الطريق، انطلقت رصاصة في الهواء من الجانب الايسر مُحدثه دوي ونورًا في السماء..
لف الجميع يساراً خوفًا من المجهول الذي ظهر فجاة، كان يقف بثوب رمادي ويُغطي وجهه بقناع الثعبان.
قال منيف بغضب وهذا يخرج من العدم :وش انت؟
ضحكت عيناه من خلف القناع وادلى السلاح في اصبعه بهدوء ساخر ثم قذفه أرضًا.
صرخ منيف من حركته الغريبة: اقتلوه.
على استدارت الاسلحة ناحيته، اطلق زياد الرصاصة في الهواء وصوب يده ناحية ابرار: الرصاصة الثانية في قلب بنتك.
تقدم اسامة حتى يُصبح امام ماجد وابرار واعاد غرز السلاح في راسها.
منيف وعيناه تذهب وتعود الى ابنته الصامتة ونظرها بعيدًا عنه ثم الى المجهول وبشك من عينان زياد الغاضبة: انت تعرفه؟
زياد نظر الى عينان جابر الذابلة خلف القناع وحرك راسه باسى من فعلته وتهوره بالقدوم الى هُنا وهو مُتعب حتى انه لا يعلم متى فاق من غيبوبته حتى يستطيع القدوم الى هنا.
ابتسم جابر على حركة والده، واخرج عبوة السجائر من جيب ثوبه ببطئ وانظار الجميع عليه، سحب واحدة منها والقى العبوة ناحية السلاح ثم اخرج ولاعة من الجيب الاخر واشعلها بعدم اهتمام في الواقفين امامه من كل الجهتين وينظرون له بترقب، سحب القناع من راسه حتى ظهرت ملامحه وادخل السيجارة في ثغره هاتفًا بسخرية للاعين المترقبة له،: معك جابر بن زياد ال راشد اذا ماتعرفني.
تغيرت ملامح منيف متعرفًا عليه بانفعال: هذا اللي تقولون في المستشفى؟
اعتلت ملامح زياد الدهشة من تعريفه لاسمه بهذا الشكل الصريح( جابر زياد؟).
رفع انس حاجبيه باستغراب من فعلته وتهوره ووقوفه بدون اي سلاح.
ثم تقدم جابر بخطى متعبة ثقيلة وهو يضع كفه على جرح بطنه ، نفث دُخان السيجارة وقال بهدوء متعب: ماكذبوا وانا جاي احضر، ليكون تاخرت؟
واضاف ببتسامة ساخرة: لا شكلي تاخرت.
منيف لف السلاح الى جابر بغضب : انت جاي تستهبل فوق راسي اقول تشهد اذا انت مس..
لم يُكمل جملته على اختراق الرصاصة لإصبعيه السبابة والابهام وكانت قادمة من اعلى سطح القصر وسقط على اثرها سلاحه وهتاف احدهم من اعلى: سلم نفسك ي منيف الشرطة في كل مكان مافيه مجال للهرب ونزلوا اسلحتكم اذا تبون سلامتكم.
علت ملامح منيف الذعر وعيناه تذهب لرجال الشرطة فوق سطح القصر وتقدمهم من خلف جابر الذي انحنى وسحب سلاحه ثم عاد بتعب للخلف وجلس خلف احد السيارات بانفاس متعبة.
نظر منيف الى زياد المبتسم بانتصار، عاد خطوة للخلف وعقله يفهم مايحدث، تسارعت نبضات قلبه وهو يشعر بالالم في مكان اصابعه المبتوره وصرخ الى اسعد خلفه خوفًا من نهايته : اقتل بنته اقتلها طلع متفق الـ**** معهم.
اسعد رفع السلاح ناحية اريان.
صرخ زياد برعب ان يقتلها حقًا ،رمى السلاح أرضاً ثم رفع ذراعيه باستسلام : لا لا لحظة لحظة نتفاهم.
نظرت له اريان بعينان متوسله لانقاذها.
ابعد نظره وتحرك الى الخلف امِرًا بجسد ينتفض خوفًا : نزلوا الاسلحة نزلوها.
ابتسم منيف وعاد للخلف لقد اصاب نقطة ضعفه وهمس قريبًا من اذن اريان: هذا ابوك شوفي كيف صار مجنون عشان ينقذك وانا قبله من سنين.
تجمدت عينان اريان على زياد الذي يصرخ بانفعال ويلتقط الاسلحة من ايدي الرجال ويرميها قالت برجفة: مستحيل.
ابتسم منيف وقال : تبي حياتها يازياد خلهم كلهم كلهم ينزلون اسلحتهم ويوقفون قدامنا.
زياد نظر الى رجال الشرطة وقلبه ينقبض خوفًا : نزلوها وتعالوا قدامه.
حارث بغضب: زياد يوم وصلنا..
قاطعه زياد صارخًا بجنون منفعل: قلت نزلوا الاسلحة كلمتي ماعيدها.
ايوب انزل سلاحه وتبعه البقيه بانصياع.
زياد نظر الى اسامة: نزل السلاح ي ولد شاهين.
اسامة بهدوء انزله ارضًا.
انس نظر الى منيف ثم الى اريان التي تنظر لهم بعينان مُحمرة وانزل سلاحه، وفعل ماجد نفسه.
حارث نظر الى زياد وحرك راسه برفض: لا يازياد لا.
قال ايوب بضيق: حارث.
صرخ حارث له: كم لنا وحنا وراهم يوم وصلنا لنهاية تبينا نرجع.
ايوب بغضب نظر له: هذي بنته بنته ماتفهم تبيها تموت قدامه بعد مالقاها، حط نفسك مكان لو واحد من عيالك.
حارث اغمض عيناه ، ثم تنهد وانزل سلاحه.
اسعد ابتسم وبهدوء اشار للجميع : الكل يوقف هنا.
بدا الجميع بالتحرك والوقوف حيث يامرهم، اشار لمن فوق السطح: انزلوا.
بعد دقائق من اصطفاف الجميع ومن بينهم زياد وايوب وحارث، رفع منيف كفه المربوط التي ربطها بشماغه ثم نظر الى ايوب بوعيد: راح اشيل رقبتك مهيب اصابعك بس.
وقال بامر : تعالي ي ابرار.
سحبت ذراعها من كف ماجد.
اعاد امساكها ماجد برفض: انتِ عارفه وش ابوك.
قاطعته بعينان دامعه: قلت ابوي.
وسحبت ذراعها بقوة وتحركت ناحيته.
ابتسم منيف على تقدمها وفتح ذراعيه : قرت عيني قرت ببنيتي.
تجاوزت ذراعيه وتحركت ناحيه اريان الواقفه جانب اسعد وسحبت ذراعها حتى يفلتها اسعد: فكها يا***.
قال منيف بغضب من فعلتها: انت وش تسوين؟
اقتربت وهمست في اذنه وهي تُمسك ذراع اريان معها: يبه انت اللي وش تسويه؟، انت مستوعب وش يصير؟
وحركت راسها بعدم استيعاب: للحين تراني مهوب مصدقه شيء، اقول اكيد حلم وبقوم منه.
واضافت بضيق غاضب: انت عارف اللي ورانا شرطة فسلم نفسك لانك لو وقفت ضدهم يعني نهايتك وحتى لو طلعت من هنا بيبقون يطاردونك.
قطع صوتها صفعته القوية على وجنتها من خلف النقاب وقال بغضب: توقفين ضد ابوتس معهم؟.
وهمس بعينان اشتعلت: حتى لو كنت غلط هذا مايسمح لتس.
ارتفعت شهقات الحاضرين صدمه على ماحدث امامهم.
تحرك ماجد صارخًا: والله لاكسرها لك وانا ولد سعد.
منيف ونظره الى ابرار قال مهددًا : شفتي ذا ولد سعد اللي يهايط اوريتس فيه.
تحركت ابرار تمسك ذراع والدها ببكاء: لا لا بروح معك بس لاتسوي له شيء.
ابتسم منيف و اشار لاحد رجاله بعدم اقتراب ماجد منهم.
وفعل حارسه ماطلب وهو يرفع السلاح ناحيته حتى يقف مكانه، تقدم انس وسحب ماجد له: انت صاحي؟
ماجد اشار ناحيه منيف بغضب: انت شايف وش يسوون وتبينا نجلس نتفرج؟.
انس همس له بمكر: عندي خطه.
وحرك يده الى اريان مُشيرًا لها برجله حتى تفعل نفس حركته ب اسعد الذي يقف جوارها ثم تسحب سلاحه عندما ترتخي عضلات يده.
استدارت على اسعد المشغول بمراقبة مايحدث بين السيد وابنته.
ونظرت الى قدمه يمينها وبحركة هادية حركت قدمها خلف قدمه حتى لا ينتبه لها ثم ادخلتها وهي تلف قدمه بحركة سريعة وتسحبها للخلف، لم يستوعب اسعد الامر الا وهو يقع على ركبتيه مُتعثرًا بقدمها ويسقط السلاح منه بعيدًا.
ابتسمت اريان وهي تنحي بعجله على السلاح وتسحبه بسرعة وترفعه ناحية منيف.
اسعد بتلعثم غاضب: اتركيه .
رفع نظره منيف باستغراب، تجمدت حادقتيه على وقوفها بالسلاح، ابتسم على شكلها المرتجف، ثم استدار يبحث عن زياد : حاب تقول شيء قبل تودع بنتك؟
زياد بلل شفتيه وعيناه عليها نطق احرف اسمها يثقل كاهله ابعد خيار نطق اسمها وهو يقول بنبرة متلعثمه خائفه: ي بنت اتركي السلاح عنك.
لم تنظر له بقت عيناها معلقه في منيف وبصراخ مُهدد: انا مانب بنته لاعاد تقول اني بنت ذاك المجرم اللي يشبهك.
منيف هز راسه : ابشري.
وبهدوء امر : نزلي السلاح ولتس مني اوديتس لأهلتس.
ابرار نظرت الى اريان وبقلق قالت: لاتصدقينه.
صرخ منيف فيها: كلمة ثانية والله ماعاد اعرف لي بنت واذبحتس معها، كل ذا مسويه عشانتس ، واخرها توقفين ضدي لكن اوريتس شغلتس بعدين.
واضاف بغضب: ترى اذبحتس انتي وياها.
ابرار بعينان حاده باكية من تصرفات والدها: اذبحني لان مالي وجه اقدر اعيش بعد اللي عرفته اليوم وشفته.
وبرجفه اشارت لنفسها: كيف كيف تبيني ارجع اعيش وانت ابوي.
نظر لها بعينان مشتعله : انتي عارفه وش ابوتس عشان تقولين كذا.
حركت راسها برفض: ولا ابي اعرف اللي شفته اليوم يكفيني.
وتحركت حتى تقف جانب اريان: اذبحنا.
ارتجف السلاح في يد اريان ونظرت لها بنصف عين: تتكلمين من جدك انتي، انا مابي الموت.
بشبه ابتسامة مرتجفة قالت ابرار لها هامسه: يمكن ذا يومنا.
صرخ منيف في من خلفه : عناد.
اقترب احد رجاله، منيف همس: جيب لي بنتي، واقتلوا الباقي
ابتسمت عينان ابرار من خلف النقاب ونظرها على والدها الذي يهم بالمغادرة بدونها.
اختفت ابتسامتها على اقتراب احد الرجال وهي تفهم ماذا ينوي فعله، وصرخت لآريان : اقتليه.
ارتجفت اريان وهمست برعب وهذا يقترب لهما: ماقدر ماقدر.
سحبت ابرار السلاح من كف اريان ورفعته ناحيته: قسم بالله اقتله خله يروح وراه.
توقف منيف وبانفعال حرك يده الُيسرى لها: لاترفعين ضغطي فوق ماهو مرفوع امشي بالطيب لا اجيتس واوريتس شغلتس، واذبحهم كلهم قدامتس، اذا تبينهم يبقون حيين امشي قدامي.
ابرار ضغطت على اسنانها بعناد: ذابحهم ذابحهم حتى لو رحت معك تحسبني ماعرفك.
صرخ فيها بوعيد : امشي يابرار.
ارتجفت كفيها وحركت راسها برفض.
صرخ منيف : جيبو..
بتر كلمته على طلقت النار التي عبرت من امامه وكادت تُصيبه لكن اصابت الحارس الواقف امام الفتاتين، ثم انطلقت اخرى واصابت ذراع اسعد وثالثة ورابعة في الحارسين خلفه: البنت قالت لا يعني لا الموضوع غصب؟
استدار منيف بغضب وقد تعرف على صوته: الله ي**** اسعد ليش ماذبحك.
اسعد مسك ذراعه المصابة بانين وقال: انت قلت اخليه يتحسن.
منيف حرك يده حتى يسكت.
ابتسم فيصل مُخفيًا الم ساقه، واغمض عينه اليسرى مصوبًا السلاح ناحيته: الخامسة كان ودي تكون في قلب مسعود.
وابتسم بتشفي: لكن مات الله لايرحمه، والله كتب انها لك.
منيف حرك يده حتى يقتلوه.
كانت يد رجال منيف اسرع من يد فيصل وهم يطلقون ثلاث رصاصات متتابعة واستقبلها جسد فيصل ثم سقط بعدها ميتًا، تحت انظار المصطفين.
اغمض انس عيناه يكتم غضبه فهو بدا يعلم ان مصير تقدمه وفعل اي حركة سيكون كامصير فيصل.
همس ماجد بتلعثم: يعني بنموت؟.
علت شفاه انس ابتسامة صغيرة: وش رايك تروح تتفاهم مع عمك.
ماجد نظر له بغضب: وانت ليه ماتتفاهم مع عمك اللي ورطنا لين وصلنا هنا.
نظر انس الى وجه زياد المتهجم ورفع نظره الى ماينظر بعيدًا، ثم ابتسم هامسًا: استعد.
ماجد ابتلع ريقه خوفًا : استعد لوش.
انس بخبث: الموت.
هناك عند منيف، عادت ابرار واريان للخلف برعب من الموت الذي اصبح سهلًا في هذه الليلة.
نظر جابر من خلف السيارات الى الجسد الذي سقط اغمض عيناه ثم اشرعها بتعب، تحرك بخطى هادية حتى وقف خلف سيارة منيف ورفع كفه استعدادًا لاقترابه.
منيف اشار الى ابرار بملامح مكفهره: تعالي.
ابرار واطرافها ترتعش من منظر الجثث امامها : لا.
اشار لاحد رجاله: جبها.
ابرار والسلاح يرجف في كفها : بقتله بقتله والله بقتله.
ابتسم منيف بضحكة ساخره: اعرفتس يابنتي حشرة ماتقدرين عليها عز الله ماصرتي مثل ابوتس.
بكت بقوة وهي ترمي السلاح أرضًا.
ابتسم منيف مُتحركًا الى سيارته ورجاله خلفه يسحبون ابرار بقوة وقال بامر : لايبقى واحد وراي حي.
تغيرت ملامح منيف وعينه تسقط على السلاح و جابر خلفه الذي خرج فجاءة من خلف سيارته واطلق ناحية صدره يمينًا: تشهد اذا كنت مسلم.
انفجر الدم من صدر منيف وصرخ بالم من قوة الرصاصة التي اخترقت صدره: اقتلوه.
تحرك زياد راكضًا وسحب السلاح المرمي ارضًا وبدا يطلق على رجال منيف، تبعه انس الذي كان مستعد هو ايضًا.
وتحركوا رجال الشرطة بعد امر حارث لهم.
منيف تصلبت قدميه وبردت اطرافه على اقتراب جابر له ببتسامة: وين تبي الثانية؟
نظر حوله والامور تخرج عن سيطرته وصوت الرصاص يضج حوله وبدا بعض رجاله بالهرب وتركه واقفًا وحده امام جابر المُبتسم بخبث:ولا اقول وحده تكفي مانب مستعجل على موتك يبي لك تربيه من اول وجديد.
واقترب حتى وضع السلاح على رقبته ولفه ناحية الفوضى خلفه وهمس بعد ان غرز فوهة السلاح الحارة في رقبته: بسبب امثالك ماعرفت ابوي الحقيقي.
..
الماضي قبل ثلاث ايام...
اشرع عيناه جابر بتعب وسقط نظره على رجال الشرطة الواقفين خلف النافذة الزجاجة الكبيرة، اغلقها برعب حتى لا ينكشف ونبضاته تتسارع هل تمّ سجنه،؟؟.
دخلت احد الممرضات بخطى سريعة على صوت جهاز تخطيط القلب ثم دخل خلفها حارث قلقًا: وش فيه؟
الممرضة بشك نظرت الى جابر ثم الى جهاز تخطيط القلب: نبضه غير مستقر.
حارث بخوف ان يموت: كيف غير مستقر، يعني وش حالته خطيره؟.
كتم جابر انفاسه واصطنع عدم شعوره بهما.
اخرجت الممرضة قلم صغير من جيبها مخصص للكشف ثم انارته وبدت تحركه في عينه ابتسمت على تحرك حادقته وقالت بسعادة: يبدو ان الامير النائم سيستيقظ قريبًا.
ابتسم حارث وتنفس الصعداء.
وخرجت الممرضة بهدوء بعد ان اجرت عليه بعض الفحوصات وتاكدت من استقرار وضعه وعودة نبضه الى معدله الطبيعي.
جلس حارث على المقعد جواره وابتسم هامسًا بحنان: يوم قلت جاء الوقت اللي لازم اقابل جابر فيه طحت.
ومسح على شعره بهدوء مُتاملًا ملامحه الشاحبة.
توتر جابر من اصابعه على شعره وهو لا يعلم من هذا الرجل فوق راسه.
عاد جابر بعد وقت قصير الى النوم من مفعول الادوية..
استيقظ من جديد على الاصوات الغاضبة حوله، ابتلع ريقه متعرفًا على صوت عمه : لك وجه تدخل.
ايوب بهدوء: انا جاي اتطمن.
ضغط زياد على الاحرف بامر: اطلع ي ايوب لا اشوفك دام النفس للحين طيبه، بغى يموت ولدي وانت عارف ولا فكرت تعلمني.
خرج ايوب بخطى ثقيلة، حتى يهدا ثم يتناقش مع زياد مجددًا.
حارث اقترب بغضب: ماهتم في جابر كل ذيك الفترة الا ايوب وانت عارف انه يعتبره ولده بعد مثل ماهو ولدك
واشار الى جسد جابر المستلقي على السرير واضاف ساخرًا: جاي توفر له مشاعر الابوه الان ي زياد ماكانك تاخرت شوي.
زياد دفعه الى الخارج مهددًا : انت بعد اطلع لاعاد اشوفك هنا والله لو يصير لجابر شيء ان تدورون طريق الموت ولا تلقاه لا انت ولا هو.
ابتسم حارث ودفعه عنه: مقدر عصبيتك ي زياد، حاول تهدا وترجع لعقلك والموت مكتوب لنا كلنا مهوب ولدك لحاله.
وخرج تاركه خلفه.
انقبض قلب جابر على دفء شفتان زياد على جبينه هامسًا بحسرة: عارف اني غلطان يوم ماعلمتك من اول انك ولدي مهوب لازم يذكروني.
وتنهد بضيق ثم خرج يسحب اقدامه.
زفر جابر انفاسه ثم فتح عيناه ،استقر نظره في السقف بذهن غائب مُفكرًا بماسمع.
التقطت مسامعه صباحًا صوت ايوب وحارث وهو يستيقظ مجددًا ..
حارث ربت على كتفه: روح قبل يشوفك.
ايوب بضيق: انت معي ولا معه.
حارث بهدوء صادق: اكيد معه.
ايوب دفع يده حارث عنه بغضب: كيف معه؟
حارث بجديه: شوف وش صار في بنته لما عرفوا ان عليه بنت بدوا يضغطون عليه عشان يختبرونه لين وافق على خططهم.
ونظر الى جابر : هاه تخيل لو انهم عارفين بجابر من قبل؟ كان ماشفته حي للحين.
ايوب بضيق: حتى لو انت شايف كم عمر جابر ٢٧ وللحين يحسب ابوه الحقيقي عبدالله مهوب زياد.
حارث سحبه خلفه حتى يخرج به: انت الحين مضغوط وشكل جابر يتعبك لاعاد تجي لين يتحسن.
وخرج ايوب وخلفه حارث.
بقي على وضعه مُغلقًا عيناه بصدمة محاولًا استيعاب ماسمع، لم يشعر بدخول الممرضات وصراخهم فوق راسه بسبب ارتفاع معدل نبضات قلبه فجاءة، انفتحت عينه اليمنى فجاءة ثم اغلقها بسرعة على النور الساطع الذي ارتكز فيها من الكشاف الصغير من قلم الممرضة.
سمع صوت اقتراب حارث وايوب المرعوب: وش فيه ؟
ابتسمت الدكتورة: لا الحمدلله طلع صاحي.
واستدارت على حارث ببتسامة عريضة : ابشرك صحى المريض.
تجمدت اطراف ايوب وهمس بشك : شكله سمعنا.
حك حارث قفا راسه وبتوتر قال: مهوب شكله الا اكيد.
اقتربا على خروج الطاقم الطبي، قال حارث بهدوء: الحمدلله على السلامة ياجابر.
جابر بقي مغُلقًا عيناه.
ايوب ببتسامة مسح على شعره: ماودك تخلينا نسمع صوتك ،نعرف انك صحيت والحمدلله ع السلامة.
استدار جابر براسه يمينًا حتى يبعد كفه عنه.
ابتسم حارث من حركته: بروح ابشر زياد.
فتح جابر عيناه اخيرًا ونظر الى حارث فوقه والبدلة العسكرية عليه ثم نظر الى ايوب وقال بنبرة مُتعبة: زياد ميت كيف تبشر ميت؟.
ابتسم حارث غامزًا بتسلية : واعرف زي ماتعرف انه للحين حي.
اعتدل جابر جالسًا وتحرك ايوب يساعده باهتمام، تجعدت ملامحه متوجعًا ثم قال بنبرة متعبة خافته لايوب: هذا من؟.
ابتسم ايوب: الفريق حارث.
جابر نظر في عينان ايوب بتوتر.
ابتسم ايوب وهو يفهم توتره: هذا خويي حارث والشرطة هنا مهوب عشان يمسكونك الا يحمونك.
حارث سحب المقعد وجلس عليه: عارف سبب توترك، اذا كان عندك جريمة فهي خطف بنت عايد، لاتحسب انك بتطلع منها.
ايوب بضيق: حارث مهوب وقته.
ابتسم حارث على تغير ملامح جابر ونبرة صوته المرتعشة: وين بنت عايد؟
ايوب عدل الغطاء حول بطن جابر وساقيه: في بيت اهلها وهي بخير.
اغمض عيناه براحه، واشرعها على صوت حارث:وانا بجلس اصحح أغلاطك انت وابوك؟
لف جابر راسه له : مشكلتك اذا انت خاين لمهنتك وتحميني انا وابوي.
ابتسم حارث: الله يسامحك اجل انا خاين؟
نظر لهما جابر ثم قال متسائلًا: كيف ابوي الحقيقي زياد؟
ايوب سحب قارورة الماء وفتحها بتوتر ،سكب في الكوب الزجاجي ثم مده: تبي ماء؟
دفعه جابر هاتفًا بصوت جاف متعب: كلامي واضح لو ابي ماء قلت.
حارث نظر الى اشلاء الكوب الذي سقط من دفعه له، وبهدوء مستفز: قوم شيلها.
نظر له جابر : انا؟
حارث حرك راسه : ايه من غيرك.
ونظر الى ايوب مُضيفًا بحزم : شايف كم عمر عمك ايوب وكم عمري عشان ننزل ونشيلها؟
جابر عاد يستلقي على السرير خلفه : توني طالع من الموت كيف اقوم اشيلها،وانتم ليش تشيلونها ، كلم احد يشيلها.
واعاد نظره له: ولا تغير الكلام ترا كاشفك.
ابتسم حارث: يتخيل لك انك سمعت..
قاطعه جابر: سمعت عمي البارح يقول نفس الكلام
ايوب نظر له : انت تحسن الحين ونتناقش بعدها..
قاطعه جابر بتعب: واذا ماتحسنت؟ بجلس جاهل؟
نظر ايوب الى حارث ثم قال : وش سمعت؟
جابر حرك راسه ونظر له: يحسب ابوه الحقيقي عبدالله مهوب زياد.
زفر ايوب انفاسه وبتردد: ابوك الحقيقي زياد.
رفة عينان جابر ثم نظر له : كيف؟
ايوب مسك كتفه وبهدوء: فيه اشياء كثير ماتعرفها ياجابر خلها لين تتكلم مع ابوك.
حارث وقف: انا بكلم زياد..
جابر نظر له بتعب: لاتقول له شيء مابيه يعرف اني صحيت.
ايوب بضيق: وليه؟
نظر له جابر بحزم: بس.
حرك راسه حارث بموافقه لطلبه، وغادر معتذرًا بسبب انشغاله في بعض الامور.
نظر ايوب الى جابر الصامت: ماعندك شيء تبي تقوله.
نظر له جابر : تقول خلها لين تتكلم مع ابوك وانا بخليها.
بعد صمت طويل قال جابر بحيره حقيقية: عمتي ناهد تعرف اني ولد زياد؟
ابتسم ايوب على تحدثه: ايوه.
عاد جابر الى صمته.
ايوب بنبرة سعيدة صادقة: الحمدلله على سلامتك.
جابر اغمض عيناه مُلتزمًا الصمت.
خرج ايوب بصدر ضائق من صمته ،فتح عيناه جابر بعد خروجه وعقله لا يستوعب حقيقة مايقول.
مساءًا اغمض عيناه على دخول زياد..
تجمد الدم في جسده من كلماته الدافئه ونبرته الحزينة: والله انها خيره من ربي اللي كتب لك تدخل المستشفى بدل ماتدخل اجتماعهم.
واضاف بعد صمت:والله مدري يابوك بطلع من ذاك الاجتماع حي ولا ميت، لكن والله انه يعز علي اني بدخل وانت وراي كذا.
ثم بدا يقرا عند راسه ويمسح عليه ويدعي له وخرج بعدها بفتره طويلة.
..الحاضر..
وقعت عينان ابرار على الدماء في صدر والدها عندما استدار ناحيتها ثم شهقت وهي تسقط مغشيًا عليها، استطاع ماجد الامساك بجسدها قبل سقوطها ارضًا..
وصرخ ماجد: وين الاسعاف.
احد رجال الشرطة اشار الى سيارة الاسعاف البعيدة: هناك.
تحرك ماجد يحملها..
منيف برجفة من منظر ابنته امامه متناسيًا المه: والله لاتموت لاتموتون وراها.
ابتسم جابر ودفعه حتى يمشي امامه: بتموت قبلها وقبلي بس امش.
ابتسم حارث وهو يقف امام جابر ويغُلق رسغي منيف بالاصفاد، اشار باقتراب سيارة اسعاف حتى تحمل منيف المصاب: كيف صحتك!
ابتسم جابر بتعب ونظر الى والده الواقف بعيدًا وينظر الى جهة اريان: ذيك بنته؟.
نظر حارث الى ماينظر وببتسامة: ايه اختك.
ابتلع جابر ريقه بتوتر من كلمة اختك واعتذر مغادرًا: انا رايح.
مسك حارث ذراعه: وين رايح؟
جابر بهدوء مسك بطنه : تعرف للحين ماتحسنت.
ابتسم حارث بامتنان: شكرًا لك ي جابر.
اقترب اسامة ببتسامة عريضة لجابر الذي غادر بخطى هادية بطيئة. ثم مد الملف لحارث: كل الاسماء هنا.
ونظر الى منيف ببتسامة شامته، تغيرت ملامحه مُتذكرًا ذاك الامر ، اقترب الى منيف وسحب ياقه ثوبه وبدا يفتح أزرة ثوبه بتوتر انزل فانيلته البيضاء وتنفس الصعداء هامسًا : الحمدلله.
وتحرك الى مسعود الميت وفعل نفس الامر وبتوتر قال صارخًا بتلعثم: وين الثالث؟
ايوب اشار للواقف بين رجال الشرطة: تقصد ذاك.
سار اسامة حتى وقف امام اسعد ونظر له بتامل طويل ثم بدا يفك ازرار ثوبه الكحلي بانفعال مسح باطن كفه المتعرق من توتره ببنطاله نظر الى زياد الذي ربت على كتفه حتى يُهديه، ثم مزق له ثوب اسعد بقوة من الاعلى الى الاسفل واشار بعيناه حتى ينظر.
ابعد اسامة عيناه عن زياد فهو لا يريد ان يرى الضعف فيها، ومسك فانيلته الداخليه ومزقها كما فعل زياد بثوبه ،تصلبت كفيه وعيناه على صدر اسعد الخالي ايضًا من اي علامة زراعة قلب وبعدم فهم: وينه؟ وين وراح قلب ابوي.
وسحب السلاح من يد احد الرجال ناويًا قتله.
تحرك زياد وهو يسحب السلاح منه: ارجع لعقلك،اذا تبي تعرف وين قلب ابوك.
اسامة بعينان مشتعله قد امتلت من الدموع: طلبتك ي عمي تعطيني حسرة ابوي في قلبي والله ماتطفى لين اذبح واحد منهم.
نظر زياد الى اسعد خلفه ثم اعاد نظرة الى اسامة وبهدوء مُبتسم: تبيه يموت؟
اسامة حرك راسه والدمعة تسقط من عينه امام زياد.
ابتسم زياد ورفع السلاح الى اسعد:ابشر غالي ي ولد شاهين والطلب رخيص، خلنا نعرف وين قلب ابوك اول ثم اذبحه لك.
استدار الجميع على صُراخ حارث وهو يقف امام اسعد بغضب: صاحي انت صاحي.
تجمدت اقدام اسامة على حركه زياد.
حارث بتلعثم منفعل: حتى لو كنت شرطي ي زياد هذا مايعطيك الحق تذبحه وقدامنا.
واقترب هامسًا: بنتك يازياد تناظرك.
تسارع نبض قلب زياد واستدار ينظر الى اريان الواقفة بعيدًا عند احد سيارات الاسعاف وتنظر لهم، ابعدت عيناها بسرعة عندما نظر لها.
اقترب وغرز السلاح في قلب اسعد: وين راح قلب شاهين.
اسعد نظر الى زياد وبتلعثم مرعوب: ماعرف من شاهين..
قاطعه زياد وهو يضغط على السلاح في صدره اكثر: لا تعرف، كان واحد من رجالكم واخذتوا قلبه ورميتوه.
اسعد اتسعت مقلتيه وبانفاس مضطربة: تقصد شاهين عيد؟
زياد رص على اسنانه: ايوه هذا هو.
اسعد قال بعجله وضغط السلاح على صدره العاري تؤلمه : اخذ ابراهيم القلب لزوجته، لانه الوحيد اللي طابقها.
اتسعت اعين الواقفين حوله صدمة قلب رجل تم زراعته في جسد امراة.. لكن هذا يُصبح سهلًا عند ابراهيم ال فرحان.
صفعة زياد بكُره وحقد: ايه انت ومسعود شغلتكم توفرون القلوب.
وبصق عليه.
ثم اقترب الى اسامة وربت على كتفه حتى يُهديه من هذه الصدمة: نجيبه ونجيب زوجته..
قاطعه اسامة بهمس: بس زوجته ماتت.
حك زياد حاجبه هامسًا: اجل نجيبه لحاله.
حضن اسامة زياد وهمس: يعطيك العافية ياعمي الباقي علي انا ادل مكانه.
ابتسم زياد ثم مد السلاح لحارث وبهدوء قال: وين جابر؟
حارث اخذ السلاح منه : رجع للمستشفى.
بلل زياد شفتيه ونظره على اسامة الذي ابتعد : طيب انتبه على اسامة تراه ناوي على ابراهيم ال فرحان.
استدار ناحيه اريان الواقفة امام سيارة الاسعاف واقتراب انس لها ..هُناك امور معقدة له وكانه لغز يصعب حله.. انس وابنته ؟؟ .. تنهد فهو حقًا لم يستوعب هذه الحقيقة العقيمة.. كيف ابنته تقف امامه وبهذا العمر، اين كانت وكيف ومتى.. ولماذا؟؟.. تحرك ناحيتهما ساحبًا قدميه بتثاقل.. لن يستوعب هذا الامر وحقيقته حتى يتحدث معها ويفهم..
الممرضة نظرت الى ظهر كفها والدماء قد لونت الشاش الطبي الملتف عليها: فيه غير يدك شيء مصاب.
اريان هزت راسها بلا، على وقوف انس ونبرة السخرية في صوته: هو انا ماروح لمكان الا بلقاك وراي؟
اريان ونظرها على ظهر كفها الذي تُزيل الممرضة الشاش الابيض منه وقالت بعدم اهتمام: بيكون اخر مكان نتقابل فيه ان شاءالله.
انس بلل شفتيه بتوتر من كلماتها شاعرًا بصدقها واقترب لها حتى يطمئن: هذا مو وقت الكلام ذا، انتِ بخير؟.
قاطعته هاتفه للممرضة بضيق: سريع لاني مو قادره اتحمل ذا المكان اللي ماعرف فيه احد.
انس مسك رسغها: وانا وين رحت؟
سحبت ذراعها بقوة وبعينان غاضبة: خيرر؟!
انس بضيق من تصرفاتها: خليني اتطمن..
قاطعته بغضب: ارجع لذاك المكان اللي خليتيني فيه يمكن تلاقني وقتها و تطمن.
قال بشك: قريتي الورقة اللي خليتها في جيب بجامتك؟
ابعدت نظرها عنه وهي لا تعلم ماذا يقصد بالورقة.
نظر انس الى زياد القادم وقال بسخرية : شوفي من جاي.
رفعت نظرها اريان واعادته الى كفها بتوتر.
انس بهدوء صادق: ترى ماكان يدري انك بنته، السالفة طويلة.
اريان عضت شفتها السفلية حتى تكتم رجفة صوتها: من قال اني بنت ذاك المجرم؟.
انس التزم الصمت على اقتراب زياد ووقفه امامهما وتردده الواضح، ثم قال بنبرة متلعثمه : السلام عليكم.
ارتجفت كف اريان بين يديّ الممرضة، نظرت لها باستغراب.
نظر انس اليها ثم قال: وعليكم السلام
تجمدت انظار زياد على كفها وتعقيم الممرضة له، ابتلع ريقه بصعوبة والكلمات تضيع في بلعومه، هو من جرحها في كفها: انااا..
سحبت كفها من يد الممرضة وتجاوزته مُغادرة لا تُريد سماع صوته.. مجرم كاد يقتلها وخطفها لعدة ايام والان يقولون انه والدها اي هرا يريدونها ان تصدقه..
زياد قال بصعوبة، ضاغطًا على الاحرف حتى تقف: اريان.
تجمدت ساقيها في مكانها ثم قالت بغضب وهي تُعطيه ظهرها: مهوب يعني اني لقيطة، تبوني اصدق.
ثم نظرت له بعيناها الرمادية التي ميزتها منذ والدتها: لو كنت فعلًا ابوي الحقيقي ماتشرف.
وتركتهما خلفها مُغادرة تبحث عن من يُعيدها الى منزل عائلتها... لكن لم تعلم حجم ماقالته وتاثيره على من خلفها..
شعر زياد وكان ماءًا باردًا انسكب على راسه بقت عيناه تتبعها ثم قال مُوجهًا حديثه الى انس بعدم فهم: لقيطة!
انس وتقبل زياد ليس سهلًا عليه بعد مافعله به سابقًا وبعائلته ولن يكون.. فمعرفته انه يعمل في السلك العسكري لا يشفع له وبنبرة مستفزة: لها سنين مجهولة نسب، تبيها بيوم وليلة تقتنع انك ابوها عاد ماتنلام وانت ابوها.
زياد بردة فعل عنيفه سحب انس له: وليه مجهولة نسب وانا حي؟؟.
ثم دفع انس للخلف من صدره وهو يثور غضبًا وذلك الامر يعود الى عقله: وش معرفتك فيها؟ كيف تعرفها؟
نظر له انس ببرود ساخر: انت وش رايك ؟ لك اسبوع خاطفنا ماتعرف وش علاقتنا؟.
قطب انس حاجبيه من سؤال زياد الغريب فجاءة:كم متزوج انت؟.
انس باستنكار: وليه ذا السؤال؟
واضاف : متاكد انك باحث وراي وعارف.
زياد بنبرة شك واستغراب : سمعت انك متزوج بنت محمد ال صايل ؟
ارتسمت على شفتان انس ابتسامة صغيرة وهو يفهم الان مقصده، وبشفقه على حاله وضياعه : اريان بنتهم بالرضاعة.
زياد نظر الى انس باستغراب حقيقي:وش قربها لهم؟.
انس بهدوء نظر له : اللي اعرفه ان هذا طلب من زوجتك.
شعر بالدوران من هذه الحقيقة،شعر انس به وجسده يختل توازنه ، مسك ذراعه حتى لايقع.
دفع انس عنه باشمئزاز، وحرك يده في وجهه مُهددًا ومتوعدًا: شغلي معك ومع ابوك مانتهى.
اقترب ايوب ونظر الى ملامح زياد المكفهرة : انس روح للفريق حارث يحتاجك في بعض المعلومات الناقصة.
نظر انس الى زياد الذي ابعد وجهه عنه للجهة الاخرى، ثم غادر الى حيث امره ايوب.
ايوب ربت على كتف زياد وبابتسامة عريضة: هنيك العقلان على بنتك.
زياد لف راسه له واشار على نفسه ب اصبعه السبابة عدة مرات وجسده ينتفض: وش تهنيني عليه ي ايوب؟تقول مالها الشرف اكون ابوها.
ايوب بضيق: صل على النبي وتعوذ من الشيطان ، البنت يبي لها فترة عشان نتعود عليك زي مانت لازم تتعود عليها، واللي سويته لها مهوب قليل عشان تنساه بيوم وليله.
قاطعه زياد مُشيرًا الى انس بحقد: الـ***** يعرف انها بنتي ولا علمني.
وبحسرة اضاف: انا اللي مصاوب ايدها انا.
حرك ايوب راسه بضيق على حال زياد، فلاول مره يراه بهذا الضعف والانكسار حتى عند موت زوجته لم يكن بهذا الحال: بس والله انك غلطان من اول حتى لو ماهيب بنتك ماكان لك داعي ترمي..
قاطعه زياد مُبررًا : كان معها سلاح لو ماخليتها تنزله كان ذبحتني.
ايوب تنهد وهو الاخر صدره يضيق: الله يحلها وانا اخوك.
تحرك زياد مُغادرًا : ونعم بالله.
واتجه الى سيارته صعدها ثم غادر بأقصى سرعة، تاركًا الجميع خلفه.
بعد دقائق طويلة نزل في احد المساجد القريبة للمقبرة وتوضأ ،صلى صلاة العشاء واتبعها بعدّت ركعات شاكراً وحامدًا لله فيها..
سقطت دموعه وعقله الان بدا يستوعب هذه الحقيقة اريان حية..طفلته الصغيرة ذات الاسبوع اصبحت شابة تُشابه ملامح والدتها وأيضًا زوجه..كيف يكون هذا العالم قاسي عليه حتى لا يعلم بها الا مُتاخرًا هذا ماكان يفكر به عقله..ارتجف قلبه مُبعدًا تلك الفكرة السوداء عن صدره ..ماذا لو لم يعلم بوجودها؟.خرج من باب المسجد واتجه ناحية المقبرة القريبة بدا يتجاوز القبور حتى وصل الى قبرهما الذي يحفظه كاسمه، جلس امام القبرين، عادت عيناه تمتلئ بالدموع ونظره يقع على القبر الصغير جوار قبر زوجته، هو من رفض ان يراها تلك الليلة وإلا كان سيعرف انها ليست ابنته.. هو المُلام الاول والاخير على كل ماجرى في تلك الليلة..
همس بنبرة مرتجفة مكتومة: مثل اللي تمنيتيه وزود صار ،بنتنا بخير وكبرت بعيد عني.
مسح دموعه الحارة بعد ان شعر بها على وجنتيه مد كفه اليمنى وبدا يمسح على تُراب القبر الصغير، امتلى قلبه بالشفقة على من تسكن هذا القبر..
.
.
__
وقف امام مكتب الاستقبال بتعب..
رجل الاستقبال: هويتها.
اعطاه ماجد الرقم بعجله.
الرجل من جديد وعيناه على الجهاز امامه : رقم جوالها.
ماجد بهدوء: اكتب رقمي.
نظر له الرجل من جديد: وش تقرب لك؟
ماجد : زوجتي.
الرجل اعاد نظره للجهاز: ابي رقم جوالها هي، وش ابي برقمك.
ماجد نظر له بحده: دخل رقمي.
ادخل الرجل الرقم الذي يُمليه عليه.. فكثير من شاكلته يعرفهم، لا ينقصه هذا المساء ان يُعكر مزاجه به، مد له الورقة بعد انتهاءه من تدوين معلوماتها: خلاص خلك بالانتظار لين تطلع.
اخذ ماجد الورقة منه، وسحب على تعليماته وهو يدخل عليها الحجرة مُتجاوزاً رجال الشرطة امام الباب، مسح على شعرها الطويل المبعثر حول ملامحها الشاحبة، تنهد بضيق.. كيف وصل بهما الامر الى هذا الحال. هناك اسئلة كثيرة تحتاج اجابة ولين يجدها الا عند منيف وحده لا غيره.. كيف رغب به زوجًا لها.. كيف يعرفه!؟..
قطع سيل تفكيره حركتها، ابتسم ومرر يده على خصلات شعرها حتى يرتبه لها.
اشرعت عينيها واغلقتها بضيق من الانارة العالية فوقها اعادت فتحها على اخر صوت كانت ترغب به ان يكون قربها: صح النوم يا حلوه الحمدلله على السلامة.
اعتدلت جالسة باستغراب من المكان حولها: ويني فيه.
ماجد اقترب لها: في المستشفى.
فكت الربطة من شعرها واعادت ترتيبه ثم لفته بحركه سريعة وربطته من جديد ،حاولت فك ابرة المغذي من ظهر كفها بضيق.
سحب يدها اليسرى رافضًا ماتفعل: خليه لين يخلص مابقى شيء.
ابرار استلقت بتعب وصل لها صوت ماجد القلق: تحسين بشيء؟
ابرار حركت راسها برفض وباستغراب: انا ليه هنا!
نظر لها مُستفهمًا: ماتذكرين وش صار لك؟
رفعت عيناها المتعبة له: مثل؟.
ماجد بشك اقترب وانحنى عليها وهو يمسك عضديها برجاء ان تُجيب: قبل ساعتين وين كنا!
ابعدت كفيه عنها بضيق :اقولك مدري.
ونظرت له مُتسائله: وين كنا؟
مسك ذقنها بقوة ولف رأسها عليه ونظر في عيناها صارخًا من ان يكون مايفكر به حقيقة: تذكري تذكري وين كنا؟.
تاففت بضيق من صوته العالي ودفعت يده عن ذقنها هاتفه بنبرة ساخرة: انا ناسيه ليش انا هنا وانت تسال وين كنا.
ابتلع ريقه بقلق ،ثم خرج بخطى سريعة حتى يُنادي الطبيب.
عاد يقف عند راسها وهو يتامل ملامحها المتعبة..دب الرعب قلبه كان هناك خطب ما بها. كيف لاتتذكر ماحدث هذه الليلة!! فهدوءها بعد ماعاشت ليس طبيعيًا، توقع لحظة استيقاظها انهيارات من نوع اخر لكن مايراه شيء مُختلفًا كليًا عن ما توقعه.
دخل الطبيب بعد لحظات قصير: السلام عليكم.
عدلت ابرار حجابها هامسه: وعليكم السلام.
ماجد اقترب له وهمس بالقرب من اذنه : هي ماتتذكر شيء الوضع طبيعي ولا.
الطبيب عقد حاجبيه : كيف ماتتذكر.
ماجد حرك يداه امام الطبيب بانفاس مضطربة حتى يشرح له وضعها: الليلة هي عرفت شيء عن ابوها وشافت اشياء بعد بس من صحت هي ماتتذكر شيء.
اقترب الدكتور ناحيه ابرار التي توترت من اقترابه لها، اخرج القلم الصغير من جيبه العلوي وانار كشافه ثم بدا يحركه داخل عينها اليمنى، اعاد ادخاله في جيبه من جديد ، رفع السماعة الطبية ناحيه صدرها وقال بهدوء: لا وضعها تمام.
ثم قال : اليوم وش؟
نظرت له ابرار ثم حركت نظرها الى ماجد : اليوم وش؟
الطبيب ابتعد قليلًا عنها: السؤال لك.
نظرت له بضيق وتنهدت: مدري
الطبيب بشك: التاريخ اليوم كم؟
مسكت راسها وعقلها لا يُساعدها على تذكر شيئًا وبنبرة مُتعبة: مدري مدري.
اشار الى ماجد : طيب هذا من؟
عانقت عينيها عينان ماجد الناعسة: زوجي.
الطبيب بشك : متى تزوجتيه؟
ابرار تاففت بضيق من اسئلته واعطت اول اجابه خطرت في عقلها: من شهرين.
تغيرت ملامح ماجد ثم نظر الى الطبيب الذي وجه له السؤال هو الاخر: متى تزوجتها؟.
ماجد نظر الى ابرار الجالسة امامه على السرير الطبي بعينان جاحظة وقال بنبرة بطيئة وعقله يُثبت صحة تفكيره: من ست شهور متزوجين.
.
.
..( نهاية البارت الخامس والخمسون)..
حساب الرواية في الانستقرام:
@novel_6ea3
..(لا تنسيكم الرواية عن ذكر الله، سبحان الله، الله اكبر، الحمد لله، اللهم صل وسلم على افضل الخلق نبيًا محمد عليه افضل الصلاة والتسليم)..
أنت تقرأ
رواية جفَاف ورْدة بيضاء في رُكن الذَكريات.
Mystery / Thrillerرواية جفاف وردة بيضاء في رُكن الذكريات.. للكاتبة ضَياع، تدور احداث الرواية عن الفتاة اريان مجهولة الابوين التي تعيش مع عائلة ال صايل بعد ان وجدوها على عتبة بابهم. - والفتاة الريفية ابرار التي يجبرها والدها على الزواج من شاب غني لا يرغب بها زوجة له...