-
.. (البارت السادس والخمسون)..
.
."ولا ندري عن الأقدارِ شيئًا
وفي الأقدارِ منفعةٌ و ضُرُّ
فقد يأتي من المكروه خيرٌ
كما يأتي من المحبوبِ شَرُّ"
.
.
__الطبيب بشك : متى تزوجتيه؟
ابرار تاففت بضيق من اسئلته واعطت اول اجابه خطرت في عقلها: من شهرين.
تغيرت ملامح ماجد ثم نظر الى الطبيب الذي وجه له السؤال هو الاخر:متى تزوجتها؟.
ماجد نظر الى ابرار الجالسة امامه على السرير الطبي بعينان جاحظة وقال بنبرة بطيئة وعقله يُثبت صحة تفكيره: من ست شهور متزوجين.
تجمدت حادقتيّ ابرار فيه.
توتر ماجد وخرج خلف الطبيب.
الطبيب بهدوء بدا يُدون بعض الملاحظات على اوراق الملف :راح ارسلها لدكتور نفسي، اللي وضح لي انها صدمة نفسية تسبب فقدان لذاكرة في بعض الامور، وهو افهم واعرف مني.
ماجد مسك راسه بتعب:وبتطول فاقدة الذاكرة!
الطبيب نظر له :الدكتور النفسي راح يجاوبك.
ثم تحرك بعد مغادرة الطبيب، جلس على احد المقاعد في الممر الطويل امام الحجرة الطبية، انحنى على كفيه بضيق وتعب..لا يلومها على فقدان الذاكرة، حتى هو لا يستوعب هذه الحقيقة، والد زوجته كان قائد لاكبر منظمة سوداء مطاردة من الدولة منذ عدة سنوات.
.
.
الساعة الرابعة فجرًا، ترجلت اريان من السيارة التي كانت تقلها لمنزل عائلتها بقدمين مرتعشة لن تُصدق حقيقة عودتها حتى تراهم بعينيها، ضغطت باصبع مرتجف زر الجرس ،خائفه بشدة ان يكون هذا حلم فقط، اعادت النقر عدت مرات متتابعة وجسدها يرتعش.
انفجرت اخيرًا بالبكاء والباب ينفتح ويخرج من خلفه والدها اندفعت عليه بشهقات وانفاسه مرتفعة..
ابو علي افلت عكازة بذعر من شكلها وارتجافها بين ذراعيه احاط جسدها ،فدخولها عليهم في هذا الوقت من الصباح الباكر يجزم انه يحمل خلفه مُصيبة: اريان يابنتي عسى ماشر، صاير لرجلك شيء؟
غرزت اظافرها في ظهره ولازالت على نفس وضعها وصوت بكائها يرتفع.
نظر الى السيارتان خلفها واحدهما ترجل منها انس، تنفس بارتياح عندما راه حي: ادخلي.
هزت راسها بلا وشهقاتها ترتفع.
مسح على غطاء راسها وقبلها عليه هامسًا بحده: اريان ادخلي.
اريان بكلمات متقطعة: لا لا.
اقتراب انس لهما بخطى ثقيلة، ماسكًا ذراعه الايسر بكفه الايمن، ارتجف جسدها من صوته المبحوح خلفها: السلام عليكم كيفك ياعمي.
ابو علي وقد شعر بارتجافها ،حاول ابعادها عنه حتى يتقدم الى انس، رفضت هامسة بنبرة باكية: قلت لا.
ابو علي ضغط على شفته السفلية حتى يمسك غضبه وعينه على كف انس الممدودة: وعليكم السلام.
واضاف تاركًا يد انس معلقه في الهواء: دامك مهوب قد الامانة ليش ما رجعتها من اول ماخذينها وانت جايبها تاللي ذا الليل لكن شرهتها مهيب عليك الا علي.
ظهرت شبة ابتسامة على ثغر انس، وهو يقترب بهدوء قبل انف ابو علي واعلى راسه الذي كان يظهر اعتراضه بابعاد وجهه لطرف الاخر: لاتظلمني لين تسمعني.
وقال لها بخفوت مُبتسم بعد ان اصبح خلف ظهرها تمامًا: خلصتي الدموع على بنات الرياض، وخوفتي ابوك، يكفي دلع بنات.
استدارت بغضب له... هل يرى بكائها وخوفها دلع؟!!.. أذًا ماجرى سابقًا ماذا يراه؟؟ : دلع بنات من جدك انت تقول كذا؟
نظر الى عينيها الرمادية الغاضبة والمليئة بالدموع ابعد نظره عنها وهو يعود للخلف بتوتر من هذا القرب بينهما: خلاص انتهى..
قاطعته مُشيره له باصبع مرتجف: ماراح ينتهي لين تطلقني الحين.
اخفى انس ابتسامته داخله طلبها لطلاق كان اسرع من توقعه.
نظرت الى والدها برجاء باكي : خله يطلقني.
احاط ابو علي كتفها ونظر الى انس كاتمًا داخله الكثير من الكلمات لا يُريد ان ينفجر غضبه فيه امامها : ماودك ي ابوك نفهم وش فيك؟ ثم نقرر وش الصح الطلاق مهوب لعبه.
قال انس بهدوء فهو لا يلومها ماعاشته معه ليس هينًا : انا بخليك ايام انتي ارتاحي وفكري..
قاطعته برفض مُصر صارخ: افكر بوش بذيك الايام ؟؟؟ انت ماتفهم اقول طلقني ماراح تروح لين تطلقني.
توتر ابو علي من حديثها وعيناه لانس الواقف امامهما بمسافه قصيرة ولازالت اريان بين ذراعيه ترتجف وتبكي: ضاربك؟
بكت هامسه برجفة: لا ما ضربني لكن طلبتك يابوي مابيه خله يطلقني اللي شفته مهوب شوي.
انس بملامح مُتعبة ومزاجه لا يساعده لنقاش واذان صلاة الفجر بدا يصدح من المساجد القريبة: بنتكلم وقت ثاني هذا مهوب وقت مناسب واللي وراي ينتظروني.
حرك راسه ابو علي بهدوء وهمس لها حتى يُريحها وتهدا: ادخلي داخل واللي تبينه بيصير.
تركت والدها ، واختفت داخل المنزل على نظرات انس التي كانت تتبعها.
ابو علي اغلق الباب خلفه ونظر له بعينان تشتعل مُهددًا: وش مسوي لبنتي، تحسب ماوراها اهل؟.
انس ابتسم بتعب وانحنى حتى يُعيد له عكازة: وراها اهل والنعم فيها وادو امانتهم كانت اسبوع وصارت عشرين سنة.
تجمدت ملامح ابو علي فيه، ثم سحب عكازة من كف انس الممتده بها هاتفًا: لو انها وحده من خواتها كان قلت ماعليه بس هي ياولد عايد خط احمر وقلتها لك من اول ماجيت تخطبها.
انس تنفس بتعب وكل عظمة من جسده تنبض وجعًا وقال حتى ينهي هذا اللقاء الذي يراه ساعات وليس دقائق قصيرة: اللي تبونه ابشروا فيه واعذرني.
وترك ابو علي خلفه وهو يصعد بجوار حارث.
قال حارث بهدوء وعيناه على ابو علي: انزل اكلمه.
انس حرك راسه برفض وانحنى به للخلف مُغمضًا عيناه: ابي البيت بس.
ابتسم حارث وحرك السيارة الى منزله.
عاد ابو علي لداخل بضيق وهم يُغلف قلبه ،توقفت اقدامه على وقوفها في منتصف الفناء: ليه مادخلتي يابوك؟
اقتربت له واحتضنته هامسه: طلقني؟.
ابتسم ومسح على راسها: ابشري باللي تبين، لكن خليني افهم وش بينكم.
همست تُؤكد له: تراك وعدتني.
ابو علي ابعدها عنه قليلًا حتى يرى وجهها: ماودك تقولين وش مسوي لك!
اريان سقط نظرها على كفها واثر جرح الرصاصة فيه.. لا تعلم من اين تبدا..لكن همست بتردد مرتجف: مايناسبني.
ابتسم ابو علي وحرك راسه مُجاره لها، يعلم انها تخفي أمرًا لكن سينتظر حتى تُخبره: صلي ونامي.
هزت راسها وابتعدت عنه..ابتسمت ودموعها تنهمر من جديد بعد ان وقعت عينيها على احذية اخوتها الذكور امام باب المجلس الخارجي..
دخلت المنزل بخطى هادية اتجهت ناحية المطبخ المُضيئ فالاغلب هناك احدًا فيه، تجمد جسدها برعب على الفتاة القصيرة الواقفة في منتصفه تحمل كأس من الماء.
مها برعب هي الاخرى مسكت الكأس حتى لايقع من كفها: بسم الله.
اريان عادت للخلف بملامح باهته :من انتِ؟..
قاطعتها مها ببتسامة وعينيها تتامل عينان اريان الرمادية المحمرة وقد تعرفت عليها: اكيد انت اريان.
وحكت راسها باعتذار مُحرج: جدتي لازم تاكل علاج هذا الوقت..
قاطعتها اريان بكلمات متلعثمة غاضبة: انت من؟ وكيف تعرفيني، وش دخلك بيتنا ذا الوقت؟.
مها ببتسامة صفراء: حنا ضيوف.
واعتذرت مُغادرة بحرج.
ابتعدت اريان عنها بتوتر بعد ان جاورتها ثم خرجت من باب المطبخ.
نظرت الى كفها اليمنى التي ترتجف.
انزلت عبائتها على المقعد الخشبي ،جلست على طاولة المطبخ الصغيرة ادخلت كفها في جيب بجامتها واغمضت عينيها بعد ان شعرت بوجود الورقة كما قال حقًا، وضعتها امامها على الطاولة.. خائفه مما تحتوي داخلها.. اعادت دسها في جيبها لن تقراها حتى تتطلق منه، قشعر جسدها وذكريات تلك الايام تعود لها.
خرجت من ذكرياتها على صوت الشهقة خلفها: اريان.
ابتسمت واستدارت بفرح على هند الواقفة بصدمة: هذي انتي صدق متى جيتي!؟.
وقفت واحتضنت هند بشدة: توني.
ابتسمت هند: يوه يوه كل ذا شوق؟
تجاوزت حديثها ونظرها ينزل الى ثياب هند وقالت بسخرية: لا عاد بتداومين!
هزت هند راسها باسى : ايه مع الاسف، تحسبيني مثلك بس عشان زواج سحبت على الجامعة، الا وين رحتي شهر العسل.
وهمست بخبث: اووف عاد صدق طلعتي من هذولا اللي يسحبون على الكل بعد الزواج، حتى اتصال ي ظالمة ماتصلتي.
اريان بسخرية على حظها: هو اصلًا كان فيه شهر عسل؟.
تجمدت ملامح هند وعينيها تتجول في ملامح اريان والسواد الذي تكون تحت عينيها الُمحمرة وشفتيها الجافة وبروز فكيها ونحافه جسدها الواضحة: كيف مارحتي شهر عسل، هم قالوا رحتي.
وبشك قالت والخوف يسري لقلبها: وش صاير؟
ابتلعت غصتها اريان وبتعب فعلي: بروح اتروش وانام تعبانة.
قطعت طريقها هند: تستهبلين؟ كيف بتنامين وانا مدري وش فيك!
قالت بنبرة متوتره: بنتطلق.
رفة عينان هند عدت مرات حتى تستوعب الكلمة: تتطلقون؟
واضافت بتلعثم: ماصار لكم اسبوعين متزوجين كيف تطلقين؟
اريان بللت شفتيها الجافة: من اول قلت مابيه، وهذا اللي يصير لما ماتكونين تبينه صدق.
قاطعتها هند باعتراض: مسوي لك شيء؟ عشان هذا القرار؟ ولا..
بترت اريان حديثها بغضب منفعل: دام قلت مابيه ليش ماتوقفون معي؟.
هند رفعت حاجبيها بدهشة من انفعالها: تراك مفضوحة اعترفي وش مسوي لك ال***.
ابتسمت اريان بسخرية من شتيمة هند وسحبت عبائتها السوداء من اعلى المقعد الخشبي: اللي فات فات وراح تعرفون كل شيء بوقته.
هند بضيق منها وعليها: ومتى وقته؟
تركت هند خلفها وغادرت بصمت، جلست في مقعد اريان سابقًا باستغراب حقيقي، اخرجت هاتفها من حقيبتها على صوت الرسالة الجديدة"(صباح الخير)" ،ضغطت على شفتها السفلية بكُره ووعيد: الله **** ناقصيني انت.
اعطت رقمه الجديد حظر، وبحثت باصبعها عن التطبيق الذي حملته قبل عدة ايام، زفرت انفاسها بضيق.. هل تبلغ عليه مكافحة الابتزاز.. اغلقت هاتفها وانزلته على دخول اسيل بملاءة الصلاة هامسة بملامح غير مصدقه: شفتي اريان؟
.
.
__
فتح باب الشقة واشار لها بالدخول قبله.
دخلت ابرار بتعب وتوقفت بمنتصف الصالون.
ضغط ماجد على زر الانارة ، وجالت عينه في المكان مُستغربًا من نظافته، لا يذكر انه خرج منه بهذه الترتيب.. هل قدمت والدته او نورة لشقة بعده؟..
نزع معطفه ورماه على الاريكة العريضة وبهدوء وهو يتجه ناحيه المطبخ: ادخلي لغرفتك.
قالت باستفهام وعينيها تتبعه: اي غرفة.
توقفت اقدامه ثم استدار لها بضيق: انت وش اللي تتذكرينه بينا؟
ابرار بهدوء ونظرها يعود ناحية احد الابواب المغلقة: ماتذكر شيء يخصك.
ماجد تنهد بضيق ثم سحب احد الاكواب، سكب له فيه ماء ثم ارتشفه دفعه واحدة : يعني من كل ذي الشهور ماتذكرتي الا اني زوجك.
تركته خلفها واتجهت الى ناحية الباب الايسر.
ابتسم بهدوء وترك الكوب على الطاولة ولحقها بستمتاع..
قالت بخوف وعينيها على الخزانة والثياب الرجالية التي تحتويها فقط: وين ملابسي؟ اذا انا زوجتك؟.
ابتسم وتقدم لها وبصوت ناعس غمز: تخيلي ماكون زوجك واغتنمت الفرصة لانك فاقدة جزء من ذاكرتك زي مايقول الدكتور.
قاطعته برعب وهي تدفعه بقوة حتى يبتعد عنها : ببلغ عليك الشرطي اللي عند الباب.
ابتسم وسحب ذراعها ،اعاد ظهرها للخزانة خلفها بهدوء ،حاصرها بذراعيه وانزل نظره لها بتامل: فعلًا مجنونة.
وهمس بوجع حقيقي وعينيه في عينيها: الله اعطنا فرصة خلينا نعوض اللي راح.
توترت من قربه ونظراته لها ،ابعدت نظرها عنه وقالت بضيق: ووش اللي راح؟
اعادت نظرها له بحيرة: كيف تزوجتك؟
ابتعد ماجد عنها بازدراء ساخر: تزوجنا عن حب.
رفعت حاجبها وهي تلتمس السخرية في صوته: تراني مافقدت ذاكرتي مره وحده ومتاكدة ماعرفك من قبل.
ابتسم ماجد ونزع سترته الشتوية: كل ذا وتقولين مانسيتي الذاكرة اجل لو انك ناسيتها كاملة.
واشار الى الحائط جانبًا: غرفتك الثانية.
انزلت نظرها بتوتر وخجل من صدره العاري وبتردد كتمت الكلمات داخلها.. لماذا لكل واحد منهما حُجرة خاصة؟؟ وهما زوجين..تركته هاربة بخجل عندما تقدم حتى يِخرج له ثياب من الخزنة خلفها.
ابتسم من احمرار خديها وهربها،اختفت ابتسامته مُتذكرًا نوف كيف نساها، تنهد بضيق ودخل الى دورة المياة..
فتحت الخزانة الكبيرة رفعت حاجبها من ثيابها المرتبة بعناية.. اغمضت عيناها بضيق ثم اشرعتها.. هناك كثيرًا من الذكريات لا تتذكرها وخاصه معه.. كيف تزوجته؟ولماذا؟ واين راجس، كان خطيبها، تشعر بالراحة مع زوجها المدعو ماجد لكن هُناك حلقة مفقودة، قال لها الطبيب ان ذكرياتها ستعود بالتدريج ولا يحتاج الى السعي خلفها او التذكر.. حتى سبب فقدها لجزء من ذكرياتها لم يخبروها بها،اخرجت لها بجامة زهرية وثياب داخلية..
بعد دقائق اندست في سريرها بتعب وغفت سريعًا، فتحت عينيها برعب من صوت الرصاص حولها، زفرت الصعداء بعد ان علمت انه فقط حلم، تسارعت نبضات قلبها،وتجمدت اطرافها شاعرة بالانفاس الهادية خلفها، اغمضت عينيها بارتياح وهي تستوعب وجوده خلفها، تحركت ببطء،سحبت خصلات شعرها الطويلة المبلولة بتألم ووجع من تحت راسه، جلست بتافف هل ضاق المكان حتى ينام على شعرها؟!،نظرت لجسده القريب منها، كانت ملامحه المُتعبة واضحه لها بسبب اشعة الشمس البسيطة التي تسللت من خلف الستارة الطويلة، ابعدت اللحاف عنها وتركت السرير له، خرجت تجلس على الاريكة خارجًا احاطت ساقيها بذراعيها وانحنت عليها بتفكير، ثم استلقت من جديد على الاريكة، طار النوم من عينيها والحلم يعود لها كانت هناك رصاصة واحده تحملها في كفها الايمن وصوت طلقات رصاص كثيرة حولها.
.
.
__
رفع حاجبة باستغراب من رجل الاستقبال: كيف طلع؟
الرجل على طاولة الاستقبال: هو طلب نكتب له خروج وطلعناه.
زياد بغضب: انت شايف حالته كيف تطلعه حتى لو طلب.
تافف الرجل بغضب: وانا وش دخلني فيه هو اعرف بمصلحته.
زياد رفع يده: اذا مابلغت عليكم وعلى استهتاركم ماكون زياد.
وتركه بخطوات غاضبة، اتصل على رقم ناهد اجابت بعد عدت اتصالات بصوت نائم: هلا.
زياد بغضب: ساعة لين تردين.
ناهد بضيق من اتصاله في هذا الوقت المبكر من الصباح: وعليكم السلام، انت شايف الساعة كم ؟
زياد بعدم اهتمام : جابر عندك؟
اعتدلت جالسة بقلق: لا مهوب عندي وش صاير؟.
وبشك وقلبها ينقبض: جابر مايجيني الا مسوي له شيء.
زياد بحده: ادري انك تكذبين..
قاطعته بنبرة خائفة: والله مهوب عندي زياد وش صاير؟
زياد زفر انفاسه: روحي تاكدي من غرفته يمكن جاء وانتي نائمة.
سحبت روب بجامتها الطويل وارتدته على عجل وقالت والهاتف لازال على اذنها: وش مسوي له؟!
قال بغضب: وانتي وش عليك وش مسوي له؟ ناهد ترى اللي فيني يكفيني شوفي الولد عندك.
نزلت عتبات السلالم بخطى واسعة واتجهت الى جهة حجرته اسفل السلالم، طرقتها عدت طرقات: جابر انت هنا؟
وفتحت الباب بتردد، جالت عينيها في الحجرة الواسعة وقالت بقلق: مهوب عندي.
اغلق زياد خط الهاتف بينهما ثم اتصل على حارث الذي اجاب من اول رنه: جابر عندك؟
حارث بهدوء ونظره على اسامة الواقف يرتدي الزي الاسود الخاص بعمليات المداهمة: لا.
زياد ونبضات قلبه تتسارع: الولد طلع من المستشفى ولا هو عند عمته ولا في بيتي.
حارث بقلق لكن اخفاه وقال حتى يُهديه: مهوب ورع تلقاه رايح قريب وبيرجع.
وبهدوء اضاف : دقيت على ايوب يمكن عنده؟.
زياد تافف بصوت مسموع واغلق الخط منه، وبحث عن رقم ايوب باصابع مرتعشة.
اجاب ايوب وهو يبتعد عن الجثث وقال بهدوء خافت: هلا زياد.
زياد بانفاس مضطربة: وين جابر؟.
ايوب اعاد نظرة للجثة البعيدة: في المستشفى..
قاطعه زياد: لا طلب منهم خروج ولا لقيته عند عمته.
ايوب ابتعد عن رجال الشرطة وقال باستغراب قلق: ماشفت بيتك؟
زياد بنبرة مُتعبه وقلقة: كلمتهم يقولون مارجع.
ايوب بتردد: تراه عرف انك ابوه، تلقاه اختفى عشان السالفة ذي.
قبض زياد على الهاتف بشده ضاغطًا على الاحرف: معلمه يا ايوب..
قاطعه ايوب بضيق من اتهامه الباطل بحقه: سمعك وسمعنا لما كان في المستشفى ماكان في غيبوبه، وانت عارف مستحيل اعلمه بالموضوع ذا ماعلمته وهو صغير اعلمه ذلحين..
قاطعه زياد صارخًا: وليش ماعلمتني دامه درا؟
واضاف بوعيد: ثلاث ثلاث يا ايوب..
واقفل الخط بوجهه مُعلِنًا استمرار الحرب بينهما.
ادخل ايوب الهاتف بجيب ثوبه وهو يعرف مايقصد زياد بكلمة ثلاث ..امر اسامة أولاً ثم ابنته واخرها جابر ولن يتخطاها له زياد عاجلًا..
عاد ايوب يسير ناحية الجثث وبضيق واضح على ملامحه لم يستطع اخفاه: هاه عرفتوا منهم ؟
احد الرجال مد له بعض الاوراق البيضاء: ايه.
تنهد بضيق بعد ان قرا الاسماء وقال: بلغوا اهاليهم.
ونظر الى البعيد المشغول باخراج الرصاصة من جبين بسام : اذا خلصت ارسله لمغسلة الموتى.
.
.
___
حارث بغضب : يعني لازم تروح معنا.
اسامة عدل السماعة في اذنه ثم ارتداء قفازاته السوداء: محد يعرف ابراهيم اكثر مني.
حارث اقترب ونظره على اسامة الذي بدا يرتدي السترة المضادة لرصاص: محد يعرفه اكثر منك ولا تبي تاخذ حق ابوك؟
رفع نظره اسامة:اللي تبي تسميه سمه، ودامك ماتبيني اخذ حق ابوي ليش علمتني كيف مات.
حارث تنهد بضيق: لانه من حقك تعرف كيف مات ابوك.
اغلق الحزام على فخذه وادخل المسدس الصغير مكانه فيه وتحرك خارجًا: راح اسلمه لكم وهو بالسلامة.
ابتسم حارث واشار لرجال بالخروج خلفه.
بدا رجال الشرطة يتوزعون في السيارات حسب الخطة التي تم وضعها حتى يستطيعون القبض على باقي الاعضاء المتورطون مع منيف.
صعد اسامة جوار احد رجال الشرطة وقال وهو يرتدي القناع حتى يُغطي وجهه: روح لحي****
تحرك الشرطي كما امره وكانت تلحقهم عدت دوريات اخرى.
توقف امام قصر ابراهيم ال فرحان واشار لرجال بالانتشار حول القصر الكبير بهدوء والقبض على كل من يخرج في طريقهم.
انزل النظارات على عينيه وعدل القناع على ثغره ثم ترجل من السيارة وتحرك ناحية البوابة الضخمة امر الشرطي خلفه بالقبض على الحارس.
دخل من الباب الصغير الجانبي وهو من يحفظ هذا المكان كثيرًا واشار لمن خلفه ان يلحقوه، تخطى النافورة الكبيرة التي كانت تتوسط الفناء الواسع وعبر من خلف القصر الى الممر الضيق المؤدي اللي المطبخ دلف بابه ثم دخل واشار بالسلاح في وجه الخادمتين : ولا صوت.
الخادمة السمينة سقط منها الصحن مُنتفضه برعب من مداهمة هذا الغريب.
اسامة اشار بيده لرجل خلفه: طلعهم برا.
تجاوزهم وخرج الى الصالون بحث بعيناه عن ابراهيم ثم صعد عتبات السلالم بخطى واسعة واتجه ناحية جناحه حرك المقبض ببطء ودخل يبحث عنه..
خرج باستغراب فهو يعلم انه لا يعمل يوم الاحد.. اين سيكون!..
وبدا يفتح الابواب المغلقة ويبحث عنه داخل الغرف الكثيرة، سقطت عينه في الجناح المغلق منذ زمن طويل بسبب استقرار ابنته الوحيدة في الخارج واكمالها دراسة الطب يُريد صنع نسخة صغيرة منه هذا مافكر به اسامة وهو يتجه ناحيه الجناح حرك المقبض وتغيرت ملامحه على اضاءته هل يختبي الـ*** هنا؟، لف بنظرة في الجناح الواسع هُناك كثير من اللوح والالوان، ابعد نظره الى صوت فتح الباب الجانبي، اتسعت مقلتيه على خروج الفتاة الشقراء من خلف ذاك الباب وهي تمسح كفيها بمنشفة صغيرة، وقعت المنشفة ارضًا وعينيها ترتكز برعب في الواقف امامها بثياب سوداء ولا يظهر منه الا عينيه من خلف النظارات الزجاجية.
قال ببطء مصدوم وهو يتعرف عليها: طيف!!
عادت للخلف برعب وهلع من المجهول الذي يتوسط غرفتها بوضح النهار، سحبها من ذراعها قبل ان تعود الى ناحية دورة المياة.
انتفضت بشدة من قبضته على ذراعها واستدارت بعينيها الزرقاء وقد امتلئت بالدموع والخوف، حاولت سحب ذراعها بقوة.
اسامة نظر الى عينيها الزرقاء وأفلتها وقال حتى يُهديها: ماراح اسوي لك شيء.
احتضنت ذراعيها ونظرها على السلاح في كفه الايمن.
اسامة باستفهام: وين ابوك!
رفعت نظرها له وقد ارتسم على ملامحها الذعر.
توتر اسامة من نظراتها وملامحها خصوصًا ،فتاة شقراء ذات وجه صغير بعينان زرقاء ، نعم هي ابنة ابراهيم ال فرحان من زوجته الروسية.. وقد اخذت الكثير من ملامح والدتها الجميلة، لاول مره يراها.. منذُ زمن طويل وهي تعيش مع عائلة والدتها لدراسة الطب هُناك.
دخل احد الرجال خلفه هاتفًا: مافيه احد..
وبتر حديثه ونظره يستقر في الفتاة الطويلة الشقراء..
خرج من شروده على لكمة اسامة لكتفه حتى يسمع مايقول له وصُراخه: اطلع.
خرج الرجل بتوتر..
زفر انفاسه بغضب ثم نظر لها من جديد وصرخ فيها: ابوك ابراهيم ال فرحان وينه؟
قبضة طيف على بنطال بجامتها الابيض ثم مدت ذراعها اليمنى وهي تلتقط مكشطة الطلاء الملقاة على اطار اللوحة..
بردت اطرافها واسامة يمسك ذراعها المرتجفة ويلفها حتى اصبحت المكشطة امام وجهها وهمس ضاغطًا على اسنانه: ابوك وينه ولاخر مره اقولها.
واضاف بانفعال: تكلمي وينه؟.
عقد حاجبيه بعدم فهم ويدها الاخرى تتحرك بشيء لم يفهمه.
تغيرت ملامحه، تاركًا ذراعها الاخرى، عاد خطوتين للخلف حتى يستوعب ماذا يحدث امامه ، بقت عينيه تتبع تحرك كلتا يديها، ارتعشت اطرافه وهو يفهم الان ماذا تفعل ،ابنة ابراهيم ال فرحان الشقراء هي في الحقيقة فتاة بكماء.
.
.
___
فتح عينيه بضيق من النداء المتكرر لاسمه.
تهاني مدت الهاتف له: عمي يدق عليك.
مساعد نظرها لها: الساعة كم؟
تهاني نظرت لساعة الهاتف: تسع.
اعتدل جالسًا واخذ الهاتف منها: الله يستر.
اعاد الاتصال في والده، وصل له صوت والده المتحشرج: وعليكم السلام.. موجود بس نايم.. لا دوامي بعد الظهر.. فيه شيء؟ .. صوتك وش فيه؟
ضاقت حادقتيه وبتلعثم: لا حول ولا قوة الا بالله.. متى.. زين زين واقفل.
اقتربت تهاني بخوف من ملامحه: وش صاير من ميت؟
القى الهاتف يمينًا وابعد عنه اللحاف وبنبرة حزينة تحرك لدورة المياة: عمي فيصل يطلبك الحل.
شهقت تهاني برعب ومسكت ثغرها: لا حول ولا قوة الا بالله.
وجلست على مقدمة السرير وقدميها لا تحملها من صاعقة الخبر.
خرج بعد دقائق قليلة وصرخ فيها: وين ملابسي.
توقفت واطرافها ترتعش ثم تحركت الى الخزانة حتى تُخرج له ثيابه.
ارتداء ثيابه على عجل ثم خرج بخطى مُثقله.
نزل عتبات السلالم وعيناه تبحث عن والدته كتم انفاسه ونظره يقع عليها تجلس امام التلفاز بتركيز وجوارها امل تحمل طفلها الصغير في احضانها، اقترب الى والدته وقبل اعلى رأسها: السلام عليكم.
ابتسمت ام مساعد و اخفضت من صوت التلفاز: وعليكم السلام.
توترت من لون وجهه وهروب عينيه منها: عسى ماشر؟
استدارت امل بفضول.
حك جبينه ثم جلس جوارها وقدميه لا تحمله.
انزلت امل طفلها في سريره الصغير جوارها وبقلق: مساعد وش صاير؟
مساعد نظر لهما وابتلع ريقه: عمي فيصل يطلب منكم الحل.
اعتلت ملامحهما الصدمة ثم قالت ام مساعد بضيق: لا حول ولا قوة الا بالله، انا لله وانا اليه راجعون متى وكيف مات؟
مساعد بضيق ودمعة تسقط من عينه اليمنى: مدري لكن يقول ابوي انه مقتول.
امل وهي تخرج من صدمتها اخيرًا، انفجرت بالنحيب: لا مستحيل قول انك تمزح.
مساعد وقف بغضب: بالله هذا خبر ينمزح فيه.
وقال قبل مُغادرته: علموا وتين والصلاة عليه الظهر.
قالت امل بين بكائها: حسبي الله على من كان السبب.
وقفت ام مساعد ونقل خبر موت فيصل الى وتين يثقل كاهلها: دقي على خواتك يرجعون من الجامعة ولا تخلعينهم بالخبر خليهم لين يجون.
امل حركت راسها برفض ونحيبها يرتفع.
اقتربت ام مساعد بانفعال: اعوذبالله بدل ماتترحمين عليه وتدعين له تنوحين، الله لا يغضب علينا.
اخذت هاتفها ام مساعد واتصلت على اثير..وصلتها رسالة في تطبيق الواتساب من اثير:( ماما انا في المحاضرة اذا ضروري اكتبي) تنهدت وتحركت صاعدة العتبات، طرقت حُجرة وتين عدت طرقات..
استغربت عدم اجابتها وفتحت الباب ببطء، وقع نظرها على النائمة في وسط السرير بدون غطاء على جسدها، تقدمت حتى اصبحت بجوارها وقالت بهدوء خافت حتى لا تُرعبها: وتين يامك وتين.
دب في قلبها الرعب بسبب عدم استجابتها وهي من تعلم ان نومها خفيف ،هزت كتفها حتى تستيقظ: وتين.
ثم بدت تهزها بقوة، صرخت برعب والفتاة لاتتحرك: يا امل ي امل.
بدت تبحث باصابع مرتجفة على رقم مساعد، اتصلت اتاها الرد الآلي بأن هاتفه خارج التغطية..
دخلت امل وتتبعها تهاني بقلق من صوتها العالي.
وقع نظر امل على وتين النائمة: وش فيه.
ام مساعد وجسدها يرتعش: البنت ميته.
مسكت امل قلبها برعب ثم سقطت على ساقيها، تصلبت انظار تهاني في جسد وتين الجامد.
استجمعت ام مساعد قوتها ثم رفعت هاتفها ،بحثت عن رقمه ثم وضعته على اذنها.. وصل لها صوته الهادي: هلا والله بخالتي تو مازان صباحي.
ام مساعد بنبرة مرتجفة وانفاس مضطربة: السلام عليكم.
رفع احمد نظره من الملف امامه شاعرًا بنبرة خالته وانفاسها المتسارعة: وعليكم السلام.
التزم الصمت وقلبه ينقبض مُنتظرًا الخبر الذي تحمله خالته له،وايقن داخله ان الخبر يخص وتين لا محال.
ام مساعد بتردد وتلعثم: اذكر الله..
قاطعها بتوجس: في وتين شيء؟
ام مساعد نظرت الى وتين المستلقية امامها: ايه وتي..
لم ينتظرها ان تكمل والهاتف يسقط من يده، تحرك راكضًا عبر ممر الشركة متجاوزًا الموظفين الواقفين، ضغط زر المصعد صرخ بصوت عالي والمصعد لا يأتيه : الله *****
اتجه ناحية السلالم ونزل العتبات قافزًا بعضها، صعد سيارته بانفاس مضطربة،لا يُريد ان يعلم ماذا اصابها حتى يراها بُأم عينه، اخر لقاء بينهما كان قاسيًا عليها.. تجاوز السيارات باقصى سرعة، قطع الكثير من اشارات المرور.. وقف امام بيت خالته بعد الكثير من العقبات، استنشق الكثير من الهواء ثم دخل سور المنزل، صعد العتبات بخطى هادية عكس ماكان عليه قبل دقائق، دلف الباب الضخم وتخطى كل شيء حوله كل همه وتين صعد الى حجرتها.. وقع نظره على بابها المفتوح.. دخل الحُجرة ونظره يقع عليها فقط.
انتفضت تهاني واحمد يتوسط عليهم المكان وهي بدون غطاء وجه، ثم تحركت هاربة.
رفعت امل عينيها الملئية بالدموع له وقالت بتلعثم باكي: وتين ماتت.
ارتبك من ماسمِع، وشعر بالخدر في ساقيه، زادت نبضات قلبه ونظره لازال عليها، اقترب لها بعجز وهو يسحب قدميه المتصلبة انحنى على جسدها النائم بهدوء، مرر اصبعه على عنقها بأمل ان كل هذا مزحه.. تنفس الصعداء شاعرًا بالنبض في عنقها جلس على ركبتيه وانحنى براسه على طرف السرير كانت هذه الدقائق تُعادل الدهر، وصل الى مسامعه صوت خالته: اذكروا الله الموت على كل رقبه.
نظر احمد الى جسد وتين النائم وعلى عبوة الاقراص جانبًا وقال بنبرة متعبة:الله يسامحكم على ذي الروعه.
ورفع راسه لخالته مُضيفًا: البنت حيه لو تعرفون وش سويتوا فيني.
انسكب على جسد ام مساعد شعور الراحة وتقدمت بقلق: وش ذا النوم قد لنا ساعة عند راسها ماحست فينا.
رفع العبوة بهدوء وهو من راى شاكلتها عند انس: ماكله حبوب منومه.
زفرت امل انفاسها ووقفت بتثاقل ثم خرجت بصمت على انظار احمد.
ام مساعد بحزن ظهر في صوتها وهي تقترب له حتى تُلقي عليه القنبلة: فيصل يطلبك الحل.
تلونت ملامحه وبتلعثم متمني ان لا يكون حقيقة: فيصل عمي؟
ام مساعد حركت راسها بضيق: ايه الله يرحمه.
انزل احمد نظره الى وتين وقلقه يتضاعف: الله يرحمه.
وقال بحيرة : متى ووتين تدري؟.
رفعت كتفيها ماسحه دموعها: الخبر توه جانا وشكلها ماتدري.
هز راسه ثم استاذن منها بلطف ان تتركهما وحدهما.
نظر لها بهدوء بعد ان خرجت خالته وحرك انامله على وجهها ثم استقرت على شفتيها ضغط عليها هامسًا: اذا مت ف انتي السبب محد غيرك.
عقد حاجبيه باستغراب من الورقة الموجودة جوار كفها، التقطها وفتحها بفضول تغيرت ملامحه قارئًا كلمات فيصل لها كيف وصلتها ومتى..
عاد ينظر لها، هز ذراعها بخفه هامسًا: وتين.
اعاد الكره مرارًا حتى تستيقظ لكن لا جدوه.
تنهد بضيق ثم حملها وتحرك بها ناحية دورة المياة، انحنى وحرك مقبض الباب ثم دلفه بقدمه اليمنى، فتح صنبور الماء، دخل تحته وهي بين ذراعيه.. ابتسم على شهقتها وهمس جوار اذنها وقطرات الماء تسقط من رأسه على عينيها التي بدت ترف بيها: صح النوم.
اتسعت عينيها الناعسة من اثر النوم بهلع من قربه وهي لاتعلم ماذا يحدث لها ولماذا هو بهذا القرب حركت يدها بتخبط حتى يتركها، انزلقت قدمه واعتدل سريعًا هاتفًا بغضب بعد ان كاد يسقطها: تبينا ننكسر.
صرخت بانفعال: اتركني اتركني
انزلها بخفه ثم مد ذرعه واغلق الصنبور خلفها.
ارتجفت شفتيها من برودة الماء وقالت بحده وعينيها فيه: انت وش تسوي هنا وليه تسوي كذا.
اشار للباب: وش انتي ماكله عشان ماعاد تحسين ب احد.
سحبت المنشفة المعلقة يمينًا وتحركت متجاوزته: وش دخلك.
استدار جسدها بقوة على سحبت يده: وش دخلني؟؟
مسك عضديها ودفعها للحائط خلفها: متى تحسين فيني؟
نظرت لملامحه المبلله وقالت بتوتر من قربه: فكني يا احمد.
تنهد بتامل وعينيه في عيناها البنية، رفع نظره الى شعرها القصير المبلل، سحب المنشفة منها ووضعها على شعرها حركها بخفه عليه حتى يجف ،ثم خرج هاربًا منها، لا يريد التهور ويفعل شيئًا يغضبها.
رفعت عينيها تكتم غضبها ودموعها، جففت شعرها وملامحها ورقبتها، نزعت قميص بجامتها الزرقاء ومررت المنشفه على صدرها وكفيها العارية ورمتها جانبًا، خرجت بعد مدة قصيرة، تغيرت ملامحها وهي تراه لازال يجلس على مقدمة السرير.
توترت بخجل وكادت تعود لداخل، لكن ضغطت على نفسها واصطنعت القوة وكانها لاتراها وقالت بانزعاج: كلك ماء وجالس على سريري من عاد يغير مفرشه.
التزم الصمت وانظاره تتبعها، كانت تمشي امامه متجهه ناحية خزنة ثيابها، بسروال بجامة ازرق واسع، وقميص ابيض داخلي ضيق عاري الاكمام..
استقرت عيناه على بطنها البارز قليلًا: انت وش فيك ذي الفترة.
اخرجت لها بعض الثياب بعدم اهتمام: متى تفهم ان مالك دخل فيني.
استغربت صمته واستدارت، عادت للخلف وقد اصبح خلفها ونظره الى بطنها البارز، انزلت نظرها الى ماينظر وتغيرت ملامحها كيف نست هذا الامر.
مد كفه والتمس بطنها بقلق حقيقي: هذا ايش؟
ابعدت كفه ولفت الى الخزانة خلفها هاربة منه.
لفها له وصرخ غاضبًا: لما اتكلم تردين علي.
واشار الى بطنها مُضيفًا: انتي ذي الفترة مهب عاجبتني، شوفي وش سويتي لنفسك كله من الحبوب اللي تاكلينها.
واشار الى المنضدة جانب سريرها والعبوات المصفوفة عليها: انتي وش تسوين في نفسك خلاص عرفنا انك ماتبيني وزعلانة لكن مهوب تدمرين نفسك.
ابتسمت رافعه احد حاجبيها: وش ذي الثقة، ومن انت عشان ادمر نفسي واكل حبوب عشانك.
وابعدت كفه اليمين عنها بضيق من ضغطه على عضدها العاري: ماصرت انام وهذي وصفه اخذتها من الدكتورة.
وثبتت عينيها في عينيه وقالت ببطء: والحبوب ذيك كلها اللي تشوفها مثبتات حمل.
عقد حاجبيه بعدم فهم لما تقول : وانتي وش تبين في مثبتات الحمل؟
رفعت حاجبيها بدهشة من عدم فهمه، ثم مسكت كفه العريضة بتوتر ووضعتها على بطنها وقالت وعينيها لازالت ثابته في عينيه: انا حامل.
تغيرت ملامحه الى الصدمة وانزل نظره بتلقائية الى بطنها حتى يستوعب كلمتها ثم اعاده الى ملامحها المترقبة لردة فعله.. تجمد جسدها وهو يحملها ويدور فيها بفرح..
صرخت برعب ورأسها يدور من دورانه بها قالت بنبرة خايفة: نزلني نزلني.
توقف فجاة مُتذكرًا وفاة فيصل، اختفت ابتسامته وتلاشت فرحته.. كيف يُخبرها..
تسارعت نبضات قلبها وهو يُحيط ظهرها بذراعيه ويحتضنها ووصلت لها نبرته المرتجفة: مبروك لنا.
واضاف بتفكير قصير: انتي في الثالث؟!
توترت بخجل من سرعة بديهته في معرفة الشهر، وابعدته عنها قليلًا بشك من رجفة صوته التي شعرت بها!، تغيرت ملامحها من دموعه ولاول مره تراها.. قالت بتوتر بريئ : ليش تبكي؟عشان خبيت عليك؟
قاطعها ببتسامة صغيرة ومسح دموعه مُحركًا راسه بالرفض، وانحنى مُقبلًا زاوية ثغرها: فرحان.
واعاد القبلة هامسًا جوار اذنها: يكفي انك امه.
بللت شفتيها بخجل ووجنتيها تشتعل من كلماته..
مسك رسغها وسار بها، أجلسها على طرف السرير وبهدوء حك قفا راسه المبلول.. لم يكن ولن يكون هناك بينه وبينها اي استقرار وبعد خبر فيصل يجزم انها النهاية.
انحنى على ركبتيه وجلس امامها، مسك كفيها الباردة وبدا يُدلكها لها بحنان..
استغربت حركته وحاولت سحب كفيها، لكن اغلق عليها بين كفيه العريضة ثم نظر لها بتوجس: كيف وصلت لك رسالة فيصل؟، ومتى وصلت لك؟.
حاولت سحب كفيها صارخة: ايه كل الحركات هذي عشان تسحب مني معلومات وتبلغ عليه زي ماسويت..
قاطعها ضاغطًا على الاحرف: وتين جاوبي قد السؤال..
حركت راسها بغضب: ماراح اجاوب.
زفر انفاسه وقال بضيق: طيب متى تفكرين تسمعيني؟
نظرت له: وتبيني اصدق اللي بسمع.
قال بصدق: والله ماراح اقول الا الصدق.
واضاف: انا لما رفضتك مهوب عشانك لا والله عشان الطريقة اللي قال عمي اتزوجك فيها.
ونظر الى عينيها: يبيني اتزوجك بالسر وانا مابي اتزوجك سر.
قاطعته بغضب: وشوفك تزوجتني سر.
ابتسم بضيق: حيل القوي على الضعيف.
ونظر الى عينيها: فيصل عايش معك بالبيت وعمي مهوب مرتاح للموضوع هذا بالذات انه كشف انه خطير..
قاطعته بغضب: اسكت اسكت..
صرخ فيها: لا ماراح اسكت متى تسمعين لي وتفهمين؟، كل ماجيت اتكلم وابرر ماتسمعين لي.
واكمل بعد صمتها: انتي عارفة علاقتي مع فيصل من زمان ومن قبل اسافر وضحت لعمي اني ابي اخطبك ولما ارجع من الدراسة نتزوج لكن فيصل رفض وحلف مانعرف بعض.
سحبت كفيها بغضب: يعني تزوجتني بالسر عشان فيصل كان رافض.
اغمض عينيه مُستغفرًا بصوت عالي: لا عمي الله يرحمه يبي يحميك منه وهو كان عارف انه ماراح يطول عايش، وعارف بعد فيصل ماراح يوافق نتزوج لو مات فقال نتزوج دامه حي.
قاطعته بغيض: طيب تعرف ان زواجنا بيكون باطل لو ماكنت موافقة.
ابتسم: يعني افهم انك موافقة.
اشتعلت وجنتيها: لاتغير الموضوع.
ابتسم على خجلها،وقال بنبره هادية: ماغيرت الموضوع انتي اللي غيرتيه.
واضاف بتنهيدة متردد: انا لما بلغت على فيصل ماكان عشان ابي له الشر، انا كنت عارف كلها وقت وراح يطلع وبجيب له افضل محامي اذا تطلب الامر وكان كل املي انه يتغير ويصير احسن.
نظرت له بغضب: احمد ترى مو فاهمتك ليش نروح ونرجع لفيصل، خلاص قفل السالفة.
قال بعد صمت ،ببطء حتى لا يرعبها: كل نفس ذائقة الموت وابوك مات من قبل وانتي راضية بقدر الله.
تغيرت ملامحها وعقلها يتوقف عن التفكير ولا تُريد التفكير من الميت.
بلل شفتيه وقال بضيق ظهر في صوته: عمي فيصل مات.
تجمدت عينيها فيه..
مسك كفيها: الله يرحمه ويوسع مدخله..
سحبت كفيها صارخه: هذا اللي تبيه.
حرك راسه باسى وقال: لا والله مابيه حتى لعدوي.
رفة عينيها مرارًا وعقلها بدا يستوعب الامر ودموع احمد تنهمر امامها: انت صادق؟
هز رأسه بنعم.
ابتلعت ريقها بصعوبة وحركت راسها برفض: لا تمزح قول تمزح تكفى قول تمزح
وبدت تصرخ: قول تمزح
وقف واحتضنها : ليتني امزح.
انفجرت بالنحيب وهي تضرب احمد: كله منك انت اللي قتلته.
وقالت من بين شهقاتها: حتى ماقدر يودعني كله منك.
تنهد وكلماتها تُدمي قلبه وتجرحه.
دفعته عنها بعيدًا : اطلع.
تركها بضيق وخرج بخطى ثقيلة.
صعد سيارته على توقف سيارة سائق عمه ونزول اسير واثير منها.
حرك سيارته هاربًا حقيقة لايتحمل بكاء النساء، وخاصتًا تلك في الاعلى.
.
.
__
تجلس في مقدمة طاولة الطعام ام انس وجوارها شادن التي تُحرك الملعقة بصمت في الصحن الفارغ، ويمينها نورة تاكل بهدوء.
ام انس بضيق من تصرفاتها: شادن اكلي زين.
شادن نظرت اليها: يمه قلت مابي وانتي الا اجي.
ام انس انزلت نظرها الى الصحن امامها: ع الاقل اكلي شيء.
دخلت عليهنّ الخادمة بعينين مرعوبة: هناك احد في غرفة السيد انس.
وقعت الملعقة من شادن في الصحن الفارغ وقلبها تتضاعف نبضاته.. هل عاد الخاطف؟،هل لازال على قيد الحياة هذا ماكان يدور في عقلها المرعوب.
توقفت ام انس بخوف..سارق وفي منتصف النهار، ام ذاك المجرم؟!..
تغيرت ملامح نورة ورفعت هاتفها بعجله: بكلم سعود
تحركت ام انس مُشيرة لشادن بالجلوس مكانها ولا تتبعها.
هزت راسها شادن وظلت في مكانها وعينيها المذعورة تتبع والدتها التي صعدت عتبات السلالم وخلفها الخادمة ترتجف..
وصل لهما صوت سعود النائم من هاتف نورة :هلا.
نورة بتلعثم مرعوب: سعود الحق علينا فيه احد بغرفة انس، وين الشرطة كيف دخل.
ارتفعت ضحكته ثم قال بنُعاس: هذا انس رجع اليوم الصبح.
واكمل بضيق: بالله مين بيدخل عليكم والشرطة محاوطتك من كل مكان، خربتي نومي الله يسامحك.
اقفلت الهاتف بوجهه، ثم نظرت الى شادن ببتسامة: انس رجع.
ابتسمت شادن براحه ثم بدت تسكب لها في الصحن امامها.
استغربت نورة ردة فعلها وصمتها وكيف بدت تاكل وهي من كانت ترفض منذ قليل: طيب روحي علمي عمتي اكيد فوق خايفه وماتدري مين.
في الاعلى اشارت ام انس للخادمة بالوقوف مكانها حتى لا يظهر صوتها وانتظار سعود حتى ياتي، ظهرت لهما شادن من اسفل السلالم ببتسامة عريضة: طلع انس يقول سعود انه رجع الفجر.
تنفست ام انس الصعداء ورفعت كفيها: يارب لك الحمد.
وتحركت بفرح حتى تُخبر زوجها.
اختفت ابتسامتها بعد اختفاء والدتها، واقتربت للباب طرقت باصبعها عليه عدت طرقات، وصل لها صوت انس المبحوح: هلا
شادن ببتسامة: ممكن ادخل؟
ثم ادارت مقبض الباب بعد موافقته وفتحته ببطء، تغيرت ملامحها من برودة غرفته في هذا الوقت ،ووقعت عينيها على المستلقي في منتصف السرير بصدر عالي ثم نظرت الى درجة التكييف، اقتربت حتى تُقبل وجنته ولكن تغيرت ملامحها على منظر وجهه الشاحب: فيك شيء؟
فتح عينيه المشتعله ثم اغلقها بتعب واستدار للجهه الاخرى: شوي تعبان.
شادن بخوف مسكت جبينه وصرخت فيه: انس
انت حار قوم روح للمستشفى وانت تقول شوي تعبان.
دفع كفها عن جبينه وقال ببحة خافته: اطلعي وسكري الباب وراك انا اعرف بنفسي.
تحركت ناحية التكييف واغلقته بغضب: ترى حنا في فصل الشتاء وضعك مو طبيعي شوي بس فكر بنفسك.
صرخ فيها ولاول مره تراه بهذا الغضب: شغليه يا شادن ترى مهب من مصلحتك اقوم.
حركت راسها بالرفض: راح انادي لك سعود يوديك للمستشفى.
غطى راسه بالغطاء: مافيني حيل اتحرك ولا كان عرفتي كيف تعاندين كلامي.
نظرت للادوية على المنضدة الصغيرة جواره: طيب اكلت ادويه؟
قال بخوفت: ايه.
قالت باستغراب: الا وين زوجتك؟
بهدوء قال: يعني وين بتكون؟ اكيد عند اهلها.
بللت شفتيها وبنبرة مترددة: وش صار كيف طلعتوا ! وعرفت اهلها الحقيقيين؟.
رفع صوته بضيق: شادن يرحم ولديك انتي شايفه حالتي وجايه تساليني.
خرجت بضيق، واغلقت الباب خلفها.
عاد يستلقي على ظهره بتعب والصداع يتضاعف وجعه ولا يهدا.. هل عاد المرض له من جديد هذا ماكان يشغل باله؟؟
الماضي قبل سنوات عديدة في العاصمة لندن..
ابتسم انس على نظرات ماجد التي تتبع نوف منذ دخولها الى كافتيريا الجامعة، وكانت تجلس مع بعض صديقاتها العربيات: اعترف.
ماجد ابعد نظراته عنها بتوتر ونظر له: بوش.
انس حمل كوب القهوة وارتشف قليلًا منه: الاهتمام عشان خالك ولا تحبها.
ماجد وقف وحمل كتبه: وش حبه وخرابيطه ، عشانك عشت هنا خرب تفكيرك وصرت مثلهم.
مضيفًا بغيض: انا تاخرت على محاضرتي.
ابتسم انس من شكله المحرج المفضوح، ورفع نظره بخبث وماجد يقف عند طاولة نوف ثم وقفت له.
تحرك نظره امامًا على جلوس احمد : كان تاخرت شوي.
احمد مسك جبينه بارهاق: ماخلصت البحث الا متاخر، راحت علي نومه.
انس سحب الاوراق التي وضعها احمد على الطاولة: وبشر.
احمد بضيق: رفضته الدكتورة قالت يحتاج تعديل.
ابتسم انس: من اول قلت لك خلني اسويه لك.
احمد سحب الملف منه: بس مره خلنا نعتمد على انفسنا، خلاص ماشاءالله عرفنا انك شاطر.
ضحك انس وحاوط كوبه الساخن بكفيه: قول تغار مني.
ثم رفع راسه على استفهام احمد: ذاك ليش جالسه معها؟
نظر الى ماينظر احمد وابتسم بمكر: نروح لهم؟
حرك احمد راسه بالرفض: لو على كيفه اخفاها منا حتى ماعاد خلاها تسلم علينا.
توقف انس: الحب وش عرفك.
احمد عاد بظهره للمقعد خلفه وتنهد: مالقيت الا المبتلي.
ربت انس على كتفه: الله يعينكم ولا يبتلينا.
احمد حرك شفتيه بخبث وغمز له: يارب اشوفك.
حمل انس كوبه: بروح اشوف وضع ماجد لاني اذكر انه تاخر على محاضرته.
ابتسم احمد وعاد يفتح الملف ويركز على تصحيح مافي داخله
رفع راسه على صرخت ماجد العالية باسم: انس.
توقف بذهول على منظر انس في الارض وكوبه الزجاجي قد تحول اشلاء و انتثر جواره وعليه.
تغيرت ملامح انس بضيق من اصطفاف الجميع عليه: هل انت بخير؟
رجل اخر: هل تريد المساعد.
حرك راسه بالرفض، ثم اغمض عيناه من صوت ماجد القلق جواره: انس انت بخير وش فيك طحت.
حاول انس الوقوف وقال بكذب: زحلقت.
مسك احمد ذراعه الاخرى بقلق: بسم الله وش فيك.
تافف منهما: مافيني شيء الواحد مايطيح؟
ماجد اخذ المنديل من كف نوف الممدود وبدا يمسح قميص انس الابيض من القهوة: بس انا شفتك طحت فجاءة.
انس سحب المنديل منه وهمس بقهر: من حظك ولا كان خربت عليك انت وبنت خالك.
تغيرت ملامح ماجد وحك جبينه بحرج.
ابتسم انس وقال مُتعذرًا حتى يهرب: بروح اغير ملابسي.
احمد بقلق عليه وملامح انس الشاحبة لا تعجبه: بروح معك.
انس ابعد كفه عن ذراعه برفض: روح ضبط بحثك ولا تتاخر على تسلميه.
تركهم خلفه وغادر ، توقف في احد زوايا الشوارع الضيقة وانحنى على ركبته بصدر مكتوم وراسه يدور به، قبل عدت ايام قليلة كان يستمتع بهوايته المفضلة بعيدًا عن العاصمة وهي ركوب الخيل والتسابق مع صديقه الاجنبي اندرو، لكن حدث ما لم يكن يتوقعه وهو يسقط ارضًا من ظهر الحصان الابيض مُغما عليه ،يعلم منذ سنة انه مصاب بورم فيه دماغه ويجب عليه استئصاله في اقرب وقت قبل ان يتحول الى النوع الاخر، أجرى العملية بعد فترة، ومنذ حينها اصبح الشعر الطويل الى عنقه رفيقه حتى يُغطي ندبات تلك العملية..
عاد الى واقعه بتنهيدة متعبة، وشكه يقوده الى عودة المرض، اعتدل جالسًا بانفاس حارة، التقط عبوة الاقراص وابتلع منها قرصين على امل تخفيف صداعه والنوم بعد ما عاشه في الايام السابقة.
.
.
___
خرجوا من باب المسجد القريب من منزلهم بعد اداء صلاة الظهر بخطى بطيئة حتى يجارون خطى والدهم.
لف تركي باستغراب على حديث والده مُخاطبًا راكان: الكلام اللي عندي قلته ماوفقت عليه الا يوم مدحته لكن يوم جاتني وهي تبكي ماعاد لها رجعه.
تركي بتساؤل: ليش وش مسوي عامر ؟
فهد رفع عينه من هاتفه بانفعال: والله لادري انه مسوي لها شيء لاكسر يده.
توقف ابو علي وهو يتكي على عكازة: والله لكسرها لك قبل تضرب ولد عمتك وتهدد وقدامي!
ونظر له بعينان مشتعله مضيفًا: متى جات الزلة من ولد عمتك الزلة ما جاتنا الا من البعيد .
تغيرت ملامح فهد وتركي وهما يستوعبان المقصود.
تركي بتلعثم: اريان رجعت؟
راكان بلل شفتيه بتوتر: اللي تبيه بيصير لكن خلنا نعرف منه تعرف دلع البنات.
قاطعه فهد وهو يمسك ياقة ثوبه: ابوي يقول جايه تبكي وانت تقول خلنا نعرف منه.
تحرك تركي بخطى واسعة الى المنزل، دلف الباب الخارجي ثم دخل صارخًا: يا ولد يا ولد.
وصل له صوت والدته القلق: ادخل ماعندك احد.
تجاوز الممر واتجه ناحية حجرة اريان طرق الباب: اريان.
لم يخرج صوتها واعاد الطرق اكثر.
استدار على صوت والدته: وش فيك؟
تركي: ابي اريان.
والدته وقد اخبرها زوجها صباحًا بالامر: خلها ترتاح..
قاطعها طارقًا الباب من جديد: مافيه راحه لين اعرف وش فيها، وليه ماعلمتونا دامها جايه من الفجر؟ وش انتم مخبين عنا؟
والدته بغضب من اتهامه: ليه انا شفتها عشان اعرف وش فيها ولا اخبي عليك، من جات وهي متقفله.
اقترب فهد من خلفهما بغضب: وليش مقفله عليها؟.
وبدا يطرق صارخًا: اريان افتحي الباب لاكسره عليك.
تغيرت ملامح تركي الى القلق ثم دفع فهد يمينًا: بعد بعد.
اقترب بقوة دافعًا الباب بجانبه الايمن وكررها حتى انفتح الباب على مصرعة.
تغيرت ملامح الجميع واعينهم تقع على جسد اريان المغمى عليه أرضًا.
شهقت ام علي بذعر وضغطها ينخفض كادت تسقط لولا انّ فهد وصل لها قبل تقع ،أجلسها أرضًا: يمه تنفسي اذكري الله.
انحنى تركي على جسد اريان وزفر الصعداء وهو يشعر بتنفسها، ثم التقط العباءة السوداء الملقاه على مقدمة السرير، القاها على جسدها وحملها خارجًا بها بخطى واسعة.
تجاوز والده وراكان الواقفان امام مجلس الرجال الخارجي.
راكان بخوف: وش فيها؟.
تركي تركهم خلفه مُغادرًا بصمت.
ابتلع راكان ريقه بصعوبة من منظر ملامح والده المكفهرة وبدا يرفع صوته بذكر الله ويستغفر حتى لا يُذنب بالدعاء على احد او يموت من قهره.
توتر فهد من اقتراب العجوز الكبيرة ناحيته وهو من كان يصرخ لصغيرة ريما حتى تجلب له كأس ماء: مابعد جاء احد من مدرسته، خلاص حنا بنتكفل فيها كله ضغط.
هز راسه بحرج: يعطيكم العافية.
وخرج بخطى هاربة.
نادت ام هزاع بصوت عالي: تعالي ي مها.
تقدمت مها الى جدتها وخلفها ام ابرار بقلق من شكل ام علي الجالسة على الحائط بملامح سوداء.
ابعدت ام ابرار غطاء راسها وبدت ترش عليها من الماء البارد الذي جلبته مها.
شهقت ام علي والهواء يعود لمجرى تنفسها وبدت تبكي.
ام هزاع بضيق: اذكري الله يامره قد مات اللي اغلى منها امتس وابوتس.
ارتفاع بكاء ام علي من كلمة الموت.
ام ابرار بضيق: يمه وش ذا الكلام وش جاب طاري الموت ان شاء الله مافيها الا العافية.
في الخارج توسط فهد المجلس وصرخ في راكان الواقف بجوار والده الجالس على المقعد بملامح لا تُبشر بخير: وينه وينه.
راكان رفع نظره له: وش اللي وينه.
فهد اقترب بوعيد: سلاحك
ورفع يده بتهديد: والله مايجلس حي وانا ولد محمد.
صرخ ابو علي قاذفًا عصاه ناحيته، ارتطمت في جانبة الايمن: لاعاد تهدد قدامي.
ووقف بتثاقل: ودوني لبيته.
عض فهد على شفتيه يكتم غيظه.. لن يُشفيه الا رصاصة في رأس انس ترديه قتيًلا.
توقف راكان امام المنزل الذي يحفظه.
بلل شفتيه راكان وقال لامل ان يسمعه والده للمرة الاخيرة: ترى هم عندهم مشكلة وانا اعرف..
ابو علي فتح الباب: بدل ماتفزع مع اختك تحامي معهم، لاسمع حسك.
اغمض عيناه راكان واشرعها ثم نزل يتبع والده.
اقترب احد رجال الشرطة: عسى ماشر يابو محمد ماعندك اجازة
راكان حك جبينه وبهدوء: عندي امر مستعجل اعذرني.
فتح حارس البوابة الباب بعد ان تعرف على راكان.
ابو علي توقف في منتصف الفناء الواسع وصرخ بصوت عالي حتى يسمعه من في الداخل: انس بن عايد..
.
.
__
..نهاية البارت السادس والخمسون..
أنت تقرأ
رواية جفَاف ورْدة بيضاء في رُكن الذَكريات.
Mystery / Thrillerرواية جفاف وردة بيضاء في رُكن الذكريات.. للكاتبة ضَياع، تدور احداث الرواية عن الفتاة اريان مجهولة الابوين التي تعيش مع عائلة ال صايل بعد ان وجدوها على عتبة بابهم. - والفتاة الريفية ابرار التي يجبرها والدها على الزواج من شاب غني لا يرغب بها زوجة له...