-
..(البارت الرابع والستون)..
.
.الكفو مثل السلاح المزهب فالظروف
لأنفلك في وجهك الوقت الاقشر تفلكه
يمتكلني الطيب اليا ملكني بمعروف
مثل ملك اخوان نورة ربوع المملكة"محمد بن جابر"
.
.
__
واضاف بهمس: و ابي سلاح.
اقفل من منير، وكتب رسالة الى ماجد" هذا هو الرقم وانا رايح"
رفعت ابرار نظرها الى طيف ببتسامة: ارسل الرقم.
اقتربت طيف ونظرت الى الرقم..
قالت لها ابرار: نفس الارقام اذكرها.
ارتاحت طيف واشارت الى ماجد بعينيها.
ابتسمت ابرار وهي تفهم مقصدها، تحركت وجلبت الكرسي الوحيد الموجود في المطبخ وضعته في المنتصف واشارت له عليه: اجلس.
نظر للكرسي وللوشاح الاسود بين يديها، قال بضيق: بتربطيني يا ابرار؟
تكتفت: احمد ربك ما ذبحتك.
تحرك وجلس على الكرسي، اشارت له بتهديد: يديك ورا ظهرك اي حركة راح تقتلك طيف.
وضع يديه خلف ظهره مُلتزمًا الصمت.
جمعت يديه، لكن تجمدت عندما قبض عليها وقال بهمس: مهددتك؟
قالت مخاطبة طيف بعد ان تقدمت لهما بشك: مافيه شيء.
زفر انفاسه بضيق واحكمت عقدة الوشاح بقوة على رسغيه، ووصل له نبرتها الهامسة بضيق: اللي جاك مني يكفي.
ثم ابتعدت، لكن توقفت على جملته الهادئة: رغم كل ذا والله اني اشكر الظروف اللي عرفتني عليك وخلينا يا ابرار ناخذها من ذا المنظور وننسى الماضي.
اطبقت شفتيها تكتم عبرتها ثم اتجهت الى دورة المياة، واغلقت الباب خلفها.
تنهد بضيق، وعينيه تعود للواقفة تنظر له بعينان صامتة حزينة.
..
بعد دقائق قصيرة، سار انس الى منير المُقترب قال له بخفوت حذر بعد ان التقط السلاح منه، وربت على كتفه بتنبيه شديد اللهجة: ماجد داخل راقب الشقة ولا يحسون فيك، انا بروح مشوار صغير وراجع.
هز راسه منير بانصياع ووقف في نهاية الممر مُراقبًا باب الشقة المعنيه..
تحرك انس بخطى واسعة، صعد سيارته وانطلق بها لن يفعل شيئًا حتى يتاكد انها في امان يكفي الماضي الذي عاشته بجواره، وقف امام منزل عائلتها واتصل على هاتفها.. وصل له صوتها النائم بهمس: هلا
انحنى براسه على المقود، زفر انفاسه الضائقة هامسًا ببحة ثقيلة: اريان اطلعي لي انا برا.
ابعدت الغطاء عنها بذعر وقالت بهمس مصدوم وهي تتحرك خارج الحجرة: تستهبل؟
قال بنبرة جادة: شايفتني امزح؟
نظرت الى شاشة هاتفها واعادته الى اذنها بغضب: الساعة ٢ الليل..
قاطعها بتهديد حاد: والله شوفيني حلفت ادق الجرس واصحي اهلك كلهم
قاطعته بغضب خافت حتى لا احد يسمع صوتها: وش تبي؟
قال بعد صمت دام ثواني: ابي اتاكد انك داخل.
قالت بعدم فهم: تتاكد اني داخل؟
فتح باب سيارته وترجل منها: اضغط الجرس.
توترت قائلة بنبرة خافته: انس وش تبي؟ لا تفضحني في اهلي
توقف امام سيارته، تاكد من تثبيت السلاح في جيب جاكيته الداخلي، ثم تحرك ناحية باب المنزل مُخاطبًا لها من خلال الهاتف: انتِ قلتي انك رحتي لابرار وهي قالت انك ماجيتها
تجمدت ثم رفعت نظرها على اقتراب هاجر، وهمست:واذا ماجيتها وش بيتغير؟
ضغط على الحروف: تغير ليش كذبتي علي؟
ثم قال بشك: انتي في البيت؟ ولا عندها
زفرت انفاسها وقالت بهدوء: انت وش تبي؟
تنهد بضيق: اريان احلف بالله اني بس ابي اتاكد انك داخل لا تطولين السالفة وهي قصيرة، ترى وراي مشوار مايحتاج لتاخير
قالت باستغراب: والله اني داخل..
قاطعها بضيق: اريان تكفين ريحيني بس مره اقول شيء وسويه
قالت بخفوت عندما شعرت بنبرته الصادقة والغريبة: طيب
ثم اغلقت في وجهه، تحركت لكن مسكت ذراعها هاجر: وين وين.
اريان نظرت لها: بطلع له بيفضحني في اهلي وعاد اعرف اللي براسه يسويه
هاجر بتردد: حتى ولو؟ انتي شايفه الساعة كم
اريان اقتربت هامسة: يمكن بسبب الموضوع اللي اقول شك.
واضافت بخفوت اكثر: ومنها اقول له سالفة الرقم.
هزت هاجر رأسها، ارتدت اريان عبائتها ببطئ حتى لا تستيقظ هند النائمة، ثم تحركت وهاجر تتبعها.. فتحت الباب ووقعت عينيها فيه ينظر لها بهدوء غريب..
ثم تحرك عائد لسيارته بخطى واسعة، لحقته باستغراب:وش تبي؟
توقف وقال وهو يعطيها ظهره: قلت لك بتاكد انك موجودة.
تحركت بعجله حتى اصبحت امامه وعينيها تتحرك فيه ملامحه المكفهرة: وليه تتاكد؟
قاطعها وهو يبعدها عن طريقه: خلاص ارجعي
عقدت حاجبيها بشك: انس وش فيك؟.
واضافت بتوجس بعد ربطت المواضيع في بعضها: ابرار فيها شيء؟
نظر الى عينيها تحديدًا: نقول ان شاءالله مافيها الا العافية.
واشار للباب خلفه: ويلا ادخلي تبين احد من اهلك يشوفك معي بذا الوقت؟
حركت راسها برفض: ابرار يعني فيها شيء؟
زفر انفاسه بغضب: اللي فيني يكفيني والوقت ما يسعفني ارجعي ادخلي بيتكم.
قالت بعناد: ماراح ادخل لين..
بترت حديثها وهو يمسكها مع ذراعها ويسحبها الى جهة باب منزل عائلتها، ابعدته بقوة ونظرت له: والله فيه شيء
واشارت الى قلبها بضيق: حسيت فيه هنا والله ان تعلمني.
نظر لها بتحذير مُتعب: اريان لسلامتك ارجعي ولا تبين يصير لك زي اللي قد صار قبل يوم لحقتيني؟!
ارتجفت اطرافها وقالت بهمس خائف: لا
ابتسم وربت على رأسها وكانها طفلة: شاطرة ويلا لبيتكم.
حركت راسها وهمست بنبرة مرتجفة: وانت؟
انحنى لها حتى اصبح رأسه قريبًا من رأسها وهمس وعينيه في عينيها: متاكد ماني اخر همك لكن استودعيني الله.
التحمت عينيها في عينيه ثم رمشت حتى تقطع هذا التواصل الغريب بين اعينهم قائلة بذعر وضيق يُطبق على صدرها: انس حلفتك بالله ماتروح.
ابتسم ابتسامة مقلوبة قائلًا بهدوء حتى لا ينفجر فيها: تعوذي من الشيطان وراجعي داخل.
قالت بنبرة مرتجفة: ليش انت كذا؟
عقد حاجبيه: وش فيني؟
ضغطت على الاحرف مُشيره له بيد مرتجفة: ماتهتم بنفسك..
قاطعها بهدوء: عادنا على اتفاقنا؟
عادت خطوة للخلف بتوجس.
ابتسم وتحرك تاركها قائلًا وهو يُعطيها ظهره مُغادرًا بسخرية مُبطنه: من بكرة بلف العالم ادور علاجي.
لكن تجمد من ذراعيها التي احاطت خصره وراسها الذي التصق بظهره هامسة: اجل بروح معك.
شعر باضطراب انفاسه، وتسارع نبضات قلبه.. لكن استدار باستغراب عندما ابتعدت عنه قائله باشمئزاز غاضب: هذا ايش؟
ثبت نظره في السلاح الذي اصبح في كفها الايمن ثم رفعها الى عينيها الرمادية قائلًا بغضب من استغفالها له: سلاح يعني ايش
ارتجفت مُشيره له بالسلاح: يعني مافيه امل منك؟ كل مره تصدمني.
بلل شفتيه التي اصبحت جافة وتنهد بضيق: مافيه امل ورجعيه..
هزت السلاح ناحيته بغضب: يعني كنت تمثل علي..
قاطعها بضيق من اتهامها: انت تشوفينه تمثيل؟
واضاف مُشيرًا لها: انتِ عارفه اني بين الحياة والموت وتطلبين شرط تعجيزي بدل ماتكونين معي..
قاطعته ببكاء مرتجف: وانا مابيك تموت ابيك تتعالج..
قاطعها بضيق مبحوح وعينيه على دموعها: اريان لا تبكين
اقتربت له وقالت مُشيره له: خلاص انا موافقه ارجع لك.
نظر لها بشك فاهمًا: بكره باخذك الحين مشغول
قاطعته ببطئ حاد : لا الحين تختار انا ولا اللي بتروح له.
عض شفته واقترب ساحبًا سلاحه منها: اكيد انتي، بس الامر اللي بروح له مستعجل مايمدي يتاجل لكن انتي..
قاطعته بهدوء وهي تعود للخلف: يعني اخترت تروح.
ادخل السلاح في جيب بنطاله من خلف، ومسك منكبيها: ليش تصعبين الامور بينا؟ عندي شغل بخلصه.
نظرت لعيناه وقالت بقوة: انا ولا اللي بتروح له.
اغمض عينيه ثم اشرعها: ممكن افهم وش فيك؟
اشارت لقلبها: هذا يوجعني.
واضافت بشفتين مرتجفة: متاكدة بيصير شيء الليلة ولا ليش معك سلاح.
ارتفع رنين هاتفه زفر انفاسه وقال بضيق: اريان ادخلي ماراح يصير الا كل خير.
واتجه ناحيه سيارته، بحث فيها قليلًا ثم عاد يحمل شيئًا في يده، سحب كفها الايمن، ثم وضع مايحمل وسطها وقبض عليها مُغلقًا لها اياه، ثم قبل اعلى ظهر كفها مكان جرح الرصاصة سابقًا، ارتجفت وهي تشعر بشفتيه عليها ثم همس ببحة تميز فيها صوته الثقيل: انتبهي لنفسك.
ثم ترك كفها، جمعت كفيها ببعضها وقالت على مغادرته بحدة غاضبة:يعني بتروح؟
صرخت حتى يسمعها: اذا رحت الحين فنساني
تركها على رنين هاتفه الذي لا يصمت، صعد سيارته، ثم صفع الباب خلفه..
تجمدت في مكانها بصدمة، وسيارته تغادر.. هل اختار تركها...!
انزلت نظرها بتلقائية على ما يحتوي كفها، وتجمدت عينيها في سلسالها المنقوش عليه اسمها.. هل كان عنده كل هذه الفترة عندما ظنت انها فقدته للابد؟.. نزلت دموعها، واستدارت هامسة لقلبها: وطحتي من عين نفسك يا اريان.
..
في البعيد كان يقف للمراقبة..
صرخ الجالس خلف المقود: اركب يا زياد
زياد وعينيه على اريان الواقفة بعيدًا ثم دخلت واختفت خلف الباب، قال بفحيح متوعدًا: بكاها وراح وخلاها، بس انا ولا انت يا ولد عايد.
حارث صرخ: اركب لا نفقده.
تحرك زياد وصعد السيارة بشتائم وتوعد.
قال حارث بهدوء: احمد ربك ما اخذها معه.
قاطعه زياد بملامح مكفهرة: كان مات في مكانه قبل تركب سيارته.
.
.
___
دخلت طيف الى الحُجرة منذ وقت..
ولازالت ابرار تجلس على الاريكة وعينيها لماجد الجالس على الكرسي ومقيد منذ وقت طويل.
قال قاطعًا الصمت المُخيم بينهما: هذي من؟
انزلت نظرها الى السلاح بين كفيها: معرفتها صدقني ماراح تزيدك ولا تنقصك.
احتضن ماجد اصابع كفيه العشر من خلف وقبض على الوشاح الاسود بينها حتى لا يقع.. فهو قد استطاع ان يفك قيده منذ دقائق مرت، قال بنبرة هادئة: ابي الحمام..
واضاف على صمتها وشرودها الغريب الذي لاحظه من مراقبته لها: الا اذا تبيني آسويها في مكاني؟
تاففت بقرف ثم وقفت: عاد تسويها ما استبعدها.
اخفى ابتسامته قائلًا بغضب: اكيد بسويها مربوط لي ساعتين حتى الفجر قده بياذن ولا ماراح تخلوني اصلي.
قاطعته بتافف لعله يصمت: خلاص فهمنا بنادي طيف.
عقد حاجبيه مصطنع الغضب: وليكون تبينها تدخل معي الحمام؟.
توقفت ثم ابتسمت من جملته: ومن قال احد بيدخل معك الحمام؟
قال بضيق: مدري عنك بتروحين تناديها.
قاطعته بهدوء: ابيها تساعدني فيك.
نظر لها بضيق.
زفرت انفاسها واقتربت مُشيره له بالسلاح بتهديد: ماجد حركه منا مناك والله اطلق ولا همني.
هز راسه بانصياع غريب لكن لم تعره اهتمام: اخلصي علي ماعاد اقدر اتحمل.
اصبحت لا تبعد عنه الا خطوتين قائلة بضيق: خلاص ماجد فهمنا.
ابتسم وهي تستدير حتى تُصبح خلفه، اتسعت حادقتيها مستوعبه مايحدث، وهو يقبض على كفيها بقبضة يده اليمنى الكبيرة، ويُغلق ثغرها بكفه الايسر هامسًا ببطئ: بدون صوت اذا ماتبينها تموت.
ارتجفت اطرافها وعينيها على ملامحه القريبة، ابتسم ونظره يتاملها ثم همس: اتعبتيني معك يا ابرار.
ثم اضاف وانفاسه الحارة تضرب بشرتها السمراء: الحين بفكك والله لا اسمع صوت لا تشوفين شيء ماتبين تشوفينه، وشوفيني حلفت، هذي منهي يا ابرار، وش معرفتك فيها؟
عندما شعرت با ابتعاد كفه عن ثغرها، ارتفعت شفتيها ببتسامة صغيرة ناوية تحريك أحبالها الصوتية حتى تصرخ،لكن هيهات وماجد يبغتها بقبلة قوية افترست شفتيها جعلت راسها يرتد للخلف ويرتطم في الحائط خلفها،بدت تحرك كفيها المدودة في قبضته بمقاومة،ابتعد قليلًا ولازالت انفاسه المتسارعة تشعر بها داخلها عندما همس وشفتيه لازالت تلامس شفتيها: حلفت يا ابرار وهذا عقابك.
استدارت براسها بعنف يمينًا، حتى تبتعد عن مُحيط وجهه قائلة برجفة ودموعها بدت تنهمر: اكرهك.
ابتسم وهمس في اذنها: كذابة.
واضاف وعينيه تخترق كل تفاصيلها التي بات يعلم انه يعشقها:اذا صدق تكرهيني ليش ترجفين؟.
رفت رموشها هامسة بتعب بعد ان شعرت بالدوار وبسائل حار يخرج من قفا رأسها: والله ما اسامحك اذا خربت خطتنا.
ثم خرت ساقطة بين يديه، صرخ بذعر عندما شعر بجسدها يهوي ارضًا: ابرار
ثم تغيرت ملامحه وعينيه على الدماء المنبثقه.
خرجت طيف حتى تدرك الصوت، تجمدت في مكانها ونظرها على ابرار المستلقية على فخذيه والسلاح يمينه، والدماء تملى كفيه، عادت خطوة للخلف قائلة بنبرة مرتجفة مرعوبه: قتلتها؟
استدار بنظره لصوت خلفه مستوعبًا الواقفة تُغطي ثغرها بكفها، وصرخ فيها بغضب: دقي على الاسعاف.
تقدمت بمهنيه تاركه كل شيء خلفها بعد ان خرجت من صدمتها ثم اقتربت حتى اصبحت في الجهة المقابلة له وقالت بنبرة ثقيلة ضغطت فيها على أحبالها الصوتية: انا طبيبة.
تعلقت عينيه في الشقراء التي جلست نصف ساق امامه وبدت تتحرك بمهنيه صدمته، اخرجته من صدمته قائلة بنفس النبرة الثقيلة وكانها تسحب الحروف من داخل جوفها: اغماء بسيط، لازم انظف الجرح واخيط لها رأسها.
قاطعها بتهديد: لو ماتت والله تلحقينها
نظرت له بملامح مكفهرة ثم انزلت نظرها قائلة: شيلها على السرير.
لم تفتها حركته وهو يسحب السلاح و يدسه في جيب ثوبه، ثم توقف يحملها.
سبقته، وفتحت حقيبتها واخرجت حقيبة صغيرة تحملها معها دائمًا، رفعت نظرها على نبرته المتوعدة: تموت تلحقينها.
زفرت انفاسها الغاضبة بصمت، ثم تقدمت حتى جلست جوار جسدها النائم، لفت ابرار بخفه حتى اصبحت على جانبها الايمن وبدت تنظف لها الجرح، ثم أخاطته عندما انتهت من تعقيمه على مرأى عينيه الغاضبة،وكلماته السامة التي كان ينفثها على مسامعها كل ثانية.
.
.
__
توقف انس امام البناية، وقد تجاوز الكثير من اشارات المرور وكاد يصطدم بعدة سيارات.. اغمض عينيه على فوهة السلاح التي التصقت بسترته من خلف والنبرة الهامسة: ولا صوت.
عض انس شفته السفلية وقال بغضب: فكني لا اذبحك.
رص على اسنانه عندما شعر بفوهة السلاح تنخر ظهره، ونبرة من خلفه: قلت ولا صوت.
اخذ السلاح من كفه الايمن، ثم سحبه معه حتى دفعه بقوة ليركب السيارة الكبيرة السوداء التي كانت تقف خلف احد المباني القريبة، دخلها انس مرغمًا، اتسعت عينيه وهو يرى ايوب جالسًا على احد المقاعد وينظر الى شاشة الجهاز امامه بتركيز.
نعود للوقت قبل ساعات من الان..
توقف اسامة بشك، ثم استدار للخلف، كانت عينيها الزرقاوان يستحيل ان يخطئها، لحقهما بخفه مختبئًا خلف الكثير من الزوايا والممرات حتى خرجتا من باب المستشفى الضخم الزجاجي، ابتسم عندما لاحظ حركتها بيديها ثم اخرجت دفتر تكتب به واعطته الفتاة الواقفة معها حتى تقرأه..
ارسل رسالة سريعة الى زياد كاتبًا فيها" لقيتها وتدري من معها؟ معها بنت منيف، قدر ولقى غطاه".
..
استدار انس بنظره الى الواقف خلفه ووقعت عينيه في الملثم الذي لا يظهر منه الا عينيه زفر انفاسه وامال شفتيه، لم يكن الا المدعو اسامة شاهين.. اعاد نظره الى الجالس باستغراب مما قال: عندك شيء مانعرفه يا انس؟
انس بلل شفتيه وقال بصدق: لا
رفع ايوب حاجبه، واستدار بالجهاز امامه حتى ينظر للمقطع الذي ظهر فيه وهو يستلم السلاح من منير: وهذا وشهو؟
اضاق عينيه حتى يستوعب مايحدث، لكن كل هذا طار من القبضة التي سحبت جسده من خلف ثم اخرجته من السيارة، استقر ارضًا لكن عاد للخلف من لكمة زياد بالقرب من وجنته، قائل بغضب ووعيد: اخر ماتوقعت بيخون انت يا انس.
اعتدل انس في وقفته قبل ان يسقط، ولازال زياد ينفث غضبه فيه بكلمات سريعة: كل شيء شفناه منك انت وولد عمك
واضاف مُشيرًا له: والله شوفني حلفت ان تعفن..
قاطعه انس ماسحًا الدم بظهر كفه من زاوية شفتيه: وانا ممكن اعرف وش اللي شفته مني؟ وخلاك تعصب؟ عشان سلاح..
اضاق زياد عينيه بسخرية مُقاطعًا لحديثه: شفتك تتفق مع بنات الكلاب ابراهيم ومنيف.
واشار بيده خلفه: لكن ذي المره والله مايروحون مني لا هم ولا انت وشوفني حلفت..
قاطعه انس ببرود: بس ما اتفقت معهم
ابعد حارث زياد وتقدم هو: كيف ما اتفقت معهم
انس انتقلت عينيه من حارث الى زياد ثم للواقفين وقال بصدق: انا حتى الشقة ماعرف من داخلها.
كور زياد يده اليمنى بقوة: واللي شفناه؟
قال انس: شفت اني اخذ سلاح؟
واضاف بسخرية ضاغطًا على الاحرف: الحين عرفت ليه المجرمين طلقاء.
قاطعه زياد بغضب وقد همّ على ان يضربه.
لكن قبض حارث على ذراعه اليمنى، واسامة على ذراعه الاخرى: خلنا نفهمه يا زياد.
رص زياد على اسنانه: انت شايف كيف يستخف فينا؟
.
.
____
الساعة السابعة صباحًا..
يجلس معها على طاولة الطعام، وياكل بهدوء، رفع نظره لها على سؤالها الهادئ: متى رجعت؟
جابر اعاد نظره لصحن امامه: تسع
قالت ناهد بتردد: ووش صار معكم؟
ابتسمت عينيه قبل شفتيه قائلًا: نقول ان شاء الله.
ناهد بضيق: واذا كانت مجبورة وما تبيك يا جابر وين بتروح من الله..
قاطعها بضيق: لا ان شاء الله ماهيب مجبورة.
تنهدت: جابر لا تكون نسخة من ابوك.
نظر لها بعينان عميقة قائلًا بنبرة شبة ساخرة: اي اب تقصدين؟
رفعت حاجبها: ابوك الحقيقي اكيد.
واضافت بتساؤل: وهو وش قال لك؟
رفع كتفيه بعدم اهتمام: مدري فجاة جاه اتصال وراح وخلني وراه.
نظرت له ناهد وقالت بتردد: بتسامحه؟
ابعد المقعد خلفه ووقف: انا طالع تبين شيء؟
رفعت عينيها له: جاوب
نظر له: ترى للحين في خاطري عليك.
ابتسمت بثقة: متاكدة ما اهون عليك.
واضافت بتردد لكن يجب ان تقول مايجول في داخلها منذ فترة: ماودك تزور خوالك؟ كلمتني خالتك..
قاطعها بغضب مُحركًا رأسه برفض قاطع: مالي خوال.
تنهدت: انسى الماضي يا جابر وعفا الله عما سلف.
زفر انفاسه: الله لا يسامحهم
واشار لنفسه: طفل كيف تركوني ماقالوا ولد بنتنا ..
قاطعته بضيق: انسى يا جابر.
هز رأسه: انا ناسيهم فلا تذكريني فيهم.
ونظر لها بشك: حتى ماننسى انهم فزعوا معكم في كذبتكم.
ابتسمت ناهد: حتى هم مايدرون، جابر والله كل ذا من امك هي اللي خلت زياد يكتب اسمك على اخوي عبدالله وهو ماله شهور ميت، وايام اول ماكانت امك تتواصل مع اهلها لانهم في قرية مافيها اي جوال ولما رجعت بلغتهم انها تطلقت من زياد وخذت اخوه.
تافف والحقائق الجديدة عليه تكتم صدره، ابتعد قائلًا: خليني على عماي ياعمه ماعاد ابي اعرف حقيقة شيء.
رفعت صوتها على ابتعاده: وين بتروح في ذا الصبح؟
ابتسم واستدار لها: بروح ادور لي وظيفة ولا تبيني اجلس على افضال زياد لا سمح الله.
صرخت فيه بضيق: جابر هذا ابوك.
غادر وابتسامته تختفي مُتذكرًا محتوى الرسالة الواردة من والده صباحًا" البنت موافقة لكن تبي شوفه شرعية اليوم والله اعلم يمكن تغير رايها بعدها".
.
.
___
خرجت وتين معه من مركز الشرطة بعد تحقيق بسيط عن الاموال المكتظة في حسابها المصرفي والتي كان سببها عمها فيصل.
خرجت من شردوها على صوت احمد الهادئ بجوارها: نروح لبيتنا؟
تسارعت نبضاتها ونظرت الى حجرها قائلة بتوتر: مب الحين.
حرك المقود يمينًا ثم نظر لها بعد ان انزل نظارته الشمسية على انفه: اجل متى!
وقال بهدوء ضائق خالطه نبرة عتاب: وتين البعد ذبحني متى بتحسين فيني؟ ولا تبين ولدي بعد يكبر بعيد عني، مايكفي مادريت فيه الا قريب.
اغمض عينيه ثم اشرعها على صمتها،والتزم الصمت مُتمتمًا بالاستغفار، حتى لا ينفجر فيها.
انزل نظره على اصابعها التي قبضت على كفه الايمن وسحبتها الى حُجرها قالت بنبرة خجولة: اليوم مو مستعدة بس بكرة ممكن؟
ظهرت ابتسامة عريضة على شفتيه وسحب كفها الايسر من حجرها وقبله بعمق هامسًا:ايه ممكن ليش مهب ممكن.
.
.
____
وقفت عبير خارج مبنى الشركة وتأففت من رسالة احمد.. كيف يعتذر عن اعادتها..اتصلت على عبدالرحمن زفرت انفاسها والهاتف يأتيها مُغلقًا كعادته عندما تحتاجه لا تجده، رفعت نظرها بذعر على الصوت القريب منها مُستفهمًا: وش فيك واقفه برا؟
اطبقت شفتيها بتوتر وانزلت نظرها قائلة بهدوء: انتظر واحد من اخواني.
عقد فهد حاجبيه قائلًا بضيق: وليش ما تنتظرينه داخل لك ساعة واقفة برا ولا عاجبك واقفه فرجه لرايح والجاي.
ابتلعت عبير كلماته بصعوبة وقالت بهدوء رزين تتميز به: فيه صيانة داخل والمكان مليان عمال ماقدر اجلس داخل.
تحرك بهدوء: بوصلك اجل.
تجمدت في مكانها ونظرت لقفاه المُبتعد، استدار لها باستغراب : ماسمعتيني اقول بوصلك؟
قالت بتوتر مُبعده نظرها عنه: راح اكلم تكسي..
قاطعها بهدوء: اعرف اخوانك مايسمحون لك تروحين معه.
قاطعته بتوتر حاد: هذي ضرورة.
قال بهدوء: دامها ضرورة فركبي بوصلك.
قالت برفض متوتر: لا.
نظر لها وركز عينيه في عينيها تحديدًا: اذا مانسيتي كنت اوصلك؟ ولا تبين تروحين مع غريب؟
تحركت عائدة الى الشركة خلفها، لم يبقى الا هي ان تذهب معه..لكن توقفت قدميها على صوته الغاضب خلفها: وبتدخلين عند العمال لحالك؟
رصت على اسنانها بغيض ونظرت له: راح انتظر في مكتبي.
اخرج هاتفه قائلًا بحزم: راح اكلم اخوك.
تكتفت وبللت شفتيها وهي تُبعد نظرها عنه بغضب،لم تلده امه حتى الان من يريد ان يتحكم فيها: اعتقد كلامي واضح ومايحتاج اعيده..
بترت حديثها وصوت احمد تسمعه من مُكبر صوت هاتفه، قبضت على حزام حقيبتها بعنف، ثم حركت لسانها داخل ثغرها تكتم غضبها، تحرك فهد قائلًا بعدم اهتمام: زي ماسمعتي اخوك وافق، وسيارتي في الشارع الثاني مالقيت لها مكان قريب من الشركة وكل المواقف مليانه.
لم تتحرك من مكانها وهو يمشي مُتجاوزًا رصيف الشارع حتى عبره للجهة المقابلة، نظر لها باستغراب: ما تسمعين؟
انزلت نظرها كاتمه مايجول في داخلها، فتربيتها لاتسمح لها برد عليه، عضت شفتيها ثم لحقته، زفرت انفاسها والكعب العالي يرهقها، عدلت حقيبتها على كتفها وقالت بهدوء مُتعب بعد مسافة من السير خلفه:راح انتظرك هنا.
استدار لها مُشيرًا لقدميها بسخرية: وان شاءالله مرة ثانية تلبسين نعال صاحية زي خلق الله.
عقدت حاجبيها، فوق تدخله اسلوبه اعوج، كادت تنطق فالاحترام لأشكاله لا ينفع الان لكن عادت للخلف عندما اقترب وترك احذيته الصندل الرجالية البيضاء امامها ثم عاد يسير لوجهته بقدمين عارية على الرصيف البارد و المليئ ببقايا الامطار، تسارعت انفاسها ونظرت للاحذية امامها التي تركها خلفه لها، بللت شفتيها وقالت بتلعثم وهي تعود للخلف: ماراح اللبسها .
توقف وقال ولازال يعطيها ظهره: السيارة بعيدة.
تجاوزت احذيته بحرج: ماهيب مشكلة.
عاد يرتدي احذيته ثم تحرك بصمت، حتى وصلا الى سيارته، صعدت خلفه وهي تبعد نظرها عنه وتركزها في الشارع، تصرفه الغريب عقد لها لسانها.
عندما توقف امام منزلها، مد لها ظرف ابيض: هذا عطيه الاستاذ احمد جيت الشركة ولا لقيته.
التقطته باصابع مرتجفة، وتغيرت ملامحها وهي تقرا طلب استقالة على ظهر الظرف،ففتحت مقبض الباب حتى تخرج لكن بردت اطرافها بسبب جملته الباردة المليئة بالسخرية: مادرينا ان فيه زواج في الشركة ولا كان حضرناه ووجبنا.
واضاف : كعب وتجاوزنا لكن كحل الله يصلحك كيف اخوانك يسمحون لك واعتبريني اخوك..
فتحت عبير الباب بغضب، و تركته خلفها يتحدث مع نفسه دخلت باب منزلهم بخطى واسعة.
ابعد فهد نظره عنها وزفر انفاسه بضيق.
دخلت باب المنزل ثم نزعت الكعب عن قدميها بعنف ورمتها في ابعد نقطة عنها،صعدت الدرجات بغضب واضح من سيرها السريع ،عندما دخلت حُجرتها قذفت بحقيبتها والظرف الابيض اعلى السرير ، صارخة بجنون وجسدها لازال ينتفض ..لا تفهمه كيف يتدخل فيها : الله **** من هو عشان يكلمني ويتدخل حتى اخواني ماسووها.
استدارت على وقوف لُجين عند الباب وعينيها تتجول فيها باستغراب وقلق: عسى ماشر؟من اليوم الحقك واكلمك ماتردين
بللت عبير شفتيها وجلست على مقدمة السرير قائلة بغضب يعصف جسدها: كلها منه الله *****
قاطعتها لُجين: منهو احمد؟
نظرت لها عبير ووقفت تنزع عبائتها ونقابها ثم رمتها على السرير خلفها صارخه وعقلها لا يستوعب: ليته احمد على الاقل اخوي لكن ذاك الغريب لازم اعلم احمد عليه.
وقلدت نبرته الثقيلة بقرف: اعتبريني اخوك يخسى هو واشكاله.
اقتربت لُجين ببتسامة: لا تقولين ذاك هو وش كان اسمه؟
زفرت عبير انفاسها الغاضبة واقتربت الى لُجين: اسمه فهد، الا بالله شوفي عيوني الكحل فيها واضح؟
نظرت لُجين الى عينيها وقالت بصدق: فيها بس مب واضح.
عبير حركت يديها: تخيلي يقول اخوانك كيف يسمحون لك تحطين كحل؟ مر عليك احد بذي الوقاحة؟ ويتدخل في شيء مايخصه؟!!
ابتسمت لُجين وغمزت هامسة: الولد شكله عاشقك..
انتفضت عبير ودفعتها: مابقى الا ذا المتحجر..
قاطعتها لُجين هامسة: احلفي مايعجبك.
ضربتها عبير على كتفها ودفعتها جهة الباب: اطلعي اطلعي من غرفتي.
ابعدتها لُجين بضيق وقالت مُتالمه: اح كسرتي يدي يابنت
ثم قالت بجديه حتى تُخرجها من غضبها: الا قررت انا وناصر يكون زواجنا الشهر الجاي.
عقدت عبير حاجبيها: قبل رمضان؟
ابتسمت لُجين بخجل: ياخي وش اسوي هو اصر..
قاطعتها عبير هامسة بخبث: تقصدين انتي اللي ماعاد قدرتي على بعده.
بللت لُجين شفتيها بخجل وانزلت نظرها.
ابتسمت عبير مُتناسيه غضبها واحتضنت لُجين بُحب: مبروك يا اختي واخيرًا بشوفك بالابيض.
ابتسمت لُجين: وعقبالك.
بعد ان خرجت لُجين، استلقت عبير على سريرها ونظرت الى الظرف الابيض، ثم اغمضت عينيها والنُعاس يغلُبها.
.
.
____
وقفت طيف خلف الستارة ونظرها في الشارع، انزلت رأسها الى الهاتف للمرة المليون وزفرت انفاسها بضيق، استدارت على طرق الباب والصوت الخشن خلفه: انا طالع انتبهي على ابرار لين ارجع.
خرجت على صوت اغلاقه للباب الخارجي لشقة، ثم تحركت الى الحُجرة الاخرى دخلت ووقع نظرها في ابرار النائمة، مسحت على راسها المُغطى بشاش ابيض، انتفض جسدها والرسالة تصل الى الهاتف الذي ابتاعته منذ ايام:" وكيف اصدق انك طيف؟".
كتبت باصابع مرتجفة" قابلني عشان تصدق"
رد عليها" بايع نفسي عشان اقابلك؟"
كتبت بضيق" بتخليني بابا؟"
كتب بعد دقائق" اللي معك صدق بنت منيف؟"
ابتسمت وكتبت" ايه ولا كيف جبت رقمك؟"
كتب بعد دقيقة" متاكدة محد يراقبك؟"
تنفست بضيق"متاكدة"
كتب "راح اغير الرقم وارسل لك من رقم ثاني الموقع، واهم شيء تجيبين بنت منيف معك"
ابتسمت وادخلت الهاتف في جيبها عندما اشرعت ابرار عينيها بملامح شاحبة وشفتين جافة.
مسكت ابرار رأسها قائلة بنبرة مُتعبة: وش فيني؟.
سحبت طيف الدفتر وكتبت لها فيه ماحصل معها.
اغمضت ابرار عينيها وقالت بتردد: وين ماجد؟
ابتسمت وكتبت" راح وبيرجع"
نظرت ابرار لها بخوف قلق: اكيد بيخرب علينا.
ابتسمت طيف وحركت رأسها بنفي.
.
.
___
دخل ماجد احد البقالات القريبة، لكن تجمد على الصوت جانبه: مابغيت تطلع من وكرك.
نظر الى الواقف جانبه وقد كان يُغطي وجهه بشماغ رمادي ويرتدي نظارت شمسية مُخفي فيها عينيه وقال ماجد بهدوء مُخفي توتره: نعرف بعض يالاخو؟
ابتسم وقال: انتظرك برا.
واختفى يمشي بعد ان سحب له احد المشروبات الباردة من الثلاجة الجانبية.
خرج ماجد بعد دقائق قليلة وهو يحمل كيس شفاف ازرق مليئ، اقترب للوقف وكان ينتظره قائلًا بحذر: وش تبي؟
قذف الواقف امامه علبة المشروب في سلة القمامة البعيدة وقد اصاب الهدف باحترافية هاتفًا بعدها على نظرات ماجد المُترقبة له: امداك تنساني؟
وهمس: ولا شكلك ماتعرفني.
ومد كفه مُصافحًا: معك ابراهيم ال فرحان.
تغيرت ملامح ماجد وعاد خطوة للخلف قابضًا على الكيس بقوة: اللعب غيرها.
ضحك ثم اقترب قائلًا وقد انزل النظارة قليلًا الى وسط انفه، وظهرت عينيه الى ماجد: يعني تعترف ان عندك شيء يخصني.
تحرك ماجد بغضب، لكن توقف على قبضة الاخر لذراعه قائلًا بنبرة هادئة: مابي الا طيف.
دفعه ماجد بغضب وكاد ان يضربه، لكن تجمد على ضحكت الواقف قائلًا، بعد ان بتعد عنه قليلًا ورفع ذراعيه باستسلام: ماعاد نبي الا سلامتنا، انا اسامة شاهين .
نظر ماجد له بشك: ومن اسامة شاهين؟
اضاق اسامة عينيه: نسيت؟ كنت معك في مجلس النواب..
قاطعه ماجد بهدوء: ايه ايه تذكرتك وش تبي؟
ابتسم اسامة: ابد شفناك صدفة قلنا نسلم.
نظر ماجد له وهز راسه ثم غادر مُصطنعًا الهدوء، لكن لم يبرح كثيرًا حتى سقط مغشيًا، واعتدل اسامة واقفًا من خلفه مُشيراً للبعيد باصابعه انه اتم الامر..
.
.
____
في مكان بعيد عن العاصمة.
تربط ام هزاع رأسها بقماش اسود من الصداع الذي يعصف فيه منذ ساعات، واشارت الى ابنها الجالس بغضب: والله لو ماتجي اني لا غضب عليها.
قال ابنها هزاع: خليها على راحتها يمه وانتي بعد تعبانه ريحي نفتس.
مسكت عكازها متوعده: مانب مرتاحة وهي هناك ووش تبي الناس تقول عنا مايكفي انه فضحنا الله *****.
قال هزاع بضيق: اللي صار لها مهب قليل وهذا بيتها غصبن عن الكل.
تاففت واخرجت هاتفها من حقيبتها: دق لي على رجل ابرار ذا الخائب اللي قاطع فينا وخله يجيب بنتنا نشوفها.
قال بهدوء وهو يمد لها كأس من الماء: الناس الحين راقده يايمه وهاه اكلي علاجتس.
التقطت الكأس باصابع مجعدة غاضبة ثم رفعت نظرها على دخول الطفل الصغير محسن صارخًا: جده جده مدرسي علي برا يبيتس.
انزلت فنجانها وعدلت من اللثمة السوداء على انفها قائله: دخله.
دخل علي وابتسم بانشراح وعينيه على الجدة الجالسة بصحة: السلام عليكم، الحمدلله على السلامة يا ام هزاع ان شاءالله انه اخر الشر.
الجدة ببتسامة، فهي لن تُفي له حتى لو قليلًا من حق ما فعله معها: وعليكم السلام هلا والله بولدي، جعل الشر مايجيك.
ابتسم علي من كلمتها الصادقة التي شعر بها: ان شاءالله انك بخير؟
هزت رأسها واشارت له حتى يجلس: اجلس افطر معنا.
علي باعتذار : مرةً ثانية ان شاءالله لاني طالع لرياض.
هزت راسها مُشيره له بعكازها: اجلس.
ونظرت الى ابنها الجالس يمينها: الولد ذا طلب مني مها وانا وافقت ولا انت براد كلمة امك.
تغيرت ملامح علي واعتدل واقفًا وهو من قد هم بالجلوس، ورفع نظره ابو هزاع اليه، اضافت بزمجرة من صمت ابنها: هاه وش قلت؟ بترد امك؟
قال علي بتلعثم مصدوم ومحرج: يا ام هزاع..
قاطعته حتى يسكت ونظرت الى ابنها من جديد: هاه يا هزاع وش قلت.
بلل ابو مها شفتيه وعينيه للان في علي الواقف وقال بهدوء مُخفي الكثير داخله: بنشاور البنت ونشوف..
قالت بغضب: تشاور البنت؟ وانا..
قاطعها بهدوء حتى يوقفها عن الجدال وامام الغريب: حتى ولو يايمة الكلمة الاخيرة للبنت.
هز علي رأسه بملامح شاحبة وهو يجد الفرج.. فتلك الفتاة سترفضه لا محاله: اخذوا راحتكم.
ابتسمت ام هزاع واشارت اليه حتى يجلس..جلس وداخله لم يعد بخير، لا يستطيع رفضها.. لكن هي من عليها رفضه.. خرج من شروده على الفنجان الذي مده الطفل ببتسامة، شربه دفعه واحدة وقال واقفًا وكانه ملسوع: هاه اعذروني لازم اطلع الرياض.
قالت ام هزاع ببتسامة حانية: وردنا بيجيك قريب وجب معك الاهل.
تغيرت ملامحه وابتلع ريقه بصعوبة.. ثم استدار مُغادرًا.
ابتسمت ام هزاع وهي تدعي له حتى خرج من عندهم.
قال هزاع بغضب لوالدته: وش فيتس يمه لويتي ايدي معه وانتي عارفه مانب مزوج الغريب.
ابتسمت بعدم مُبالاة: والله ماتلقى مثله وبتحب يديك قفا وبطن اذا بعد لقيته وغصبن عنك بتوافق انت وبنتك.
واشارت بالعصا للباب الذي خرج منه علي: يقول اخطب لبنتك قبل ولدك.
واشارت لعينيها: شفت اهله وهاه انت تشوفه وناس يشترون بالذهب وكل ماقلت له شيء قال ابشر ولا قال وش علي منها، واخرها فزعته بي للمستشفى
زفر انفاسه وقال واقفًا بعدم اهتمام: الكلمة الاخيرة لمها ماهيب عندي ولا عندتس..
لم يُكمل حديثه على دخول مها الغاضب، وكان خلفها اخيها الصغير محسن.. وتتبعهما والدتها بقلق: اللي سمعته صدق؟
نظرت الجدة في محسن ورفعت عكازها ناحيته: لحقت تعلمها؟
ابتسم محسن بحرج وحك شعره القصيرة.
اقتربت مها لجدتها قائلة بحده: جدة انا اكلمتس صدق اللي سمعته؟
قالت ام هزاع بغضب: ايه طيري في جدتس.
قالت مها بنبرة مرتجفة: جده انا اسالتس بتزوجيني لهذا للي اسمه علي؟
الجدة بحده رفعت اصبعين: عندتس اثنين مالهم ثالث واختاري فيهم يا راجس ولد عمتس ولا علي.
بكت بقوة: مابي ذا ولا ذا.
قالت ام مها بهدوء وقلبها ينفطر على ابنتها: مهوب وقت عرس شكلتس ياعمه نسيتي بدرية وبنتها.
قاطعتها الجدة بغضب: وحنا بنقعد ناجل امورنا عشان منيف الله يقطعه.
قال ابو مها حتى يُِنهي الجدل: هاه سمعتي رد البنت ولا انا جابرها.
هزت الجدة رأسها بقوة: اجل راجس.
قالت مها من بين بكائها: والله ماعرف راجس لو مايبقى غيره على وجه الارض رجال.
رمت الجدة ناحيتها العكاز: ووش فيه راجس؟ ولد عمتك..
عادت مها خطوة للخلف متألمه بعد ان ضربتها العكازة في ساقها: فيه اللي فيه مابيه.
نظرت لها الجدة بنصف عين: ليه من تبين؟
مسحت دموعها بقهر: يعني اذا رفضت اني ابي احد؟
ثم اضافت بتردد: انتي عارفه راجس مايبي الا ابرار.
زفرت الجدة غضبها: لا اله الا الله لا ترفعين ضغطي يابنت اول الرجال ياخذ اربع واذا يبي ابرار؟ نسيه اياها
عضت مها شفتها السفلية تكتم عبرتها، ثم قالت ببطئ مبحوح: جده قلت راجس لا.
هزت رأسها الجدة: اجل علي.
اطالت مها نظراتها في جدتها ثم خرجت تمسح دموعها،ولحقتها والدتها.
قال ابو مها بضيق: يمه الله يهديتس العرس مهوب غصيبة.
قاطعته بغضب: ان شاءالله ان الله مهديني عشاني ادور لها الزين لبنتك تقول لي كذا، لا والله اللي تبوني اموت.
زفر انفاسه واقترب لها قبل اعلى رأسها: اللي تبينه بيصير لاترفعين ضغطتس.
دفعته عنها حتى يبتعد من امامها، ثم استلقت على جانبها الايمن: ايه ذا كلام ولدي.
.
.
___
تجلس في مكانها المُعتاد وعينيها على التلفاز، رفعت نظرها عندما قبل اعلى انفها قائلًا ببتسامة هادئة: السلام عليكم.
نظرت ام نايف في ابنها الواقف امامها ثم اشاحت نظرها لتلفاز: زين يوم تذكرت ان لك ام.
ابتسم نايف وجلس يمينها: مانسيتك لكن الاشغال.
نظرت له بطرف عينها: اشغال؟ من متى وهي تشغلك عني.
اخذ الترمس يسكب له منه قائلًا بهدوء: قلت اجلس مع نفسي لين استوعب السالفة.
قالت بهدوء: واستوعبتها.
نظر لها بعد ان ارتشف من فنجان القهوة: ايه.
واضاف بعد ثواني صمت: طلعتي تقابلينه وحنا ماندري.
قالت: رجل بنتي وبقابله.
قال نايف بشك: بس؟
نظرت له: ايه.
قال بتردد: ومنهو قاتل اختي، اذا مهوب هو؟
ارتجفت اصابعها وهي من كانت تمد له الفنجان حتى يسكب لها: الله اللي يعلم.
اخذ الفنجان منها وقال بهدوء: تعرفين شيء ما نعرفه؟
التزمت الصمت على دخول رياض.
قال نايف بسخرية: تو الصبح يبدا عندك.
استلقى رياض على الاريكة الجانبية: مانب مروق لك.
ابتسم نايف: ليه وش معرك مزاجك يمكن نساعدك؟
نظر له بطرف عين: اللي حارمني منه رجعه لي.
نظر له نايف: ليه اعتدلت عشان افك لك صرافتك؟
اعتدل رياض جالسًا بغضب: تراني محترمك عشانك اخوي الكبير ولا وريتك كيف تحرمني من حلال ابوي.
قال نايف بهدوء بارد: قلتها حلال ابوي ومابي الحلال يصير حرام.
توقف صارخًا: وش قصدك؟
ام نايف بغضب: ايه تهاوشوا قدامي.
اشار رياض الى نايف الجالس: انتي سامعه وش يقول؟
قال نايف وعينيه في ملامحه المشتعله: تحسب اني ماعرف ان لك ايام مسجون؟ وقبلها الاستراحة...
صرخ رياض حتى يسكت: لاتغير المواضيع.
قالت والدتهم بضيق: ذا كبركم وتتهاوش قدامي؟
توقف نايف وقال بهدوء لوالدته: موقع بيت محمد ال صايل شوفيني عطيته السواق خليه يوديك.
قالت باستغراب: وليه ما توديني انت؟
اقترب وانحنى على ظهر كفها قائلًا بحنان مُبتسم: الايام ذي مشغول ووراي سفرة لكن لو بتنتظريني اذا رجعت الاسبوع الجاي ابشري.
قال رياض بهدوء غريب عن شخصيته: خلاص انا بوديها.
استدارا على رياض ينظران له..اطبق شفتيه ثم قال: وش فيكم؟
نايف رفع حاجبه بشك: هو انا سمعت صح ولا يتهيئ لي؟ لان لي شهر اقول ودها ودها وعييت وانا ادري انك عارف انه ابو تركي.
قال بتافف: لا تخليني اسحب كلمتي؟
نظرت له والدته بضيق: رياض ماودك تعقل
ابتسم نايف على تحلطم رياض وغادر بهدوء.
تقدم رياض واستلقى على فخذ والدته الايمن ،ورفع عينيه لها فوقه: مالك الا انا لا نايف ولا هدى فحاولي ما تخسريني.
ابتسمت ومسحت على شعره الاسود الطويل قليلًا: هذا كلام ولد صالح يقوله لامه؟
اغمض عينيه قائلًا بهدوء: ادعي لي يمه.
مررت اصابعها في شعره قائله بحنان: والله اني ادعي لك في كل صلاة وابتسمت هامسه: وان الله يهديك وتوافق تعرس.
قاطعها: العرس مانبيه.
ابتسمت ونظرت لملامحه تحتها: ماودك تقص من ذا الشعر؟
ابتسم ومسح على شعره الطويل: وش مشكلتك مع شعري؟
قالت بهدوء حاني: مهوب عاجبني وابيك تتعدل واخوك كل شوي يشتكي منك.
اعتدل جالسًا وقال بضيق: لانك مانتب عارفه وش يسوي فيني..
قاطعته بهدوء: مالك الا اخوك ومايسوي كل ذا الا تاكد انه من مصلحتك.
تنهد بعمق ثم توقف: الله يخلي لك ولدك اللي تحبينه اكثر مني.
ابتسمت وعينيها تتبعه: لاتنسى مشواري العصر.
حرك شفتيه بامتعاض، وغادر صاعدًا للاعلى، اخرج الهاتف من جيبه واتصل برقمها.. عض شفته بغضب وهاتفها ياتيه مُغلق: انا ولا انتي يا اخت اخوك.
.
.
____
حرك عينيه بضيق ثم اشرعها ببطئ، وصل له صوت انس الساخر بجانبه: صح النوم.
حرك راسه قليلًا بإلم ووقع نظره في انس الجالس يمينه على كرسي خشبي ومربوط هو الاخر، نظر ماجد الى جسده المُقيد وقال بتعب: اح راسي وش فيه وذا حلم؟ ولا علم.
ابتسم انس وقال بنبرته الثقيلة المبحوحة: لا حلم انت وش رايك!
عقد ماجد حاجبيه شاعرًا بمسمار ينخر في رأسه من خلف: راسي وش فيه؟
نظر له انس وقال بسخرية: ابد رجعنا ننخطف من جديد.
حرك ماجد عينيه له: تمزح؟
رفع انس حاجبيه: انت وش تشوف؟
واضاف بشك هامس: وش قصتك مع بنت منيف والثانية اللي معها؟
ابتلع ماجد ريقه بصعوبة مُستوعبًا مايحدث معه، وقال برعب: من خاطفنا؟ ابراهيم؟
ابتسم انس على الباب عندما فتح قائلًا: ليته ابراهيم.
رفع ماجد نظره في من دخل.. وماكان الا زياد وخلفه حارث وخلفهما اسامة الذي وقف امام الحائط بجانب الباب واتكئ عليه
قال ماجد مُخاطبًا لهم و مُستغربًا الوضع الذي هو فيه: انا ليش مربوط؟
اقترب زياد، قبض على فك ماجد بقوة ورفعه حتى ينظر له: انت وش تخطط له مع بنات المجرمين؟
ماجد عقد حاجبيه قائلًا بعد لحظة ادراك: هم وينهم الحين؟
زياد اضاق عينيه وانحنى له هامسًا بوعيد: بتشوفهم قريب لاتستعجل على رزقك.
قاطعه ماجد بغضب: انا سالتك هم وينهم الحين؟
صرخ زياد فيه: والله ماراح يجنني الا هو.
ابتسم حارث قائلًا: والله كن الماضي يعيد نفسه.
واضاف وهو يحاول ابعاد يد زياد عن فك ماجد: خلنا نفهم منه اول.
دفعه زياد بقوة حتى عاد وجه ماجد للخلف قليلًا باشمئزاز: بيقول مثل ولد عمه ويجحد.
قال انس بهدوء: افهم انك تكذبني؟
نظر له زياد بتهديد: لا اسمع حسك.
نظر له انس قائلًا بغضب: لاتعيد أغلاطك.
قال حارث ماسكًا كتف زياد: زياد خلاص شغلي معهم.
خرج زياد وضرب الباب على مصرعه خلفه.
قال بماجد بضيق: انا ليش هنا وش حنا مسوين؟
حارث سحب الكرسي البعيد وجلس امامهما: سمعنا من انس وباقي انت..
واضاف بعد صمت ثواني: من اللي مع زوجتك؟
تجمدت نظرات ماجد فيه وقال بهدوء مُبعدًا نظره: ماسالت الا انت عارف.
ابتسم حارث: وليش ماعلمتنا بالرقم اللي كان مع زوجتك؟
قال ماجد بصدق: كنت احسب انه يخص واحد من اهلها.
هز حارث رأسه قائلًا: ودام انك دريت الحين ليش ماعلمتنا؟
بدا يسرد ماجد القصة..منذ دخوله عند ابرار حتى قيوده الى خروجه..ثم قال عندما انتهى: والبنت تنتظر يتواصل معها ابوها.
قال حارث بشك: وتثق في البنت؟
حرك ماجد رأسه بصدق: ماعرفها لكن اثق في زوجتي.
ربت حارث على كتف ماجد ووقف: بتكونون عندنا ضيوف لفترة.
ثم خرج ويتعبه اسامة الواقف منذ وقت ويستمع لهما.
قال ماجد بغضب: كنت ابيك تفزع لي رحت جبتهم؟
قال انس: ومن قال اني جبتهم؟ الا طلعوا يراقبون بنت منيف والثانية معها وشافونا ويحسبونا معهم.
زفر ماجد انفاسه ثم شتم بصوت عالٍ حتى يسمعه من في الخارج.
قال انس بنبرة شامتة: افا قدروا عليك بنتين.
نظر له ماجد بغضب: ومن قال قدروا علي لو قدروا ماطلعت وشفتني قدامك.
.
.
____
تستلقي اريان على جانبها الايمن ونظرها الى السلسال في كفها، قالت هند بتردد هامس وهي تجلس على السرير : اريان وش صار بالموضوع ذاك؟
رفعت اريان نظرها لها وقالت بضيق مُتذكرة: يوه هند والله نسيت اسفة.
بللت هند شفتيها الجافة وهزت راسها بحزن: اللي ماخذ عقلك يتهنى.
جلست اريان واحتضنتها هامسة بضيق: محد ماخذه لكن تعرفين ظروفي ذي الفترة.
ابتعدت هند قليلًا عنها قائلة بتردد: طيب قلتِ لانس؟
تنهدت بعمق وابعدت عينيها عنها: لا خلينا نطلع انس من السالفة.
ونظرت لها من جديد هامسة: خلينا نعلم راكان ماراح احد يساعدنا غيره واكيد بيتفهم السالفة.
قالت هند بنبرة خائفة: واذا تبلى علي وصدقه، وتعرفين فهد وعلي ما يتفاهمون؟
ابتسمت حتى تبعث فيها الراحة: ماراح اقول الا لراكان وبقول هو مزعجني انا وباطلعك من السالفة.
ونظرت للحُجرة قائلة بضيق: ليت هاجر ماراحت لها فقده.
ابتسمت هند على ذكرى ابنة عمهنّ الوحيدة: تعرفين محمد طلع ولازم تهتم فيه.
واضافت بتساؤل: الا ماعلمتك ليش محمد طلق زوجته؟
قالت اريان بعدم اهتمام: اخر من يهمني محمد وزوجته حيلهم بينهم.
دخلت ريما مُناديه بصُراخ غاضب: هند متى بنروح؟
توقفت هند: يوه نسيت اني وعدتها اوديها للبقالة.
واخذت عبائتها من خلف الباب ثم خرجت، استلقت اريان على ظهرها،بحثت عن رقم راكان في هاتفها ثم اتصلت عليه، اتاها صوته الخافت بالسلام،لفت خصله من شعرها الطويل بين اصابعها قائلة بعد السؤال عن اخباره: فيه رقم مزعجني وبس يهددني ممكن تساعدني يا اخوي المحقق وتخلصني منه حتى انه عرف اسمي وبيتي.
توقف وابتعد عن الجالسين حوله قائلًا بقلق هامس: يهددك؟ كيف يهددك؟ ومن متى؟
قالت ببتسامة عندما شعرت بخوفه: لا يروح تفكيرك بعيد تعرف من الشباب الطائشين اللي يزعجون البنات ويبونهم يعطونهم وجه.
شعر بالراحة تغلغلت داخله، لكن قال بحدة: وهذا كيف جاب رقمك؟ اريان اللي عندك قوليه كله.
اعتدلت جالسة بضيق: مافهمت تشك فيني؟
تنهد: ما اشك فيك لكن دام عرف كل ذا اكيد مهوب يوم وليلة يهددك.
قالت بهدوء: ترى كنت بقول لانس بس قلت اخوي اقرب..
قاطعها بحدة: اذكرك تبين الطلاق من انس وش صار الحين يوم تبين فزعته..
واضاف بزمجرة غاضبة: ارسلي الرقم ولا يكثر.
قاطعته حتى لا يفهمها غلط: راكان لاتخليني اندم وانا كنت مابي اضايقك..
قاطعها بحدة: انتي فاهمة وش كنت بتسوين تكلمين انس اللي مزعجتنا تبين الطلاق منه ومخليه اخوانك لا هو واحد ولا اثنين وش تبين يقول عنا؟
قالت بضيق مُتنهدة: انت تلاحظ كبرت السالفة؟ وانس لاتنسى هو زوجي.
قال بعد صمت دام ثواني: يعني افهم انك بترجعين له دامك قلتِ زوجي؟
قالت بتردد: امس كان معه سلاح بالله عليك راقبه
ابتسم: وانتي متى شفتيه؟
واضاف على صمتها بخبث: رجال طول وعرض اروح اراقبه ثم وانا اخوك اثقلي اثقلي قبل ايام تبين الطلاق والحين تبين اراقبه لك
قاطعته صارخه بضيق: راكان.
ابتسم على تقدم سعود له: اذا تبين اجيبه لك بعد ماعندي مشكلة ترى جاهزين.
تاففت: راكان ترى بقفل.
قال: يلا يلا تامرين بشيء.
قالت بتردد: ايه بي ازور ابرار ممكن توديني لها؟ لان محد بيقدر يعرف مكانها الا انت
نظر الى سعود الواقف امامه وكان ينظر الى هاتفه بصمت: راح ارسل لك موقع بيتها، خلي واحد من العيال يوديك لان عندي استلام الليلة.
.
.
__
بعد ان اصبحت ام نايف امام المنزل الشعبي القديم ابتسمت بهدوء وترجلت من السيارة، خرج بعدها رياض وادخل كفيه في جيوب بنطاله باشمئزاز ظهر على ملامحه، وقد اتكئ على مقدمة سيارته قائلًا بتذمر: لا تطولين ماراح انتظر اكثر، اخاف احد يسرق سيارتي..
بتر حديثه عندما استدارت له والدته ونظرت له بعمق غاضب: والله اللي ماعرفت اربيك حسابي معك اذا رجعنا.
اطبق شفتيه وحركها اعتراضًا، وضيقًا.
طرقت الباب عدة طرقات قال من خلفها ولازال يتكي على سيارته: فيه جرس فوق دقيه.
ضغطت على زر الجرس مطولًا وانفتح الباب خرج من خلفه تركي بعينان نائمه.
عند رياض تعلقت عينيه فيها وكيف لا يعرفها وكانت تقبض على يد طفلة صغيرة تمشي معها وكانت تحمل في كفها الايمن كيس شفاف اصفر كبير.. ومن الواضح انها لم تنتبه له، تغيرت ملامحه على صوت تركي الواقف امامه بفحيح هامس: نزل عيونك لا افقعها لك.
ابتلع ريقه رياض واعتدل واقفًا، قائلًا بكذب: ليه اهلك وانا مدري.
امال تركي شفتيه بغضب ووعيد: ماتنلام لان دايم عيونك في خلق الله، ولو اللي دخلت في بيتنا كان وريتك نجوم القايله.
دفعه رياض حتى يبتعد عنه بقرف: اقول اسري وراك.
تركي نظر الى صدره: قد حركتك؟
تافف رياض: ياليل مطولك.
عند هند قبضت على الكيس بقوة ونظرها يقع في من يقف مع تركي ويُحادثه وواضح المُشادة الكلامية بينهما .. ارتجف قلبها وضاقت انفسها.. هل سيبتلي عليها.. تحركت تشد كف اختها بسرعة حتى اختفت خلف باب منزلهم..
في الداخل...
جلست ام نايف في المجلس المتوسط.
ابتسمت ام علي ببتسامة وجلست جانب الغريبة: جعلها والله ترحب ملايين تو ما زارتنا البركة.
ابتسمت المراة الكبيرة في السن وقالت بهدوء ضاحك: شكلك تعرفيني؟
قالت ام علي بعد ضحكة صغيرة: لا والله لكن ان شاءالله ما جيتينا الا انك تعرفينا.
نظرت ام نايف لملامح الجالسة جانبها وقالت: انا جايه ابي محمد هذا بيته محمد بن صايل؟
ابتسمت ام علي ونظرها يرتفع الى دخول اسيل تحمل صينية القهوة والشاي بين كفيها: الله الله.
قالت ام نايف برفض قاطع: انا والله ماجيت لا ابي قهوة ولا اكلف عليكم ماجيت الا ابي محمد.
اشارت ام علي لاسيل: روحي دقي على ابوك اذا هو قريب يرجع.
هزت راسها اسيل وخرجت.
..
دخلت هند ترتجف وتبكي وهزت كتفها الايمن: اريان الحقي الحقي.
انتفضت اريان جالسة وهي من غطت في النوم قليلًا: من مات هند من مات؟
سقطت هند أرضًا فساقيها لم تعد تستطيع حمل جسدها وانفجرت بالبكاء: جا جا شفته يكلم تركي وتركي معصب يمكن كذب عليه.
عقدت اريان حاجبيها والرعب لازال يعصف بقلبها: منهو اللي جا؟
قالت هند من بين نحيبها وقد ارتفع: اللي يهددني.
بردت اطراف اريان وقالت: متاكدة انه هو؟
هزت هند رأسها: ايه والله انه هو.
توقفت اريان، اقفلت الباب وقالت وهي تجول في الحُجرة باحثة عن حل سريع لهذه المصيبة: انا علمت راكان صار عنده علم،وتركي خليه علي انتي بس اجلسي هنا.
ونظرت لها: فهد هنا؟ ولا علي؟
حركت هند راسها بنفي.
زفرت اريان انفاسها براحة: خلاص الامور للحين بالسليم.
قالت هند بغصة:اريان شفته جايب معه حرمة اكيد يبها تساعده في خطته.
مسحت اريان على رأسها حتى تُهديها وداخلها يرتجف هي الاخرى: خلاص هند اذكري الله قلت بحلها ماتثقين فيني؟
..
في الخارج
قال تركي بكره اخفاه: ادخل.
هز رأسه رياض بنفي ونظر الى منزله خلفه بتعالي وكبر: مستحيل ادخل ذاك البيت.
تحرك تركي الى باب منزلهم: اجل اقعد عندك وازينها من ساعة.
قال رياض بغضب وعينيه على كل نقطة في الحي: وبتخليني لحالي؟
تافف تركي واستدار له: ماعرفنا لك قلنا ادخل نظيفك عييت وتبيني اجلس معك تعقب وتخسي يا
وقال بسخرية ضاغطًا على الاحرف باستفزاز: خريج السجون.
تغيرت ملامح رياض واقترب بخطى سريعة حتى مسكه من ياقة ثوبة الشتوي الازرق : اقص لسانك قبل تطول اسيادك
ابعد تركي كفه عنه قائلًا بوعيد مشمئز وغضب: والله لو انك مب ضيف كان عرفت كيف اعدل لك خريطة وجهك اجل تقول بتقص لساني؟
عقد رياض حاجبيه قائلًا بغيض وكُره: شكلك نسيت وش كان ابوك؟
وضغط على الاحرف حتى يستفزه و يفور دمه مثل ما فعل به: سواق
واضاف بسخرية سريعة: عاد حنا ندور لنا ذي الايام سواق لو انك تبي؟ ترى فرصة ماتتفوت
اضاق تركي عينيه قائلًا بشك: انت تقرب لزياد الراشد؟
صفق رياض ببتسامة خبيثة: لا لا يمكن يكون ابوك سواق عنده وسواق عندنا
رص تركي على اسنانه حتى لا ينفجر فيه فهو قد نجح في استفزازه وبجدارة: اتقي شر الحليم اذا غضب واذا ابوي سواق مهوب عيب ولا حرام احسن له يكسب رزقه بالحلال..
رفع رياض حاجبه ببتسامة ساخرة مُقاطعًا لحديثه : شكلك ناسي وش سويت فيك قبل شهور..
بتر حديثه على لكمة تركي على بطنه صارخًا: الحين اعدل لك وجهك اللي مستانس فيه.
مسك رياض خاصرته بعينان تشتعل وقال بوعيد: والله ماتفرح فيها وانا ولد هاني.
ثم لكم تركي على وجهه، بدا الاثنان يتعاركان امام المارة واجتمع الكثير حتى يبعدانهما عن بعض، تجمد تركي على صوت والده الغاضب يأتي من خلفه: تركي.
دفعه تركي حتى يبتعد عنه بقرف غاضب واستدار الى والده المقترب قائلًا: سم.
قال والده بغضب: سم الله **** قدام بيتي ياتركي؟
انزل تركي نظره بحرج من المجتمعين حوله وبدا يعدل ثوبه الذي انقطعت ازرته ،وقال بشبه همس وقد اشار الى رياض: هو اللي بدا.
مسح رياض على شفتيه وعدل شعره قائلًا بقرف بعد ان بصق الكثير من الدماء من ثغره: من ضرب الثاني اول ولا يوم شفت ابوك خرت علومك.
اشار ابو علي بغضب الى باب منزلهم بعد ان اعتذر من المجتمعين وتفرقوا: قدامي واللي له شيء من الثاني بياخذه.
قال رياض برفض يملئه الكثير من الغرور: بتوقف مع ولدك لو هو المخطئ
واشار للباب: قولوا لامي تطلع.
نظر له ابو علي بحدة ورفع عصاه من وقاحته: شكلها تبيها فوق ظهرك انت شايف كم عمري يوم ترفع صوتك علي، ولا هو انا اللي اوقف مع ولدي لو كان مخطي.
عقد رياض حاجبيه من غضب الرجل الكبير امامه كاد يفتح شفتيه، لكن اغلقها وارتجف جسده على صرخ ابو علي فيه: اقولك قدامي.
لحق بتركي مجبرًا والذي كان يسير بصمت امامه.
همس تركي بسخرية حتى يسمعه الذي يسير خلفه: ويقول مستحيل ادخل ذاك البيت.
عض رياض شفتيه وابتسم على صُراخ الرجل الكبير خلفه: تركي والله لا تخليني امحطها على ظهرك.
دخل رياض المجلس الواسع ووقع نظره في تركي الذي بدا يحمل فراش نومه من وسط ارضية المجلس واستدار يتاكد من نظافة المكان ثم غادر به واختفى.. هل هرب وتركني مع هذا الغاضب خرج من شروده على صوت ابو علي وهو يشير له : اجلس.
مرر رياض لسانه على شفتيه واغلق عينيه عندما شعر بالالم في زاوية شفته السفلى، ثم جلس في ابعد نقطة من الغاضب امامه، قال بتبرير كاذب قبل ان يعود تركي: ولدك اللي بدا..
قاطعه ابو علي ونظره لملامحه: وش بينك وبينه؟ انت خويه؟
حرك شفتيه بامتعاض واشمئزاز: لا.
وقال مًكملًا: جايب امي وخلها تستعجل علي.
نظر له ابو علي بملامح حادة من وقاحته: وش انت ترجع له؟
قال رياض بتسليه ،حتى يستفز تركي بعد ان لاحظ دخوله يحمل بين كفيه صينية قهوة كبيرة نحاسية: اذا كان ذاكرتك للحين تسعفك ف انا اخو منال بنت هاني الجابر اللي كنت سواق عندها
واضاف ببطئ وعينيه تراقب تركي: زوجة زياد ال راشد.
تعلقت عينان ابو علي في ملامحه وقال بشبه همس بعد صمت طال: الله يرحمها.
اما تركي فتوقف مكانه وبقى نظره معلق في رياض الذي كان يبادله النظرات بتسلية قبض على اطراف الصينية بقوة بين كفيه
حرك نظره على والده وهو يقول: خل امه تجيني هنا.
انزل تركي صينية القهوة وتحرك بسرعة هامسًا في اذن والده وعقله لا يستوعب: لا تصدمني يبه وتقول هذولا خوال اريان؟
هز ابو علي رأسه بنعم، لكن تغيرت ملامحه على همس تركي في اذنه: يعقب يكون ذا من خوالها الشمس اقرب له من انه يعرف اريان ولا يشوفها.
ضغط والده على اسنانه ورفع عصاه: بتحرم البنت من اهلها وخوالها بعد ماعرفتهم؟
ابتعد تركي عن العصا ،وعينيه الغاضبه تذهب الى رياض الجالس ينظر لهما بفضول مُترقب.
نفث تركي انفاسه الغاضبة وهمس بغضب: يبه الله يطول بعمرك التحاليل مابعد طلعت ويمكن مايطلعون اهلها.
رمقه والده بنظره جعلته يعض شفته السفلية: التحاليل قدها معي وطلعت بنتهم، وانت بتسوي اللي ابي ولا اقوم.
واضاف: وخل اريان تجي.
اشتعلت ملامح تركي وانتفض جسده من غضبه مُشيرًا الى رياض: تبيها تدخل وذا هنا؟
توقف رياض من ملامح تركي والخوف يعتريه، لكن جلس بسرعة على زمجرة ابو علي فيه: انت وين بتروح؟
رياض ابتلع ريقه وقال: بروح لبيتنا مالي جلسه هنا.
اشار له ابو علي بغضب: اقول اجلس مكانك.
تجمدت الدماء في جسد رياض مرعوب وكل تفكيره يقوده بأن اخبرته ابنته ماذا يفعل معها ماذا سيفعل به!!، جلس واقدامه ترتعش
اما تركي فخرج بملامح غاضبة لا تُبشر بخير.
وقال لريما عندما صادفها: خلي الحرمة اللي عندكم تطلع لابوي في المجلس وقولي لاريان ان ابوي بعد يبيها.
ثم خرج من المنزل نافثًا غضبه في الباب.
قال ابو علي بعد فترة صمت وانظاره لا تفارق الجالس امامه في الجهة المقابلة: زياد علمكم؟
استدار رياض بعينه حوله ثم استوعب انه يُحدثه وقال بتوتر ظهر فيه صوته: في وش؟
ابو علي نظر له بجمود: في اللي عندي؟
قال رياض بعدم فهم: وش عندك؟
زفر انفاسه ابو علي عندما فهم ان لا علم لهم باريان.
توقف رياض على دخول والدته وهو يجد طوق النجاة، ووقف ابو علي احترامًا لها ولعمرها.
انشرح صدر ام نايف عندما وقع نظرها في ابو علي وقالت: السلام عليكم.
ابتسم ابو علي مُخفي ما يكتم صدره: وعليكم السلام
جلست ام نايف جانب ابنها ثم قالت بهدوء: وش الدنيا فيك يا محمد مابغينا نلقاك.
قال بصدق ضائق: مادريت انك تبيني ولا كان جيتك.
ابتسمت ثم هطلت دموع لم يلاحظها لكن لاحظ صوتها المتحشرج : حلفت بالله وش بينك وبين بنتي يوم انها تظهر في المنام وتوصيني فيك.
ارتخت قبضة اصابع ابو علي من المسبحة التي كان يحركها بينها وقال بشك: منال؟
هزت رأسها واضافت وهي ترفع اصابعها: لا هو ثنين ولا ثلاثة ولو اعدها كان وصلت فوق الخمسين..
ثم انخرطت في بكاء مرير، حدق رياض في والدته مُستغربًا، يعلم باحلامها التي لاتنتهي في شقيقته المتوفاة لكن ماسمعه منها الان ادهشه.
قال ابو علي بضيق: مابيني ولا بينها الا كل خير...
قاطعته بجديه: قول الصدق ان كانها فلوس عطيناك..
قاطعها بتنهيدة عميقة: ماهيب فلوس.
واضاف بعد صمت دام ثواني : السالفة اللي بيني وبينها والله اني ماعرفتها الا قريب ولو اني اعرفها من اول يوم كان وهي عندكم..
ثم بتر حديثه عندما لاحظ اقتراب اريان تسير اليه من خارج المجلس واشار لها: اريان وانا ابوك تعالي.
.
.
..(نهاية البارت الرابع والستون)..
—
عزيزتي لاتنسى اصبعكِ الجميلة ضغط زر التصويت(⭐️) تقديرًا لتعبي..
—
الله اكبر، لا اله الا الله، سبحان الله، الحمدلله، استغفرالله.
أنت تقرأ
رواية جفَاف ورْدة بيضاء في رُكن الذَكريات.
Mystery / Thrillerرواية جفاف وردة بيضاء في رُكن الذكريات.. للكاتبة ضَياع، تدور احداث الرواية عن الفتاة اريان مجهولة الابوين التي تعيش مع عائلة ال صايل بعد ان وجدوها على عتبة بابهم. - والفتاة الريفية ابرار التي يجبرها والدها على الزواج من شاب غني لا يرغب بها زوجة له...