..(الجُزء السادس والستون)..

1.6K 43 14
                                    

-

البارت السادس والستون
.
.
__

"تعجبني الطناخه ويعجبني الطيب
وتعجبني عـزوم الرجـال القوية
ويعجبني اللي يجتلد كنه الذيب
هقوات راسه في الشدايد جريه"
.
.
__

سقطت الورقة من كفه ونظره يقع في حارث يخرج من المبنى وجانبه اسامة وثلاث رجال من الشرطة يسيرون بجوارهما وكلهم يرفعون ايديهم للاعلى باستسلام وخضوع لمن خلفهم.. ارتفعت انفاسه ،انقبض قلبه، جف ريقه وتصلب جسده، وعينيه تذهب الى صاحبة العينان الرمادية التي يدفعها ابراهيم ال فرحان امامه بقوة حتى تحمي جسده من اي رصاصة تهب عليه من رجال الشرطة..
تاكد ان السلاح مفتوح وسمع صوت ايوب الخافت: لا تتهور.
قال زياد وعينيه للان معلقه في اريان: طلعت بنتي يا ايوب ومابي اخسرها بعد مالقيتها حتى لو فيها موتي.
قال ايوب وهو يمسك ذراعه: وحنا مانبي نخسرك يا زياد.
فك زياد قبضة ايوب عن ذراعه قائلًا بعدم اهتمام وعينيه تتوعد ابراهيم: جابر واريان في امانتك يا ايوب.
ونظر له ببتسامة صغيرة مُمتنًا: ناشب بحلقك اول والحين.
تسارعت دقات قلب ايوب وتحرك بسرعة حتى اصبح امامه وعقله يرسم له خطة زياد المجنونة: لا يا زياد دور غيرها.
مسك زياد كتف ايوب قائلًا بنبرة غاضبة متوعدة: هذا قاتل شاهين والله ماخليه يتنفس بعد ذي الليلة.
واضاف بعد صمت دام ثانية: انت عارف وش بتسوي يا ايوب.
ثم تحرك تاركًا ايوب ينظر له..
..
تعلقت عينان انس في اريان ومرر اصابعه في شعره بضياع وخوف عليها، مسك ماجد المندفع بغضب حتى لا يذهب : بتعرض نفسك للخطر ولهم.
قال ماجد وعقله يقف عن التفكير: انت شايف كيف **** ماسك ابرار.
تقدم احد الشرطة ووقف امامهما مانعًا عبورهما بعد ان امره زياد بهذا: ارجعوا وراكم لسلامتكم.
اقترب له ماجد بعينان حمراوان: واذا مارجعت وش بتسوي؟.
رفع الشرطي السلاح في وجهه: الاوامر تقول نقتلك.
سحبه انس حتى يهدا ونظره يتبع زياد.
لف انس على صوت سعود المصدوم بوجودهما: انتم هنا؟
تحرك ماجد الى سعود طالبًا نجدته ومساعدته.
وحدق انس في راكان الواقف ينظر الى اخته بملامح شاحبه، ذهبت انظار الجميع الى ابراهيم بتركيز عندما ارتفع صوته قائلًا: مابي الا سلامتي اذا تبون سلامتهم.
سار زياد متجاوزًا صفوف رجال الشرطة حتى توقف مُقابلًا له، واصطف خلفه رجال شرطة ببدلات سوداء.
التحمت عينان اريان في عينان زياد وخفق قلبها بعنفوان من تلك المشاعر التي تنبض فيه، ارتعشت اطرافها ولمعت عينيها..
ابتسم اسامة مُتناسيًا جرح ذراعه وهو يرى زياد يقف امامهم..
عض حارث شفتيه بترقب مما سيفعل.
قال ابراهيم بضحكة قصيرة ساخرة عندما تعرف على زياد من بين الرجال الواقفين امامه: عرفت تلعبها يا *****
ابتلع زياد شتيمته قائلًا بهدوء اصطنعه، كاتمًا فوران الدماء الغاضبة داخله: لك اللي تبي اذا وعدتنا بسلامتهم.
صرخ اسامة بغضب مُتعجب: اقتله ياعمي زياد وش تنتظر؟!
قال ابراهيم من خلفه مزمجرًا: اقتلوه..
نطق زياد مُتقدمًا بخوف: لا لا اذا تبي سلامتك يا ابراهيم..
قاطعه اسامة بعدم اهتمام مُحرضًا على القتل: ماهمني خله يقتلني.
صرخ فيه زياد: اسكت يا اسامة.
واضاف برجاء الى ابراهيم: اترك البنات وقوفهم بينا مايصلح.
ضحك ابراهيم بسخرية وهو يدفع اريان للامام خطوة: لا لا بذات ذي مستحيل
وقال بخبث: شكلها مهمه عندنا كلنا.
ارتعد داخل زياد وقال متدارك الامر حتى لا يُلاحظ خوفه عليها: كلهم عندنا سوا يكفي انهم بنات..
قاطعه رافعًا حاجبه وغرز السلاح داخل راسها بقوة: لا لا بنت منيف غير حتى بنتي ماتوصل لها.
عمّ صمت صغير الاجواء المشحونة والمتوترة، ثم قال زياد قاطعًا الصمت: بنت منيف؟
هز ابراهيم رأسه وهز ذراع اريان المُغلقة عينيها بسخرية: ايه هذي بنت منيف ولا ماتعرفها؟
استوعب زياد مايجري، ونظر الى اريان عاقدًا حاجبيه وقد برزت عروق جبينه، انزلت رأسها بسرعة، حرك نظره الى ابرار التي فعلت الاخرى نفس الامر.. رسم ابتسامة صغيرة مصطنعًا الضحك: كيف كذبوا عليك؟
واضاف مُراقبًا ملامح ابراهيم التي بدت تُكفهرّ : بنت منيف عندنا بالحفظ والصون.
ونظر الى طيف بملامح صفراء وقد اخبره حارث بخطتها في انقاذ العالم من والدها: واسال بنتك لانها متعاونه معنا.
حرك ابراهيم ال فرحان رأسه الى ابنته: ذا وش يقول؟
ورص على اسنانه حتى تُجيب: طيف.
ارتفعت انفاسها وتجمعت الدموع في عينيها وقالت بخفوت لكن وصل الى والدها: ايه انا ابيهم يمسكونك.
قاطعها صارخًا بغضب وملامحه تنقبض وتسودّ: متفقه معهم علي الله****
صرخ في الرجل خلفها بكره واشمئزاز وغضب منها: اذبحها العاقة ناكرة الجميل.
رفع زياد السلاح له وفعل رجال الشرطة خلفه مثله..مُحذرًا ببطئ: لو تلمس منها بس شعره موتك وراها وبنتك من ذي اللحظة تحت حمايتنا.
اهتز جسم طيف ببكاء صامت على شتائم والدها لها ونظرات الجميع المحدقة فيها.
لم يفت اسامة اهتزاز جسدها، وقد غطاء شعرها الاشقر المنسدل ملامح وجهها الرقيقة.
قال ابراهيم وصبره ينفذ وقد اطبق على انفاسه الضيق والغضب والخوف: بعدوا عن طريقي اذا تبي سلامتهم.
قال زياد بنبرة هادئة: بنتركك بتخليهم؟
ضحك ابراهيم ضحكة صغيرة متوترة: ليه قالوا لك بائع عمري.
انزل زياد سلاحه أرضًا على نظرات الواقفين المُستغربه من فعلته: البنات وراهم اهل ولا راح نرضى يروحون معك لو فيها موتهم ولا موتنا ولا موتك، واذا كانك تبي تاخذ احد يحميك منا اخذني انا.
ارتفعت اصوات الاستنكار المتفاوتة، وقال اسامة بغضب عارم وقد همّ بتحرك الى ابراهيم خلفه: لالا.
قال ابراهيم بعينان غاضبة: ارجع مكانك لا اثور في راسه.
عض حارث شفته السفلى وما توقعه قد حصل.
زفر ايوب انفاسه وهو ينظر الى زياد بضيق رافضًا لهذه الفكرة المجنونة.
ابتسم ابراهيم الى طوق نجاته: تعال
قال زياد بهدنة: و تفكهم كلهم؟
نظر ابراهيم الى الواقفين حوله ثم توقف نظره في ظهر اسامة ثم حرك رأسه برفض: ولد شاهين وبنتي لا.
وقال بسخرية مقصودة قد استفزت كل خلية في جسد اسامة: بيني وبينه كلام طويل.
لف اسامة نظره له ونطق بغضب برزت خلاله عروق جبينه: اقتلوه لو فيها موتي ليه ماتفهمون؟.
ظهرت ابتسامة خبيثة على ملامح ابراهيم ثم نظر الى زياد وقد وصل له صوته الرافض: قلت كلهم.
هز رأسه ابراهيم بعدم اهتمام: تعال.
حرك زياد راسه: ماراح اجيك لين تفكهم.
اشار الى الرجل الواقف خلف ابرار: فكها.
تركها الرجل وتحرك بخطوات سريعة خلف ابراهيم حتى يحتمي فيه و بالفتاة الواقفة امامه.
قال زياد ببتسامة لابرار: تعالي.
تحركت ابرار بخطوات سريعة حتى انها كادت ان تتعثر في سيرها.. اشار لها بعيناه لماجد الواقف بعيدًا: روحي لزوجك.
قالت بهمس مرتجف باكي عندما جاورته، مُمتنه لما فعله من اجلها: شكرًا.
ابتسم وعينيه تتبعها حتى ارتمت في حضن ماجد.
نظر الى انس واشار له باصابع يده بمعنى" تاخذ زوجتك وتذهب بها.
هز انس رأسه بانصياع.
قال زياد مُخاطبًا اسامة بلطف حاني: تعال يا ولد شاهين.
اطبق اسامة شفتيه واسم والده من حنجرته مُختلفه، اغلق عينيه بقوة ثم اشرعها وسار، تبعه رجال الشرطة الثلاثة ومعهم حارث حتى توقفوا خلف زياد..
قال حارث من خلفه بخفوت غاضب: اذا كان اللي افكر فيه تبي تسويه فلا تفكر بنطيعك يا زياد.
قال زياد بخفوت: بتسويه وغصب.
نقل اسامة عينيه بينهما حتى يفهم شيئًا.
اشار ابراهيم له: تعال يا زياد.
تقدم زياد قائلًا: اترك البنات.
قال ابراهيم وقد امال شفته بتهكم : ابشر لكن بنتي ماهيب في الحسبة.
توقف زياد في منتصف الطريق: اجل انسى.
رفعت اريان نظراتها له مستنجده فيه بخوف حتى ينقذها كما فعل مع من كانوا رهائن، ابتسم لها ابتسامة صغيرة حتى يطمئنها.
قال ابراهيم بغضب والخوف يعتريه: قلت بنتي ماهيب في الحسبة.
نظر له زياد بملامح غاضبة: بنتك يمشي عليها مثل اللي مشى على اللي قبلها.
نفض ابراهيم ذراع اريان قائلًا: بنتي مال لاحد كلمه عليها غيري.
عاد زياد خطوة للخلف: واذا بنتك.
توتر ابراهيم وهو يشعر برائحة الخطر بدت تلتفت حوله: عدنان خلها.
دفع عدنان طيف بقوة حتى سقطت على ركبتيها، وتحرك بسرعة حتى اصبح يقف خلف ابراهيم،
اشفق زياد على منظر الفتاة الشقراء الجالسة على ساقيها وكان يظهر على ملامحها الالم من سقوطها القاسي..استدار الى الرجال خلفه وحرك عينيه في الواقف بملامح سوداء: اسامة خذها.
اعطى اسامة شرطي جانبه سلاحه وسار لها وهو يفك ازرار سترته العسكرية السوداء بيده اليمنى السليمة.. ووضع سترته على شعرها ورأسها حتى يُغطيها عن الأعين المحدقة فيها..رفعت نظرها ووقعت عينيها الزرقاوان في عيناه القريبة منها.. قال بخفوت مُستفهم: تقدرين تمشين؟
هزت رأسها بنعم ودموعها تتساقط على وجنتيها المحمرة.. توقفت بصعوبة لكن شد انتباهها الدماء على ذراعه الايسر.. قالت بنبرة قلقة عليه: انت بخير؟ فيه دم.
نظر الى ذراعه وقال بهدوء ونظره في ملامحها المحمرة وشفتيها الشاحبة المرتجفة: بسيطة جرح خارجي.
واشار الى بعض الرجال: ودوها للمكان امان.
وصل لهم صوت ابراهيم المتوعد: موتكم يالاثنين على يدي.
واضاف بكره واشمئزاز: ياخاينه بعتي ابوك عشانهم لكن والله لاوريك.
سحبت السترة على اذنيها مُغطيه جانبي وجهها وتحركت تتبع الرجلين هاربة من صوته ولومه وتهديداته.
قال زياد ونظره يتبع طيف التي توقفت بجانب ابرار: المس شعره منها وانا حي وشوف وش بيصير.
ضحك ابراهيم ثم قال بتقزز وحقد: اقول لف عليهم وعطني قفاك.
لف زياد كما امره، اشار ابراهيم الى احد رجليه: فتشه
تحرك ووقف خلفه وبدا يفتشه ثم قال: نظيف
اشار للاخر: اربط ايده ورا ظهره.
فعل الاخر ما امره به.
قال اسامة بغضب هامس وقد التقط المسدس من احد الرجال بعد ان وقف في مكانه السابق: اثنين يصوبون رجاله وانا خلوه علي.
قال حارث بقلق وعينيه على زياد: انتبه بنت زياد للحين معهم.
عند اريان نظرت الى ظهر زياد ببدلته العسكرية ثم رفعت نظرها الى انس الواقف بعيدًا..اعادت نظرها على اقتراب جسد زياد لها وهو لازال يعطيها ظهره ويعود للخلف بسبب حركة الرجلين بجانبه.. لم تشعر الا بجسدها يهوي جانبًا بقوة من دفع ابراهيم لها..
وصراخ زياد في ابراهيم: الله****
بتر صوته على غرز ابراهيم السلاح في رقبته بقوة شاتمًا فيه: اسكت لا اذبحك.
توقفت بتثاقل مرعوب على صوت زياد الحاني: يلا روحي لانس ينتظرك.
تحركت بخطوات سريعة، حتى اصبحت في بر الامان خلف رجال الشرطة.. تجمدت قدميها على صرخت زياد العالي خلفها للواقفين: اقتلوهم.
تسارعت نبضاتها وارتفعت انفاسها .. بردت اطرافها بغير استيعاب ثم استدارت تنظر له وهي تفهم الان ماذا ينوي ان يفعل بنفسه.
انتفض ابراهيم بعد ان فهم مخططه قائلًا بغضب مُحتميًا خلفه: الله ****
ضحك زياد بسخرية: والله ماتطلع من هنا الا ميت.
ثم كرر كلمته مزمجرًا: اطلقوا علينا لو فيها موتي.
بدا يشتمه ابراهيم بهلع وخوفًا من الموت، وعينيه تذهب لرجال الشرطة واسلحتهم الكثيرة التي كانت موجهه اليه: شكلك بايع نفسك.
ضحك زياد قائلًا باستفزاز له: ايه ابيعها اذا فيها موتك.
رفع اسامة السلاح وقربه لعينه اليمنى وهو يحدد جبين ابراهيم.. حرك نظره على حارث الغاضب: تبيه يذبح زياد؟.
قال اسامة بتركيز بعد ان اغمض احد عينيه: اطلقوا على الثنيّن اللي معه وخلوه علي.
صرخ فيه حارث ساحبًا السلاح منه ثم دفعه حتى يعود للخلف: لا والله مافيه اجن من زياد الا انت.
ونظر الى زياد ناطقًا بصوت عالي: اللي تبيه يا ابراهيم بيصير لكن اترك زياد.
برزت عروق جبين زياد واشتدت ملامحه حمرة من غضبه: اقولك اذبحه وش تنتظر.
قاطعه ايوب قائلًا بضيق: مانبي نخسرك.
ابتسم ابراهيم براحه وعاد خطوة ساحبًا زياد معه: لا الحمدلله امورنا في السليم واضح يغلونك.
جن جنون زياد محركًا جسده بقوة حتى يفلته: اطلقوا اطلقوا انتم عارفين انه قاتلني لو رحت معه.
ونظر الى اسامة حتى يُحرضه لرميه: يا اسامة لا تنسى هذا قاتل ابوك اقتله لا يروح من يدينا.
سحب اسامة السلاح من حارث هاتفًا بعينان تشع تحدي وحقد للواقف بعيدًا: ابشر غالي والطلب رخيص.
وتحرك متجاوزًا الواقفين حوله وهو يصوب السلاح ناحية ابراهيم..
لكن توقف على الفتاة التي اعترضت طريقة وتوقفت امامه فاتحه يديها حتى تمنعه بهلع: لا لا ترمي.
رفع عينيه لها من فوق السلاح وتغيرت ملامحه وهو يرى ابنة زياد تقف امامه قال بنبرة غاضبة: وش تسوين عندك ارجعي.
قالت اريان بعينان تلمع: لاترمي.
تصلب جسد زياد عندما راها تقف في المنتصف وصرخ فيها حتى ينهرها عن جنونها: اريان ارجعي.
وبحث بعينه عن انس..انتفض على صوت ابراهيم الغليظ خلفه الهامس باستفزاز: هذي بنتك اجل اللي يقولون.
واضاف بخبث مُقزز قد استفز كل خليه في الواقف امامه: كانت بتكون تحت يدي قبل سنين لكن هذا مايعني ماراح تكون وخاصة عيونها بتجيب لنا ملايين..
حرك زياد رأسه للخلف ليرتطم في انف ابراهيم قائلًا بغضب: والله ان تموت قبل تمسك منها ظفر.
ارتعد ابراهيم بعد ان شعر بسيل الدماء من انفه واطلق رصاصة ناحيتها .. مرت الرصاصة من جانبها واخترقت صدر احد الرجال ليخر صريعًا..تسارعت نبضاتها وارتفعت انفاسها.. ونظرها يقع على الرجل المستلقي وقد فارق الحياة.
ارتفعت اصوات الذهول والغضب.. وبحركة سريعة اطلق اسامة لتستقر في جبين الواقف يمينًا..وفعل حارث نفس الامر وهو يُطلق على الواقف يسارًا..شخصّ ابراهيم بصره في رجليه والدماء تنبثق من جبينيهما وقد توسّدا الارض ثم رفع نظره الى اسامة بصدمة مما حدث في ثواني..
غرز السلاح في رقبة زياد قائلًا بحقد وهو يرتجف خوفًا: شكلكم مستعجلين على موته.
قال اسامة ببتسامة: محد يموت قبل يومه.
قال زياد لايوب وكله همه بالواقفة: طلعها من هنا يا ايوب لا يجيها شيء.
اقترب راكان بعد ان امره ايوب وسحبها بشدة من ذراعها حتى اخرجها من الجموع.. ودفعها جهة انس بغضب: خذها.
حركت راسها باعتراض خائف: لا ماراح اروح لين اشوفه بخير.
مسكها انس، وارغمها على صعود سيارة سعود مع زوجة ماجد في الخلف وانطلقوا مُغادرين المكان.. ارتفع صوت الرصاص خلفهم.. اغمضت عينيها وهي تُغلق اذنيها بقوة.. احتضنتها ابرار هامسة: ان شاءالله مايصير له شيء.
.
.
__
بعد ساعات طويلة..
جلست هدى بجانبه على المقعد الحديدي: كتبوا لها تنويم وبجلس عندها انت ارجع ارتاح.
نظر لها نايف بتعب يظهر على ملامحه: ماراح ارتاح لو رجعت.
مسحت على كتفه بحنان: مافيها الا كل خير انخفاض بالسكر والحمدلله استقرت حالتها.
تنهد ونظر الى رياض الواقف بعيدًا ويُحدق في هاتفه: مانب مصدق اللي سمعت.
دمعت عينيها ومسحتها بسرعة: ولا انا.
نظر الى عينيها من تحت النقاب: لازم اروح اشوفها.
ابتسمت عينيها: كلنا لازم نشوفها هذي بنت منال الغالية.
وصل لهما صوت رياض الساخر: البنت ماتبينا، وانحاشت عشان ماتشوفنا وتقولون نبي نشوفها.
امالت هدى شفتيها بضيق: اكيد لها اسبابها.
توقف نايف : يلا على العصر ان شاءالله ارجع وطمنيني عليها كل شوي.
ابتسمت هدى وهزت رأسها: ان شاءالله.
نظر الى رياض: بترجع معي؟
حرك رأسه برفض: لا بجلس.
قالت هدى باعتراض: وليش تجلس؟
تكتف وهو يتكي على الجدار خلفه: مقدر ارجع للبيت وراعيته ماهيب فيه.
قال نايف: رح معي لبيتي.
حرك رأسه برفض: لا.
تركهما نايف وغادر بخطى هادئة تحركت عينيه تراقب الازدحام الكبير امام بوابة الطوارى: يالله سترك.
.
.
___
طرقت الباب عدّت طرقات وفتحت الباب بقلق عليه.. اتسعت عينيها وتغيرت ملامحها ممّاترى.. اقتربت حتى تتاكد من هوية الفتاة.. والصاعقة ضربت اعلاها حتى اسفلها وهي تحدد هوية النائمة في احضان ابنها.. انها ابنة المجرم.. خرجت بخطى واسعة تضرب اخماس في اسداس.. فتحت الباب على مصرعه، انتفضت نورة بخوف من دخول والدتها عليها وملامحها المكفهرة لا تُبشر بخيرًا: يمه وش فيك؟
اقتربت وقبضت على عضدها قائلة بحدة: انتي دارية؟
قالت نورة بملامح متألمة: بوش؟
قالت بكره: باخوك وال**** اللي معه.
نظرت لوالدتها حتى تفهم: اخوي؟ وش اخوي ومن ***** اللي معه.
دفعتها والدتها بعينان غاضبة: ابرار ماغيرها بنت **** وجايبها هنا لا حيا ولا مستحى.
أضاقت عينيها حتى تستوعب ثم ابتسمت: انتِ صادقة؟ ابرار رجعت؟
قالت بغضب مُستفهم: انتي فرحانة؟
ابتسمت نورة بصدق: وليش ما افرح؟ انت عارفه ان ماجد يحبها وشايفه وش صار له الفترة اللي راحت لما حس انه بيخسرها.
خرجت والدتها بخطى ثقيلة غاضبة.. صادفت سعود يمشي على السلالم بتعب واضح على ملامحه المرهقة.. شهقت وعينيها تقع على الدماء على سترة بدلته، رفع نظره لها حتى يُطمئنها: بسم الله عليك هذي مهوب دمي.
اقتربت له وهي تتفحصه بشك: اجل منهو منه.
قبل جبينها ناطقًا بحنان: مهمة والحمدلله.
انقبض قلبها: وانت متى بتريحني وتترك ذا الشغل.
ابتسم: لين اموت.
ضربته على كتفه بهلع: بسم الله عليك لا اسمع طاري الموت.
هز رأسه.
دارت عينيها في ملامحه المُتعبة ثم قالت بحزن على حاله: من بكرة ادور لك عروس اللي مايبيك مانبيه.
تباطئ نبضه قائلًا بشك: وش فيها شادن؟
التزمت الصمت ثواني مُستوعبه ان لا علم عنده: ابوك ماعلمك؟
حرك راسه يمينًا ويسارًا بقلق: لا
ابتلعت ريقها وسحبت كفه الضخمة غلفتها بين يديها: خطبها ولد زياد ال راشد يقولون اسمه جابر ووافقت.
اعاد تكرر الاسم حتى يستوعب منهو: جابر؟
تجمدت عينيه وهو يعود له شكل هذا الجابر.. خرج من شروده على صوت والدته القلق: انت تسمعني؟
تنهد بضيق وابتعد قليلًا عن والدته كاتمًا وجعه في صدره: حتى لو ما اخذها جابر انتي حالفة ما اعرفها ورضيت بقدري.
قالت بتردد وقد لاحظت الضيق على ملامح ابنها: سمعت ان انس وزوجته بينهم مشاكل
وهمست بخبث: اذا طلقها اكيد انه بيخطب نورة..
قاطعها مصدوم فاهمًا ما تخطط له وقال بغضب: ولو خطبها والله مايعرفها وراسي يشم الهواء.
ونطق قبل ان يغادر للاعلى راميًا قنبلته: نورة معطيها واحد من اخوياي والعطية ماترجع.
ضربت صدرها بذعر ونظرت له: بنتي عطيه؟
تركها وصعد بخطى واسعة حتى دخل حجرته وضرب بابها خلفه مُعلنًا رفضه لاي حديث معها.
فك ازرار بدلته بانفاس غاضبة ورماها في السلة المخصصه لثياب المتسخة والحقها بقميصه العسكري الاسود.. لفت نظره الكيس الاسود اعلى سريره عقد حاجبيه.. اقترب له باستغراب، اخرج محتواه ..تقوست شفتيه ببتسامة عريضة بعد ان استوعب مايوجد فيه هامسًا بضحكة صغيرة مُتناسيًا ضيقته: وهذي كيف عرفت بيتي.
نظر الى سترته العسكرية النظيفة والمغلفة التي ظهر انها قد اتت من التنظيف الجاف..استدار على طرق الباب الهادئ قال: ادخلي يا نورة.
اغلقت عينيها بكفيها مُصطنعه الخجل: استتر استتر.
ضحك وقذفها بالكيس المغلف الذي يحتوي على سترته: انتي اللي داخله علي.
اقتربت له وهي تحتضن سترته المغلفة على صدرها بعد ان امسكتها قائله بتردد: كيفك.
نظر له من طرف عينه: من اي ناحية.
بللت شفتيها بحزن: اعرف انك تبي..
قاطعها مُتنهدًا: الله يوفقها.
نظرت الى ملامحه: من قلبك؟
رفع حاجبه بغضب: مافهمت يعني تبوني اسوي مناحه واروح اوقف في وجهها؟ دام اختارت الله يوفقها.
قاطعته بخوف عندما رأت غضبه: لا بس اعرف انك تبينها.
تحرك الى خزانة ثيابه، سحب اول بيجامة قائلًا بحدة: تعبان وابي انام يا نورة.
هزت راسها واقتربت حتى وضعت سترته على السرير: نوم العوافي.
توقفت على استفهامه الهادئ: من دخلها غرفتي؟
نظرت له ثم الى مايُشير.. وكان يُشير الى سترته العسكرية: الشغالة.
قال بتردد ظهر على ملامحه: من جابها؟
عقدت حاجبيها من سؤاله الغريب: كيف من جابها؟ اكيد السواق انت ما وديتها للمغسلة؟
حك قفا شعره القصير قائلًا بتردد: بسال سؤال وانتي جاوبي بس على قد السؤال ولاتكثرين.
نظرت له بفضول مُترقب.
زفر انفاسه ثم قال: خلاص انسي.
اقتربت له بقلق: سعود اسال.
حرك عينيه في ابعد نقطة منها قائلًا بتردد متوتر: تعرفين اثير بنت خالد ال زايد.
التزمت الصمت وعينيها تدور في ملامحه تبحث عن تكمله لسؤال، دفعها بتوتر: خلاص خلاص انسي اللي سمعتي واطلعي.
توقفت ونظرت لملامحه المتوترة.. قالت بشك مخفي: ايه اعرفها وش فيها.
مرر اصبعه على حاجبه الايمن: وش مدى معرفتك فيها؟
اخفت ابتسامتها وقد لاحظت اهتمام اخاها الغريب في تلك الفتاة المدعوة اثير: اشوفها في المناسبات الكبيرة اللي تجمع عائلاتنا بس مابينا معرفه شخصية.
وهمست بخبث: لكن اذا تبي اعرفها اكثر ابشر..
دفعها حتى تخرج وتحرك الى دورة مياة غرفته هاربًا: لاتفهمين غلط..
صرخت حتى يسمعها ببتسامة: ابشر ابشر مافهمنا غلط.
اخفت ابتسامتها الخبيثة عندما لاحظت والدتها لازالت تجلس على الاريكة الجانبيه للممر تنتظرها: اموره تمام يمه.
توقفت والدتها مُقتربه بقلق: صدق.
ابتسمت: والله بخير وشكلنا بندور له عروس.
قالت والدتها بتردد مُتجاهله ماقالت: ماقال لك شيء يخصك؟
حركت راسها بنفي: لا مثل؟
بللت شفتيها والدتها ثم تركتها: لا بس اسال.
حركت شفتيها بامتعاض ثم تنهدت.
مرت على باب حُجرة ماجد وابتسمت بتلقائية سعيدة على عودة ابرار.
.
.
___
زفرت وتين انفاسها المتوترة ثم طرقت على عمها باب مكتبة.. ادارت مقبض الباب عندما أذن لها بالدخول.
تهلل وجهه بابتسامة وهو يراها: هلا والله ببنيتي اللي ماعاد شفناها.
ابتسمت بخجل وقبلت له انفه وجبينه ثم انحنت على ظهر كفه: كيف صحتك ياعمي؟
هز راسه ببتسامة: الحمدلله انتي كيف صحتك؟
ونظر الى بطنها: وكيف حبيب جده.
احمرت وجنتيها وقالت بخفوت: بخير.
اخفى ضحكته ثم اشار لها: اجلسي.
جلست حيث اشار واعادت خصلات شعرها القصير خلف اذنيها.. بللت شفتيها بتوتر ثم التزمت الصمت.
انزل نظارته الطبية على سقف انفه ونظر لها بعد ان لاحظ حركتها الكثيرة وترددها الواضح: امري.
ارتفعت انفاسها المتوترة وقالت بخفوت خجول: احمد كلمني عشان اروح معه وانا وافقت.
قال وهو يعيد نظره الى الاوراق امامه مُصطنع عدم المُبالاة حتى لا تشعر بالتوتر: كلمني احمد امس وقال لي ووافقت.
ورفع نظره له وقال بعد ثواني صمت: احمد ما مثله اثنين يا وتين والرجال شاريك
واضاف: ولما رفضك ماكان رافض الزواج منك لكن كان رافض فكرة الزواج.
وابتسم مُكملًا: من يومه احمد وهو يبيك ولو ماكان يبيك كان والله مايعرفك و ماخليتك تروحين الا لمساعد.
تسارعت نبضاتها وهزت راسها بخجل.
خرجت بعدما انتهت من الحديث مع عمها.. صعدت الى غرفة التوأمتان وطرقت الباب..
عادت للخلف على فتح اسير للباب بدفاشة:هلا هلا باللي منورنا.
وفتحت الباب على اتساعه: ادخلي.
بحثت وتين بعينيها عن اثير: وين اثير؟
اشارت اسير لدورة المياة: داخل تتسبح.
ابتسمت وتين وجلست على الاريكة.. قالت اسير بعد ان جلست على طرف سرير اثير: وش الاخبار الحلوة اللي وصلت لنا.
نظرت لها وتين بتساؤل.. غمزت اسير بعينيها اليمنى قائلة: بتروحين مع احمد اليوم.
توردت وجنتيها بخجل: بسم الله امداه يجيك الخبر.
قالت اسير بضحكة صغيرة: لاتنسين احمد اخونا.
ثم نظرت الى بطنها: متى بيشرف حبيب عمته؟
ابتسمت وتين ونظرت لبطنها البارز: نمشي في الشهر الرابع.
ابتسمت اسير بفضول: ماعرفتي وش جنسه؟
حركت راسها برفض: لا.
امالت شفتيها باستغراب: يا برودك وليش؟
نظرت وتين الى باب دورة المياة الذي انفتح وخرجت من خلفه اثير: قلت اعرف انا واحمد مع بعض.
صفرت اسير : الله يالرومانسية.
التقطت اثير فرشة الشعر من اعلى طاولة التزيين وقالت بسخرية: يكفي ماعلمته انها حامل تبينها تخبي عنه جنس البيبي وقتها ماراح يسامحها احمد.
نظرت اسير لها وقالت بضيق: اثير!!
قالت وتين بهدوء: خليها تقول اللي بقلبها.
أعطتهما ظهرها وبدت تسرح شعرها.. نظرت لوتين من خلال المراة امامها عندما قالت: قولي اللي عندك.
زفرت اثير انفاسها وانزلت فرشة الشعر ثم استدارت لهما: انتي يا وتين قولي اللي عندك.
جمعت وتين اصابعها العشر لبعضها قائلة بنبرة متوترة: ادري اني اغلطت كثير..
قاطعتها اثير بهدوء: اغلطتي بحق احمد كثير ولا حنا امورنا بسيطة.
تغيرت ملامح اسير من اسلوب تؤمتها: اثير وش فيك؟
قالت اثير بصدق بعد ان اقتربت لهما: دامك بترجعين لاحمد حاولي تعرفينه اكثر وتفهمينه ولا تتسرعين عشان ما تخسرينه وقتها صدق.
ابتسمت وتين ابتسامة صغيرة: ابشري غيره شيء؟
حركت اثير راسها بنفي.
نظرت لها وتين: وانتي زعلانة مني؟
ابتسمت اثير واقتربت حتى جلست جانبها: لا بس ممكن ماعاد تخبين عنا اشياء ثانية لاننا بنات عمك ولا من الحين مشغله وضعية اخوات الزوج؟
انزلت وتين نظرها وقالت بتوتر خجول: كنت ادور الوقت المناسب عشان اقول بالذات اني حملت وانا رافضه احمد.
ضحكت اثير: في هذي صدقتي ممكن نعرف متى ووين وكيف؟
توردت وجنتين وتين، وصرخت اسير في اختها حتى تنهرها: يا عيبك استحي.
مالت اثير الى وتين ناطقه بخبث: ادعي الله تكون اسير سلفتك ماتلقين مثلها صدقيني.
سحبت اسير الوسادة الصغيرة وقذفتها ناحيتها حتى تصمت: اثير.
قالت اثير مصطنعه القلق: انتبهي انتبهي على كرشك يا وتين لا تضربه الخبلة.
وضعت اسير ساق فوق ساق وقالت بهدوء وعينيها على اظافر كفها الايمن: ولاتنسين تدعين تكون اثير زوجة ولد ال عايد.
وضغطت على الاحرف: خاصة سعود بن سعد ال عايد.
تلونت ملامح اثير وانتصبت واقفه انقضت على اسير وهي تُغلق ثغرها بارتباك: وش تخربطين فيه.
ابتسمت اسير بخبث: احلفي ان كلامي خرابيط.
دفعتها اثير مصطنعه الجديه: ماراح احلف على شيء تافه.
قالت وتين ببتسامة صغيرة حتى تستكشف اسرار ابنتيّ عمها: اسير ومن زمان كاشفتها لكن اثير وولد ال عايد ذي من وين طلعت؟
نظرت لها اثير بملامح متوتره: وانتي صدقتيها؟
هزت وتين رأسها بنفي: ماكنت بصدقها لو ماشفت الاسم المكتوب على البدلة العسكرية اللي كانت معك.
بررت اثير الامر بتلعثم: تعرفين السالفة اللي تفشل يوم كذبت عليهم وقلت انا وتين.
قاطعتها اسير: كل ذي نعرفها نبي الاهم والاهم
وضغطت على الاحرف ببطئ: س..ع..ود
ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغر اثير ثم اخفتها قائلة بهدوء ونبضات قلبها تتسارع: صراحة كان جنتل مان واعطاني عشان اغطي نفسي من المطر.
صفرت اسير باعجاب: جنتل مان مره وحدة والله طايحه كلك عنده وهو مادرى عن هواء دارك.
بدت اثير تسرد لهما ماحدث معها بخجل.
قالت وتين ببتسامة: والله صدق طلع جنتل مان على قولتك.
امالت اسير شفتيها ببتسامة خبيثه: وانتي كيف عرفتي بيتهم عشان ترسلين له بدلته ليكون تراقبينه؟
حكت جبينها بتوتر: مو لدرجة ذي بس كلمت احمد وقلت ابي موقع بيتهم لان اخته لها معي شيء قديم ولا اعرف رقمها وابي اوصله لها.
حركت اسير شفتيها مصطنعه الحزن: الله يعين قلبك يا اوخيتي بينك وبين سعود ذا مثل المشرق والمغرب.
رفعت اثير حاجبها بكذب: اولًا انا مافكر فيه ثانيًا ماشاءالله انتي وعبدالرحمن وش اللي بينكم؟
واضافت بمكر: عاد لو يخطبني صدقيني بوافق.
صرخت اسير وهي تقف وكانها ملدوغه: وقتها قبرك اقرب لك منه.
مسكت وتين بطنها بضحكة صاخبة: يامجنونة هذي اختك.
قالت اثير بعد ان خرجت من موجة الضحك: الا وتين يبي لك سمكرة من فوق لتحت ما نسمح لك تروحين لاخونا وانتي كذا شيفه.
نظرت وتين لشكلها ثم قالت: ليه وش فيه شكلي.
ابتسمت اسير متحمسة للفكرة: قولي وش اللي مافيه شكلك.
.
.
____
فتحت عينيها بتعب ثم اغلقتها وهي تشعر بالجسد الدافئ الذي احتضنها وهمس في اذنها بانفاس حارة:اريان كل شيء بخير نامي.
عادت الى النوم بارهاق وصداع بعد بكاء طويل.. بعد وقت عادت تفتحها نظرت للمكان المظلم حولها بدت تلمس السرير الفارغ الا منها تخبطت برعب حتى ضغطت زر الابجورة الجانبي..عم النور الحجرة السوداء المظلمة.. انتفضت بهلع ولا يوجد فيها غيرها توقفت وبحثت بنظرها عنه فتحت الباب بخوف وانفاسها تتسارع.. بدت تبحث وجسدها يتعرق خوفًا وقلقًا وذعرًا.. كانت خالية الا منها مسكت قلبها بوجع وصدرها بدا ينقبض.. شعرت بامر مريب يحدث.. تحركت للباب بخطوات متعثرة على صوت الجرس الذي ارتفع في شقة انس.. فتحت الباب هاتفه بنبرة باكية مليئة بالذعر: انـ..
اختفى صوتها وعادت خطوة للخلف وعينيها تتسع من الواقف امامها..
...
قبل ساعات ماضية..
صرخ زياد في اسامة عندما اختفت ابنته من امامه في السيارة المغادرة: اسامة هذا قاتل ابوك.
حرك ابراهيم اصبعه على الزناد ناويًا قتله.. لكن صرخت اسامة ورصاصته كانت اسرع:موت يا*****
دخلت رصاصة اسامة في حنجرة ابراهيم وخرجت من قفا رقبته ..انبثق دمه بشكل مرعب وكانه خروف تم نحره.. بدأوا رجال الشرطة يطلقون عليه عندما اطلق رصاصة في نقطة عمياء في الهواء ثم خر ميتًا.
بردت اطراف طيف وانقبض قلبها من المنظر المرعب والوحشي الذي حدث لوالدها من رجال الشرطة.. رمت السترة عنها وتحركت تصرخ بعد ان استوعبت مايحدث: لا لا خلاص بتذبحونه حرام عليكم.
واقتحمت المكان وهي تقف فوق والدها وتحاول ان تحميه من اي طلقة اخرى قد تخترق جسده الهامد في بركة حمراء كبيرة: لا لا خلاص لا توجعون ابوي حرام عليكم.
انصعق زياد عندما راها وصرخ في ايوب بغضب: هذي ليه هنا؟
قال حارث بتلعثم متألم : عيت تروح.
تعلقت عينان اسامة في عيناها الزرقاوان المحمرة المليئة بالدموع وقد خطت وجنتيها وشعر بالاسف والضيق عليها.
حركت راسها بجنون صارخ غير مصدق، اقترب زياد لها حتى يُهديها لتخرج من صدمتها: تعالي معنا.
بدت تصرخ على الجميع حتى يعودوا للخلف: لاحد يقرب
وسحبت السلاح من والدها بحركة صدمة الواقفين وصوبته ناحيتهم بكف مرتجفة: كيف تسمون انفسكم شرطة وانتم مثله.
رفع احد الرجال سلاحه ناحيتها.
اشار له زياد بتوتر: نزل مسدسك.
قال احد الرجال خائفًا من تهورها: بتذبحنا.
همس اسامة بملامح شاحبة وقد وصل صوته لاذن زياد: السلاح يمكن مافيه رصاص او رصاصة وحدة انا بتقدم واللي يصير يصير.
قاطعه زياد بغضب وهو يفتح يده امامه حتى لايعبر: خلك وراي اذا بيصير شيء يصير لي.
حركت طيف السلاح الى اسامة ونظرت لعينيه تحديدًا.
تصلب جسده وقد رأى الالم فيها بعد ان التحمت عينيه في عينيها.
قالت بشفتين مرتجفة وانفها عاد يسيل دماءًا: ابوي قتل ابوك وانت قتلت ابوي.
قال زياد بخفوت: اسامة اوزن كلامك البنت ماهيب في وعيها لا تستفزها.
حرك اسامة شفتيه بصمت حتى تقرا مايقول من خلالها: بس ابوي بريئ ولا قتل احد.
اتسعت بؤبؤتيها واسود وجهها وقد فهمت رسالته..ارتجف اصبعها في فتحة الزناد ونظرها للان مصوب فيه.. ثم حركته فجاة وهي تعكسه اتجاه جسدها وتنظر لفوهته.. ارتفع صوت زياد بجزع رافضًا فعلتها بقتل نفسها: انتبهي انتبهي لا تخسرين دنياك واخرتك.
انطلق اسامة راكضًا ناحيتها حتى يردع جنونها.. لكن تباطأ عندما راها ترمي السلاح بعيدًا وتنحني لجسد والدها الغارق في بركة دمائه ثم حملت رأسه وبكت بنحيب عالي..
رفع اسامة رأسه للاعلى نافثًا الراحة.
قال زياد مخاطبًا ايوب: نادي الدكتور يشوفها.
هز ايوب رأسه وتحرك الى سيارة الاسعاف الموجودة في الموقع.
اقترب زياد الى اسامة واشار الى عضده النازف: روح شوف جرحك.
ابعد اسامة نظره من طيف ونظر الى ذراعه الايسر: جرح سطحي مادخلت.
ضغط زياد على ذراعه حتى صرخ بالم: حتى لو جرح سطحي لا يتلوث.
ثم نظر الى ملامح اسامة مُضيفًا: ارتحت يوم خذيت حق ابوك؟.
حرك اسامة نظره الى طيف: وش بيصير لها؟
عقد زياد حاجبيه: شكلك مهتم فيها؟
توتر اسامة وقال هاربًا: بروح اشوف جرحي بدا يوجعني.
اخفى زياد ضحكته قائلًا: ايه روح روح.
عندما ابتعد اشار الى حارث وقال بخفوت عندما اقترب له: بنت ابراهيم بتكون معلوماتها من ذي اللحظة سرية وخاصه من اسامة.
نظر حارث الى اسامة الواقف ينظر جهة طيف بقلق واهتمام واضح على محياه: وليه؟
قال زياد بهدوء قبل ان يغادر: حاجة في نفس يعقوب.
..
عادت اريان للخلف غير مصدقه وقوفه امامها بخير.
توتر زياد وكان اخر من يتوقع ان يراه هي.. قال بتلعثم وهو يبعد عينيه عنها وينظر للواقف يمينًا ولا يظهر لها: ماقلت لي.
قال بنبره متعبة مبحوحة: نسويها مفاجاة.
تحركت اريان بخطوات واسعة ثم اختفت خلف احد الابواب.
تنهد زياد بإزدراء: مهب كذا يا انس ولا هو وقته.
تجاوزه انس ودخل الى شقته قائلًا ببتسامة: دق الحديد وهو حامي.
نظر زياد الى ساعته: عندي اموري مستعجله..
انزل انس الكيس الذي ابتاعه قبل دقائق على الطاولة وقال وهو يخلع معطفه الشتوي الازرق الداكن: اعجل من بنتك؟
تردد زياد ثم قال بعد ان جلس على الاريكة بضيق: شافت التحليل؟ تدري اني ابوها؟ ولا تبي تصدمها؟
نظر له انس كاتمًا ابتسامته: وش رايك اجيبها وتسالها.
حرك زياد راسه برفض: لا تجبرها.
ابتسم انس واستدار الى الحجرة.. لكن توقف على نبرة زياد المصدومة وهو يجيب على هاتفه: كيف هرب؟
صرخ في الطرف الاخر بغضب: عمموا عنه واحرسوا بنته.
ثم اغلق شاتمًا بكلمات كثيرة..
قال انس بتوجس قلق: وش فيه ومن الهارب؟
توقف زياد بانفاس غاضبة وقد مسك جبينه: منيف يقولون هرب من المستشفى.
تغيرت ملامح انس : وكيف ووينكم عنه؟
حرك راسه بضيق ثم سار الى الباب، توقف على استفهام انس: واريان؟
قال وهو لازال يعطيه قفاه: يجيب الله الوقت المناسب.
قال انس بتردد هادئ: واذا مافيه وقت؟
نظر له زياد بتنهيدة عميقه: عاد الشكوى لله.
ثم غادر بخطوات واسعة تاركًا انس ينظر للباب الذي اغلقه خلفه.. تنهد بتعب، ولف برأسه للباب الذي انفتح.. كانت قد ارتدت عبائتها ولفت طرحتها على راسها وخرجت بخطى متوترة..بحثت بعينيها خلفه: وين راح؟
ادخل يديه في جيوب بنطاله الاسود وقال: راح.
عقدت حاجبيها: راح؟
واشارت لنفسها بصدمة: ما جاء عشاني؟
ثم قالت مضيفه بشك متوتر: يعني مايعرف اني بنته؟
ابتسم: وش رايك نساله؟
قالت مُحركه راسها برفض: لا لا.
قال بعد تامل صغير لملامحها: يعرف انك بنته.
ابتلعت غصتها..
واضاف وهو يقف امامها: منيف يقولون هرب من المستشفى وراح.
ثم مسك كتفها وضغط عليه حتى يمد لها القوة ناطقًا بنبرة حانية: انا بس كنت ابيك تشوفين انه بخير وترتاحين.
ابعدت رأسها عنه حتى لا يلاحظ دموعها التي امتلئت في عينيها وقالت لتغير الحديث: منيف هو ابو ابرار؟
هز رأسه: ايه.
ثم انحنى لها، حرك ذقنها بكفه ونظر لعينيها: ممكن العيون ذي ما تبعدينها عنا.
عادت خطوة للخلف بخجل ووجنتيها تشتعل.. وقالت بارتباك متلعثم: رجعني لبيتنا.
ضحك وقال من بين ضحكته وهو يعود لطاولة: هذا بيتنا.
تجمدت ملامحها وتسارعت انفاسها: بيتك لحالك.
قاطعها جالسًا على الاريكة: تعالي افطري
ثم بدا يفتح الكيس ويستخرج مايحتويه بتركيز.
قالت برفض: ماراح افطر وبترجعني ولا ارجع بنفسي.
نظر لها ببتسامة: افطري ثم ابشري.
قالت رافعه حاجبها بسخرية: شكلك مروق روقنا معك.
اجابها غامزًا: وليش ما اكون مروق وانتي قدامي وفي شقتي والبارح في حضني.
تلونت ملامحها وقالت بتلعثم وذكرى ليلة البارح تعود لها وبكائها المحرج: ممكن تنسى اللي صار امس.
اعاد ظهره للخلف واعتدل قائلًا ببتسامة مائلة اظهرت غمازته:راح انسى الا لما عييتي تنامين الا..
واشار الى صدره.
اضطرب داخلها وعادت بخطوات سريعة للحجرة .. ثم خرجت بنفس سرعتها وهي تحمل نقابها وتربطه بعجل ناطقه بتوتر: اقول رجعني.
قوس شفتيه بابتسامة: ترى ماراح اكلك.
شحبت قائلة: وليش احد قال بتاكلني.
اشار لها ضاحكًا: شوفي شكلك وكيف ترجفين.
نظرت لساقها اليمنى التي تهتز ثم همت بالمغادرة: انا بوصل نفسي..
قاطعها ببتسامة وهو يقف: دامك مستعجله مانقول لا.
ثم اعاد الافطار داخل الكيس مُضيفًا بخبث وعينيه على مايفعل: اذا سالوك اهلك وينك البارح وش بتقولين؟
تسارع نبضها وقالت مُتكتفه حتى تخفي توترها: بقول الصدق.
اقترب لها ومد كيس الافطار هامسًا:حلو يعني بتقولين كنت في شقتي وفي...
التقطت الكيس منه وقاطعته قائلة بغضب: وانا مجنونة عشان اقول كذا.
ابتسم: زوجه عند زوجها..
اختفت من امامه..
تنهد بضيق ..ثم اخذ معطفه وبدا يتبعها، قال بهدوء: راح اسافر.
تباطأت خطواتها ونظرت له بصمت عندما اصبح يسير جوارها.
قال من جديد بشيء من التفكير: اهلي مايعرفون ولا ابيهم يعرفون.
قبضت على اكمام عبائتها السوداء: وليش؟
قال: يكفي مرض ابوي والظروف اللي مرينا فيها مابي ازيد عليهم.
قالت بتردد وضيق اطبق على صدرها: ومتى بتسافر؟
ضغط زر المصعد: بعد ملكة شادن.
نظرت له باستغراب: بتتزوج شادن؟
امال شفتيه بإزدراء ساخر وباب المصعد ينفتح: وتدرين من العريس؟
حركت راسها بنفي.
ابتسم ابتسامة صغيرة وهو يدخل المصعد: اخوك.
نظرت له بطرف عين: ماعرفتك وانت تمزح.
ابتسم: وانتِ شايفتني امزح؟
ثم اضاف: شكلك ماتعرفين ان لك اخو من زياد.
التزمت الصمت.. ثم قالت بتردد عندما انفتح باب المصعد في الطابق الارضي وخرجا منه: كم عنده عيال؟
قال: ماعنده الا ولد.
واكمل بنفس النبرة الهادئة: وتعرفين منهو؟
حركت راسها بنفي متوتر: ولا ابي اعرف.
رفع حاجبه الايمن: لكن انتي تعرفينه.
توقفت قدميها.
توقف ونظر لها: ذاك اللي كنت رابط في بيتنا القديم واسمه جابر.
ارتفعت انفاسها وقالت بشك: وشادن موافقه عليه؟
ابتسم: وكلنا موافقين.
ابعدت عينيها عنه وهناك الكثير يدور في عقلها.
رفع يده مُشيرًا لاحد ما: وهذا هو اخوك.
انقبض قلبها ونظرت له بغضب هامس: مين قال ابي اشوفه؟
ضحك قائلًا: حلو انك بديتي تعترفين فيهم اهل.
ثم اشار بعينيه هامسًا: لكن مع الاسف مهوب هو.
نظرت بتلقائية ووقعت عينيها في راكان القادم يمشي اليهما.. عضت شفتها والتزمت الصمت على وقوف راكان امامهما.. بدا يتحدث مع انس احاديث متفرقة وفهمت من بينها ان المدعو ابراهيم قد مات..
سارت تتبع راكان عندما اشار لها.. استدارت تنظر الى انس الذي لازال يقف في مكانه وينظر لهما..
ابعدت نظرها عنه مُتنهدًا بخفوت.. اكثر ما يرعبها ان تتعلق فيه ثم يختفي من حياتها ..وقد ذهب عن بالها انها تعلقت فيه حتى النخاع..سارعت المشي حتى تجاري اخاها بالسير..
قالت بعد ان جلست في السيارة جواره: وليش توك تجي؟
ابتسم راكان وحرك السيارة قائلًا:توني طلعت من الدوام.
ثم نظر لها مُضيفًا: وانا احسب امورك بتتعدل معه.
قالت بتوتر: انتبه لطريق.
رفع حاجبه بخبث: ترى مارحنا بعيد نرجع له.
التزمت الصمت و تكتفت.
قال: قلت لهم ان زوجة ماجد تعبانة و اصريتي تجلسين عندها.
نظرت له: وليش كذبت عليهم؟
رفع حاجبه: وانتي معجبك يعرفون اللي صاير.
تنهدت هاتفه: اعوذ بالله مابي اقنط بس ليش يصير لي كذا.
نظر لها: احمدي ربك على الاقل انتي احسن منهم وحده ابوها قتلوه قدامها وشكلها انجنت والثانية ابوها هارب واكيد مصيره الموت.
همست بضيق: الحمدلله.
.
.
___
استيقظت ابرار بتعب ..تاملت ملامحه القريبة منها.. تنهدت بضيق ثم حركت اصبعها السبابة على رمش عينه اليمنى بخفة..سحبت يدها، واغمضت عينيها بسرعة لكن فتحتها على همسه في اذنها: ادري انك صاحيه.
فتحت عينيها وقالت بتوتر: وانت يعني صاحي؟
ابتسم واقترب لها قائلًا بخبث: كيف انام وانتي بجنبي؟ماني مصدق عيوني احس انه حلم.
ابتسمت ثم اختفت ابتسامتها قائلة: وش صار على طيف؟
اقترب لها اكثر حتى قبل زاوية ثغرها: وش رايك ننشغل في انفسنا ونخلي طيف.
اخفت خجلها وهي تبعده بضيق: روح اسال اخوك.
رفع نظره الى ساعة الحائط وقال: يمكن مارجع.
جلست بقلق: طيب اتصل عليه.
غادر السرير ثم اتجه ناحيه الحمام بقت عينيها تتبعه حتى غادر خارج الجناح بملامح مبلله.
تنهدت بضيق عندما تاخر بالعودة وكل الامور السلبية اتت لذهنها، انتفض قلبها متذكره والدها.
نظرت للباب على دخول ماجد من جديد وقد كسا وجهه السواد.. توقفت بهلع: طيف بخير؟
اقترب لها ونظر الى ملامحها التي اصبحت قريبه له بشك: كنت تعرفين ان ابوك بيهرب؟
تجمدت عينيها في عينيه الناعسة وقالت بانفاس مضطربة: ابوي هرب؟
مسك كتفيها وهزها بقوة هاتفًا بغضب: انت ساعدتي ابوك يهرب؟
حركت راسها يمينًا ويسارًا وامتلئت عينيها قائله: لا.
صرخ فيها: بس كنت تدرين انه بيهرب.
واشار لها بغير تصديق وهو يمسك راسه: وهذا يعني انك ساعدتيه.
تساقطت دموعها مُحركه راسها برفض: لا ما ساعدته والله ما ساعدته
صرخ فيها بكلمات كثيرة ولم تعد تفهم شيئًا.. ثم غادر صافعاً الباب خلفه وقد سمعت صوت قفل الباب هل ستصبح سجينة بدل والدها؟
لف ماجد على سعود الواقف ينتظره امام الباب.
اشار له ماجد بحزم: ماراح تدخل مركز شرطة ولا تفكر تناقشني.
سعود اقترب ونطق بخفوت: كذا انت تعيق الشرطة..
قاطعه ماجد بغضب: لو انتم حريصين زي الناس كان ماهرب..
بتر حديثه على صراخ والده فيه وخلفه تسير والدته بملامح باكية: واذا كانها تساعد ابوها وانت جايبها وسط بيتي.
تجمدت ملامحه من حديث والده وقال من بين اسنانه بحدة: واذا ساعدته؟ بالنهاية ابوها.
شهقت والدته وضربت صدرها.
واشارت لسعود برجفة: اربطه اربطه ولا سو له شيء.
اخرج ماجد مفتاح حجرته من جيبه باصابع مرتجفة من شدة غضبه وفتح الباب واختفى داخله بعد ان ضربه بقوة امامهم..
صرخت ام ماجد في زوجها: انت السبب اللي خليته يتزوجها
واكملت من بين بكائها: طلقها منه
نظر لها بحدة: يامره لا اسمع صوتك ودامه مهتويها مالي كلمه عليه.
ونظر الى سعود: بلغ الشرطة على اخوك وانه يمنعك.
تحركت ام ماجد ومسكت ذراع سعود ببكاء: تبيهم يسجنون اخوك وتفضحنا.
زمجر فيها زوجها: وانتي ماهمك الا ذا.
..
انتفضت ابرار بعد ان فتح الباب عليها وملامحه لا تسر الناظرين وقد التقطت بعض ماكان يقولون.. اشار الى عباءتها المعلقة على الشماعة بملامح مكفهرة: البسيها سريع.
قالت بخوف: وين بتوديني؟
صرخ فيها: قلت البسيها وامشي دام النفس للحين طيبة.
حركت رأسها برجفة: ماراح اتحرك لين افهم وقلت لك انا ماهربت ابوي كيف اهربه وانا معك هنا.
اقترب الى عباءتها سحبها والقاها عليها راصًا على اسنانه: تحركي يا ابرار ولا ترفعين ضغطي كثر ماهو مرتفع.
بدت ترتدي العباءة السوداء بعجل هاتفه ببكاء: والله ما ساعدته .
قاطعها مُغلقًا عينيه حتى يسيطر على غضبه: اذا ماطلعنا راح يجون الشرطة وعاد وقتها ماندري وش يصير
قالت بشفتين مرتجفة: بس انا ماسويت شيء.
اشرع عينيه ونظر لها قائلًا: ادري ماسويتي شيء ويلا.
وشدها من رسغها بعنف.. فتح الباب.. ابعد سعود نظره وهو يستدير برأسه بعد ان خرج ماجد وخلفه زوجته بدون غطاء وجه..
قال ابو ماجد باستغراب: وين بتروح؟
ماجد ترك الجميع خلفه بصمت وهو يقفز عتبات السلالم.
صرخت ام ماجد برجفة: الحق اخوك قلت لكم مسحور مسحور
نظر لها ابو ماجد بعينان مشتعله ثم تركها.
في اخر الممر كانت تقف نورة وتنظر لهم بذعر.
.
.
___
كان زياد يسير ايابًا وذهابًا وعقله يكاد ان يجن بعد ماعلم انه تم تهريبه من احد الدكاترة.. كيف استطاع تجاوز رجال الشرطة!!
نظر الى حارث الذي قال بعد ان انزل هاتفه من اذنه: ماجد اخذ زوجته واختفى.
لكم الجدار بقبضته وانفاسه ترتفع صارخًا: الله **** ذا المخلوق وزوجته خلهم يموتون.
ثم نظر الى الداخل باهتمام: هاه وش قالت الدكتورة؟
قال الشرطي: وافقت.
اقترب حارث له: وهي وش دخلها مايكفيها اللي صار لابوها وشافته.
سحب زياد كراسة الرسم الخاصة بطيف ورفعها امام وجهه: البنت راسمة اكثر من عشرين وجه وفيهم منيف ومسعود وحتى اسعد واغلب اللي كانوا في المجلس يعني تعرف كثير.
واضاف بعد صمت: ولازم نطلعها من المستشفى اذا قدروا يهربون منيف ماندري وش يسوون معها.
.
.
__
في المكتب البعيد كان اسامة ينظر بذهول الى الكُراسة التي وجدها احد الرجال في الشقة واعطاه اياها قائلًا بنبرة مازحة: نسيت ألبوم صورك.
تغيرت ملامحه مع كل صفحة يقلبها كانت ملامحه وبعضها تعود لسنين قديمة...تجمد نظره على رسمه كان فيها يستلقي على سرير ابيض وكانت مبهمة يبدوا انها لم تكملها.. اخفى الكُراسة بسرعة في احد الادراج على دخول احد الرجال.. اقترب له قائلاً بخفوت: سمعتك اليوم تدور عن بنت ابراهيم.
واقترب هامسًا بخبث: سمعت ان الفريق زياد والفريق حارث بيروحون لها.
اخرج الكُراسة من الدرج وتحرك بخطوات عجله..
قال الواقف خلفه بإزدراء : مافيه شكرًا؟
.
.
___
قال زياد بهدوء لطبيبة الواقفة: ممكن تخلينا معها.
نظرت الطبيبة الى طيف.
هزت طيف رأسها لها.
خرجت الطبيبة.
نظر زياد الى ملامحها الشاحبة وكانت تلف رأسها ورقبتها بحجاب عنابي اللون: احسن الله عزاك.
نظرت له بعينان غائرتان.. وحركت شفتيها بشيء لم يسمعه.
قال لها زياد بتردد: بندفنه العصر اذا تبين تصلين..
قاطعته بكلمات مرتجفة: ابي اسافر لخوالي.
نظر لها زياد بصمت ثم هز رأسه لها بموافقة.
وقال بعد صمت: خوالك اللي في روسيا؟
حركت راسها له بنعم.
اطبق شفتيه بموافقة.. ثم افرجها قائلًا: بس الحين مايمديك تسافرين الامر خطر لين تنتهي القضية وابشري.
حركت نظرها الى حارث الصامت ثم اعادتها اليه.. الان فقد لاحظت مايحمل في كفه الايمن تغيرت ملامحها وتكهرب جسدها..
رفعه زياد ثم قال بعد ان لاحظها تنظر الى مايحمل: هذا يخصك؟
التحمت عينيه في عيناها.. وقالت بنبرة مرتجفة ثقيلة: فيه دفتر ثاني وينه؟
نظر زياد الى حارث: فيه ثاني؟
قال حارث باستغراب له: مالقوا الا ذا.
قبضت على غطاء السرير الابيض.. وقالت بنبرة متوترة: مهوب مهم.
واشارت للذي يحمل: هذا مهم.
وداخلها يدعوا ان لا يقع في ايديهم وان يكون اختفى من الوجود.
قال زياد بتوجس وعينيه تراقب ردة فعلها: منيف تم تهريبه.
تجمدت عينيها فيه..
اضاف: كنا نحسبه بين الحياة والموت طلع يمثل علينا وكان يساعده دكتور ماقدرنا نعرف منهو.
قالت بهدوء صدمة: ويمكن دكاترة مب دكتور واحد.
رفع حاجبيه: تعرفين شيء مانعرفه؟
اشارت للملف بنبرة مُتعبة حاولت ان تكون واضحة له حتى يفهم ماتقول:كل المرسومين في الملف تعامل معهم ابوي وقدرت ارسمهم الا واحد.
تجمد نظر زياد فيها وهتف حارث بفضول: منهو؟
رفعت كتفيها بصدق: ماكان يظهر لكن سمعت صوته اكثر من مره.
قال حارث بغضب: وحنا وش نبي بصوته؟
نظرت له بضيق من نبرته الحادة: ماكان يتواصل مع ابوي الا بصوته لكن كان رجل مهم ويهتم في منيف.
قال زياد بهدوء رافعًا احد حاجبيه بتفكير: اللي فهمناه من ماجد انك انتي وزوجته كنتم تبون تمسكون ابوك وتساعدونا لكن ليش ما بلغتونا عشان نقدر نساعدكم؟
قالت طيف بعد صمت: كنت ابي اروح لابوي في مكانه اللي كان متخبي فيه ووقتها ابلغكم ومنها عندي امل يكون مع الشخص هذا.
نظر لها بشك: كنتِ تعرفين بخطط ابوك لتهريب منيف لكذا قابلتي بنته في المستشفى؟
حركت راسها بتعب: تقابلنا صدفة
واضافت: انا جيت للمستشفى ابحث عن خيط يدلني على ابوي او المجهول معه.
اقترب خطوة لها: وليش في المستشفى؟
نظرت له: لان يشتغل في المستشفى
انصعق زياد وقال بتلعثم: يعني هو اللي هرب منيف؟
هزت راسها بثقة: مافيه غيره
واضافت بتردد: اللي اعرفه انه يشتغل في وزارة الصحة.
نظر زياد وحارث الى بعضهما بصدمة وتحرك زياد بخطوات سريعة للباب.. لكن توقف ونظر لها بشك: لو جبنا اصوات كل اللي في الصحة بتقدرين تميزينه؟
قالت له ببتسامة: اذا كان صوته اللي يتعامل فيه مع ابوي نفسه بقدر اميزه.
قال ببتسامة صغيرة وهو يرفع كفه ويقبضها باشارة القوة: انت بنت قوية يا طيف وماراح ننسى مساعدتك لشرطة.
ابتسمت ابتسامة صغيرة ممُتنه فهذا ماتحتاجه.
اشفق عليها ونظر الى ملامحها الذابلة ثم هتف بنبرة حانية: المستشفى صار خطير عليك اذا كان اللي تقولين انه يشتغل في الصحة ،ودي نطلعك لمكان امن.
قالت بنبرة ضائقة مكتومة: ابي اسافر لخوالي.
قال حارث برفض: السفر صعب الحين عليك.
حرك رأسه زياد تاكيدًا لما قال حارث: ايه لكن وعد انا اللي اسفرك بنفسي اذا زانت الامور وقدرنا نمسك منيف واللي معه.
ابتسمت له بلطف.
انشرح قلب زياد من ابتسامتها ثم قال: ماودك تكونين ضيفة في بيتي هذه الفترة؟
نظر له حارث برفض حازم: لا وين بيتك معروف وبيكون اول مكان يشكون فيه.
واضاف بتفكير صغير: تكون في بيتي.
ابتسم له زياد: لو اهلك في البيت كان بقول ايه لكن اذكر انهم مسافرين.
واشار لحارث: خلك هنا راح اشوف حل
خرج زياد على استفهامها لحارث: كيف ابرار؟
تغيرت ملامح زياد وعينيه تقع في اسامة الواقف جانب الباب..اغلق الباب بتوتر .. سحبه خلفه حتى اصبحا في نقطة بعيدة قليلًا: انت وش جايبك؟
ابتسم اسامة مصطنعًا الغباء: جاي ادورك.
اقترب زياد له قائلًا بخفوت: تدورني؟
ابتسم اسامة واشار الى عضده: تعرف مصاب وجاي اغير..
قاطعه زياد : عذر غير ايدك لان مافيها الا العافيه.
نظر اسامة الى ملامح زياد الغاضبة: خلاص دامك كاشفني وعارف وش ابي خلني اشوفها.
مسكه زياد من ياقة ثوبه وسحبه حتى قربه لوجهه: وش تبي فيها؟
قوس اسامة شفتيه ببتسامة صغيرة هامسًا: شيء بيني وبينها سري سري.
رفع زياد حاجبيه بسخرية:بينك وبينها؟
هز اسامة رأسه ورفع ملف بنفسجي اللون: هذا لها وابي اوصله.
حدق زياد في الملف فحاول اختطافه من كفه لكن اخفاه اسامة خلف ظهر ببتسامة واسعة: لا لا انا اللي بوصله.
أضاق زياد عينيه بغضب: وتحسب البنت تبي تشوفك؟..
قاطعه اسامة: وليش ماتبي تشوفني وش سويت؟
دفعه زياد: لا شكلك ناسي ابوها وانها شافتك ترميه.
توتر اسامة من هذه الحقيقة وهذا ما يخافه: طيف عاقلة..
قاطعه زياد بهدوء: حتى لو عاقلة لاتنسى انك بتبقى في نظرها قاتل ابوها.
وانزل نظره للملف: الملف يمكن فيه شيء يهمنا عطني اشوف.
بلل شفتيه بعناد رافض: مافيه شيء يهمك ارتاح.
تكتف زياد امامه: وايش الثقة؟
سكت اسامة مُبعدًا عينيه عنه.
اشار زياد لاحد رجال الشرطة القريبين منه الذين يملون الممر للحراسة بتنبيه: هذا لا يدخل عليها.
واضاف مُحذرًا: وعينكم عليها ولا يدخل دكتور الا معه اثنين منكم..
قاطعه اسامة هامسًا في اذنه بمكر: سمعت انك تدور لها مكان تخبيها فيه وش رايك في بيتي؟
ابعد زياد رأسه ونظر لعينيه يبحث عن مزحة من نوع ثقيل لكن انصدم من جديته: تتسمعنا؟..
قاطعه مُبررًا: لا سمعت بالغلط.
تافف زياد واشار له: رح من وجهي يا اسامة.
همس اسامة: طيب ماقلت لك وش رايك في بيتي وترى
امي موجودة وخواتي.
دفعه زياد هامسًا: اخر واحد افكر فيه هو انت..
قاطعه اسامة فاتحًا احد صفحات الملف ورفعها امام وجه زياد: لها دين في رقبتي وهذا وقته
واشار الى الرسمة: هنا رسمتني وان ابوها كان بياخذ شيء من اعضائي واكيد ساعدتني يعني لها دين علي.
حرك زياد شفتيه بامتعاض، وقد بدا يدرس فكرته ثم قال بتوجس: وش بتقول لاهلك.
حك قفا راسه: بنلقى حل.
تنهد زياد بتعب واتكأ على الجدار خلفه حتى يُريح ظهره المشدود: المشكلة الحين فيها هي بتوافق ولا.
ابتسم اسامة: مافيه شيء صعب عليك تقدر تخليها توافق.
ثم غادر بخطى واثقة تاركًا عينان زياد تلحقه.. وقد بدا يقتنع بحديثه فهو بات يشك حتى في من حوله ولن يجد مثل اسامة لحراستها.
رفع هاتفه على اتصال ايوب: هلا يا ايوب.
قال ايوب بانفاس سريعة: ابشرك لقينا سيارة ماجد طالعة من الرياض.
قال زياد بتافف مُتعب فهذا ماينقصه: لاتخليني انشغل في ذا
ثم اضاف بتفكير سريع: ولا اقول لك ماراح احد يحميها مثله واسال مجرب.
.
.
___
نظر لها بغضب: ابرار اسكتي.
انفجرت ابرار ببكاء شديد: انت وين موديني؟ انا ماسويت شيء.
قاطعها وهو يكتم غضبه وعينيه على الطريق: ادري ماسويتي شيء.
لف بمقود سيارته حتى يدخل الى محطة فرعية في هذا الطريق السريع: بننزل نصلي الظهر.
واشار لها بتحذير: من السيارة للمسجد والعكس.
نظرت له بخوف: ماجد هذا اسمه اختطاف.
انفجر بضحكة صاخبة واخر ماكان يتوقع ان يضحك بين كل هذا: حلوة بس لا تعيدينها.
ثم اوقف السيارة امام المكان المخصص لنساء: يلا عندك عشر دقائق.
نظرت له بعينان محمرة منتفخة: خايفة انزل لحالي
قاطعها فاتحًا بابه: **** الخوف وانا ولد سعد
خرج من السيارة وتحرك امامها.. اقترب له احد العاملين في المحطة: ذاك حمام الرجال.
ابتسم ماجد: المدام تخاف.
ابتعد العامل عندما لاحظ ابرار تتقدم لهما.
توقف امام الباب: حدي ينتهي هنا.
اخرج الهاتف الذي اعطاه سعود بعد ان اختفت داخل المكان المخصص لنساء.. تردد لكن فتحه ثم اتصل على سعود.. وصل له صوت سعود القلق..ابتسم ماجد: ايه ماجد.
قاطعه ماجد بهدوء: قلتها من اول انا واثق في ابرار
قال بعد صمت: انا طالع ابي اغير جو الرياض كتمتني.
ابتسم قائلًا: دامها معي والله مايعرف لها ظفر وسلم على زياد وقل له في الحفظ والصون.
في الخلف احتضنت عباءتها على صدرها فقد سمعت ماقال.. مسحت دمعة يتيمة تمردت على وجنتها السمراء ثم اخرى ثم امطرت عينيها.
.
.
___
مسك منيف جرح صدره وجلس على الاريكة التي اشار له الرجال الاسود عليها بتعب وانفاس مضطربة: ومتى سيدك بيجي؟
ابتسم الرجل: سيدي مهوب هنا.
اطبق منيف شفتيه بملامح متألمه ونظره يدور في الغرفة الواسعة.. ثم اعادها للاسود الواقف: ومتى بيرجع؟
رفع الرجال كتفيه: مدري.
شرد في ماسمعه فجرًا عن مقتل ابراهيم ال فرحان والخوف الذي انتباه وقتها.. لكن الفرج اتاه بعد ان تم تهريبه من سيد هذا الاسود والذي يعلم انه صديق لابراهيم.. تنهد بتعب وضيق، هل جميع ماخطط له مع ابن فرحان ذهب هباءًا منثورا.. وبسبب ابنته..
اعتراه الخوف وذهنه يذهب الى ابرار ارتسمت على شفتيه ابتسامة صغيرة فا ابنته لم تكن خائنة مثل تلك الجاحدة.. بعد ساعتان من النوم على السرير الوفير في هذه الغرفة الواسعة براحة ونعيم لم يحظى به منذ وقت طويل.. انتصب جالسًا بهلع على حنحنت الرجل الاسود الذي نطق بنبرة خشنة غليظة: السيد وصل.
تحرك نظر منيف الى الباب عندما فتُح.. اتسعت عينيه ذهولًا.. وقال بتلعثم مرعوب والعرق بدا يتكون على جلد جبينه: انـ....ت!!.
.
.
__
..نهاية البارت السادس والستون..
.
.
عزيزتي لاتنسى اصبعكِ الجميلة ضغط زر التصويت(⭐️) تقديرًا لتعبي..
حسابي بالانستقرام @novel_6ea3
ملاحظة صغيرة: يتم تنزيل البارت في الأنستقرام أولًا عند الانتهاء منه هُناك يتم تنزيله هنا

الله اكبر، لا اله الا الله، سبحان الله، الحمدلله، استغفرالله.
اللَّهُمَّ أنتَ رَبيِّ لا إله إلا أنتَ ، خَلَقتنَيِ وأنا عَبدُكَ ، وأنا على عَهدِكَ ووعدِكَ ما استَطَعتُ ، أعوذُ بكَ من شر ما صَنَعتُ ، أبوءُ لكَ بنعمَتِكَ علَيَّ ، وأبوءُ بذَنبِي فاغْفِرْ لي فَإنَّهُ لا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إلا أنتَ .

رواية جفَاف ورْدة بيضاء في رُكن الذَكريات.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن