البارت الأول

8.2K 260 20
                                    


فى إحدى الشوارع الصغيرة التي تُدعى (الحوارى) في القاهرة، وفي أحد العمارات المتلاصقة تقبع شقة متوسطة الحجم راقية من الداخل بها أثاث متوسط السعر ولكنه راقي وجميل.

"فاطمة انتِ لبستى؟؟"

نطقت بها سيدة خمسينية يبدو على ملامحها التعب والارهاق والتقدم فى العمر ومرض ما يجعلها ضعيفة.

"اه يا تيتا عاوزة حاجة يا حبيبتى؟؟"

ردت عليها تلك الفتاة العشرينة التي ترتدي لباس واسع (إدناء) من اللون الزيتي وخمار مليزى أبيض يحمل ورود بألوان تمتزج مع بعضها من درجات اللون الاخضر واللون الزيتي.

فتاة ذات ملامح جميلة وبشرة قمحية صافية كالأطفال وعيون بلون القهوة، تحاوطها رموش سوداء كثيفة وشفاه مكتنزة توجد بجوارها فى أحد الخدين غمازة صغيرة تظهر عندما تقفز منها ضحكة جميلة.

ابتسمت تلك السيدة بحب وهى تقول "حبيبتي ربنا يحفظك ويبارك فيكِ"

صمتت لحظات ثم قالت "ملامحك جميلة وبريئة زي مامتك يا فاطِمة"

ابتسمت فاطمة بسمة لطيفة تحمل بعض الحزن، فقد توفي والديها وهي في سن العاشرة جراء حادثة بالسيارة، وتركوها مع جدتها لتعتني بيها، أو بالأصح لتعتنيا ببعضعما، فجدتها ضعيفة ومريضة بالقلب ولا يجب أن تقوم بالأعمال المنزلية الشاقة.

"طب هروح أنا بقا يا تيتا علشان ماتأخرش ودكتور مالك اللي قولتلك عليه دا يطردنا تاني"

ضحكت جدتها وقالت "ماشي خدي بالك من نفسك وسلميلي على البنات"

"من عيونى يا تيتا"

قالتها وهي تقبل أعلى رأس جدتها وتأخذ المفاتيح ثم تتجه للأسفل.

"صباح الخير يا فاطمة يابنتي"

صاح بها رجل ستيني يعمل فى ورشة صغيرة أسفل بنايتهم.

ردت عليه ببسمة بشوشة وهى تسير متجهه لخارج الحارة "صباح النور يا عم صالح معلش بقا متأخرة على الجامعة"

أوقفتها سيدة فى أواخر الثلاثينات وهو تقول بلهجة سوقية"بت يا فطيمة خدى أقولك"

ضحكت فاطمة بيأس "اسمي فاطمة والله يا أم أيمن"

"يختشي فاطمة من فطيمة مش هتفرق"

ردت فاطمة بحسرة "على رأيك، ها في حاجة؟؟"

قالت أم أيمن وهي تهمس "لا كنت بس عاوزاكِ تهكريلي تلفون أم علي علشان مضيقاني وعاوزة أذلها، حاكم انا عارفاكِ شاطرة في حكاية الكومبيوتر ده يختشي"

نظرت لها فاطمة نظرة مطولة حملت معها عتاب ثم قالت "لأ يا أم أيمن أنا مش بأذي حد بالمجال اللي بدرسه، أنا دخلت الكلية دي علشان أشتغل بيها شغلانة حلوة وعلشان بحبها مش علشان أهكر تلفونات الناس وأذيهم، حرام عليكِ يا أم أيمن كدا"

عائلة آل ترك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن