'62 سَـافانا

232 16 62
                                    

يصل مالك للـمشفى مُتّجهاً لـغرفة سونا وليسَ مُهتماً لـمعرفة ما سـتقوله فـهُو لم يكن سـيأتي لو أنّ الطبيب لم يُـصر على قدومه!

وما إن فتح باب غُرفتها ودخل إليها توقّفت عيناه على تِلك المُستلقية فوق السرير وكأنّها جسد بلا روح كل ما يراه الآن إمرأة مُحطّمة تلاشت قِواها التي غادرت ما تبقى منها بـجسدٍ متعب وفارغ كَـمنزل هجروه ساكنيه!
- طلبتي رؤيتي؟!
تمتم بـهاتين الكلمتين وهُو ينظر إليها مُتلبّساً ذلِك البرود فـأٌومات لهُ بـقلّة حيلة وملامحٍ مُرهقة
- من فضلك إجلس أُريد أن أتحدث إليك وأعدك أن لا أتحدث بعدها بِـشيء
ليجلس حينها على الأريكة راخياً ظهرهُ لِلوراء ناظراً إليها مُنتظراً سماع ما سـتقوله
- ما فعلتهُ بحقك وبحق بيليـن لا يُغتفر وأنا لن أطلب العفو فـهذا جزاء أعمالي
تمتمت بـنبرة هادئة مُنكسرة وعيناها الذابلتان تنظر إليه مُكملة
- أنا أحببتُكَ حقاً وأردتُكَ زوجاً وأباً لـأطفالي إلّا أنّي لم أشعر يوماً بأنّكَ أحببتني أو حتّى تُبادلني القليل من المشاعر!..قد تكون بيليـن هِي حُبك الأول والأخير..لم يكن على أباؤُنا عقد تِلك الصفقة بـخُطبتنا كان هذا خطأ..فـأنا تعلقتُ بك وأحببتُكَ بينما أنتَ لم تراني سِوى إمرأة فِراش تُفرغ شهواتك بها فقط!
صمتت قليلاً تُحدّق بـعيناه الخاليتان من أي مشاعر يستمع لها بـبرودٍ مُوجع

- حُبي لكَ أعماني وجعلني أُصبح مُتسلطة بلا رحمة تخطيت كل خطوطك الحمراء وخُنت إسمك الذي إرتبط بإسمي!..حقدي جعلني أنامُ بـفراش رجلاً غيرك وهـا أنا أحملُ قطعة من دمه بِداخلي
زفر هواءَه مُتسائِلاً  - أَطـلبتي رُؤيتي لـتقصي علي مسلسل القذارة هذه!
إبتلعت غصة ألمها حتّى مشاعرها التي تبوح بها إليه لم يحترمها ولكنّها أكملت بعد أن نفت لهُ بـرأسها بتعب
- كـلا..فـكُل هذا أنتَ تعرفهُ جيداً ولكن أردتُكَ أن تسمعهُ مني وعلى لساني..طلب رُؤيتك لـأمر آخر الطبيب أخبرني أنّ وِلادتي سـتكون مُبكرة أي قد ألـد في شهري الثامن
- خبر جميل هذا يعني تبقى شَهران وتلحقي بـأباك
تمتم بـبرود بينما الألم ينهش أعماقها وبالكاد تستطيع كبح دموعها بمحجر عيناها
سونا - أنا أعرفُ ماهُو مصيري سـتقتلني بعد ولادتي
مالك - ليس فقط سـأقتلك!..سـتُنجبين طِفلكِ ولن تراهُ عيناكِ أبداً..هذا الطفل سـيأتي ولن تُلقي نظرة ولو لـوهلة عليه سـأحرمكِ رُؤيته مـثلما حُرمت رُؤية طفلي الذي أُجهض بسببك وبسبب عاهرك وإبن عمه
سونا - أنت تقسوا علي كثيراً مالك!
بالكاد إستطاعت نُطقها بعد معرفتها بكل ما سـيفعلهُ هذا بها حتّى دموعها تساقطت رُغماً عنها وعيناها تنظر إليه بـإنكسار

مالك - ما كانَ عليكِ اللعب من خلفي ولم يكن عليكِ غدري هكَذا!..كنتُ أستطيع تمزيقكِ وإقتلاع لعنتهُ هذه من أحشائِك وأُلحقكِ بـأباك إلّا أنّي رأفتُ بـطفلك الذي سـيتجرع الويلات مُستقبلاً من خلفكُما
تبكي بصمت وألم وهُو لم يرأف بها أكمل مُتوعداً
- أعدكِ أنّهُ سـيلعن من أنجبتهُ في كل ليلة..إبن شامل فـماذا سـيكون سِوى لعنة كـأبيه!
أرادت قدومه من أجل أن تُوصيه على طفلها إلّا أنّهُ سبقها وأخبرها بما سـيفعلهُ به
سونا - أرجوك مالك لا تفعل ذلِك أرجوووك!..لا تُلقي بهِ وسط هذهِ المدينة لـوحده..ما ذنبه!!!؟
مالك - أنتُما والداه هذا ذنبه!
أجابها بـبرود ناهضاً من فوق تِلك الأريكة لـيُغادر إلّا أنّ صوتُها الباكي أوقفهُ مُستمعاً لها ولـتوسلاتِها ترجوه
- هو لم يختار أن نكون والداه أرجوووك أتوسلُ إليك لا تتركوهُ وحيداً..إفعل ما تُريده بي عذبني مزقني أُقتلني ولكن لا تجعلوه يظنُ بأنّني ألقيتُ به وذهبت لا تجعلهُ يكرهني مالك اتوسلُ إليكَ سـأُقبّل قدماك لا تنتقم منّا بـهذا الطفل
كان صوتُها وقعهُ مُوجع أشاح عيناه عنها وهُو يراها تتوسلهُ هكَذا لـأجل طِفلها ولكنّهُ داس على قلبه الذي يكادُ يرأف بحالها رادفاً
- لا أُريد رُؤيتكِ سِوى بعد أن تلدي حتّى أُرسلكِ لـأباكِ فـيبدوا أنّكُما إشتقتُما لِبعضكُما
سونا - مالك أرجـ.....!!
مالك - إيّاكِ أن تطلبي رُؤيتي مرةً أخرى
حذّرها بقسوة وغادر الغُرفة مُتجاهلاً بُكاؤُها وتوسلاتُها إليه بينما أسرعن مُمرضتان إليها ومُحاولة تهدأتها بـإبرة مُسكّنة لـتنام

سَـتبقين لي | You will keep me 'حيث تعيش القصص. اكتشف الآن