لا تنس ذكر الله
°×°×°×°×°×°
- رُوث تبدين أكبر مني في العمر!
دائمًا ما تكون هذه الجملة أول ما تنطق به هيلدا كارفورد كلما عادت إلى المنزل، وحتى الآن ما تزال رُوث لا تعرف إن كانت أمها تقصد ذلك أم أنها تمازحها.
أغلقت رُوث باب المنزل بهدوء والتفتت حيث استقرت والدتها قرب طاولة الطعام وهي تخلع قبعتها وقفازيها وتفك وثاق حزام ثوبها، وإن استطاعت لكانت خلعت الثوب لتفك المشد الذي لابد يخنقها لكنها اكتفت بذلك وهي تجلس مطلقه نفسًا مرتاحًا ثم نظرت من حولها تتفحص المكان.
ثوبها جديد هذه المرة، رأت رُوث مثله خلف نوافذ العرض في المحلات الغالية وسط المدينة، وقد بدا جميلًا على والدتها التي كانت رغم تجاوزها للأربعين ما تزال تحتفظ بجمال من دخلت الثلاثين للتو. ربما لذلك تميل رُوث لتصديق جملتها الإفتتاحية.
علقت هيلدا بنبرة منخفضة نسبيًا عن ما تتحدث به عادة: " لماذا أنت مستيقظة؟ ظننت أنني سأوقظ الحي بأكمله حتى يفتح أحدكم لي الباب."
توجهت رُوث ناحية براد الشاي الموضوع جانبًا وملأته بالماء من برميل المياه العذبة وهي ترد: " لقد جافاني النوم."
" هذا ليس صحيًا عزيزتي، ستتجعد بشرتك وتظهر هالات تحت عينيك إن تابعت السهر هكذا. "
لائمة قالت فردت رُوث بعد أن وضعت البراد في الحامل فوق النار ثم انحنت لتأخذ بعض الحطب لتزيد شعلتها:
" الأمر ليس بيدي."استقامت متجهه إلى أحد الأدراج ثم أخرجت علبة خزفيه وصحنًا صغيرًا وضعت عليه بعض البسكويت، ثم أخذت من فوق سطح الأدراج الخشبية خبزًا مغطى بقطعة قماش بإحكام، وتحت ناظري والدتها قطعت رُوث شريحتين منه وأضافت من الجبن ثم وضعت كل ذلك أمام أمها.
أخذت البراد الذي غلى ماؤه ثم صبت منه على أوراق الشاي في كوب كبير وضعته رفقة بقية الوجبة لتقول هيلدا وهي تستنشق رائحة الشاي العذبة:
" ما كان عليك التعب، كان بإمكاني الإفطار مع الأطفال عندما يستيقظون."
جلست رُوث مقابلة لها وقالت: " ما يزال هناك بعض الوقت حتى يستيقظوا ولابد أنك جائعة بسبب طول الطريق."
لم تحتج رُوث للتبرير فأمها التهمت ما أمامها بشهيه من لم يأكل منذ يوم كامل، ولابد أنها كذلك فهيلدا تتبع حمية قاسية لتحافظ على تناسق جسدها، أمر لم تفهمه رُوث ولا حتى أغنيس فبالنسبة لهما الطعام هو اللذة الوحيدة التي تقدمها الحياة والتي يمكنهما توفيرها... لكن ربما لم يشكل الطعام نفس الأهمية لوالدتهما.
" كيف الجميع؟ مما أراه يبدو أننا قد تجاوزنا الشتاء دون خسائر فلا مظاهر للحداد على المنزل."

أنت تقرأ
حياة رُوث كارفورد البائسة
Historical Fiction- مُكتملة - × رُوث، وإخوتها الستة وضيف جديد أُقحِم في حياتهم. اعتادت رُوث على تحمل مسؤولية بيتهم واخوتها الستة، فوالدها دائم السفر ووالدتها بعيدة في عملها، لتكون هي الأم والأب والحامية لبيتهم، في حين وجدت أغنيس الخادمة في قصر أحد النبلاء نفسها في م...