٢٣

841 116 58
                                    

كان الوقت قد تجاوز الظهر عندما وصلت رُوث لحيها. خطواتها ثقيلة، وملامحها باهته، ورغبتها في إغماض عينيها والنوم لأيام كانت قوية.

لقد تركت توماس مع أمه، لم يبكي ولم يطلب منها البقاء معه، لم يفعل ذلك فهو ظن أنها ذاهبة للعمل وستعود لاحقًا كما تفعل دائمًا.

ظل يلعب برفقه أمه وخاله الذين رحبا به ببهجة وتعاملا معه كأنه أمير من بلد عريق. اندمج توماس معهما على غير عادته مع الغرباء من الكبار لدرجة أنه نسي تواجد رُوث ولم ينظر تجاهها لوقت طال وجعلها تعلم أن اللحظة حانت لترحل.

رحلت رُوث وتركت ورائها جزاءً من نفسها مع توماس، جزءًا سينساه بسرعة ويرميه جانبًا كما قالت أغنيس، ورغم كون ذلك يقتل رُوث إلا أنها ذكرّت نفسها أن لا حق لها لكي تتذمر. هي ليست أمه.

الكثير حدث خلال ساعات أيامها الماضية هذه وجميعها كانت أحداثًا أحدثت ضررًا عميقًا في دواخلها، ولم تجد حتى الآن وقتًا كافيًا لكي تجلس مع نفسها وتستوعب هذه التغيرات الكثيرة وما أحدثته في نفسها.

ومع كل خطوة تُقرِبُها من البيت كانت تعلم أن حصولها على هذا الوقت الثمين لن يكون قريبًا، فإن كانت قصتها مع توماس قد انتهت فما يزال عليها التعامل مع شقيقها رِييد الذي لا بد أنه ينتظرها الآن.

وكما توقعت تمامًا كان رِييد في البيت، وكان غاضبًا حانقًا وفاقدًا لأعصابه.

بالنسبة لآيرس وآلڨن كانت هذه أول مرة يقابلان فيها هذا الأخ الذي كانا يسمعان عنه لسنوات، ولم يكن لقاؤهم سعيدًا.

فتحت آيرس له الباب لإنشغال أمها بتحميم آلڨن وخروج أغنيس لشراء بعض مكونات الطعام. حدقت بهذا الرجل الذي بادلها باستغراب ثم سألها: " من أنتِ؟"

ردت آيرس وهي ما تزال تمسك بمقبض الباب كأنها تخشى دخول هذا الرجل الغريب عنوة: " أنا آيرس، من أنت وماذا تريد؟"

تغيرت ملامح رِييد وقد تعرّف عليها أو على هذا الاسم الذي قرأه من قبل كثيرًا في رسائل أمه له، لكنه لم ينتبه لحقيقة كونها كبرت لهذه الدرجة. قال لها:

" مرحبًا آيرس، أنا اسمي رِييد... هل تعرفين أحدًا بهذا الاسم؟"

" رِييد؟" كررت بحاجبين متقاربين لينفرجا بسرعة وهي تجيب: " لدي أخ اسمه رِييد!"

ابتسم وقال: " أنا هو هذا الأخ "

شهقت آيرس وتركت الباب ثم سرعان ما دخلت إلى البيت وهي تصرخ ملء حنجرتها: " أمي لقد عاد رِييد!! "

قهقه رِييد لتصرفها ثم دخل بخطوات مترددة لهذا البيت الذي نبذه لسنين طويله، دخل بحذائه الجلدي النظيف وبذلته البنية المتأنقه، قبعة أمسك بها بيد والأخرى اختبأت داخل جيب معطفه الوثير. لم يكن مظهره يلائم هذا البيت المتواضع، وفكر وهو يلقي نظرة عليه أنه لم يتغير أبدًا عما يذكره.

حياة رُوث كارفورد البائسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن