وعندما استيقظت رُوث في الصباح التالي وجدت نفسها ترغب في العودة لبيتها.. ذلك الكوخ البهي الصغير وحديقته الأمامية المزدانة بالورود والأزهار.
أمرٌ لم تتوقع أن يحدث لها بهذه السرعة فطوال حياتها كانت هذه الغرفة الضيقة والسرير الخشبي المتهالك، الخزانات الصغيرة وحاملة الثياب المعوجة، كانت هذه غرفتها ومكان راحتها وحافظة أسرارها.
كان استيقاظها على منظر نوم أخواتها قربها ما يرسم ابتسامة راحة على وجهها، لكن الآن لم تعد هناك سوى أغنيس والتي سترحل هي أيضًا لتصير هذه الغرفة خالية عن من شغلوها لوقتٍ طويل.
ارتدت رُوث ثيابها بحذر حتى لا توقظ أغنيس التي نامت متأخرة بعد سهرها مع فورد وميلر، وعندما خرجت وجدت أمامها الممر الضيق المعتاد والذي قطعته كل يوم مئات المرات، غرفة إخوانها على الجهة المقابلة كانت مغتظة على غير المعتاد.
استلقى ميلر وهال سويًا كما اعتادا أما رِييد الذي أصبح يحب قضاء مزيد من الوقت في المنزل فلقد استلقى على الأرض في مرتبة قديمة كانت تخصه في السابق لكنه لم يمانع النوم عليها رغم حالتها الرثه.
وفي نهاية الممر تواجدت غرفة والديها والتي صارت رسميًا غرفة أمها هيلدا وآيرس التي أصبحت تحب مرافقة والدتها في كل مكان، كأنها تريد شخصًا ليحل محل صغير البيت آلڨن لديها.
سمعت رُوث صوت حركة طفيف داخل الغرفة فعلمت أن والدتها تستعد هي الأخرى ليوم جديد.
نزلت رُوث درجات السلم بهدوء ثم ألقت نظرة على البهو والمطبخ وطاولة الطعام الكبيرة، ذكرى عشاء الليلة السابقة المميز تعود لها لترسم ابتسامة دافئة على وجهها، هذا المكان شهد العديد من الأيام الحلوة والمُره لعائلتهم.
لم تعد رُوث تستطيع إحصاء أو تذكر عدد المرات التي قامت فيها بتضميد جراح إخوانها الصغار وهي جالسة على ذلك المقعد أمام الموقد، وكم وجبة أعدت على ناره التي أدفئتهم خلال أيام وشهور فصول الشتاء الطويلة.
أما هذه الطاولة العتيقة فهي شاهدة على تذبذب حال البيت من فقر وغنى، فتارة يوضع عليها ما لذ وطاب من خبز وأجبان وحليب ولحم أحمر وأبيض وخضروات، وتارة أخرى لا يوضع عليها إلا قليل من خبز يابس والرخيص من الأسماك والخضروات.
توجهت رُوث إلى الموقد لتضع على الحامل الحديدي برّاد الشاي وتبدأ في تجهيز وجبة إفطار كانت ثرية تعكس الحال المريحة التي تمر بالعائلة هذه الأيام.
نزلت هيلدا لتساعدها ثم ميلر ليخرج فورًا لإحضار الماء من البئر. انضمت أغنيس لأمها وشقيقتها في المطبخ وقد بدت رغم ثوبها الأسود جميلة وهي ترتب شكلها على المرآة الصغيرة.
استيقظ رِييد على رائحة البيض المقلي ثم نزل وهو يرغب في اسكات جنون معدته، وتبعه هال ثم آيرس ليعود ميلر وتخرط الأسرة في حديث ودي.

أنت تقرأ
حياة رُوث كارفورد البائسة
Historical Fiction- مُكتملة - × رُوث، وإخوتها الستة وضيف جديد أُقحِم في حياتهم. اعتادت رُوث على تحمل مسؤولية بيتهم واخوتها الستة، فوالدها دائم السفر ووالدتها بعيدة في عملها، لتكون هي الأم والأب والحامية لبيتهم، في حين وجدت أغنيس الخادمة في قصر أحد النبلاء نفسها في م...