١

2.7K 219 154
                                    


الصباح الباكر هو أكثر وقتٍ تكرهه رُوث.
تكون رائحةُ البحر المحملة بالروائح القادمة من الحظائر المجاورة أول ما يلتقطه أنفها عندما تفتح عينيها، وهو ما يدفع بشعورها بالغثيان لأعلى معدتها.

ربما لهذا لم تكن من النوع الذي يأكل إفطارها مبكرًا وتفضل شرب كوب من الشاي مع قطعة من الخبز بعد أن تهدأ زوبعة الصباح.

ما يزال الظلام دامسًا فالشمس لم تسطع بعد، أرسلت شقوق النافذة الوحيدة في الغرفة رائحة أخرى ميزتها... الخبز إذ يبدو أنهم سيحظون أخيرًا بخبز طازج هذا الصباح مع عودة الخباز هاري للعمل بعد وفاة أصغر أبناءه قبل يومين.

تبدأ أولى مهمات رُوث اليومية بالتأكد من عدد إخوتها النائمين، بقربها في السرير ينام آلڨن صغير البيت الذي تجاوز عمره العام والنصف بقليل.

كانت ليلتها هادئة من إزعاجه المعتاد لكنه استبدل بإزعاج آيرس أصغر الفتيات والتي ورغم بلوغها عامها الخامس لكنها ما تزال توقظ روث في الليل لتذهب معها لتقضي حاجتها، وهذا حدث مرتين خلال الليلة السابقة.

آيرس هي الأخرى تنام معها في سريرها الكبير والذي لم يكن سوى قطعة مربعة من الخشب تعلو عن الأرض مع مرتبة رثه لكنها متماسكه.

حرصت رُوث على تغطيه الطفلين ثم نهضت عن السرير بحذر وهي تنزل ثوب نومها الأبيض على جسدها، تحول لونه للبيج لقدمه وقَصُر طوله حتى كاد يصل لركبتيها.

أبعدت خصل شعرها البني والمجعد عن وجهها وهي تغلق عينيها وتفتحهما لتبعد أثار النوم ولتتأكد من تعودها على الظلام، ثم حولت بصرها إلى السرير المقابل والذي تم إدخاله بصعوبة للغرفة الضيقة قبل أربعة سنوات.

هناك استلقت كِلا أغنيس وسوزي، سوزي في الثالثة عشرة تحتضن ساعد أغنيس بقوة بينما تبدو الأخيرة منزعجة في نومها بسبب تعلق أختها بها.

تعلق لا تبديه سوزي في الواقع فهي تحب أن تظهر كشخص بالغِ ومسؤول أمام الناس، في حين كانت أغنيس هي من  تمتلك هذا الجانب المسؤول والذي أعانت عبره رُوث في مسؤولياتها تجاه إخوتهم منذ صغرها.

والآن ورغم كونها قد بلغت الثامنة عشرة، العمر الذي ترغب فيه الفتيات بالتزين والتجمل ومقابلة الشبان والبحث عن زوج إلا أنها ما تزال تساند رُوث في أعمال المنزل، بالإضافة لعملها الذي تُقتسم مرتبها منه لإحتياجات المنزل والصغار. لكن هذا لم يمنعها من الإعتناء بشكلها وزينتها أيضًا فكانت أجمل بنات كارفورد.

مررت رُوث أصابعها في شعرها لتسرحه بإهمال وهي تقود طريقها بحذر بين السريرين، كورت شعرها أسفل رأسها ورتبت غرتها ثم أخذت مشدها من تحت مشد أغنيس على الطاولة الممتلئة بملابس الفتيات، لترتديه فوق قميص نومها.

اعتادت رُوث منذ أن بدأت إرتداء المشد أن ترتديه بنفسها حتى أصبحت تستطيع فعل ذلك بيد واحدة، ذلك ساعدها لكي تساعد كلا أغنيس وسوزي في نفس الوقت عندما يكن في عجله.

حياة رُوث كارفورد البائسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن