٢١

811 115 66
                                    

ذلك الصباح ساد هدوء في بهو نزل ديفونشير. حركت أغنيس الحطب في الموقد فإزدادت الشعلة قوة ثم أخذت إبريق الشاي وسكبت لنفسها كوبًا آخر. توجهت ناحية مكتب الإستقبال ووضعت الكوب جانبًا وهي تجلس لتعاود تفقد دفاتر تسجيل النزلاء.

فمنذ اسبوعين ومنذ أن علم السيد ويليام أنها تجيد القراءة والكتابة والحساب؛ قام بتعليمها أساسيات عمله في إدارة دفاتر النزل اليومية وتسجيل النزلاء وترتيب شؤون النزل الأخرى، هذا بالإضافة لعملها في غسل الثياب الذي بدأت ذروته بالإنخفاض مع دخول الخريف وإزدياد برودة الجو.

لاحظت أغنيس عبر زجاج النافذة وصول ساعي البريد لكنه لم يدخل مباشرة بل ظل واقفًا أمام الباب لبضعة لحظات في عادة يفعلها دائمًا، كان ذلك أمرًا غير مفهوم بالنسبة لها في البداية إلى أن رأته ذات مرة يرتب ملابسه ويسرح شعره قبل الدخول إليها.

فُتح الباب وظهر الفتى وابتسامة كبيرة على وجهه ورحبت به أغنيس بحياديه مُجبره جعلتها واضحة إلا أنها لم تكن كافية لتُثني الفتى عن محاولة مغازلتها.

تفادت أغنيس النظر لعينيه وهي تجيب حديثه عن الجو المتقلب بهمهمات متقطعه بينما تستلم منه البريد وتبدأ في تصنيفه على الفور...

توقفت يدها عندما وجدت رسالة موجهة إليها وقضمت شفتيها لتبعد شبح الابتسامة عنها ثم تابعت ترتيب الرسائل حتى تقوم بتوزيعهم إلى النزلاء وإلى مكتب السيد ويليام لاحقًا.

اضطرت لسماع المزيد من ثرثرة الفتى والذي صب لنفسه كوبًا من الشاي دون دعوة من أغنيس، ثم جلس قرب الموقد المشتعل وهو يتابع حديثه بشغف.

بالكاد استمعت أغنيس له فبالها كان مشغولًا بالرسالة الجديدة متلهفةً لمعرفة ما ستحتويه من أخبار وحكايا من حياة صاحبها.

كانت تستمع بنصف إنتباه لحديث ضيفها غير المرغوب فيه لكن انتباهها تحول إليه مُجبرًا عندما التقطت أذنها ما جعلها تنتبه له، لم تكن قد سمعت كل جملته لكن ما سمعته منها كان كافيًا لتفهم ما جهلته منها، قال:

"... لذلك سأنتظر ردك على مشاعري. "

رمشت أغنيس محاولة استيعاب ما يحدث أمامها، الحُمرة التي كست وجهه المجعد رغم شبابه بينت لها أن ما سمعته حقيقة وليس خيالًا صنعه عقلها... أخذت أغنيس نفسًا عميقًا...

في العادة كانت مثل هذه المواقف تمثل لها لذة وسعادة من نوع مختلف، فأن تكون مرغوبة من قِبل الجنس الآخر يُرضي غرورها الأنثوي ويجعلها تحب نفسها أكثر، لكن تغير الكثير بعد الدوق ستابليتش وتغير ما هو أكثر بعد السيد فورد.

لم تعد هذه الكلمات تُسعدها كما في الماضي عندما تسمعها من أحد معجبيها ولن تسعدها مجددًا ما لم تصدر عن السيد فورد مجددًا، هذا أمرٌ أصبحت متأكدة منه.

حياة رُوث كارفورد البائسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن