استيقظ ميلر متأخرًا، أصبح يفعل ذلك كثيرًا مؤخرًا خاصة بعد أيام السباقات التي تتبعها دائمًا حفلات تستمر لما بعد منتصف الليل وأحيانًا للصباح التالي، بسبب ذلك يطيل في النوم حتى الظهر في بعض الأحيان، أمر ظن في بداية تواجده في لندن أنه مستحيل الحدوث لكنه في النهاية وجد نفسه ينقاد وراء سير حياة المدينة الصاخب هذا.
جهز نفسه للخروج مرتديًا زيه النهاري الجديد الذي دفع به فورد لشرائه قبل أيام رغم كونه قد اشترى واحدًا بالفعل بعد أول فوز له في السباق الخيري، لكن وكما قال فورد فإنه لكي يتابع مسيرته في هذا المجال فيجب أن يكون مظهره مقبولًا دائمًا.
حدق ميلر في شكله أمام المرآة، بذلة بنية بصدرية سوداء ومعطف دافء بنفس اللون حرص على شراء اثنين مثله بأحجام أصغر لأخويه هال وآلڨن.
لن يتعرّف عليه معارفه من ديڨونشير إن رأوه فهو يبدو كشاب لندني بهي الطلة بعيدًا عن ذلك الشقاء الذي كان يحيط به في الماضي، حتى وجهه أصبح أكثر نقاءً وضياءً وصار شعره الأشقر لامعًا وصحيًا، بفعل الاستحمام المنتظم ووجبات الطعام المكتملة الكثيرة.
كل هذا جعله يتمنى فقط لو لم يكن الوحيد الذي يعيش كل هذا ولو أنه يستطيع إحضار عائلته ليعيشوا معه هذه الحياة. هذه الفكرة جعلته يتذكر كونه لم يتلق أي رسالة من أمه بعد تلك التي أخبرته فيها بقبول إقتراحه للقدوم إلى لندن ومتابعة سباقه الأخير والذي سيكون بعد يومين.
ليأخذ بسبب ذلك ورقة وقلمًا ويسطر بسرعة برقية يسأل فيها أمه إن كان كل شيء على ما يرام، وإن كانوا سيصلون للندن بعد غدٍ كما هو مخطط.
أدخل الرسالة في جيب معطفه ثم توجه إلى المطبخ حيث أصبح يتناول طعامه بعيدًا عن غرفة الطعام التي تركها بعد أن بوغت ذات صباحٍ بالسير هاملتون وأصدقائه المستيقظين للتو والذين أجبروه على أن يشرب معهم طوال اليوم رغم اتفاقه مع فورد على اللقاء، ليُضيع على نفسه ذلك.
لكن لم يكن ذلك هو سببه الوحيد لتناول طعامه في المطبخ، فهو يستغل فترات الصباح هذه حتى يستطيع قضاء وقت مع جونو التي أصبحت تعمل كمساعدة في المطبخ، تكون هذه من أسعد لحظات يومه وهو يتناول الطعام الذي أعدته جونو له بينما يتحدثان سويًا.
لكنه لم يتوقع عندما وصل إلى المطبخ أن يجد السيدة المسؤولة عنه تقف وحيدة وهي تقطع الخضار وقد بدا على وجهها حزن واضح.
بحث ميلر بعينيه حول المكان بعد أن ألقى التحية ثم سأل: " هل ذهبت جونو للسوق؟"
توقفت السيدة عن التقطيع ونظرت إليه بأعين متسعة، قالت: " ألم تخبرك؟"
بريبة أجاب: " بماذا تخبرني؟ أين هي؟"
ظلت ملامحها حزينة وهي تتنهد بينما تمسح يديها بخرقه باليه، أجابت تساؤله:

أنت تقرأ
حياة رُوث كارفورد البائسة
Historical Fiction- مُكتملة - × رُوث، وإخوتها الستة وضيف جديد أُقحِم في حياتهم. اعتادت رُوث على تحمل مسؤولية بيتهم واخوتها الستة، فوالدها دائم السفر ووالدتها بعيدة في عملها، لتكون هي الأم والأب والحامية لبيتهم، في حين وجدت أغنيس الخادمة في قصر أحد النبلاء نفسها في م...