قطعت رُوث الخيط بمقص صغير ثم وضعت الإبرة في مكانها ونهضت وهي تفرد البذلة أمام ضوء الشمس القادم عبر الشباك.
بذلة بلون أزرق بحري تلون كُماها بخطوط بيضاء وزرقاء مع أزرار ذهبية ثنائية إرتصت من الياقة البيضاء الواسعة وحتى الرُبع الأخير من البذلة، وأربعة أخرى زينت الكمين.
غمرها فخر برؤية ناتج تعبها الذي استمر لأسابيع حتى الآن. ابتعدت عن طاولة العمل تجاه حامل خشبي برأس عمودي عُلق عليه قميص أبيض ذو أكمام طويلة وبنطال بنفس اللون مع بذلة أخرى مشابهه، أضافت الأخرى إليهم وتأملت صنع يديها.
قبل ثلاثة أسابيع أخبرها ميلر بسره الكبير، كونه سيكون الفارس الذي سيقود حصان السير كاميرون خلال موسم السباقات، أمر فاجأها فهي ظنت بلا شك أنه سيقبل بعرض الدوق ستابليتش ومع ذلك قررت الوثوق به وبقراره، ليكون سببه لإخبارها قبل الأخرين هو رغبته في أن تكون هي من تخيط له زيه للسباق.
قام السير كاميرون بتسجيل اسمه كفارسه قبل بضعة أيام واستطاع بسبب ذلك الحصول على ألوان مميزة للبزة من قِبل نادي الفرسان مثلت لون السماء والبحر في مدينتهم الساحلية، لتستطيع رُوث حينها إكمال عملها وهي تخيط بزتين بتلك الألوان حتى يرتديهم ميلر للسباق.
دخلت السيدة ماريان فأشارت لها رُوث بفخر تجاه عملها وقالت: " لقد أنهيت العمل عليها سيدة ماريان"
تقدمت ماريان وتفحصت البذلة وتفاصيلها الدقيقة المتقنة لتقول وهي تومئ بفخر:
" لم أتوقع أقل من ذلك من رُوث، أحسنت عملًا"
أردفت ذلك وهي تمسح على عضدها ببهجة واضحة فهي كانت سعيدة لحصول متجرها على هذا الشرف، فهو سيؤدي لوصول ملابسها لميادين السباقات ليراها الكثير من الناس.
ساعدتها ماريان بوضع الملابس في كيس ورقي كبير ثم قامتا بترتيب المتجر مع إنتهاء اليوم ثم خرجت رُوث أولًا.
اتجهت الشمس جهة المغيب خلف الأفق وتلونت السماء بالعديد من الأطياف مع رياح بحرية باردة حركت غيومًا عالية حامت في الأفق، يوم صيفي معتدل آخر انتهى وبدأت ليلة باردة.
سارت رُوث بخطوات غير متعجلة وهي تتخذ طريقًا مختلفًا عن الذي يؤدي لمنزلها، مرت بالمتاجر التي أغلقها أصحابها وبأكشاك سوق الميناء التي ما زالت تعرض المزيد من المنتجات القادمة عبر البحر، وفي النهاية وجدت نفسها أمام مبنى البلدية.
لم تتردد وهي تدخل رغم كون المبنى كان شبه خاليًا، وذلك الموظف الذي كان يقوم بتنظيف بقايا التبغ من المكان لم يلق بالًا لها، وبخطوات مُعتادة ذهبت إلى منصة عالية وضع فيها دفتر ضخم أصفر الأوراق وبقربه قلم برشيه وحبر أُغلِق غطاؤه. صعدت درجات المنصة ثم أخذت تقرأ فيما كتب عليها.

أنت تقرأ
حياة رُوث كارفورد البائسة
أدب تاريخي- مُكتملة - × رُوث، وإخوتها الستة وضيف جديد أُقحِم في حياتهم. اعتادت رُوث على تحمل مسؤولية بيتهم واخوتها الستة، فوالدها دائم السفر ووالدتها بعيدة في عملها، لتكون هي الأم والأب والحامية لبيتهم، في حين وجدت أغنيس الخادمة في قصر أحد النبلاء نفسها في م...