بعد مرور أسبوع من حواري مع يقلب، بدأت جدران الوحدة تضيق حولي، والملل يغزو عقلي وينشر شباكه في كل زاوية من تفكيري. شعرت بحاجة ملحة للتحدث مع يقلب في زيارته القادمة، لأطلب منه أن ينقل إلى جسار رغبتي في رؤيته. كنت أحتاج إلى مساعدته للخروج من هذا الجحيم الذي أعيشه.
انتظرت يقلب في موعده المعتاد مع شروق الشمس، لكن اليوم جاء دون أي أثر له. مضى يوم وآخر، ولم يظهر كما كان يفعل. بدأت أشعر بالجوع ينهش في جسدي، والعطش يتسرب إلى عروقي، فقد كانت المياه المالحة المحيطة بي غير قابلة للشرب. خارت قواي شيئاً فشيئاً، حتى استسلمت للنوم العميق الذي استحوذ علي.
استيقظت على صوت خافت يوقظني في المساء. فتحت عيني بصعوبة، لأجد يقلب واقفًا أمامي، جسده مغطى بالجروح النازفة، وعينيه مملوءتان بالذعر، وكان يتنفس بصعوبة. شعرت بأن هناك شيئًا خطيرًا يجري، وهرعت إلى محاولة إيقاظه.
سألت بصوت مرتعش: "يقلب! ماذا حدث؟"
لكن كل ما قاله كان بعض الكلمات المبعثرة قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. همس بصوت يكاد يُسمع: "سيدي جسار مات... وجند سلبت منه العرش."
كانت كلماته كالصاعقة التي تضربني، حاولت إيقاظه، لكنه فارق الحياة واختفى جثمانه من أمامي. وقفت هناك، مرهقًا من شدة الجوع والعطش، ولم أستطع استيعاب ما جرى. كل شيء بدا كحلم غريب، حيث لم أعد أستطيع التفريق بين الواقع والخيال.
تدور الأفكار في ذهني، وصوت يقلب يتردد في أذني، ومع كل تلك الهزات في عقلي، شعرت بأنني غارق في دوامة من اليأس. تساءلت في داخلي: ما الذي سأفعله الآن؟ كم مضى منذ أن تركت كل شيء خلفي؟ هرعت إلى داخل نفسي، متجاهلاً الألم الذي يعتصرني، لكن الغموض حولي لم يفارقني.
بعد ثوانٍ من الهدوء، بدأت أستوعب ما حدث. جسار... مات. هذه الكلمة ضربتني مثل سهم حارق في صدري، لم أستطع تقبلها. بدأت الدموع تخرج من عيوني بلا توقف، وكأنها سيل جارف لا يهدأ. شعرت بالاختناق، ليس فقط من البكاء، بل من الألم الذي يمزقني من الداخل. صوت النواح خرج من أعماقي بشكل عفوي، كأن كل ما بداخلي يصرخ برفض تلك الحقيقة.
لم أكن أتحمل هذا الشعور الساحق، وجدت نفسي أضرب صدري ووجهي بعنف، كأن الألم الجسدي قد يخفف من وطأة الألم العاطفي. كانت يدي ترتجف وأنا أواصل ضرب نفسي، لكن لم يكن هناك شيء يمكنه أن يطفئ ذلك الجحيم الذي كان يحترق بداخلي. كنت أبكي وأصرخ، عاجزًا عن الهروب من الواقع المرير الذي غمرني.
تذكرت لمسته، تلك اللمسة التي كانت تبعث فيّ الطمأنينة دائمًا. كانت يده قوية ومتينة، اليد التي كنت أختبئ خلفها عندما كان الخوف يسيطر عليّ. شعرت برعشة تسري في جسدي عندما عادت إلى ذاكرتي لحظة الهروب من ملاس، كيف كنت ألجأ إليه كما يلجأ الطفل إلى حضن والده، أبحث عن الحماية. تلك اليد القوية كانت بمثابة حصني المنيع، والآن... هو لم يعد هنا.
أنت تقرأ
جسار
Romanceخوف اسمي هو خوف ....... استلقيت على السرير بهدوء بيننا اتنهد للمره العاشره من دون سبب لم اشعر برغبه بالنوم وقد كانت الساعه 12. استقمت بينما اخرج ادوات الحلاقه من درجي و اتجه الى الحمام .... حدقت في المراه بينما الاحظ ان ملامح وجهي بدات تختلف الى ان...