part 28

243 11 15
                                    

بعد أن رأى جسار عمق جروحي، شعرت بتغير في حضوره. لم يكن غضبه مجرد غضب، بل كان شيئًا أعمق وأكثر تعقيدًا. بدون أي كلمة، رفعني بعناية من مكاني، حملني بين ذراعيه القويتين، ووضعني بلطف على السرير.

بينما كنت أحاول استيعاب ما يحدث، ركع جسار بجانبي واحتضنني بحنان لم أكن أتوقعه منه. لم أفهم سبب هذا التغير المفاجئ، ولكنني شعرت بالراحة بين ذراعيه، رغم كل الخوف والألم.

بعد لحظات، بدأ جسار يفعل شيئًا غير متوقع. وضع رأسه على بطني، وأصبحت أذنه ملامسة لجلدي، وكأنه يحاول سماع شيء ما. شعرت بالارتباك والقلق يتزايدان داخلي. لم أكن أعرف ماذا يفعل أو ما الذي يحاول اكتشافه.

مع مرور الوقت، بدأ القلق يتسلل إلى داخلي. لماذا يضع جسار رأسه على بطني؟ ما الذي يحاول سماعه؟ كانت الأسئلة تدور في ذهني، لكنني لم أجرؤ على النطق بأي منها. شعرت بالدموع تملأ عيني مرة أخرى، حيث زادت حيرتي وخوفي.

جسار لم يقل شيئًا، لكن تعابير وجهه كانت مليئة بالتركيز والقلق. كان واضحًا أنه يعرف شيئًا لم أكن على علم به. كنت أشعر بالضعف تحت يده القوية، ولكنني لم أكن قادرة على فهم ما يحدث.

ثم، وبينما كان لا يزال مستلقيًا على بطني، رفع رأسه أخيرًا، وبدأ ينظر إليّ بنظرة مشحونة بالأسئلة. سألني بصوت هادئ ولكنه مليء بالغضب المكبوت:

جسار "من فعل هذا؟"

لم أستطع الرد. كان هناك شيء في عينيه، شيء لم أكن قادرة على فهمه تمامًا. لكن ما كان واضحًا هو أنه لم يكن مجرد غضب، بل كان شيئًا أعمق، وكأن هناك سرًا دفينًا لم أكن أعلم به.

بقيت في مكاني، غير قادرة على الكلام، بينما كان جسار يحاول تهدئة غضبه المتصاعد. شعرت بأن حضوره الطاغي كان يحاول أن يحميني، لكنه كان أيضًا يحمل معه مشاعر لم أفهمها تمامًا.

وفي تلك اللحظة، أدركت أن هناك شيئًا أكبر يجري. جسار كان يعرف، ولكنني لم أكن أعرف بعد. وكان ذلك الشعور يثقل كاهلي، ويزيد من قلقي وخوفي

في لحظة ضعف لا توصف، شعرت بأن كل شيء ينهار داخلي. صرخت بقوة، والبكاء كان يهز جسدي الهش.

قلت: "جسار، اقتلني! اقتلني! اقتلني!"

كنت أبكي وأرتجف بعنف، وكأن كل ذرة في جسدي تحاول الهروب من تلك اللحظة. لكن جسار، رغم كل ما يحدث، ظل ثابتًا في مكانه، ينظر إليّ بقلق عميق مخفي خلف قناع من الهدوء الظاهر.

كلما ازداد بكائي، كان جسار يراقبني بصمت، عيناه السوداوان لا تتركان وجهي، وكأنه يحاول استيعاب كل كلمة، كل شعور.

جسار حيث تعيش القصص. اكتشف الآن