غيرة

164 37 140
                                    

كانت هازال تجلس على حافة الأريكة،يدها تغطي فمها بتوتر،عينيها الخضراء تنظران إلى الباب المغلق حيث تنتظر مجيء الطبيب.

شعرت بأن الوقت لا يمر،كل ثانية تتثاقل وتزداد عبئًا على قلبها،كانت تعرف أن حالة هاكان سيئة،وأن حالته تستدعي تدخلًا عاجلًا،لكن كانت لا تزال مترددة،هل تخبر عائلته؟أم تصمت؟

فجأة،سمعته يسعل،كانت سعالته ضعيفة،كانت كافية لجعل قلبها يتسارع وكأن جرس إنذار يُقرع في أعماقها.

ركضت نحوه،انحنت بجانبه ووضعت يدها بلطف على وجهه، كانت أصابعها ترتجف من الخوف والقلق:
"هاكان! هاكان أرجوك،هل تسمعني؟"

فتح هاكان عينيه ببطء،كان يبدو متعبًا،كل طاقته قد استُنفدت،حاول أن يبتسم،لكن وجهه المتعب لم يسعفه سوى بإيماءة خفيفة.

كانت كلماته تخرج وكأنها تكلفه جهده عظيمًا:
"أنا بخير هازال لا تقلقي"

لكن هازال لم تقتنع،كانت تعرفه جيدًا،تعرف نبرته عندما يحاول إخفاء شيءٍ ما عنها،ازدادت دموعها حتى امتلأت عيناها ببحر من الحزن والخوف على حبيبها:
"كيف تقول إنك بخير وأنت في هذه الحالة؟ماذا حدث لك؟من فعل بك هذا؟"

كانت الكلمات تتطاير من بين شفتيها كطلقات نار تحاول أن تخترق جدار صمته.

حاول هاكان أن يرفع جسده ليجلس، لكنه شعر بأن كل قواه قد خانته،سقط مجددًا على الأريكة،فأنفجرت دموعها أكثر، لم تستطع أن تكتم بكاءها الذي انطلق وكأنه تعبير عن الألم الذي كان يتملك قلبها.

رأته يحاول رفع جسده،ثم يسقط،كأن الحياة تتلاشى من بين يديه،اردفت بغصة:
" لا تفعل هذا بنفسك أرجوك،لا ترهق نفسك"

كانت كلماتها تحمل كل الحب والرجاء،تتوسل إليه ليبقى،ليقاوم، ليظل معها.

كان هاكان يشعر بالحرارة تشتعل في داخله،جسده أصبح موقدًا،شعر بالدوار يسيطر عليه،لكن رغم الألم،كان كل ما يريده هو أن يطمئنها،أن يجعلها تشعر بالأمان.

هو شعور الأمان خاصتها كيف اهدر دموعها هكذا!

قال هاكان بصوت مبحوح محاولاً بث الطمأنينة بقلبها:
"هازال،ارجوك أنا هنا، لن أذهب إلى أي مكان،لا تبكي يا جميلتي"

لكنها لم تستطع السيطرة على دموعها،كانت الدموع تخرج بغزارة تلخص كل خوفها وألمها،في تلك اللحظة،اتخذت قرارًا لم تتخذه من قبل.

تسللت بهدوء إلى جانبه على الأريكة،أخذت رأسه بين يديها، ثم وضعت رأسه في حضنها،لم تكن تعرف من أين أتتها هذه الجرأة،لكنها كانت تعرف أن هذا ما يحتاجه الآن.

كانت تشعر بنبضات قلبه تتباطأ،جسده يثقل بين ذراعيها، وكأن حمل العالم كله قد وقع على كتفيها.

لعبة القدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن