الفصل الثامن عشر

12.4K 831 190
                                    

"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين "

سيبقى كسر قلبي في ذمتكم للأبد..
ف ليت الحزن لم يُخلق ولم يسكن داري..
حزينة مدني وأريافي..
وكل ليلة تشيّع جنائز سكاني..
صرتم اليوم ضربةً كسرت قلبي.
فأصبحت قلب مقطوع الشريان
فؤاد معتل فيه الأبهران
كلام يغطيه كتمان
ونار دون دخان
بركان يوشك على الغليان
سفينة شرد عنها القبطان
ثم بعد
فوالله رأيتك كطفل يبحث عن ملجأ يحتمى فيه وحين أصبحت الملجأ  لك كنت انت الزلازل الذى هدم أركاني
والآن ترحلُ بعدما استعمرتني
وتقول عذراً إنَّها الأقدارُ

ارتجفَ جسدها بانتفاضةٍ تطالعهُ مذعورة، ولم تشعر بعبراتها التي انسابت بغزارةٍ فوق وجنتيها، لتجذبَ روبها بأيدي مرتعشةٍ مع شهقاتها التي لم تقوَ على توقُّفها، ثمَّ تحرَّكت بخطواتٍ بطيئةٍ لخارجِ الغرفة، وكأنَّها تساقُ إلى غرفةِ إعدامها، دلفت غرفتهما، وأغلقت البابَ خلفها بهدوء، ومازال جسدها يرتعشُ كالتي أصابها حمَّى، خطت تستندُ على الأشياءِ التي تقابلها حتى وصلت إلى فراشها، وتمدَّدت تحتضنُ نفسها كالجنينِ في محاولةٍ لكتمِ شهقاتها ولكنَّها فشلت، إلى أن اعتدلت جالسةً تضعُ كفَّها على صدرها محاولةً أخذ أنفاسها..
عند إلياس بعد خروجها، جذبَ مفاتيحهِ مع جاكيتهِ واتَّجهَ مغادرًا للخارج، قاد السيارةَ ذاهبًا إلى منزله..دلفَ للداخلِ يلقي أشيائه، ثمَّ جلسَ على الأريكةِ يحتوي رأسهِ بين راحتيه..
قاطعهُ رنينَ هاتفه:
-إلياس إنتَ فين؟!.
أشعلَ سيجارتهِ يستمعُ إلى حديثه:
-أنا في البيت فيه حاجة ولَّا إيه؟.

كان يقودُ السيارةَ عائدًا إلى منزله، فأردف:
-عندك وقت، عايزك في موضوع مهمّ..نفثَ تبغهِ وأجابهُ بشرود:
-وأنا كمان عايزك، تعالَ على بيتي، فيه موضوع مهمّ محتاجك فيه..
-تمام عشر دقايق وأكون عندك.
بعدَ فترةٍ وصلَ إليه، دلفَ للداخل:
-مساء الورد ياجدع، فينك بقالك فترة مش ظاهر؟..
أشارَ إليهِ بالجلوسِ وتحدَّثَ بتهكُّم:
-مش عيب تستصغر عقلي ياحضرةِ الظابط..
مطَّ شفتيهِ يهزُّ رأسهِ مبتسمًا:
-هعمل مصدَّقك ومحاولتش تدوَّر عليَّا، ثمَّ عقَّبَ على حديثه:
-كنت في إجازة حبيت أبعد شوية عن دوشةِ الشغل..
-تبعد ودوشة شغل ياإلياس وهمَّا هنا هيتجنِّنوا عليك.
مسحَ على وجههِ بعنفٍ ثمَّ تنهَّدَ متسائلًا:
-تشرب قهوة ولا هترغي؟..
أومأ دون حديث، نهضَ إلياس إلى ماكينةِ القهوة، ليعدَّ قهوتهما قائلًا:
-مفيش حدِّ هنا، مااتصلتش بالخدامة، استحمل قهوتي واشربها بدون تريقة..
توقَّفَ أرسلان يتحرَّكُ بالمنزل، طافت عيناهُ على بعضِ الأركان:
-هوَّ إنتَ مش مستقرّ هنا ولَّا إيه، استدارَ إليهِ وهو يحملُ فنجانينِ من القهوة، ثمَّ اقتربَ منهُ مجيبًا:
-باجي هنا تلات أيام، وعند با..توقَّفَ عن نُطقها ثمَّ حاولَ تغييرَ الحديثِ قائلًا:
-كنت بتقول عايزني، في حاجة ولَّا إيه؟..
-المهندس يزن السوهاجي اللي ساعدنا في دخول شركات العمري..
ارتشفَ بعضًا من القهوةِ يستمعُ إليه باهتمام، إلى أن استطردَ أرسلان قائلًا:
-المهندس دا حاطينه في لستةِ الناس اللي عايزين يصفُّوها، فبقول لو قرَّبت منُّه وحاولت تشوفله شغل بعيد عن شركةِ العمري يكون أحسن.
دقَّقَ النظرَ إليهِ متسائلًا:
-مش فاهم، وليه عايزين يموِّتوه، وإنتَ تعرفه منين علشان خايف عليه؟..
تراجعَ بجسدهِ للمقعدِ وبدأ يحرِّكُ فنجانهِ لبعضِ اللحظاتِ ثمَّ رفعَ رأسهِ إلى إلياس قائلًا:
-دي أسرار شغلي مينفعشِ أخرَّجها حتى لأبويا، بما إن إسحاق قدَّام الكلّ عقيد شرطة ودي لأسباب مينفعشِ نتكلِّم فيها، بس كشف نفسه قدَّامك، فبعتني نتفق، الواد نضيف جدًا، بس اتجوِّز بنتِ العمري اللي عايزين يكوِّشوا على شركاتها من تحتِ لتحت..

شظايا قلوب محترقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن