الفصل السابع والعشرون

7.2K 793 160
                                    

"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك "

حين يُحبُّ الرجلَ بصدق، كأنَّما تُخلقُ له عشرَ عيون، يُصبحُ قلبهِ نهرًا جارفًا من المشاعرِ التي لا تعرفُ حدودًا.،وإذا حاولَ كتمَ هذه المشاعر، يتحوَّلُ جنونها إلى صراعٍ داخلي، كمن يسقي شجرةً ذابلةً في صحراءٍ لا تعرفُ المطرَ يُصارع الفراغ، يبحثُ عن نظرة، همسة، أو حتى شعورًا عابرًا يؤكِّدُ وجودهِ في عالمِ من أحب، لكنَّهُ أحيانًا يعودُ خاسرًا، وقد يكونُ تأخَّرَ كثيرًا.

إنَّ الحبَّ الصادق لايجب أن ينتهي بسببِ لحظةِ ضعفٍ أو سوءَ فهم، والأصعب من ذلك أن يستمرَّ الفراقَ لأنَّ كلَّ طرفٍ يختبئُ خلفَ كبريائه، ينتظرُ الآخرَ ليخطو الخطوةً الأولى، وكأنَّ الحبَّ الذي كان يومًا ملاذًا للأرواحِ أصبح سجنًا تصنعهُ حواجزَ الصمتِ والندم.

فصعبٌ أن تقولَ وداعًا للحب، وأن تجمعَ ما تبقَّى من شظايا قلبك، والأصعبُ أن يختفي الحبُّ فجأة، دون كلمةِ وداع، دون تفسير، وكأنَّكَ استيقظتَ من حلمٍ جميلٍ لتجدَ نفسكَ في ظلامِ الوحدة.. تبقى الذكرياتُ تلاحقك، تتشبَّثُ بك، تتحوَّلُ إلى أشباحٍ تجوبُ لياليكَ بلا رحمة.

هكذا هو الحبُّ أحيانًا؛ نعمة حين يجمعُ الأرواح، ولعنة حين يتركها تائهةً في دروبِ الحنينِ والألم.

وصلَ إلى المشفى وصعدَ إلى غرفتهِ بخطواتٍ تحملُ من الغضبِ ما يكفي لإشعالِ المكان..عند البابِ كانت رانيا تنتظره، وما إن وقعَ نظرها عليه حتى تراجعت منكمشةً كأنَّما رأت شبحًا مخيفًا..
دفعَ البابَ بعنف، ليهتزَّ المكانُ ويستفيقَ راجح مفزوعًا من نومه، صاحَ إلياس بصوتٍ حاد:

"الراجل دا..خلِّيهم ينزِّلوه تحت"

قبلَ أن يُتمَّ المسعفُ ما طُلبَ منه، صاحت رانيا بفزع:

"لاااا"

التفتَ إليها إلياس بعينينٍ تقدحان شررًا كأنَّهما لهبُ جهنم، وصرخَ بصوتٍ كالصاعقة:

"مستعدّ النهاردة أرتكب جريمة، امشي غوري من قدامي بدل ما أنوِّمك مكانه"

قطعَ صوتهِ رنينَ هاتفه، فأخذَ بضعَ خطواتٍ للخلفِ وأجابَ باقتضاب:

"أيوة؟"

"حبيبي، إنتَ فين؟..ميرال مشيت وسابت كلِّ حاجة..حتى عربيتها"

ارتفعَ صوتها وهي تلهثُ كعدَّاءٍ أنهكتهُ الأميال، لكن إلياس تمتمَ ببرودٍ أشبهُ بالجليد:

"براحتها"

صاحت فريدة بغضبٍ مختلطٍ بالدهشة:

"إلياس! إنتَ بتقول إيه؟!عايز مراتك تسيب البيت؟!"

ردَّ بلا مبالاة وهو ينهي المكالمة بحدَّة:

"أنا عندي شغل دلوقتي"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 21 hours ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

شظايا قلوب محترقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن