الفصل الثامن والعشرون

20.5K 1K 129
                                    

"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك"

وعدتكِ أن أبقى بعيدًا
فغلبني الحنين، واقتربت.
وعدتكِ أن أطفئ قلبي
فاشتعلت بين ضلوعي ناركِ، واحترقت.

وعدت نفسي بألا أهواكِ،
فتاهت مني الطرقات... وضللت.
وقلت بأنني أقوى من عينيكِ،
فإذا بي أمامهما طفلٌ، استسلمت.

خططتُ مرارًا أن أهرب منكِ،
وحين خطوتُ... نحوكِ عُدت.
أحاول إخماد صوتكِ في داخلي،
فإذا بنبضكِ يصدحُ في أعماقي، واستحكمت.

كيف لوعودٍ أن تقف أمام طوفانٍ؟
كيف لي أن أهرب منكِ... وأنتِ بداخلي سكنت؟
أنا، الذي حسبت نفسي سيدَ الحب،
وقفتُ أمامكِ، فانحنيت، وهُزمت.

ضحكتُ من غبائي حين ظننتُ...
أن أُسكت ناركِ بالوعد،
أن أقيد الريح، أن أوقف المد.

قبل عدة أسابيع قبل ذهاب إلياس إلى راجح

بمنزلِ آدم، صمتٌ دامَ للحظاتٍ وكأنَّ الصدمةَ سيطرت على الأجواء،حينما أنهت إيلين حديثها عن فريدة الذي جعل زين يهوى على المقعد ويغرق في الماضي، أيُعقلُ مايسمعه..
ذَهَب تفكيرهِ بحديثِ راجح، وشعرَ بتوقُّفِ عقلهِ يحاولُ فكَّ خيوطَ الحيرة التي ألقاهُ بها راجح...قطعَ آدم الصمتَ بصوتٍ هادئ، لكنَّهُ يحملُ شكوكًا دفينة:
"بس ده مش دليل قوي إنَّها هيَّ... ممكن يكون مجرَّد تشابه في الأسماء"

نظرت إليهِ إيلين بعينينِ تحملانِ مزيجًا من القلقِ والتردُّد، ثمَّ قالت ببطءٍ وكأنَّها تحاولُ إقناعه:
"يمكن...بس يا آدم، كلِّ حاجة بتقول إنَّها هي..عمُّو راجح، وقصة خطف أولادها ورجوعهم؟ الموضوع مش صدفة، أنا متأكدة"

تابع زين حديثهما بصمت، لكن عقلهِ كان يغرقُ في تساؤلاتٍ لا تنتهي، رفعَ رأسهِ فجأةً وتساءل:
"طيِّب، هوَّ راجح خرج من المستشفى؟"

اقتربَ آدم منهُ وجلسَ بجواره، وعيناهُ تلوحُ بالحيرة، فأردف:
"كنت عنده امبارح، والدكتور قال إنُّه لسه محتاج راحة يومين بس بصراحة، مش عارف إيه اللي حصل يخلِّي ضهره يتعَب كده!.."

نهضَ من مكانهِ ببطء، وبدأ يتجوَّلُ في الغرفةِ كأنَّهُ يبحثُ عن شيءٍ، خرجَ صوته وكأنَّهُ يتحدَّثُ مع نفسه:
"راجح كان معانا في ألمانيا...حصلت خناقة كبيرة بينه وبين جوز رحيل، وبعدها فجأة قرَّر يرجع على مصر..الغريب إنِّ رانيا نزلت وراه بأيام، قعدت يومين ورجعت، تفتكر ده كلُّه له علاقة بفريدة؟"

تردَّدَ آدم للحظة، وكأنَّ عقله توقف عن التفكير، ثمَّ قالَ ببطء:
"يعني إيه يا بابا؟"

صمتَ زين للحظات، وبدت عليهُ علاماتُ التفكيرِ العميق، ثمَّ قالَ بلهجةٍ قاطعة:
"لازم أروح أشوف فريدة بنفسي، يمكن تكون فعلاً عمِّتك"

اندهشَ آدم من كلامه، وقالَ برفضٍ واضح:
"إزاي تزورهم؟ وبصفتك إيه؟ طيب لو طلعت مش هيَّ؟ هنحطِّ نفسنا في موقف مش كويس، أنا حاسس إن اسمِ السيوفي ده مش غريب عليَّا...بس مش قادر أفتكر"

شظايا قلوب محترقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن