الفصل السادس والعشرون

10.8K 861 289
                                    

"اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك "

أبحثُ عن تلك اليد التي تلامس روحي قبل أن تلامس يدي،
تلك اليد التي تلوّن حياتي بألوان السعادة،
وترسم على صفحات عمري ابتسامةً لا تغيب.

أحتاجُ إلى دفءٍ يُذيب بردَ الأيام القارس،
وإلى حبٍّ يُعيد لقلبِي نبضه الحقيقي،
حبٍّ يضيء دروبي في كل وقتٍ وحين.
أين هي تلك اليد التي ستحمل معي أثقال الحياة؟
تلك اليد التي ستزرع في طريقي ورود الأمل،
وتمنحني من قلبها طمأنينة، تريح الروح وتغنيها.

أحتاج إلى من يُلهمني أن الحياة تستحق العيش،
وأن الفرح ليس بعيدا، بل بين يدي من يشاركنا الفرح والهم.
أين من يُعيد إلى نفسي يقينها،
ويزرع في قلبِي الأمل من جديد؟

#ميرال_إلياس_السيوفي

ظلَّ يدورُ بسيارتهِ لساعات، غارقًا في أفكاره، عاجزًا عن مواجهةِ ما يحدث..لكن في النهاية عادَ إلى المستشفى كأنَّ شيئًا ما كان يجذبهُ للعودةِ هناك، وجدَ إسحاق جالسًا على المقعد، عينيهِ معلقتينِ على بابِ غرفةِ العمليات، وكأنَّ الزمنَ توقَّفَ عنده.
اقتربَ منهُ ببطء، محاولًا أن يخفي ارتباكه:
- لسه مخرجشِ من العملية؟

رفعَ إسحاق رأسهِ ببطء، نظرَ إليه بعينينٍ مليئتينِ بالحزن واليأس. بدا وكأن الكلمات ثقيلة على لسانه، لكنه تحدث بصوت متحشرج:

- عارف إنك مصدوم... بس ده أبوك يا أخي! ينفع تسيب أبوك في العمليات وتمشي؟ هو ده اللي رباك عليه؟

صمت المكان من حولهما، ولم يبقَ سوى صوتِ الأجهزة البعيدةِ في المستشفى، شعر بثقلِ الكلماتِ تضغطُ على صدره، وكأنَّهُ يتنفسُ بصعوبةٍ لم يكن يعرف ماذا يقول، لكنهُ أدركَ أنَّ إسحاق كان محقًا...

سحبَ نفسًا عميقًا وزفرَهُ ببطء، وكأنَّما يحاولُ أن يتماسكَ بصعوبة، قبل أن يهمسَ بصوتٍ مبحوح:

آسف يا عَمّو... سامحني، أنا فعلًا تعبان بجد.

رَبَتَ إسحاقُ على ركبتِهِ بحنوٍّ، وكأنَّهُ يحاولُ بثَّ الطمأنينة في قلبِه، لكنَّهُ فجأةً انتفضَ مع انفتاحِ بابِ غرفةِ العمليات. وقفَ إسحاقُ متوترًا، خطواتُهُ مترددةٌ نحوَ الطبيبِ الذي خرجَ. تطلّعَ الطبيبُ إليهِ بنظرةٍ جامدةٍ، قبلَ أن يتحدَّثَ ببرودٍ يقطرُ ألمًا:

عملنا اللي قدرنا عليه...الساعات الجاية حرجة...ادعوله.

قالَ كلماتهُ وغادر، تاركًا إسحاقَ مشدوهًا، عيناهُ معلقتانِ بالبابِ المغلق. وقفَ مكانهُ عاجزًا، يُحدّقُ في البابِ وكأنَّهُ يريدُ أن يقتحمَهُ ليصلَ إلى أخيهِ، ليخفِّفَ عنهُ ولو قليلًا من آلامِه.

التفتَ ببطءٍ وكأنَّ الزمنَ قد ثقُلَ على كتفيهِ، ليجدَ أرسلانَ واقفًا أمامَ النافذةِ الزجاجية، عيناهُ شاخصتانِ نحوَ والدهِ المُمدَّدِ تحتَ الأجهزة. اقتربَ إسحاقُ بخطواتٍ مثقلةٍ، وعيناهُ معلقتانِ بجسدِ فاروقَ المُنهَك.

شظايا قلوب محترقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن